لم تتوقف ردود الفعل الغاضبة في إيران جراء اغتيال أفضل وأشهر عالم نووي إيراني، محسن فخري زادة، رئيس منظمة الأبحاث والإبداعات بوزارة الدفاع الإيرانية، في العاصمة طهران، بعد ظهر 27 تشرين الثاني/ نوفمبر.
طالب النظام الإيراني الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بـ"إدانة" جريمة الاغتيال التي وصفها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنها "إرهاب دولة".
ووجه المسؤولون الإيرانيون أصابع الاتهام علناً ومباشرةً إلى إسرائيل في اغتيال خامس عالم نووي إيراني على أقل تقدير منذ العام 2008.
وأكد مسؤول أمريكي -واثنان من مسؤولي المخابرات الأمريكية- لصحيفة "نيويورك تايمز" أن إسرائيل وراء الهجوم على العالم الإيراني. ولم يتضح ما إذا كانت واشنطن على علم مسبق بالعملية. لكن الجهود الإسرائيلية والأمريكية بشأن إيران طالما كانت منسقة بين الدولتين.
وفق مصادر الإعلام الإيراني الرسمي، انتظر مسلحون على طول الطريق وهاجموا فخري زادة بينما كانت سيارة تقله تسير عبر بلدة آبسرد الريفية في منطقة دماوند (شمال البلاد)، وأصيب بجروح خطيرة في تبادل إطلاق نار بين أفراد حمايته وعملاء إسرائيل، ولم تفلح جهود الأطباء في إنقاذه.
إيران في حالة غليان
في رسالة تعزية للإيرانيين، قال الرئيس حسن روحاني إن "استشهاد" فخري زادة لن يكون "عائقاً أمام علماء إيران لإتباع طريق النمو العلمي المتسارع" وإنما سيجعلهم "أكثر عزماً وتصميماً لمواصلة طريق الشهيد العزيز".
"لم يكن يقل أهمية عن سليماني"... مسؤول إيراني يقول إن القاتل الرئيسي للعالم الإيراني فخري زادة "معلوم"، وثلاثة مسؤولين أمريكيين يؤكدون أن إسرائيل وراء العملية. السفارات الإسرائيلية والجاليات اليهودية حول العالم تتأهب لانتقام محتمل
وأضاف: "مرة أخرى تلطخت أيادي الاستكبار العالمي الشريرة وعملاء الكيان الصهيوني بدماء أحد أبناء الثورة والوطن، وهذا ما جعل الشعب الإيراني يغرق في حزن وألم شديدين بفقدان عالم مثابر من أبنائه".
واعتبر أن هذه "الأعمال الإجرامية العمياء" نتيجة لـ"عجز أعداء الشعب الإيراني أمام حركته العلمية والإنجازات التي حققها في هذا المجال" و"هزائم الأعداء المتكررة في المنطقة والمجالات السياسية". وتوعد بالرد على "الجريمة الإرهابية" لكن "في وقت مناسب".
وشدد على هذا أيضاً رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، إذ قال إن على قتلة فخري زادة، الذين وصفهم بـ"الارهابيين المغرر بهم، عملاء الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني البغيض"، أن يترقبوا "انتقاماً قاسياً". وكذلك "الآمرون والقائمون على تنفيذ" الجريمة.
وفي عدة تغريدات، دان جواد ظريف قتل "الإرهابيين عالماً إيرانياً بارزاً"، مشيراً إلى "دلائل جدية على الدور الإسرائيلي" في "هذا الجبن" الذي قال إنه يُظهر محاولة يائسة "لإثارة حرب" من قبل الجناة.
مشيراً إلى المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي، قال: "يجب أن ينهي معاييره المزدوجة المخزية ويدين هذا العمل الإرهابي الذي هو إرهاب دولة".
وفي منشور عبر انستغرام، قال سفير ومندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، كاظم غريب آبادي، إن المتهم الرئيسي في الجريمة "معلوم"، من دون تفاصيل إضافية.
ووجه سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، دعا فيها إلى إدانة اغتيال العالم الإيراني واتخاذ اللازم ضد الفاعلين، مؤكداً وجود "مؤشرات جادة على ضلوع الكيان الصهيوني" في العملية "الإرهابية اللاإنسانية".
وحذّر الولايات المتحدة وإسرائيل من "القيام بإجراءات مغامرة ضد إيران، خاصة في الفترة المتبقية للحكومة الراهنة في أمريكا، معبراً عن تمسك بلاده بحقها في "اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبها وتوفير أمنها".
"موته ضربة نفسية ومهنية قوية لإيران" و"قد تكون لاغتياله تداعيات واسعة على إدارة بايدن"... ما الآثار المحتملة المترتبة على اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زادة على البرنامج النووي الإيراني والمنطقة؟
في غضون ذلك، تعهد مساعد رئيس الجمهورية رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أن يكون "دم الشهيد مصدر بركة وتقوية إيران الإسلامية أكثر فأكثر".
