شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ما تداعيات تصنيف الإدارة الأمريكية للحوثيين جماعة إرهابية؟

ما تداعيات تصنيف الإدارة الأمريكية للحوثيين جماعة إرهابية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 11 يناير 202108:25 م

قبل أيام قليلة على تولي جو بايدن الرئاسة الأمريكية، أعلن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو أن وزارته ستنبه الكونغرس بنيتها إدراج جماعة الحوثي في اليمن كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة يحذر مراقبون من تداعيات عدة لها. 

وقال بومبيو في تغريدة على صفحته عبر تويتر: "إدراج ′أنصار الله′ (الحوثي) في اليمن كمنظمة إرهابية يتصدى لنشاطها الإرهابي، ويهدف إلى ردع أي نشاط خبيث آخر للنظام الإيراني في المنطقة".

وفي بيان تفصيلي، أعلن بومبيو أن "الولايات المتحدة ستدرج ثلاثة من قادة الحوثي على قائمة الإرهابيين الدوليين، هم عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم".

وذكر الوزير في حيثيات القرار أنه "يهدف إلى تعزيز الجهود لتحقيق يمن سلمي وذي سيادة وموحد خالٍ من التدخل الإيراني وفي سلام مع جيرانه"، معتبراً أنه "لا يمكن إحراز تقدم في معالجة عدم الاستقرار في اليمن إلا عندما يتم محاسبة المسؤولين عن عرقلة السلام على أفعالهم".

وفي محاولة لتهدئة القلق من تدهور الوضع الإنساني في اليمن الذي يشهد أكبر كارثة إنسانية في العالم، قال بومبيو إن الولايات المتحدة تدرك المخاوف من أن يكون لهذه التصنيفات أي تأثير.

وقال الوزير الأمريكي: "نحن نخطط لاتخاذ تدابير للحد من تأثيرها على بعض الأنشطة الإنسانية والواردات إلى اليمن. وقد أعربنا عن استعدادنا للعمل مع المسؤولين المعنيين في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية وغير الحكومية، والجهات المانحة الدولية لمعالجة هذه الآثار".

وفي إشارة إلى أن هذا التصنيف سيعرقل الاتصال بالحوثيين لإيصال المساعدات اللازمة، أعلن بومبيو أن وزارة الخزانة مستعدة لتقديم التراخيص وفقاً لسلطاتها وسياسات حكومة الولايات المتحدة، للسماح بإدخال بعض المعاملات والأنشطة المتعلقة بصادرات السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء.

ما تداعيات التصنيف؟

في تقرير نشرته الصحافية الدبلوماسية لارا جاكس، في "نيويورك تايمز" الأمريكية، ليس من الواضح كيف سيؤثر هذا التصنيف على الحوثيين الذين يخوضون حرباً مفتوحة مع السعودية حليفة الولايات المتحدة، منذ ما يقرب من ست سنوات.

ونقلت عن بعض المحللين أن الحوثيين لا يشكلون أي تهديد مباشر للولايات المتحدة، ذاكرة أن إدراج الجماعة في قائمة الوزارة للمنظمات الإرهابية الأجنبية يعني أن المقاتلين داخل الحركة اللامركزية لن يتلقوا أية تحويلات مالية وموارد مادية أخرى يتم توجيهها عبر البنوك الأمريكية أو المؤسسات الأمريكية الأخرى.

وقالت جاكس إن "الراعي الرئيسي للحوثيين هو إيران التي تواصل إرسال الدعم على الرغم من تعثرها بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية الشديدة، ما يجعل تأثير التصنيف على المتمردين أكثر رمزية من كونه مؤلماً".

ونقلت الصحافية الأمريكية عن خبراء تحذيرهم من أن "التبرع بالأغذية والأدوية للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال وغرب اليمن، حيث يعيش غالبية سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة، سيتأثر سلباً".

ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وأجزاء من مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية، حيث يتم تفريغ الكثير من المساعدات الإنسانية من جميع أنحاء العالم. وتُقدّر الأمم المتحدة أن حوالي 80% من اليمنيين يعتمدون على المساعدات الغذائية، ويعاني ما يقرب من نصف الأطفال من توقف في النمو بسبب سوء التغذية.

