شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"الاتصال بدل الخيار العسكري"... نقاشٌ حول سياسة أوروبا مع 7 "جماعات" تحكم الشرق الأوسط

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 29 نوفمبر 202012:42 م

تُهيمن جماعات غير حكومية لكنها مسلحة بقدرات تتجاوز دولاً، على منطقة واسعة في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، ولا يبدو أن الخيارات العسكرية يمكن أن تحتويها بسهولة، إذ بات نفوذ الحشد الشعبي يوازي تقريباً الدولة العراقية، كذلك حزب الله في لبنان، وحماس التي تسيطر على قطاع غزة، والحوثيون يحكمون العاصمة اليمنية صنعاء، وقوات خليفة حفتر تنتشر في شرق ليبيا، وهيئة تحرير الشام في إدلب السورية.

انطلاقاً من هذا الواقع، نشر عدد من الباحثين رؤية مفادها بأن الحكومات الأوروبية سوف تحتاج في المستقبل إلى استراتيجية لجذب هؤلاء "الفاعلين الأقوياء" إلى العمليات السياسية الشاملة وهياكل تقاسم السلطة التي يمكن أن تساعد في استقرار المنطقة.

نُشرت هذه الرؤية في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" الذي يقدم توصيات بخصوص السياسات الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي، ومنها فتح قنوات اتصال معهم بدلاً من الخيارات العسكرية. في ما يلي، أبرز ما جاء في الورقة التي نشرها المجلس: 

الحشد الشعبي

كان لصعود تنظيم داعش عام 2014 تأثير طويل الأمد على توازن القوى بين الدولة العراقية والجماعات المسلحة التي تم حشدها للقتال إلى جانب القوات النظامية، تحت مسمى "الحشد الشعبي"، وهي ذات أغلبية شيعية.

بعد القضاء على داعش، كافح رؤساء الوزراء العراقيون المتعاقبون لكبح جماح فصائل الحشد الشعبي، بينما أدرجت الحكومة العديد من الجماعات في البنية التحتية لأمن الدولة.

ومع ذلك، رفضت "المقاومة الإسلامية" الموالية لإيران الذوبان بالكامل في جهاز الدولة، ومن الجماعات التي تندرج تحت راية "المقاومة الإسلامية" يمكن ذكر "كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء" و"حركة حزب الله النجباء" و"سرايا الخراساني".

تقول الباحثة الألمانية المتخصصة في الشأن الأمني إينا رودولف إن الترسخ التدريجي لجماعات المقاومة الإسلامية في جهاز الدولة ساعد على تجنب استهدافها من قبل الولايات المتحدة، ووفر لها إمكانية الوصول إلى الموارد، والتأثير على صنع القرار في الدولة.

وبرأيها، يجب على الاتحاد الأوروبي تبني موقف صبور وواقعي من خلال تحديد أهداف قابلة للتحقيق في المجالات الرئيسية، مثل إصلاح قطاع الأمن في العراق، لافتة إلى أن منع المزيد من الانتهاكات لسيادة العراق الهشة من قبل لاعبين خارجيين - سواء كانوا الولايات المتحدة أو تركيا أو إيران - من شأنه أن يترك الفصائل الموالية لإيران دون أعذار لمواصلة عملياتهم العسكرية.

وتشير رودولف إلى إمكانية أن يستفيد الاتحاد الأوروبي من استكشاف دبلوماسية الباب الخلفي مع الممثلين السياسيين للفصائل الموالية لإيران التي لها صلات مباشرة بجماعات "المقاومة الإسلامية"، وعليه يمكن للأوروبيين الاستفادة من مصداقيتهم كجهات فاعلة محايدة نسبياً تريد تجنب المزيد من التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي النهاية، ترى أن "الجهود الجادة" التي يبذلها الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران تجعل تأمين حياد العراق أولوية أكبر بالنسبة للأوروبيين.

حزب الله

تصف الباحثة اللبنانية في العلاقات الدولية أمل سعد حزب الله بـ"واحد من أقوى الفاعلين غير الحكوميين في الشرق الأوسط"، وغالباً ما يُتهم بتكوين دولة داخل دولة.

وفي ضوء الاستثمار المتزايد لحزب الله في السياسة الداخلية والخارجية، ركزت إدارة ترامب جهودها بشكل متزايد على الضغط عليه كجزء من حملتها "للضغط الأقصى" على إيران.