حزب الله يتوعد وإسرائيل تتأهب
لم تقتصر التهديدات بالانتقام على المسؤولين في إيران. في بيان "تعزية"، ذكر حزب الله اللبناني، الموالي لإيران، أنه يدين بشدة "العملية الإرهابية الآثمة" واغتيال فخري زادة الذي قال إنه "استشهد غدراً على يد عصابات القتل والإرهاب الصهيوني والدولي". وأعلن وقوفه "بكل قوة" إلى جانب إيران وشعبها في مواجهة التهديدات والمؤامرات الخارجية، خاصاً بالذكر "الحلف الجديد المؤلف من الكيان الصهيوني وعدد من دول المنطقة".
في هذه الأثناء، أعلنت القناة 12 الإسرائيلية إن سفارات إسرائيل والجالية اليهودية في جميع أنحاء العالم كثّفت إجراءاتها الأمنية احتياطاً لأي تحرك إيراني انتقامي محتمل.
من هو فخري زادة؟ وما تداعيات اغتياله؟
تصف المخابرات الأمريكية والإسرائيلية العالم الغامض (59 عاماً) بأنه مثّل القوة الدافعة لما تسميه برنامج إيران السري لامتلاك أسلحة نووية وتتهمه بالضلوع في بل ورئاسة برنامجها لتصميم رأس حربي نووي لمدة عقدين من الزمن. رجحت ذلك تقديرات وتقارير المخابرات الأمريكية ووثائق الأرشيف النووي الإيراني التي سرقها الموساد عام 2018.
حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فخري زادة بالاسم خلال استعراضه أهم ما جاء في الوثائق الإيرانية المسروقة. وجعله نشاطه الهدف الأول للموساد منذ فترة طويلة.
وذكرت "نيويورك تايمز" على لسان مايكل بي مولروي، كبير مسؤولي سياسة الشرق الأوسط السابق في البنتاغون، أن وفاة فخري زادة "انتكاسة لبرنامج إيران النووي".
بالطريقة نفسها التي اعتُمدت لدى قتل الرجل الثاني بالقاعدة في طهران... حالة غليان لا تهدأ في إيران عقب اغتيال "أفضل وأشهر" علمائها في عمق دارها، ومطالبات للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ"إدانة" الجريمة بدعوى أنها "إرهاب دولة"
ولم تسمح طهران البتة لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية استجواب أستاذ الفيزياء الذي كان يحاضر في جامعة الإمام الحسين وسط العاصمة الإيرانية، برغم طلباتهم المتكررة. واسم فخري زادة على قائمة الولايات المتحدة للمسؤولين الإيرانيين المجمدة أصولهم منذ عام 2008.
عقب اغتياله، زعم مسؤول إسرائيلي أنه سيكون من الصعب على إيران تحقيق القدرات النووية بدونه. في حين أكد الخبير الإستراتيجي الإسرائيلي يوسي ميلمان أن موته "ضربة نفسية ومهنية كبيرة لإيران". وشددت وسائل إعلام إسرائيلية على أنه "لم يكن يقل أهمية عن الجنرال قاسم سليماني" القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الذي اغتالته أمريكا في العراق مطلع العام الجاري. كان فخري زادة أيضاً ضابطاً في الحرس الثوري برتبة عميد.
برغم كل ما سبق، رأى ميلمان، وفق ما ورد في تقرير عبر "هآرتس"، أنه رغم الأثر النفسي القوي لاغتيال زادة على "معنويات النظام الإيراني وعمله" فإن طهران ستعثر على عالم نووي آخر "موهوب مثل فخري زادة".
الجدير بالذكر أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) كشفت عن تخصص آخر للعالم النووي الراحل قائلةً إنه كان له دور "بارز" في "إنتاج أول عدة طبية لتشخيص مرض كورونا" كان لها دور كبير في جهود السيطرة على الجائحة في ظل الحظر المفروض على البلاد، والذي يمنعها من الحصول على السلع الإنسانية مثل الأدوية والمعدات الطبية. وأضافت أن فخري زادة كان يتولى أيضاً إدارة تطوير لقاح كورونا.
على صعيد آخر، يتوقع أن تكون لاغتيال فخري زادة "تداعيات واسعة" على إدارة الرئيس الأمريكي المقبل جو بايدن، خصوصاً في ما يتعلق بتنفيذ تعهد الرئيس الديمقراطي العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه سلفه، ترامب.
يشار إلى أن اغتيال فخري زادة يأتي عقب أيام قليلة من الكشف عن اغتيال عملاء لإسرائيل في طهران الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أبو محمد المصري، بالطريقة نفسها تقريباً: إطلاق مسلحين ملثمين الرصاص عليه أثناء تنقله بسيارته.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع