أكثر من ثلاثة أيام مرت على اغتيال عملاء إسرائيل في إيران أبرز عالم نووي إيراني، محسن فخري زادة، في عمق طهران، ولا يزال المسؤولون الإيرانيون يتحدثون عن "انتقام في وقت مناسب" على الرغم من تأكيدهم "كشف خيوط الجريمة" والعثور على "مؤشرات جادة لضلوع الكيان الصهيوني" فيها.
في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية، في بيان، "الكشف عن خيوط عن الإرهابيين الذين ارتكبوا عملية اغتيال فخري زادة" عقب إجراءات استخبارية قام بها كوادر الأمن، مع تنويه بـ"إطلاع الشعب الإيراني على المعلومات التفصيلية" لاحقاً.
جاء ذلك بالتزامن مع تكرار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تغريدة باللغة الفرنسية، تأكيده "وجود مؤشرات جادة على ضلوع الكيان الصهيوني في عملية اغتيال العالم الإيراني الكبير".
وتوعد وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية أمير حاتمي، في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، بأن "الشعب الإيراني لن يترك أية جريمة واغتيال وحماقة دون رد" و"سنتابع الجناة وليعلم هؤلاء أنه ستتم محاسبتهم".
عمليات إسرائيلية في عمق إيران
لكن هذه ليست المرة الأولى التي ينفّذ فيها عملاء لإسرائيل حوادث استهداف ضخمة أو حتى اغتيالاً على الأراضي الإيرانية من دون أن تتجرأ طهران على الرد.
رصدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية 10 عمليات على الأقل خلال السنوات الماضية أُلقي باللوم فيها على إسرائيل.
12 كانون الثاني/ يناير عام 2010
اغتيل مسعود علي محمدي، عالم فيزياء الجسيمات الإيراني المتخصص في الفيزياء الرياضية، في انفجار استهدفه بينما كان خارجاً من منزله متجهاً إلى الجامعة في طهران. اتهمت إيران الولايات المتحدة وإسرائيل بالمسؤولية عن الحادث. نفت وزارة الخارجية الأمريكية الاتهامات، ولم تعلق إسرائيل كعادتها.
أيلول/ سبتمبر عام 2010
أصاب فيروس كمبيوتر يعرف باسم "ستوكسنت" (Stuxnet) ضد أجهزة الطرد المركزي في منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز. والفيروس طورته الولايات المتحدة وإسرائيل عام 2005.
"سنتابع الجناة وليعلم هؤلاء أنه ستتم محاسبتهم"... نحو 10 عمليات انتهكت السيادة الإيرانية بما في ذلك اغتيال علماء بارزين وتفجير منشآت أمنية ونووية، وكل ما تفعله طهران هو التوعد بالانتقام "في وقت مناسب" يبدو أنه لن يأتي أبداً!
29 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2010
قُتل كبير علماء البرنامج النووي الإيراني آنذاك، مجيد شهرياري، ثم عالم نووي آخر في عمليتي اغتيال منفصلتين في طهران، أشار النظام الإيراني بأصابع الاتهام إلى إسرائيل والولايات المتحدة في تنفيذهما.
23 تموز/ يوليو عام 2011
اُغتيل داريوش رضائي نجاد، أستاذ فيزياء مشارك في البرنامج النووي الإيراني، على أيدي مسلحين على دراجات نارية شرق طهران.
11 كانون الثاني/ يناير عام 2012
لقي مصطفى أحمدي روشن، خبير الفيزياء النووية الذي شغل منصب نائب مدير منشأة تخصيب نطنز، مصرعه في انفجار بطهران.
31 كانون الثاني/ يناير عام 2018
وقعت واحدة من أكثر العمليات استفزازاً لـ"السيادة الإيرانية" حين اقتحمت إسرائيل مستودعاً تجرى إخفاء وثائق البرنامج النووي الإيراني فيه، في ضواحي طهران، وسرقت عشرات الآلاف من هذه الوثائق الفائقة السرية.
على عكس العمليات السابقة، جاهرت إسرائيل بل تباهت بتنفيذ العملية وكشف رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي عن بعض أبرز ما ورد في الوثائق محدداً اسم فخري زادة الذي قال إنه رئيس البرنامج النووي الإيراني.
26 حزيران/ يونيو عام 2020
هزت انفجارات مجهولة المصدر قاعدة بارشين العسكرية (شرق طهران) حيث تختبر إيران متفجرات للأسلحة النووية، بحسب ما أُشيع.
30 حزيران/ يونيو عام 2020
وقع انفجار مجهول المصدر والسبب في خوجير، القريبة من بارشين، وتحديداً في موقع يمثل قاعدة محاطة بأنفاق تحت الأرض يعتقد الغرب أنها كانت مستودع ذخيرة كبيراً، وتنتج أنواعاً من الوقود لدفع جهاز الصواريخ الباليستية التابع للحرس الثوري الإيراني.
