ضمن التغييرات التي فرضتها موجة تطبيع العلاقات وتبادل الرحلات الجوية مع عدد من الدول العربية أخيراً، قررت شركة أركيع الإسرائيلية للطيران أن توظّف مضيفات ومسؤولين من الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، بشكل غير مسبوق في تاريخ شركات الطيران الإسرائيلية.
قبل عدة أيام، أجرت الشركة مقابلات تلتها دورات تدريبية لمجموعة من العرب من مواطني إسرائيل لتختار منها عدداً يراوح بين 10 و 15 مضيفةً برية وجوية ليعملن اعتباراً من هذا الشهر ضمن فرق رحلات خط تل أبيب - دبي، جنباً إلى جنب مع عدد من الموظفين في مناصب مختلفة، منهم مدير محطة في المطار.
تخطط "أركيع" لافتتاح مكتباً لها في مطار دبي. ومن المقرر أن يكون له مدير عربي قادر على تقديم الخدمة باللغتين العبرية والعربية، لتحقيق ما وصفه الرئيس التنفيذي للشركة أوز بيرلويتز بـ"أفضل الخدمات لمسافرينا". علماً أن المقابلات والتدريبات لتعيين المزيد من المضيفات والموظفين العرب مستمرة.
مسألة وقت قبل أن تحذو حذوها بقية الشركات... شركة "أركيع" الإسرائيلية توظّف مضيفات عربيات لأول مرة في تاريخ الطيران الإسرائيلي لتقديم أفضل خدمة للمسافرين من الدول التي طبّعت حديثاً مع تل أبيب وإليها
قال مسؤولو الشركة إنها ستعمل على دمج أعضاء من العرب في إسرائيل في مجالات خدمة الشركة، معلنين أن الشركة تعتزم في إطار "جو السلام" السائد توظيف مضيفات محجبات على متن طائراتها.
"كان مجرد حلم"
أوضح المستشار الإستراتيجي للشركة الإسرائيلية، أمير عاصي، الذي شغل المنصب حديثاً أيضاً وبات أول عربي يشغل منصباً رفيعاً في شركة طيران إسرائيلية، أن عمل المضيفة يتطلب إحساساً عميقاً بالمسؤولية و"إمكانات شخصية عالية"، بالإضافة إلى إتقان اللغة العربية. ورأى في توظيف العرب "فرصة للانفتاح أمام أبناء وبنات المجتمع العربي على وظائف كانت حتى الآن مجرد حلم".
كان شرطاً إلزامياً، على مر السنين، في المتقدمين لوظيفة مضيفة طيران في إسرائيل أن يكونوا يهوداً وأدوا الخدمة في الجيش الإسرائيلي (خدمة إلزامية باستثناء غير اليهود، ما عدا أبناء الطائفة العربية الدرزية من الرجال). وفي استثناء يبدو أنه لم يتكرر، وظفت شركة "إل عال" قبل عام ونصف العام أول مضيفة درزية. الشروط الحالية لتعيين المضيفات العربيات تقتصر على السن (من 20 إلى 30 عاماً) والطول (1.60 م فأكثر) واللغة (إتقان العربية والإنكليزية والعبرية).
كلود نخلة (25 عاماً)، من قرية الرامة في الجليل المحتل، قالت لموقع Ynet الإسرائيلي: "هذا حلم طفولتي الذي أصبح حقيقة فجأة. على الرغم من الوضع الاقتصادي والكورونا والفرص التي لا تأتي في مثل هذه الظروف إذ لا يوجد عمل، جاءت هذه الفرصة فجأة. لذلك عندما يتحقق حلم الطفولة بهذا الشكل يكون الأمر مثيراً للغاية".
