شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
النساء في عالم العلوم والتكنولوجيا... ثورة بدأت تثمر نجاحاتها

النساء في عالم العلوم والتكنولوجيا... ثورة بدأت تثمر نجاحاتها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 11 ديسمبر 202002:01 م

تخطت المرأة حدود الثقافة التقليدية، وتحصلّت، بمثابرة وعبقرية العديد من النساء، على حقوقها في ميادين متعددة كانت مبعدة عنها، ويمثل الآن اختراقها لمجال التقنيات والهندسة والرياضيات، أو ما يعرف بالـ STEM، فتحاً جديداً في إثبات الذات، وترك الأثر وقيادة التحولات الكبرى.

ولذلك يسعى العالم إلى تسليط الضوء على هذا الموضوع عبر العديد من المؤتمرات والمنظمات المعنية بإبراز دور المرأة وتقوية قدراتها في هذا المجال. ومن أهم المؤتمرات خلال هذا العام، مؤتمر نظم تحت إشراف الشبكة الأوروبية لمراكز البحث والابتكار (ENRICH) تحت عنوان "المرأة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات" بحضور عدة نساء رائدات في هذا المجال.

لا تنتظري أن يخبرك أي شخص آخر بما يجب عليكِ فعله - حددي أهدافكِ وادرسي واقعكِ ثم اكتشفي كيفية الوصول إليها... هكذا لن نبقي على أي حاجز يقف بين النساء والإبداع في كل المجالات

وقائع وحقائق حول النساء في مجال الستيم

عندما يتعلق الأمر بتواجد النساء في علوم الكومبيوتر، يتبدى الأمر عن "صحراء حقيقية"، وكأن المرأة ما زال مبرمجة بشكل طبيعي للـ "تدريس، التمريض أو التسويق" في أفضل الأحوال.

 تحدثت الدكتورة ليا شانلي، وهي دكتورة في معهد نيلسون، بجامعة ويسكونسن – ماديسون، عن نقص تواجد المرأة في مجال البحث والابتكار وفي مجال العلوم والتكنولوجيا؛ فبحسب الدراسات هناك حوالي 13% فقط من المهندسات و26% فقط من عالمات الكمبيوتر في الولايات المتحدة، والمشكلة الأكبر من هذه النسبة الضئيلة هي عدم استمرار المرأة في العمل بهذا المجال، حيث أن 30% فقط من النساء الحاصلات على درجة البكالوريوس يستمرين في العمل في هذا المجال بعد 20 عاماً.

يمثل اختراق المرأة لمجال التقنيات والهندسة والرياضيات، أو ما يعرف بالـ STEM، فتحاً جديداً في إثبات الذات، وترك الأثر وقيادة التحولات الكبرى

اعتبرت الدكتورة ليا أن السبب وراء هذه النسبة الضئيلة هو أن النساء و"الملوّنين" يقيَّمون على أنهم أقل قدرة مع ذوي البشرة البيضاء عند أداء عمل متساوٍ أو متطابق. وبحسب دراسة أجرتها MOS وRawson أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات البحثية، سواء كانوا رجالاً أو نساء، يقيِّمون طالباً على أنه أكثر كفاءة، ويقومون بإرشاده وتقييمه وحتى توظيفه في المختبرات، مقارنة بطالبة لديها نفس المهارات التي لديه. والمشكلة برأي ليا هي في التقييم المنهجي لهذه الفئة في مجال البحوث والابتكار، الذي يؤدي إلى حصولهم على ترقيات أقل، رواتب أقل وإمكانية أقل للحصول على التمويل لدعم أبحاثهم، وغير ذلك، فالنساء يتقاضين رواتب منخفضة مقابل العمل نفسه المتضمن التعليم والمهارات بالمقارنة مع الذكور.

بحسب الدراسات هناك حوالي 13% فقط من المهندسات و26% فقط من عالمات الكمبيوتر في الولايات المتحدة

تضيف ليا أن الناس متأثرون بطريقة مباشرة وغير مباشرة بهذا النظام المنهجي والمتحيّز ضد المرأة حتى في عملهم. أجرت الدكتورة جوي بومات تحقيقاً منهجياً بعد اختبار صورتها على تقنية تحليل الوجه المطورة من قبل العديد من الشركات الرائدة، والنتيجة كانت أن بعض الخوارزميات لم تكتشف الوجه، ووصف آخرون وجهها على أنه وجه ذكر! وبعد تحليل نتائج أكثر من 1200 وجه فريد من نوعه، كشفت جوي، عن تحيّز شديد في الجنس ولون البشرة في خوارزميات التصنيف في التعلّم الآلي. وتقول إن نسبة معدل الفشل في التعرف على الإناث الأكثر "سماراً" تزيد عن 30%. وصرحت أنه يوجد لدينا ما نسميه مشكلة "بيانات الذكور الشاحبة" حيث إن مجموعات البيانات المعيارية الحالية تمثّل بإفراط الرجالَ ذوي البشرة الفاتحة على وجه الخصوص.

التحديات التي تواجهها المرأة في هذا المجال

أيدت الدكتورة راتي ثانوارا، رأي الدكتورة ليا، حول النظام المنهجي المتبع في غالبية الشركات والجامعات على المرأة، واعتبرت أنه التحدي الأكبر الذي تواجهه في هذا المجال. وأضافت أننا جميعاً في مرحلة إنكار انحيازنا ضد المرأة، فالجميع لديه تحيز واضح، سواء الأنظمة أو الناس. الجدير بالذكر، أن الدكتورة راتي هي دكتورة في برنامج المرأة والسياسة العامة في مدرسة هارفارد كينيدي، وناشطة في حقوق المرأة في مجال التكنولوجيا.

بحسب تجربة قامت بها كلية هارفارد للأعمال تتضمن توزيع قضية على الطلاب حول فتاة تدعى هايدي، غيروا اسمها لصبي يدعى هوارد، والاثنان لديهما مستوى متساوٍ في مجال التكنولوجيا والريادة، وسألوهم عن إمكانيات ومؤهلات الاثنين. كانت النتيجة صادمة، حيث أن معظم الطلاب وصفوا الفتاة بأنها عدوانية ورفضوا العمل معها، أما ردة فعلهم على الشاب فكانت بأن لديه ثقة عالية بنفسه، ووصفوه بالشخص الناجح.

وأضافت الدكتورة راتي حول هذه التحديات، أن حوالي 2% فقط من التمويل في العالم يكون للمرأة، وأن المسؤولين عن توزيع هذا التمويل يؤثّرون بشكل مباشر على ندرة استثماره في بحوث النساء.  ففي دراسة قامت بها راتي جمعت خلالها الأسئلة المطروحة على النساء والرجال في مجال ريادة الأعمال، كانت النتيجة أن أنواع الأسئلة التي كانت تطرح على النساء وعلى الرجال مختلفة تماماً.

حوالي 2% فقط من تمويل مجال العلوم في العالم يذهب للمرأة، والمسؤولون عن توزيع هذا التمويل يؤثّرون بشكل مباشر على قلّة الاستثمار في بحوث النساء

حيث أن الرجال كانوا يُسألون أسئلة إيجابية وترويجية، مثل كيف تريد اكتساب عملاء؟ أو ما هو الحدث الرئيسي الذي ستحصل عليه هذا العام؟ على عكس ذلك، سُئلت النساء أسئلة مدرسية، مثل كم عدد المستخدمين النشطين يومياً وشهرياً؟ أدت هذه المقابلات إلى فقدان النساء الأمل في هذا المجال، فجميع الأسئلة المذكورة لهم كانت عبارة عن أسئلة حول المسؤولية والأمان، في مقابل ذلك فإن أسئلة الرجال كانت تتمركز حول الأمل والاستمرارية في العمل.