في 2 تموز/ يوليو عام 2020
دمّر انفجار نُسب إلى إسرائيل في نطنز مبنىً يحتوي على أجهزة طرد مركزي متطورة لتخصيب اليورانيوم.
اغتيال نظيف… خلال ثلاث دقائق ومن غير أن تُراق قطرة دم من عملائها، قتلت إسرائيل أهم عالم نووي إيراني "عن بُعد" ومن دون وجود "أي عامل بشري" في موقع الحادث وأيضاً في عمق إيران. رواية تفصيلية للعملية مصدرها وكالة إيرانية
19 تموز/ يوليو عام 2020
أُبلغ عن انفجار في محطة كهرباء في أصفهان، على بعد 340 كم جنوب طهران.
27 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2020
وقعت عملية اغتيال نظيف لفخري زادة من دون أن تُراق قطرة دم من عملائها، وذلك "عن بُعد" ومن دون وجود "أي عامل بشري" في موقع الحادث، وفق مصادر إيرانية.
وخارج إيران، اغتيل هذه العام أبرز جنرالات الحرس الثوري، قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في ضربة أمريكية فور وصوله مطار بغداد. نظراً للتنسيق المستمر بين واشنطن وتل أبيب في ما يخص إيران، ربما تكون لإسرائيل يد في العملية.
اغتيال "عن بُعد"
اللافت في رد الفعل الإيراني أيضاً هو أن الرواية الرسمية لحادثة اغتيال فخري زادة تُصر على أن كميناً نُصب له بواسطة "إرهابيين مسلحين" في الطريق التي تمر بها سيارة تقله بمدينة آبسرد، في منطقة دماوند شرق طهران، مع إشارة إلى تعرض السيارة أولاً لهجوم قبل أن تنفجر سيارة قريبة منها على بعد 15 متراً.
وذلك على الرغم مما كشفته وكالة أنباء فارس خلال الساعات الماضية من أن الاغتيال تم "عن بُعد" ومن دون وجود "أي عامل بشري" في موقع الحادث.
وفق رواية "فارس"، فإن السيارة المضادة للرصاص التي كان العالم يتنقل بواسطتها، تحركت تصحبها ثلاث سيارات تُقل فريق حمايته من مدينة رستمكلاي بمحافظة مازندران إلى مدينة آبسرد.
وبينما ابتعدت السيارة الرئيسية لفريق الحماية عن الموكب على بعد بضعة كيلومترات من موقع الحادث، للتحقق من وجود أي حركة مشبوهة، أثار صوت بضع رصاصات انتباه فخري زاده ودفعه فضوله إلى إيقاف السيارة والخروج لرؤية ما يحدث، معتقداً أن الصوت ربما كان ناتجاً عن اصطدام بعائق خارجي أو مشكلة في محرك السيارة، بحسب المصدر.
في اللحظة نفسها، انطلق وابل من الرصاص من "مدفع رشاش آلي منصوب على سيارة نيسان (شاحنة صغيرة) كانت متوقفة على بعد 150 متراً من سيارة العالم ويجري التحكم به عن بعد" تجاه فخري زادة، فأصابته رصاصتان في خاصرته وثالثة في ظهره تسببت في قطع نخاعه الشوكي.
واحدة من أكثر العمليات استفزازاً لـ"السيادة الإيرانية" وقعت في 31 كانون الثاني/ يناير عام 2018 حين اقتحمت إسرائيل مستودعاً في ضواحي طهران فيه وثائق البرنامج النووي الإيراني، وسرقت عشرات الآلاف من هذه الوثائق الفائقة السرية
وتشير الوكالة الإيرانية إلى أنه بعد لحظات من إصابة العالم، تم تفجير السيارة المثبت عليها الرشاش، فيما نُقل العالم الذي كان مصاباً بإصابات خطيرة إلى المستوصف القريب ثم مضت به طائرة مروحية إلى مستشفى في طهران حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
وشدد المصدر نفسه على أنه خلال "العملية التي استغرقت قرابة ثلاث دقائق، لم يكن هناك عامل بشري في مكان الاغتيال، ولم يتم إطلاق النار إلا بأسلحة آلية ولم يصب أي أحد جراء الحادث سوى العالم المغدور".
وختمت بأن صاحب السيارة المستخدمة في العملية "غادر البلاد في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري".
تجدر الإشارة إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قدمت رواية أخرى لاغتيال فخري زادة، مفادها أن سيارة نيسان المهجورة تسببت في تفجير خط كهرباء يمر بموقع الحادث قبل أن يظهر 12 مسلحاً على دراجات نارية أو في سيارات ويصيبون العالم البارز ثم يفرون سالمين.
من المقرر أن يُصلى على جثمان فخري زادة في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، في عدة مساجد قبل إتمام مراسم دفنه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 5 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.
mohamed amr -
منذ اسبوعينمقالة جميلة أوي