تُذكّر سعد بانتقاد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد رفض الأخير تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، ولقائه مع رئيس كتلته البرلمانية محمد رعد، وهو ما خلق قلقاً على نطاق واسع من أن واشنطن عازمة على فرض تغيير سياسي في لبنان. 

ترى سعد ضمن الدراسة أن جهود أوروبا لمعالجة الفساد في لبنان وتحقيق الاستقرار في الدولة اللبنانية ستتعقّد بشدة إذا صنّفت حزب الله على أنه منظمة إرهابية، كما ترغب الولايات المتحدة.

وبرأيها، على أوروبا الاستمرار بالتعامل مع المسؤولين السياسيين في حزب الله، بهدف تشجيع إصلاح الحكم بين جميع الجهات الفاعلة.

وتقول سعد: "يتعين على الأوروبيين أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون أن يكونوا طرفاً في الصراع من خلال الالتزام بالخط الأمريكي، أو ما إذا كانوا ينوون دعم حكومة الوحدة الوطنية الجديدة واتفاق سياسي جديد".

وتختم ورقتها بالتحذير من أن فشل سعد الحريري في تشكيل الحكومة سيكون "كارثياً" على الاتحاد الأوروبي، ما قد يدفع حزب الله للاعتقاد بأن لا بديل لديه سوى إنشاء حكومة في النهاية مع حلفائه فقط.

القوات المسلحة العربية الليبية

أدى الصراع الداخلي في ليبيا، والذي تفاقم بسبب الخصومات الجيوسياسية، إلى ظهور العديد من الجماعات المسلحة القوية، وعلى رأسها "القوات المسلحة العربية الليبية".

يرأس هذه القوات خليفة حفتر، الجنرال السابق في جيش معمر القذافي الذي يتهمه خصومه بأنه يريد تأسيس دكتاتورية شبه عسكرية، لها صدى لدى العديد من الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بحسب الباحث الليبي عماد الدين بادي، فإن القوات المسلحة الليبية نظرت إلى علاقاتها مع الدول الأوروبية على أنها وسيلة لاكتساب الشرعية والدعم الدبلوماسي والمادي المباشر في الحملة ضد حكومة الوفاق المعترف بها دولياً في طرابلس.

ويعتقد بادي أنه يتطلب من الدول الأوروبية إعادة ضبط تفاعلها مع الجماعات في ليبيا، مشيراً إلى أن العديد من الأوروبيين كانوا ينظرون في السابق إلى القوات المسلحة الليبية باعتبارها المؤسسة العسكرية الاحترافية الوحيدة في البلاد.

ومع ذلك، بدأت الدول الأوروبية تعدل سلوكها بعد الهجوم الفاشل لحفتر على طرابلس وجرائم الحرب التي ارتكبتها قواته في ترهونة.

"منع المزيد من الانتهاكات لسيادة العراق الهشة من قبل لاعبين خارجيين - سواء كانوا الولايات المتحدة أو تركيا أو إيران - من شأنه أن يترك الفصائل دون أعذار لمواصلة عملياتها العسكرية"... بحث يناقش سياسة أوروبا المطلوب اعتمادها مع 7 مجموعات مسلحة فاعلة في الشرق الأوسط

ويرى بادي أن على الدول الأوروبية أن تدرك أن القوات المسلحة الليبية ليست جيشاً، وأن حفتر أصبح أكثر بقليل من وسيلة للتدخل الأجنبي في ليبيا. ومن خلال الاعتراف بأنه يعمل كـ"مُفسد" وأنهم بحاجة إلى احتوائه لدفع العملية السياسية، يمكنهم بعدها البدء في معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار التي مكنت من صعوده.

بموازاة ذلك، يحتاج الأوروبيون، وفق بادي، إلى توسيع نطاق مشاركتهم مع الجماعات في شرق ليبيا، وإلى وضع خطط لحوار جديد وتوحيد مؤسسي بين شرق وغرب ليبيا لا يركز على حفتر، وهو توجه من شأنه أن يقيد قدرته على تخريب المحادثات.

حماس

تصنف حماس نفسها كحركة تحرر ومقاومة وطنية إسلامية فلسطينية هدفها المعلن تحرير فلسطين ومواجهة "المشروع الصهيوني".

