مغرداً خارج السرب، وبكلمات واضحة لا تقبل التأويل، هاجم الأمير السعودي والدبلوماسي المخضرم تركي الفيصل إسرائيل خلال مشاركته في مؤتمر "حوار المنامة"، واصفاً إياها بـ"قوة استعمارية غربية"، وذلك في حضور وزير خارجيتها غابي أشكنازي عبر "الفيديو كونفرانس".
لأكثر من عقدين ترأس الفيصل المخابرات السعودية، وخدم سفيراً لبلاده لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فترات طويلة. كما يعد أحد أقرب أمراء العائلة الحاكمة في المملكة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
على الرغم من أنه لا يشغل أي منصب رسمي الآن، وتصريحاته -على حد تعبيره- مجرد رأي شخصي، لكن ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تعكس موقف الملك سلمان الذي تؤكد مصادر وتقارير عديدة رفضه التطبيع فيما نجله، ولي العهد والحاكم الفعلي، الأمير محمد بن سلمان، أكثر انخراطاً في خطوة مماثلة يكون هدفها التعاون في مواجهة العدو المشترك إيران وزيادة فرص الاستثمار الأجنبي في بلاده، بحسب المراقبين.
"يهدمون المنازل كما يشاؤون ويقومون باغتيال من يريدون"... الأمير تركي الفيصل آل سعود يغرد خارج السرب ويشدد على حقيقة إسرائيل: "قوة استعمارية"، منتقداً اتفاقات التطبيع الإماراتية والبحرينية
حقيقة إسرائيل: قوة استعمارية
خلال مشاركته في المؤتمر الإقليمي بالعاصمة البحرينية، أوضح الفيصل أن إسرائيل تقدّم نفسها على أنها "دولة صغيرة تعاني من تهديد وجودي محاطة بقتلة متعطشين للدماء يرغبون في القضاء عليها"، مضيفاً "مع ذلك، فإنهم يصرحون برغبتهم في أن يصبحوا أصدقاء مع السعودية".
رئيس مركز الملك فيصل للدراسات ورئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير #تركي_الفيصل ألقى كلمة تواجدت فيها السياسة والقوة والحنكة والتاريخ. pic.twitter.com/VhOpY0NHaN
— Diplomat (@Diplomat_00) December 6, 2020
وصحح في المقابل حقيقة دولة الاحتلال مبرزاً أنها "قوة استعمارية غربية" مستفيضاً في عدّ إجراءات تل أبيب من قبيل تهجير الفلسطينيين قسراً وتدمير القرى والبناء على الأراضي المحتلة وبناء حائط فصل عنصري لمنع السكان الفلسطينيين من استعادة ممتلكاتهم المسروقة، مشدداً على أن الإسرائيليين "يهدمون المنازل كما يشاؤون ويقومون باغتيال من يريدون".
وتأتي تصريحات الفيصل عقب ثلاثة أيام من قتل قوات الاحتلال الإسرائيلي الطفل الفلسطيني علي أبو عليا (13 عاماً)، من قرية المغير شمال شرقي رام الله.
وسخر الفيصل من أن "الحكومة الإسرائيلية تصور نفسها كمُحبة للسلام وحاملة للقيم السامية، زعموا أنهم حماة لحقوق الإنسان، وادعوا أنهم الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط "، موضحاً كيف أنها "ألقت القبض على الآلاف صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، ووضعتهم في معسكرات تحت أبشع الاتهامات الأمنية دون محاكمة عادلة، وهدموا المنازل…" ليخلص إلى التساؤل: "أي نوع من الديمقراطية هذا؟".
كذلك أبرز التناقض في أن "إسرائيل لديها 200 سلاح نووي يسمى ‘ردع هرمجدون‘ بينما يشعلون الحرب على (حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس، ويمنعون الدعم القطري (للحركة)، ويقولوا إنها إرهابية".