بعدما كانت هذه الوظائف حكراً على "اليهود الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي"، فرض قطار التطبيع السريع مع الدول العربية وجود مضيفات عربيات ومسؤولين رفيعي المستوى لإدارة الرحلات المتجهة إلى الإمارات والمغرب والبحرين
أما روان عاصي (23 عاماً) من كفر برا، فأوضحت للمصدر نفسه أنها كانت قد تخلت بالفعل عن حلمها بأن تصبح مضيفة طيران وبدأت في دراسة التصميم، قبل أن تشاهد والدتها إعلان مضيفات الطيران للعرب وتخبرها به. قالت: "أردت أن أكون مضيفة طيران منذ كنت في الـ15 عاماً، لكن والدتي أوضحت لي أن هذه الفرصة لا تُمنح للعرب، وأن من المستحيل أن أكون مضيفة طيران في إسرائيل".
"مساواة ودمج" للمواطنين العرب
مستشهداً بدعوة عضو الكنيست الإسرائيلي من القائمة العربية المشتركة، منصور عباس، إلى دمج المواطنين العرب في مناصب اقتصادية، قال عاصي: "الشباب في الوسط العربي يريدون حقاً الاندماج. كانت إحدى توصياتي الأولى التي قدمتها في منصبي في أركيع، والتي أدخلتها حديثاً، هي دمج الشباب والشابات من القطاع العربي في دبي، وأعتقد أنه سيتم تضمينهم مستقبلاً في رحلات إلى وجهات أخرى، مثل إيلات وقبرص".
وبينما اعتبر هذه الخطوة تعلن أن "أبواب الشركة مفتوحة ولا توجد حواجز"، قال مستشار الشركة إنهم لا يخشون ردود الفعل المعادية من اليهود أو العرب في إسرائيل. وأضاف: "العالم يتغير، العرب واليهود يعيشان جارين في حياة من التعاون" لافتاً إلى وجود أكثر من مليون ونصف المليون "عربي إسرائيلي" (وهو مصطلح يُستخدم في الخطاب الإسرائيلي الرسمي ويرفضه عدد كبير من فلسطينيي الـ48)، مندمجين في الأوساط الأكاديمية والطب ومجالات أخرى.
"فرصة للانفتاح أمام أبناء وبنات المجتمع العربي على وظائف كانت مجرد حلم"... مسؤولو الشركة قالوا إن العرب في إسرائيل "يستحقون تكافؤ الفرص" مع وجود أكثر من 1.5 مليون عربي فلسطيني من مواطني إسرائيل مندمجين في الأوساط الأكاديمية والطب ومجالات أخرى
ثم أردف: "إعطاء هذه الفرصة للانضمام إلى وظائف حساسة لم تكن متاحة لأبنائي وبناتي هو بمثابة حلم تحقق، وإشراك العرب في مواقع صنع القرار مطلب أساسي اليوم في الساحة السياسية. إنه رائع جداً". ووصف عاصي "أركيع" بأنها "رائدة" في مجال الطيران، معرباً عن أمله أن تحذو حذوها شركات إسرائيلية أخرى. وختم بالقول إن ذلك "يُشرّف دولة إسرائيل، ويوضح للعالم أجمع كيفية العيش معاً في تعاون".
في غضون ذلك، أكد بيرلويتز أن شركته تسعى لاستقطاب أكبر عدد من العرب في صفوفها، مبرزاً أن "هذا شعب يستحق تكافؤ الفرص. يتطلب التنوع في صفوف الموظفين والمديرين في المنظمات المتعددة الثقافات فهم الفجوات الذهنية للعملاء بعمق. ولكي يحدث هذا، اخترنا التميز وتقديم حل يساعد عملاءنا، وبالتالي زيادة دائرة التوظيف بين السكان العرب".
ورجح موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي أنه "مع تزايد الطلب على الرحلات من إسرائيل إلى الدول العربية، ستكون مسألة وقت قبل أن تقوم بقية شركات الطيران الإسرائيلية بتصحيح مسارها، وتعديل الوضع الحالي والعبثي، عبر انضمام مضيفات عربيات إلى صفوف أطقم الطائرات الإسرائيلية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون