يولي البعض في تونس اهتماماً خاصاً بحياته الجنسية، رغبة في المحافظة على حيويته، ونشاطه، وقدراته التي من شأنها أن تعزز قوته النفسية وتوازنه العائلي والمجتمعي، ورغم ذلك أظهرت دراسات أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في نسب الضعف الجنسي، لذلك يسارع الكثيرون إلى التركيز على النظام الغذائي كوسيلة للمحافظة على التوازن وعلى القدرات الجنسية.
وتنتشر في تونس حكايات وأساطير مرتبطة بأطعمة معيّنة، يُشاع أنها قادرة على تحسين خصوبة الرجل، وصحته الجنسية، وغالباً ما ينصح المتزوجون حديثاً بتناولها لتحقيق المتعة والقوة الجنسية.
الهرقمة
الهرقمة (ساق البقر) أو الكوارع، كما تُعرف في دول أخرى، يقبل عليها تونسيون بكثرة صباحاً ومساءً، إذ بإمكانك ملاحظة ذلك عند المرور أمام محال بيع هذه الأكلات بتونس العاصمة، وغيرها من المحافظات، وهو ما أكده أيضاً بعض أصحاب هذه المطاعم لرصيف22 عن دوافع زبائنهم لتناولها.
يقبل تونسيون على هذا الطبق اعتقاداً منهم بأنه يقوي من صحتهم، ويمنح الطاقة للجسم، وتقبل مختلف الفئات العمرية من نساء ورجال على هذه الأكلة.
يقول سفيان (33 عاماً) عامل بناء، يسكن في محافظة القصرين، إنه يأكل الهرقمة صباحاً في كل يوم لتقوية بنيته الجسدية، ومقاومة الأشغال الشاقة، التي يقوم بها نهاراً، ثم ينظر إلى صديقه مبتسماً، "وانت يا حسن تعرف فوائدها ليلاً".
ويتكون طبق الهرقمة من لحم ساق بقري بكون مطهواً جيداً، ومقسماً إلى أجزاء صغيرة، مع حمص، ثوم، وهريسة عربية (فلفل مهروس)، وكأس زيت زيتون، وبيضة وقليل من البهارات، وكِسَر من الخبز.
حسن (35 عاماً) صديق لسفيان وعامل بناء، يؤكد أنه يتناول هذا الطبق يومياً منذ سنوات، فهو الطبق الوحيد الذي يسد جوعه صباحاً، ويمنحه الطاقة اللازمة، مشيراً إلى أن "هذا الطبق مقوٍ جنسي فعال وأهم من الفياغرا، وأقول ذلك عن تجربة".
ونصح الشيف رؤوف بالحاج، في تصريح على قناة الوطنية الأولى، التونسيين بالإقبال على تناول الهرقمة لأنها تقوي الركبة، وتحافظ على القدرات الجنسية للرجل، مؤكداً على أنها من العادات الغذائية لأجدادنا، الذين كانوا يحرصون على تناولها مرة في الأسبوع، دون أن يقدم حجة طبية موثوقة لمعلوماته.
"أحب ذكر العجل"
يقول صالح، اسم مستعار، (40 عاماً) يعمل في محل لبيع الملابس المستعملة: "أحب أكل العقد "ذكر العجل" إذ يزيدني طاقة في عملي الشاق، وهو من الأكلات التي ترفع حرارة الجسم، وتزيد من تدفق الدم فيه، وسر الحيوية نحسها بعد أكلها بحوالي نصف ساعة، إن مفعوله سحري فعلاً".
يرى علي (62 عاماً) أن سر قوته يكمن في تناول "خصيتي الخروف"، وأنها تجعل الرجل "بقوة الخروف"، ويكمل حديثه ضاحكاً: "فما بالك إذا كانت خصيتي عجل"
يوافقه الرأي زميله طاهر، الذي يقف منتصباً يمسح عرقاً تصبب من جبينه: "فعلاً إنه سحري، أنظر إلى كمية العرق التي تتصبب مني بعد أكلي العقد، ذاك العرق هو سموم يتخلص منها الجسم، وهذه الأكلة هي التي سببته لأنها ترفع حرارة الجسم وتزيده طاقة ونشاطاً".