على الرغم من أن الفيصل لا يشغل أي منصب رسمي الآن، وتصريحاته -على حد تعبيره- مجرد رأي شخصي، لكن ينظر إليها على أنها تعكس موقف الملك سلمان الرافض التطبيع فيما نجله، الأمير محمد، أكثر انخراطاً في خطوة مماثلة
انتقاد لاتفاقات إبراهام
في غضون ذلك، انتقد الأمير السعودي اتفاقات السلام التي وقعتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل أخيراً، والمعروفة بـ"اتفاقات إبراهام"، قائلاً: "لا يمكنك علاج جرح مفتوح باستخدام مسكنات الألم".
وأضاف: "إذا كانت (الاتفاقات) قائمة على الجغرافيا، فلن تكون هناك اتفاقات إبراهام بدون أن تشمل أرض إبراهيم، مكة المكرمة"، مجدداً تأكيدات بلاده على ضرورة أخذ مبادرة السلام العربية لعام 2002 على محمل الجد.
وكان الفيصل، عقب أيام من إعلان بدء محادثات مباشرة لتطبيع العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب، في آب/ أغسطس الماضي، قد قال إنه كان على الإماراتيين الضغط على الإسرائيليين للحصول على مزيد من التنازلات. في مقال بصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، كتب: "إذا كانت أي دولة عربية يناهزها اللَّحَاق بدولة الإمارات، فيجب أن تأخذَ الثمنَ في المقابل، ولا بُدَّ أن يكون ثمناً غالياً".
أشكنازي غاضب
على صعيد آخر، أغضبت تصريحات الفيصل وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي الذي تحدث مباشرةً بعده قائلاً: "أود أن أعبر عن أسفي لتصريحات المندوب السعودي… لا أعتقد أنها تعكس الروح والتغييرات التي تحدث في الشرق الأوسط".
وزعم الوزير الإسرائيلي أن "اتفاقات أبراهام لا تأتي على حساب الفلسطينيين، بل العكس تماماً. إنها تشكل فرصة يجب عدم إضاعتها"، داعياً الفلسطينيين إلى "تغيير رأيهم والدخول في مفاوضات مباشرة معنا من دون شروط مسبقة. إنها الطريقة الوحيدة لحل هذا الصراع". وتجدر الإشارة إلى أن مفاوضات السلام بين الجانبين متوقفة منذ عام 2014.
عقب انتهاء اللقاء، عاد أشكنازي مغرداً عبر تويتر: "الاتهامات الكاذبة للممثل السعودي في مؤتمر المنامة لا تعكس الحقائق أو روح التغيير التي تمر بها المنطقة (...) رفضت تصريحاته وأكدت أن عصر إلقاء اللوم انتهى. نحن في فجر عصر جديد، عصر السلام".
بعد أن أفحمته تصريحات الدبلوماسي السعودي المخضرم، تركي الفيصل، وزير خارجية إسرائيل يصرّح: "الاتهامات الكاذبة للممثل السعودي لا تعكس الحقائق أو روح التغيير التي تمر بها المنطقة"، معتبراً أن "عصر إلقاء اللوم انتهى. نحن في فجر عصر جديد، عصر السلام"
ورغم العلاقات الدافئة مع المنامة وأبوظبي، حليفتَيْ الرياض، ينظر الإسرائيليون إلى التطبيع مع السعودية، التي تحتضن أقدس المناطق الإسلامية وتبقى إحدى القوى المحركة الرئيسية في العالم العربي اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً، على أنه أهم الإنجازات الدبلوماسية المأمولة.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية قد أفادت في الشهر الماضي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التقى بن سلمان في المملكة، إلا أن الرياض نفتها.
وقبل يوم واحد من تصريحات الفيصل، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لوكالة "فرانس برس" إن موقف بلاده تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما زال ثابتاً، مضيفاً: "كنا واضحين تماماً بأنه من أجل أن نمضي قدماً في التطبيع علينا أن نرى تسوية للنزاع الفلسطيني ودولة فلسطين قابلة للحياة على غرار ما تم تصوره في مبادرة السلام العربية عام 2002".
وتابع: "بدون تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لن نرى سلاماً حقيقياً واستقراراً في المنطقة". وفي معرض رده على ما إذا كان يستبعد إقامة روابط مع إسرائيل قريباً، أكد الوزير السعودي أنه "متفائل بوجود طريق نحو حل بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين