بعد أكثر من عام على انتفاضتهم في وجه الطبقة السياسية الحاكمة، وأكثر من أربعة أشهر على الانفجار المدمّر الذي وقع في مرفأ عاصمتهم، تبدي أغلبية اللبنانيين (56%) تفضيلها لتغيير النظام الطائفي واعتماد نظام مدني أو علماني.
هذا الرقم أظهره استطلاع أعدّته شبكة "الباروميتر العربي"، وهي شبكة بحثية غير حزبية، تتبع لجامعة برينستون الأمريكية. وبيّن الاستطلاع أن فقط 10% من اللبنانيين يفضّلون بقاء النظام الطائفي الحالي، فيما يبدي 23% منهم رغبتهم في نظام اتحادي يحفظ دور الطوائف الدينية المختلفة في البلاد.
وأظهرت الأرقام أن المسيحيين هم أكثر الداعمين لفكرة الدولة المدنية أو العلمانية (72%)، بينما الشيعة هم أقل الداعمين لها (41%)، وقد يكون مردّ ذلك إلى شعور المسيحيين القوي بأن النظام الحالي يهمّشهم، بعكس الشيعة الذين تؤيد غالبيتهم حزب الله، الحزب القوي والفاعل في الحياة السياسية اللبنانية، والذي يتهمه البعض بالهيمنة عليها.
رغم إظهار الأرقام المذكورة رغبة أكثرية اللبنانيين بالتغيير، إلا أن أرقاماً أخرى في الاستطلاع نفسه، والذي أجري على 1000 مواطن ومواطنة، بناء على نموذج استطلاع الهاتف النقال الممثل لمستوى الدولة، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تُظهر مناخاً معاكساً.
فقد أظهرت الأرقام قلق اللبنانيين من خسارة بعض الامتيازات التي يوفّرها النظام الحالي لطوائفهم. ففي إجابات أفراد العيّنة عن استعدادهم للتنازل عن مناصب سياسية كانت تاريخياً مخصصة لأفراد من طائفتهم، فقط 31% أجابوا بـ"نعم"، مقابل 47% أجابوا بـ"لا"، في حين اختار 23% الإجابة بـ"ربما" أو "غير متأكد".
بعد أكثر من عام على انتفاضتهم في وجه الطبقة السياسية الحاكمة، وأكثر من أربعة أشهر على الانفجار المدمّر الذي وقع في مرفأ عاصمتهم، تبدي أغلبية اللبنانيين (56%) تفضيلها لتغيير النظام الطائفي واعتماد نظام مدني أو علماني
ولفهم هذه الأرقام، ربما يمكننا افتراض أن فهم اللبنانيين لمفهومي "الدولة المدنية" و"الدولة العلمانية" ملتبس، كما يمكننا الافتراض أن فئة غير قليلة من اللبنانيين لا ترى تناقضاً بين كون الدولة مدنية وبين الإكمال في تقسيم الوظائف على الطوائف، بوصفها وحدات سوسيولوجية، بغضّ النظر عن الدين والتديّن.
ويأتي الشيعة على رأس الحذرين من التخلي عن المناصب المخصصة لطائفتهم، مع إجابة 59% بـ"لا" على السؤال السابق، مع العلم أن اختيار "لا" هو الاختيار الذي أقبلت عليه أعداد كبيرة أو الأغلبية من أبناء الطوائف الكبرى كافة.
انفجار مرفأ بيروت... مَن المسؤول؟
لدى سؤال أفراد العيّنة عن السبب الرئيسي وراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس الماضي، لام الثلثان الإهمال والفساد في المنظومة الحاكمة، بينما اعتبر الخُمس أنه عمل إرهابي.
المسيحيون هم أكثر الداعمين لفكرة الدولة المدنية أو العلمانية في لبنان (72%)، بينما الشيعة هم أقل الداعمين لها (41%)
ولكشف حقيقة ما جرى، يغلب الرأي الذي يدعو للجوء إلى تحقيق يجريه خبراء دوليون مستقلون (41%)، فيما يضع 28% ثقتهم بتحقيق يجريه الجيش اللبناني، ولا تزيد نسبة مَن يقولون إن الأحزاب اللبنانية عليها الاضطلاع بالتحقيق عن 18%. ويعبّر 11% عن عدم ثقتهم بأي خيار ويعتبرون أن التحقيق سيكون بلا فائدة.
ويُلاحَظ وجود تباينات في الآراء بهذا الخصوص بحسب الهوية الطائفية، إذ يقول 21% فقط من الشيعة إنهم يفضلون وجود خبراء دوليين مستقلين، بينما تصل النسبة إلى النصف عند المسيحيين.
أولويات الحكومة
تُظهر الأرقام أن الأزمة الاقتصادية والفقر في لبنان يتصدّران هموم المواطن اللبناني. ويعتبر 37% من أفراد العيّنة أن الأولوية الأساسية يجب أن تكون خفض معدلات الفقر، و32% أنها أنها تتركز في ضرورة القيام بإصلاحات مالية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...