ما الواجب علينا فعله لزيادة دخول المرأة في مجال الستيم؟

بعض الحكومات تعمل على تأنيث التعليم العلمي من خلال تحديد حصّة 40% للفتيات في المجالات العلمية، لكن هذا ليس كافياً، إذ لا يمكن "رقمنة" الاقتصاد بدون نصف المجتمع.

إن عمل مارجريت هاملتون، أول مهندسة كومبيوتر في التاريخ، هو ما سمح بوصول "الرجل" حرفياً إلى سطح القمر، كما أن كاتي بومان، هي من قامت بتطوير الخوارزمية التي سمحت لنا بالحصول على أول صورة لثقب أسود

أشارت الدكتورة فلورنس، المديرة التنفيذية في مركز ابتكار البيانات، في معهد علوم البيانات في جامعة كولومبيا، للعديد من الخطوات والنصائح التي يمكن للشابات الراغبات بدخول هذا المجال اتباعها. فمن أهم الخطوات التي يجب اتباعها من قبل الشركات ومراكز البحث والتكنولوجيا هو إدراج التنوع في الموظفين، وتأمين فرص للنساء تحديداً، في العديد من المناصب، من دورات التدريب حتى منصب المدير. أثنت الدكتورة راتي على هذه الفكرة وناشدت أخصائيي التوظيف ومدراء الشركات للبحث عن أشخاص مختلطين متنوعين، وإعطاء المرأة الفرصة للتعلم وإثبات جدارتها، وإن لم تكن مستعدة جيداً.
أما على الصعيد الشخصي، فقد دعمت الدكتورة فلورنس الشابات بالكثير من النصائح من تجربتها الشخصية منها:
- التخطيط لحياتكِ لتحقيق هدفكِ.
- لا تنتظري أن يخبرك أي شخص آخر بما يجب عليكِ فعله.
- حددي أهدافكِ وادرسي واقعكِ ثم اكتشفي كيفية الوصول إليها.
- قومي بتطوير مهاراتك القيادية وقيادة الفريق وقيادة المجتمع ومهارات الاتصال والتعبير عن أفكارك والتحدث في الندوات.
- ادعمي وابني مهاراتك الفنية في مجالك باستمرار، وذلك بتتبع ما هو جديد، وفي مجالات أخرى، مثل المهارات التجارية والمالية التي ستقومين باستخدامها في العمل.

إن وجود المرأة في جميع مجالات العمل هو أمر مهم جداً لما يضيفه من تنوع وغنى في المعلومات، وفي مجال كسر الاحتكار والأهم أن ذلك يعزز ثقافة الإبداع القائم على المساواة 

وركزت الدكتورة فلورنس على التواصل مع مدربين ورواد في مجال العلوم والتكنولوجياـ فجميع النساء في هذا المجال جاهزات لمساعدة الشابات وتدريبهن وإعطائهن النصائح والإرشادات اللازمة للوصول إلى أهدافهن.

وطالبت فلورنس الشابات بعدم فقدان الأمل، والنظر إلى وجودهن في مجال الستيم على أنه ممكن وغير مستحيل، ويمكن صنع هذا الأمل بالنظر للنساء الرائدات في هذا العالم، فكما استطعن الوصول فأنت أيضاً تستطيعين. إن عمل مارجريت هاملتون، أول مهندسة كومبيوتر في التاريخ، هو ما سمح بوصول "الرجل" حرفياً إلى سطح القمر، كما أن كاتي بومان، هي من قامت بتطوير الخوارزمية التي سمحت لنا بالحصول على أول صورة لثقب أسود.

إن وجود المرأة في جميع مجالات العمل هو أمر مهم جداً لما يضيفه من تنوع وغنى في المعلومات والإنتاج، وعلى الهرمية في السلطة المعرفية التي لازالت مسيطرة حتى اليوم، كي تصبح النساء  رائدات في كافة المجالات لتحقيق أحلامها بدون عوائق، فكما قالت الشخصية الرائدة جاستيس روث بادر جينسبيرغ: "تنتمي المرأة إلى جميع الأماكن التي تتخذ فيها القرارات. لا ينبغي أن تكون المرأة هي الاستثناء". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image