ثم يفتل طاهر شاربه، ويمرر يده على ذقنه باستمرار، ويبتسم ابتسامة غامضة، ويلتفت إلى صاحبه، ويقول: "أما عن السر الليلي فدعنا لا نتحدث أمام الملأ، دعهم يشترون فياغرا بينما نحن نستهلها طبيعية وبأرخص الأثمان". يقهقه صاحبه بأعلى صوت، ويضربا كفيهما كأنها عرفا مكان كنز دفين لم يتوصل إليه أحد، وعلامات الحياء الممزوجة بالسعادة تعلو وجهيهما.
ويصل سعر العقد (ذكر العجل) إلى 10 دولارات تقريباً، ويشترط لشرائه أن توصي الجزار قبل يومين أو ثلاثة، وتدفع الثمن مقدماً لكثرة الطلب عليه.
وتستحي النساء عادة من طلب العقد، رغم أنه محبوب للجنسين في تونس، لأنه مرتبط في مخيلة الجميع بأنه "أكلة رجالية بحتة"، لها فوائدها الشائعة في تعزيز القدرة الجنسية والفحولة.
تقول سعاد (47 عاماً) تعمل في محل بقالة بالعاصمة تونس: "بجانب المحل مطعم يبيع العقد، كنت أتمنى تذوقها للإقبال الكبير الذي أراه يومياً، لكنني أخجل أن أقوم بذلك بنفسي، لذا أطلب من أحد زبائني أن يجلب لي صحناً، وقد أحببتها كثيراً، فصرت أشتريها خلسة وأعود بها إلى البيت للاستمتاع بتناولها".
أما سامية، اسم مستعار (36 عاماً)، تعمل في حضانة الأطفال، فتقول إن العقد أكلة عادية، ولا حرج فيها، وأنها تخرج مع زوجها خصيصاً لتناول صحن عقد أو هرقمة، ولا يهمها ماذا يفكر الآخرون بشأن أكلة شعبية عرفت منذ زمن في البلاد، وتضيف ضاحكة: "أين الإشكال إذا كانت تزيد من القدرة الجنسية، بالعكس هذا ما نريده بدل الأدوية الكيميائية المضرة".
سر الحيوية
العم علي (62 عاماً) لا يزال يتمتع بلياقة بدنية عالية، رغم تقدمه في العمر، ينسب حيويته هو الآخر لتلك الأكلات، يقول لرصيف22: "لم أتخلَّ عن أكلة العقد منذ شبابي، وهي سر نشاطي وحيويتي، ولدي ثمانية أبناء وتزوجت مرتين، المرأة الأولى في ريعان الشباب، والثانية قبل عشر سنوات، ولا تزال صحتي الجنسية بخير".
ويرى علي أن سر قوته يكمن أيضاً في تناول "خصيتي الخروف" على الأقل مرة في الأسبوع، مشيراً إلى أن هذه الأكلة تجعل الرجل "بقوة الخروف"، ويكمل حديثه ضاحكاً: "فما بالك إذا كانت خصيتي عجل".
"كانوا يتناولون في صغرهم قلب الذئب وكبده حتى يصبح الطفل شجاعاً".
ويضيف العم علي، وهو أصيل ريف الحوامد في منطقة جندوبة، أن هذه العادة قديمة في ريف جندوبة، وتناول عضو معين يقوي الوظيفة التي يقوم بها نظيره بالجسم، إذا كانوا يتناولون في صغرهم قلب الذئب وكبده حتى يصبح الطفل شجاعاً، وذكياً، ويتناولون كبد الديكة حتى يكون الطفل يقظاً وحيوياً مثل الديك.