"التبرع بالأغذية والأدوية للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال وغرب اليمن، حيث يعيش غالبية سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة، سيتأثر سلباً"... حذّر محللون من تداعيات تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، بينما يعتمد حوالي 80% من اليمنيين على المساعدات الغذائية

في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن "اليمن الآن في خطر وشيك من التعرض لأسوأ مجاعة شهدها العالم منذ عقود".

وبرأي جاكس، فإن إصدار بومبيو هذا التصنيف في الأيام الأخيرة للإدارة هو إشارة إلى تصميمه الحفاظ على حملته للضغط على إيران لأطول فترة ممكنة.

ونقلت جاكس عن أريان طبطبائي، زميلة الشرق الأوسط في صندوق مارشال الألماني، وهو مركز أبحاث للسياسة العامة قولها: "كان بإمكان إدارة ترامب تعزيز علاقاتها مع السعودية على مدى السنوات الأربع الماضية للاقتراب من حل النزاع، لكن اختارت الإدارة قطع شيكات على بياض للقادة السعوديين". 

وتوقعت أن يكون التصنيف جزءاً من استراتيجية الإدارة الحالية لإجبار إدارة بايدن للحفاظ على موقفها المتشدد تجاه إيران أو المخاطرة بالعواقب السياسية مع الشركاء الإقليميين.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان الحوثيون قد أطلقوا سراح رهينتين أمريكيتين ورفات ثالث في تبادل للأسرى والذي سمح بإطلاق سراح 240 من الحوثيين للعودة إلى اليمن من عمان.

وبعيداً عن المجاعة التي تلوح في الأفق، فإن التصنيف يمكن أن يؤدي إلى تعقيد حل أزمة ناقلة نفط تعاني من التآكل في الساحل الغربي لليمن، وعلى وشك الغرق ما يؤدي إلى كارثة بيئية ضخمة.

بحسب "نيويورك تايمز"، إذا انفجرت هذه الناقلة أو انهارت، سيؤدي ذلك إلى تفريغ أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط في البحر الأحمر، ويُدمّر نظامه البيئي في تسرب أكبر بأربعة أضعاف من كارثة "إكسون فالديز" عام 1989.

في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حذّر الكاتبان الأمريكيان روبرت مالي وبيتر سالزبوري، في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، من أن هذا القرار يهدئ الجهود الدبلوماسية لتحقيق تسوية سلمية ويدفع الحوثيين إلى التقرب أكثر من قادة إيران.

وفي تحليل الكاتبين لنتائج هذا القرار، قالا: "الحوثيون ليسوا مجموعة متمردة صغيرة مختبئة في المناطق النائية ومعزولة في اليمن. هم يسيطرون على صنعاء، والحديدة أحد أكثر موانئها، ويمارسون تأثيراً كبيراً على الكيانات التجارية المختلفة. ولديهم ما يكفي من القوة لجباية البضائع التي تدخل الأراضي التي يسيطرون عليها، حتى عندما تصل هذه البضائع إلى المناطق التي يسيطر عليها منافسوهم، وفي وقت ما قالوا إنهم سيأخذون 2٪ من أعلى المساعدات الإنسانية الواردة. باختصار، هم في وضع يمكنهم من الاستفادة من كل ما يدخل البلاد تقريباً، وبالتالي فإن كل شيء يدخل البلاد تقريباً يمكن أن يقع في نطاق العقوبات الأمريكية المحتملة".

وفي رأيهما، من المحتمل أن تستنتج الشركات الدولية وشركات التأمين والمصرفيين أن القيام بأعمال تجارية لا يستحق المخاطرة، ليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ولكن في اليمن ككل.

والأخطر، بحسب الكاتبين، سترى الجماعة الحرب الأهلية ليس مجرد صراع داخلي قصير المدى، ولكن كجزء من "صراع" أوسع ضد الحكومات المدعومة من الغرب في اليمن وعبر المنطقة، من غير المرجح أن تجعلها العقوبات تتراجع.