بشكل عام، لدى حماس ثلاث فصائل رئيسية، من المتشددين الذين يلتزمون بأيديولوجية إسلامية صارمة ومستعدين أكثر من غيرهم للجوء إلى العنف، والمعتدلين الذين يسعون إلى التواصل مع المجتمع الدولي من خلال تليين مواقف الحركة وإعطاء الأولوية للمقاومة اللاعنيفة، إضافة إلى البراغماتيين الذين يحاولون القيام بما يناسب اللحظة السياسية، بما في ذلك النشاط العنيف وغير العنيف.

يرى الباحث الفلسطيني محمد شحادة أن البراغماتيين والمتشددين يتمتعون بتأثير أكبر من تأثير المعتدلين داخل الحركة. فبعد نهاية الانتفاضة الثانية عام 2005، جادل المعتدلون بأن المزيد من الاعتدال سيفتح مساحة للانخراط السياسي مع أوروبا والولايات المتحدة، وأن هذا من شأنه أن يكسب حماس المزيد من الشرعية ويوفر وسيلة أكثر فاعلية لتعزيز الحقوق الفلسطينية.

ومن وجهة نظرهم، فإن مفتاح ذلك هو وقف العنف ضد المدنيين الإسرائيليين والمشاركة البناءة في العملية السياسية الفلسطينية.

نتيجة لذلك، أعلنت حماس وقف التفجيرات الاستشهادية ضد الإسرائيليين وشاركت في الانتخابات التشريعية لأول مرة، في كانون الثاني/ يناير من عام 2006.

انتكست مقامرة المعتدلين في المشاركة الدولية عندما أقنعت الولايات المتحدة الأعضاء الآخرين في الرباعية - الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة - بالموافقة على رفض نتيجة الانتخابات التي فازت بها حماس.

على الرغم من ذلك، كان هناك اتصال دبلوماسي محدود بين الحركة وأوروبا، عندما استقبل قادة حماس في غزة زواراً دوليين، ودُعوا إلى العديد من عواصم الاتحاد الأوروبي بين حزيران/ يونيو وتشرين الثاني/ نوفمبر عام 2006.

وفتحت هذه الزيارات قنوات اتصال مع فرنسا والمملكة المتحدة وهولندا والسويد والنرويج، حيث سمح رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير لاثنين من كبار أعضاء حماس هما أحمد يوسف، المستشار السياسي المعتدل لاسماعيل هنية، والنائب سيد أبو مسامح بزيارة المملكة المتحدة، حيث عقدا اجتماعات مع شخصيات مقربة من الحكومة.

سمحت هذه المناقشات للقادة المعتدلين بإقناع أقرانهم الأكثر تشدداً بفوائد المشاركة المستمرة، وذلك لمواجهة المعارضة التي تتبناها الحكومات الأوروبية ضد حماس.

من نتائج هذا التقارب، توصل المعتدلون مع بلير وأطراف سويسرية إلى مبادرة لتحسين أوضاع غزة، لكن الرئيس محمود عباس سارع لإفشالها خوفاً من أن يؤدي هذا الجهد إلى إضعاف مكانته، ما دفع المتشددين في حماس إلى أن يحذوا حذوه هو أيضاً في إفشالها.

جاءت الضربة الأخيرة عام 2017، عندما أعلن معتدلو حماس عن برنامج سياسي جديد يؤيد رسمياً حل الدولتين ونبذ معاداة السامية للتقارب مع الأوروبيين. ومع ذلك، تجاهل المجتمع الدولي هذه المبادرة فساعد عن غير قصد المتشددين على زيادة نفوذهم.

يقول شحادة عن تأثير ذلك: "انعكس هذا الفشل على الانتخابات الداخلية لحماس لعام 2017، والتي احتل فيها إسماعيل هنية، البراغماتي، المرتبة الأولى، يليه المتشدد صالح العاروري. وجاء موسى أبو مرزوق، المعتدل، في المركز الأخير".

ويختتم شحادة: "يُشير التاريخ بقوة إلى أنه إذا استمر المجتمع الدولي في مقاطعة حماس، فإن ذلك سيزيد من تهميش الأصوات المعتدلة الساعية إلى مسار دبلوماسي أو تهدئة أكثر استدامة مع إسرائيل".

هيئة تحرير الشام

في أواخر عام 2011، عبر عشرات من الجهاديين المنتمين إلى تنظيم القاعدة في العراق إلى شرق سوريا لتأسيس "جبهة النصرة".

في السنوات التالية، غيّروا اسمها من النصرة إلى هيئة تحرير الشام، وبدأت تتسم بشكل متزايد بالبراغماتية النابعة من رغبتها الثابتة في البقاء، والسيطرة على شمالي غربي سوريا.

في أواخر عام 2017، سمحت قيادة هيئة تحرير الشام للجنود الأتراك بدخول إدلب التي تسيطر عليها والتمسك بوقف إطلاق النار كجزء من عملية أستانا، وهي المفاوضات الثلاثية حول مستقبل سوريا بين تركيا وروسيا وإيران.

تسعى هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني إلى تقديم التغيير داخل الجماعة على أنه قطع لصلاتها الأيديولوجية مع تنظيم القاعدة، في محاولة لتسويق نفسها في لخارج.

تقول الباحثة الإسرائيلية المتخصصة في الشأن السوري إليزابيث تسوركوف إنه لا يظهر لمشروع إدارة هيئة تحرير الشام في إدلب هدفاً نهائياً واضحاً، لكن تبدو قيادة الجماعة راضية عن الحفاظ على السيطرة على إدلب وانتظار فرصة لمزيد من التوسع أو عملية سياسية تؤدي إلى إزالة النظام أو تطبيق الفيدرالية في سوريا.

حين كان اسمها جبهة النصرة لم تكن مهتمة بالقوانين الدولية واختطفت الصحافيين الأجانب مقابل الحصول على فدية، أما الآن، وبعدما أصبحت هيئة تحرير الشام، بدأت بالترحيب بالصحافيين والباحثين الأجانب، وتوفير الحماية لهم.

وتقول الباحثة الإسرائيلية إن هيئة تحرير الشام تبدو منفتحة بشكل متزايد على التعامل مع الدول الغربية بشأن المخاوف الأمنية المتبادلة مثل قتال داعش. وبرأيها، يجب على الجهات الغربية المهتمة بمصير المدنيين الذين يعيشون في إدلب إيجاد طرق لإيصال أولوياتها إلى هيئة تحرير الشام.

وبينما، حسب الباحثة، لم يعالج تدخل أنقرة في إدلب سوى بعض الأولويات الغربية في سوريا مثل منع تدفق اللاجئين، وتقييد الجماعات الجهادية وإضعافها، هناك مخاوف أخرى بشأن سجل هيئة تحرير الشام في مجال حقوق الإنسان، كمعاملتها للأقليات الدينية، وتجنيد الأطفال، وقمع المعارضة السياسية وإساءة معاملة المعتقلين.

صحيح أن التواصل الأوروبي مع الجبهة غير مرجح لأنها مصنفة في الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية، لكن بعض الرسائل تتراجع عن القضايا التي ترى أنها مرتبطة ببقائها، فالمشاركة الغربية الحذرة مع الجماعة يمكن أن تسرع من تحولها نحو البراغماتية.

قوات سوريا الديمقراطية (قسد)

تم إنشاء قوات سوريا الديمقراطية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2015، بدعم من الولايات المتحدة، وهي تحالف متعدد الأعراق من المقاتلين الأكراد والعرب والمسيحيين.

تأمل قوات سوريا الديمقراطية في الحصول على اعتراف دولي بمنطقتها المتمتعة بالحكم الذاتي على غرار حكومة إقليم كردستان العراق. ومع ذلك، رفضت المعارضة السورية ودمشق - مثل أنقرة - أي شكل من أشكال الحكم الذاتي لقوات سوريا الديمقراطية بسبب طبيعتها القومية.

توغلت تركيا عسكرياً في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، في شمالي شرقي سوريا، للقضاء على معاقل قوات سوريا الديمقراطية، ودخلت قوات النظام السوري والروسي بعض الأراضي التي تسيطر عليها القوات، في وقت قلصت الولايات المتحدة وجودها هناك ونقلت بعض قواتها الأمريكية إلى الحسكة ودير الزور لحماية البنية التحتية النفطية.

الحشد الشعبي في العراق، حزب الله في لبنان، حماس في غزة، الحوثيون في اليمن، قوات حفتر في ليبيا، هيئة تحرير الشام في سوريا وقوات سوريا الديمقراطية... كيف ناقش "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" تعامل دول الاتحاد الأوروبي مع هذه الجماعات؟ ولماذا استبعد الخيار العسكري؟

على عكس باقي المنظمات المسلحة في المنطقة، يحظى هذا التنظيم بقبول أوروبي، وتعد فرنسا واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي لديها اتصالات سياسية رفيعة المستوى مع قوات سوريا الديمقراطية، كما زار وفد سويدي مؤخراً مناطق التنظيم لعدة أيام، وهي رحلة طويلة "بشكل غير عادي" قام بها الأوروبيون.

بينما تتحدث العديد من دول الاتحاد الأوروبي مع إدارة قوات سوريا الديمقراطية، فإنها تمتنع عن منحها دعماً مادياً أو سياسياً مباشراً.

ويذكر الباحث المختص في الشأن الكردي فلاديمير فان ويلغنبرج أن الدول الأوروبية غير مستعدة لتقديم مساعدة لقوات سوريا الديمقراطية بسبب صلاتها بحزب العمال الكردستاني المعادي لتركيا، وبسبب وضعها كجهة غير حكومية وانتهاكاتها المزعومة لحقوق الإنسان.

ومع ذلك، عارض الاتحاد الأوروبي ومعظم الدول الأعضاء فيه التدخل العسكري التركي في سوريا للقضاء على قوات سوريا الديمقراطية، وفرضوا حظراً على الأسلحة على البلاد بسبب هذه الخطوة.

في توصية للاتحاد الأوروبي، أكد الباحث أن قوات سوريا الديمقراطية ستستمر في مواجهة قدر كبير من عدم اليقين، ما يمنح خصومها من النظام السوري أو من داعش فرصة للتوغل في المناطق التي تسيطر عليها.

الحوثيون

تطورت حركة الحوثي من جماعة زيدية شيعية في التسعينيات، كرد فعل على صعود السلفية إلى معقلهم في منطقة صعدة، فضلاً عن شعورهم بأن الحكومة المركزية أهملت المنطقة.

يوجد داخل جماعة الحوثيين مساران رئيسيان في الاستراتيجية والتفكير. أحدهما مسار يقوده المتشددون الذين يترددون في استيعاب المعارضة والمستعدون نسبياً لاستخدام العنف لتحقيق طموحاتهم السياسية، وهم الآن في صعود، بسبب نجاحاتهم العسكرية، ويريدون حكم اليمن بالكامل، وسيواصلون شن الحرب كلما أمكن لإزعاج السعودية.

في المقابل، يركز المعتدلون - الأضعف بكثير - على السيطرة على أراضي الجمهورية العربية اليمنية السابقة، شمالي البلاد، وهم أكثر انفتاحاً على التعامل مع السعودية واحترام اتفاقيات الأمم المتحدة والقبول بالتسويات المقترحة.

يعد الحوثيون الحليف الأكثر فعالية لإيران في الشرق الأوسط، لأنهم تسببوا في مشاكل كبيرة للسعودية، باستثمارات محدودة فقط.

تذكر الباحثة هيلين لاكنر وهي زميلة زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن العلاقة بين إيران والحوثيين مبنية على مصالح وأهداف وليست أيديولوجية مشتركة.

وبرأيها، سيستمر الحوثيون في المشاركة في الحملة الإيرانية لإضعاف السعودية طالما أن ذلك يساعد الجماعة على ترسيخ حكمها في اليمن.

في الوقت ذاته، تعتبر الباحثة أن الحوثيين ينظرون إلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على أنهم تابعون لمؤامرة أمريكية وإسرائيلية تنفذها السعودية والإمارات.

ومع ذلك، لا يزال الحوثيون يريدون الاعتراف الدولي، ولذلك لديهم استعداد للتعامل دبلوماسياً مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، خصوصاً التي يعتبرونها أقل دعماً للحملة العسكرية ضدهم.

في رأي الباحثة، يجب على الأوروبيين استخدام قنوات الاتصال مع الحوثيين، وحافز الاعتراف الدولي، للضغط عليهم من أجل احترام حقوق الإنسان وتحقيق إصلاحات أكبر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image