وفي بعض مناطق الجنوب التونسي، يخرج هواة الصيد إلى الصحراء لاصطياد الدب الذي يشبه شكله الخارجي التمساح، ويراوح طوله بين 20 و35 سنتيمتراً من أجل الاستمتاع بلحمه، وتقوية قدراتهم الجنسية، اعتقاداً منهم أنه منشط جنسي.
ويرى البعض أن أسباب الهوس بهذه المأكولات هو الرغبة الملحة في تقوية القدرات الجنسية، والخوف من فقدان هذه المؤهلات في فترة ما، بعد انتشار جملة من الدراسات حول الضعف الجنسي ومخاطره على الحياة الزوجية.
ويعتقد آخرون أن الأفلام الإباحية التي تركز على الفحولة الجنسية المفرطة زادت من قلة ثقة بعض الرجال في إمكاناتهم الجنسية، فلجأوا إلى الخرافات وبعض المأكولات.
"الضغوط النفسية التي يعيشها المجتمع اليوم، وقلة ذات اليد، وعدم القدرة على مجاراة نسق الحياة، قد تساهم هذه كلها في اضطرابات جنسية، لذلك يلجأ هؤلاء إلى تلك المأكولات، لأنها أقل الوسائل تكلفة"
يقول سامي التبيني (27 عاماً) عامل بمؤسسة خاصة، لرصيف22: "الضغوط النفسية التي يعيشها المجتمع اليوم جراء تزايد مسؤولياته أمام ضغط فيروس كورونا، وقلة ذات اليد، وعدم القدرة على مجاراة نسق الحياة، قد تساهم هذه كلها في اضطرابات للبعض من الجانب الجنسي، لذلك يلجأ هؤلاء إلى تلك المأكولات، لأنها أقل الوسائل تكلفة".
خرافات
تعلّق الاختصاصية في التغذية جيهان علوان على انتشار بعض المأكولات، وصحة تقويتها للقدرات الجنسية: "كل المعطيات التي يتم تداولها حول الهرقمة والعقد وخصي الحيوانات على أساس أنها مقوٍ جنسي فعال غير دقيقة، إذ لم يثبت حتى اليوم علمياً صحة هذا الكلام".
وتضيف: "الهرقمة والعقد تحتويان على الجيلاتين، الذي يتحول في الجسم الى كولاجين، وهو بروتين مسؤول عن عدة وظائف، منها تغيير وإصلاح الأنسجة، ونمو العظام والغضاريف، ومع ذلك لا ينصح بهما طبياً لأولئك الذين يعانون من التهابات في المفاصل. تحتوي هذه المواد أيضاً على سعرات حرارية عالية، لذلك ترفع من حرارة الجسم، وتسبب التعرق. كما توجد بها كميات من البروتين وفيتامينات أخرى، ومع ذلك لا دخل لها في رفع القدرات الجنسية".
الهرقمة والعقد يصعب هضمهما.
وتؤكد أن الهرقمة والعقد يصعب هضمهما، ويحتفظ الجسم فقط بنسبة 25 بالمائة من محتوياتهما، مضيفة أنه غير منصوح بهما للذين يعانون من السمنة وزيادة في الوزن، كما تنصح بتناولهما على الأقل مرتين كل سبعة أشهر.
وبالنسبة لخصي الحيوانات، بحسب علوان، ففيها سعرات حرارية عالية، وكميات كبيرة من الكولسترول وفيتامينات أخرى، لكن ليس لها أي دخل في تقوية الجانب الجنسي، إضافة لعدم وجود دليل علمي على صحة الخرافة القائلة إن "أكل عضو من جسم حيوان قد يعطي نفس الوظيفة لجسم الإنسان".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ ساعةاوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ ساعتينمبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ يوملقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ يومهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ يومينمن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ يومينجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...