أمل لليمنيين

من جانبه، قال المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر إن هذا القرار له تبعات سياسية واقتصادية وعسكرية، ويمنح اليمنيين أملاً في القضاء على هذه الميليشيا، وأن يعم السلام في اليمن بعدها.

"سيكون هناك تبعات كثيرة على جماعة الحوثيين ومبعوثيها ومكاتبها في الخارج، من ضمنها منع السفر لأعضائها للترويج لأنفسهم بين الدول، وعزلها دولياً، ووقف التعامل وتجميد الأرصدة، والملاحقة والمحاكمات الدولية لأعضاء الجماعة"... ماذا بعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية؟

في رأي الطاهر، فإن هذا القرار يعني محاصرة الحوثيين، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وعدم منح إيران أي فرصة لتصدير هذه التجربة الإرهابية نحو السعودية بشكل خاص والمنطقة في الجزيرة العربية بشكل عام.

وقال الطاهر لرصيف22: "سيكون هناك تبعات كثيرة على أعضاء جماعة الحوثيين مبعوثيها ومكاتبها في الخارج، من ضمنها منع من السفر لأعضائها للترويج لأنفسهم بين الدول، وعزلها دولياً، ووقف التعامل وتجميد الأرصدة، والملاحقة والمحاكمات الدولية لأعضاء الجماعة".

في الجانب الاقتصادي، قال الطاهر إن "أكثر من 1250 شركة أنشأها الحوثيون خلال سنوات الحرب، وفقاً لما كشفته منظمة "استعادة"، تحت الرقابة الدولية، ووقف التعامل معها يقطع الطريق أمام تجار الحروب سواء كانوا تجار محليين أو تابعين لمنظمات دولية تتاجر بالحرب اليمنية".

وفي الجانب السياسي، كشف الطاهر أن التصنيف يعني أن اتفاق "استوكهولم" لم يعد يعيق القوات المشتركة في الساحل الغربي من تحرير الحديدة، ولن يستطيع الحوثي سرقة المساعدات من أفواه اليمنيين.

وقال الطاهر: "سيعرقل القرار عمل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث من التحرك ويجمد ضغوطه الدولية لانتزاع شرعية دولية للميليشيا الإرهابية الحوثية، ويتحول من مبعوث حوثي إلى عاطل عن العمل، أو يحاول أن ينقذ الحوثيين خلال الفترة القليلة القادمة بأهمية العودة إلى المرجعيات الثلاث لضمان مستقبل سياسي للميليشيا الحوثية، كأفضل حل من اقتلاعها".

وعلى المستوى المحلي، فإن "تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية سيُفقدها السيطرة الداخلية والتنسيق مع القبائل بشكل تام، على اعتبار أن من يتعاون مع هذه الميليشيا سيكون تحت المسائلة القانونية المحلية والدولية، أو تحت استهداف طيران التحالف الدولي المحارب للإرهاب، أو الطيران المسير الأمريكي الذي خصصه لاصطياد القيادات الإرهابية"، على حد قول الطاهر.

الرد الحوثي

رداً على كلام بومبيو، اتهم محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة "أنصار الله" الحوثية، الولايات المتحدة بأنها مصدر للإرهاب في العالم.

وكتب الحوثي في تغريدة على حسابه: "أمريكا مصدر الإرهاب، وسياسة إدارة ترامب إرهابية، وتصرفاتها إرهابية، وما تقدم عليه من سياسات تعبر عن أزمة في التفكير، وهو تصرف مدان".

وقال الحوثي: "نحتفظ بحق الرد أمام أي تصنيف ينطلق من إدارة ترامب أو أي ادارة ولا يهم الشعب اليمني، كونها شريكاً فعلياً في قتله وتجويعه". 

ورحبت وزارة الخارجية السعودية بتصنيف الولايات المتحدة جماعة الحوثي ككيان إرهابي، وعبّرت عن تطلعها في أن "يسهم ذلك في وضع حدٍ لأعمال ميليشيا الحوثي الإرهابية وداعميها، ودعم وإنجاح الجهود السياسية القائمة ويجبر قادتها على العودة بشكل جاد لطاولة المشاورات".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard