شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ارتياح ومغامرة... كيف تغيّر

ارتياح ومغامرة... كيف تغيّر "المساكنة" مع الشريك/ة فكرتنا عن الزواج؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 22 ديسمبر 202006:34 م

طرأت مجموعة من التغيرات الجذرية على الشباب والفتيات في مصر، اعتبر بعضهم أن ما حدث من تغيرات كان أشبه بالطوفان، الذي عصف بكل ما عرفوا من عادات وأعراف اجتماعية. ما خلفته هذه التغيرات من خراب داخلي ساهم في تكوين جديد لمفاهيم الحياة الاجتماعية، وماذا يعني تكوين أسرة، لذا لجأ عدد كبير من الشباب إلى ما يعرف "بالمساكنة"، أي العيش معاً وبناء حياة اجتماعية، ولكن من دون عقد رسمي.

حكت ماجدة (31 عاماً)، تسكن في القاهرة، وتعمل في مجال الأزياء، أنها عاشت مع صديقها عامين في منزل واحد، وأنهما اتفقا على "المساكنة" قبل الزواج، قائلة: "حتى نعرف ما إذا كانت هذه العلاقة ستنجح أم لا، فنحن لا نشبه غيرنا، وتجارب غيرنا لا تنطبق علينا، هذا هو المنطق الذي اعتمدته في كل علاقاتي".

تتابع ماجدة لرصيف22: "قرّرت أن أخوض تجربة المساكنة، خاصة أني تزوجت من قبل، وكنت صغيرة في العمر، وأصبحت مطلقة في العشرين من العمر، ولأننا وجدنا نفسينا مختلفين، بتوجهات، واحتياجات لا تُلائم الطرف الآخر، وقع الانفصال".

أصبحت على قناعة أنه لا بد من "المساكنة" قبل الزواج.

بعد الطلاق سافرت ماجدة لأوروبا، وعندما عادت استقلت في معيشتها وحياتها، ولم تعد لمنزل أهلها، وأصبحت على قناعة أنه لا بد من "المساكنة" قبل الزواج.

تحكي ماجدة عن تلك الفترة: "أغلب العلاقات التي خضتها بعد الطلاق كانت كذلك، مع شركاء يشبهونني في التفكير، تقاسمنا المصاريف، والطبخ وغيرهما، وتحمل كل منا الطرف الآخر في المرض، وأوقات الغضب، ولم يكن هناك شرط الزواج بعد المساكنة، كان اتفاقنا أن نضع الظروف تحكم الأمر، ولم يحدث زواج، لأن طبيعة العيش معاً أبرز اختلافاً بيننا، فهو شخص عشوائي ولم أستطع تحمله يومياً".

"حالياً أنا متزوجة" تستكمل ماجدة، "وقبل الزواج جربت المساكنة مع زوجي، وكنت أسافر إليه أيضاً حينما كان يعمل بالخارج، وكان مهماً بالنسبة لنا أن نتعارف جيداً، المساكنة تساعد على معرفة الأشخاص إذا كانوا مناسبين وقادرين على العيش معاً أم لا، ونستطيع اتخاذ القرار مبكراً".

تشير ماجدة إلى أن هذا الأمر يجد رفض المجتمع، وعدم قبول الأمر دينيًا، لكن "أنا لدي قناعة أن الزواج إشهار والناس معظمها على علم أننا نعيش معاً، لكن هذه القناعة لن تحمينا من المضايقات التي يمكن أن نتعرض لها، نتيجة سكن شاب وفتاة معًا دون زواج".

بحسب تجربة ماجدة، إن المضايقات الاجتماعية، من سكان الحي، تتوقف على مكان السكن، ففي أماكن مثل المعادي والتجمع لا يواجه الشباب والبنات الذين يعيشون في سكن واحد مضايقات، حتى من البوابين، لأنهم غير مخول لهم اتخاذ أي إجراء من قبل الملاك.

"قبل أن تصبح علاقتنا أبدية"

بالنسبة إلى نورهان (25 عاماً)، تعمل في مجال التجارة بإحدى الشركات، كان التخوف من الطلاق هو دافعها لتجربة "المساكنة" قبل الزواج، تقول: "قرار الزواج مصيري في عائلتنا، لا تجوز الرجعة فيه، المساكنة ليست بديلًا عن الزواج بالنسبة لي. ولكن أيضاً إذا كان متاحاً أن نختبر علاقتنا قبل أن تصبح أبدية فما المانع إذاً".

كان شريك نورهان يسافر باستمرار، وعندما يعود كانا يتشاطران السكن، رغم تغيره، لم يجدا مشكلة في "المساكنة" عندما كانا يسكنان في منطقة راقية مثل "مدينتي"، ولكن في مناطق أقل رقياً في القاهرة تظهر الأزمة.

رغم رفض المجتمع، وعدم جوازه دينياً، قررت ماجدة (بعد تجربة زواج فشلت بسبب عدم تلاؤم طباعها مع زوجها) أن تجرب "المساكنة"، تقول: "الزواج إشهار والناس تعرف أننا نعيش معاً"

تحكي عن إحدى المشاكل التي تسببت لها "المساكنة" مع أهل الحي لرصيف22: "في أحد الأماكن اقتحم الأهالي المنزل علينا، وعشت رعباً، ورغم أن الأمر مر على خير إلّا أنّ تمكن الاكتئاب مني فترة طويلة، بسبب هذا الموقف".

"لن نمارس الجنس كاملاً"

سما ومحمد ثنائي آخر قرّر "المساكنة" معاً، بالنسبة إليهما اختلف الأمر، لأن الوضع لا يزال قائماً، تقول سما: " قررنا المساكنة معاً منذ بداية الحجر الصحي للموجة الأولى من فيروس كورونا، واعتمدنا في حياتنا على أن تكون الميزانية مقسمة بيننا، وتشاركنا في مشروع تجاري".

وتصيف: "شعرنا أن الأمر فارق جدًا ما إذا قررنا الزواج، ولحسن الحظ أنه لا يوجد بواب في عمارتنا، والجيران يعتقدون أننا متزوجان، وبالتالي لا نتعرض للمواقف السخيفة المعتادة في مثل هذه الحالة في مصر، ورغم أن أحد أفراد أسرته على علم بالأمر، اعترض والده على فكرة زواجنا لأني أكبر منه سناً، فعمره 24 وعمري 27".

ورغم انتشار فكرة "المساكنة" بين الشباب، فإن بعض علاقات "المساكنة" في مصر لا يقيم فيها الطرفان علاقة جنسية كاملة، إذ يختاران عدم الوصول إلى فقدان الفتاة "غشاء بكارتها"، فبحسب كريم (32 عاماً)، يعمل في مجال التصوير، فإنه "لا يمكنني أن أجبر شريكتي على العلاقة الجنسية الكاملة خاصة أن فحص عذرية الفتاة أصبح من أسهل الطرق التي تلجأ لها الأسرة في حالة قررت أن تعنّف ابنتها، فضلًا عن أننا لم نتيقن بعد إذا كانت هذه المساكنة قد تنتهي بالزواج أم لا، لذلك كان هذا أحد شروطنا معاً".

تشير دراسة عربية أجرتها شركة «Leo Burnett» حول الشكل الجديد للأسرة العربية، إلى أن الزواج أصبح ضمن المواضيع الاختيارية للنساء، ولم يعد فرضاً عليهن مثلما كان في السابق، وهذا ما يؤكد أن موقف الفتيات في العالم العربي تجاه الزواج تغير، ولم يعد هناك هلع مما يعرف بتأخر سن الزواج.

في حين أكدت دراسة أخرى نشرت عام 2014 في «The Journal of Marriage and Family»، أنه لا توجد علاقة مؤثرة بين المساكنة قبل الزواج واستقرار الزواج مستقبلًا، فالأمر متعلق بعدم تأثير المساكنة قبل الزواج على احتمال الطلاق في المستقبل.

"قرار الزواج مصيري في عائلتنا، لا تجوز الرجعة فيه، فإذا كان متاحاً أن نختبر علاقتنا في المساكنة قبل أن تصبح أبدية فما المانع إذاً"

وهذا ما تراه الدكتورة بسمة سليم، المختصة في الصحة النفسية، إذ اعتبرت أن "المساكنة" لا تفيد في تحديد شكل العلاقة مستقبلًا، تقول لرصيف22: "ربما قد تؤدي خطوة المساكنة بين الشباب لعزل مشاعرهم"، وتشدد على أن "الاستقرار الأمني"، و"حضور البعد الديني" مهمان لإنجاح الزواج، وهو ما لا يتوافر في "المساكنة".

على العكس مما تقول سليم، وجدت ماجدة الراحة النفسية في المساكنة، ودفعتها في النهاية إلى الشكل المقبول دينياً واجتماعياً في الارتباط. تقول عن الفروق التي لمستها في علاقتها بشريكها في الزواج مقارنة بـ"المساكنة": "بعد عام من الزواج لا يمكن الجزم بأن هناك أي اختلاف، بل على العكس المساكنة سهلت علينا القرار".

أما نورهان فتحدثت عن الراحة النفسية التي وجدتها مع شريكها في "المساكنة"، إذ يتشارك معها في الأعمال المنزلية، وتوزيع المهمات، ولكن "الأمر غير عادل من الناحية المادية بسبب عدم استقرار عمله"، وفي المقابل هناك عدم شعور بالأمان، تقول: "قبول أقل الاختيارات من شقق سيئة وعفش متهالك. هنا الملاك يتعاملون معنا على أساس أننا غير متزوجين وبالتالي يكون بدل الإيجار أعلى وجودة حياة أقل".

في النهاية قرر الشريكان الزواج بسبب المشاكل (المشار إليها سابقاً)، وبعد أن تيقنا من القدرة على العيش معاً، تقول نورهان: "رغم صعوبة الفترة فقد كانت التجربة مفيدة لمستقبل علاقتنا".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image