هذا كل ما قالته كريستيان آمانبور، مقدمة  البرامج ومراسلة شبكة الأخبار الأمريكية CNN، نهاية الأسبوع الماضي، ليستشيط الإسرائيليون غضباً ويطالبوا الشبكة المعروفة بانحيازها الطويل الأمد إلى اليهود بـ"اعتذار فوري وعلني" وكأن حتى ذكر جرائم الزعيم النازي أدولف هتلر صار حكراً على إسرائيل واليمين المتطرف.

كان حديث المذيعة البريطانية من أصل إيراني في معرض كلامها على ذكرى أحداث "ليلة البلور (الكريستال)" التي شهدت مذبحة ضد اليهود في ألمانيا والنمسا ليلة 9/ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1938، وأدت إلى مقتل 91 شخصاً وحرق/ تدمير مئات المعابد والمتاجر التي يملكها اليهود.

بعد تشبيهها سياسة ترامب بمذبحة نازية... مطالبات إسرائيلية لمذيعة بريطانية من أصل إيراني تعمل في "سي أن أن" بالاعتذار "العلني والفوري"، وسط اتهامات بـ"استخدام ذكرى الهولوكوست من أجل إحداث صدمة رخيصة وتعزيز أجندة سياسية"

لكن برغم تعظيمها شأن تلك الجريمة، رأى الإسرائيليون أن المقارنة بين ما جرى تلك الليلة وما فعله ترامب في ولايته بالقوى الأعظم في العالم تمثل "تهويناً من شأن الهولوكوست".

مطالبة بالاعتذار

 في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، قالت "تايمز أوف إسرائيل" إن وزيرة الشتات الإسرائيلية عومر يانكيليفيتش بعثت برسالة إلى رئيس "سي أن أن" جيفري زوكر، في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، حثته فيها على ضرورة أن تقدم آمانبور "اعتذاراً فورياً وعلنياً" عن "المقارنة غير المقبولة" التي أجرتها.

وكتبت الوزيرة في رسالتها: "نجد هنا التكافؤ الخاطئ بين تصرفات رئيس أمريكي حالي والفظائع التي ارتكبها النازيون قبل 82 عاماً، بما يقلل من شأن المأساة الهائلة للمحرقة".

وشددت على أن "ليلة البلور" المعروفة على نطاق واسع بأنها "نقطة انطلاق مركزية للهولوكوست"، متهمةً آمانبور بالتقليل من "الأهمية الفريدة للمحرقة" من خلال مقارنتها بإدارة ترامب لبلاده.

وحذرت من أن "تشويه الهولوكوست أكاذيب مؤسفة لا تشجع إلا الأصوات الشريرة المعادية للسامية".

ونددت في الوقت نفسه بـ"استخدام ذكرى الهولوكوست من أجل إحداث صدمة رخيصة وتعزيز أجندة سياسية"، معتبرةً ذلك "أمراً مقلقاً للغاية ومهيناً للحقائق التاريخية والأخلاقية" وقد "يؤدي إلى آثار خطيرة".

وختمت بالإشارة إلى أنه "مع استمرار تزايد معاداة السامية في جميع أنحاء العالم، تتوقع إسرائيل أن تكون CNN شريكة في الجهود العالمية لمكافحة هذا المرض الخطير، وليس لتأجيج ألسنة اللهب".

برغم تعظيمها شأن ذكرى "ليلة البلور"، شحذ الإسرائيليون سكاكينهم على كريستيان آمانبور، معتبرين أن مقارنة ما جرى لليهود تلك الليلة قبل 82 عاماً بما فعله ترامب خلال حكمه "تهوين من شأن الهولوكوست"... وكأن ذكر جرائم هتلر صار حكراً على إسرائيل واليمين المتطرف

"إهانة للمحرقة ولضحايا الفظائع النازية"

في غضون ذلك، أرسلت الدبلوماسية الإسرائيلية، عنات سلطان دادون، التي تشغل منصب القنصل العام لأتلانتا حالياً، رسالة إلى ريتشارد ديفيس، نائب الرئيس التنفيذي للمعايير والممارسات الإخبارية في الشبكة، أعربت فيها عن استيائها من مقارنة آمانبور.

ورد في الرسالة: "استخدام آمانبور للذكرى 82 من ليلة البلور لغرض هذه المقارنة هو إهانة لذكرى المحرقة وأولئك الذين لقوا حتفهم والذين عانوا من هذه الفظائع التي لا يمكن تصورها". وأضافت سلطان أنها "شعرت بخيبة أمل كبيرة" من تعبير المذيعة التي حثتها وصاحب عملها على "نشر اعتذار".

علاوةً على ما سبق، لم تهدأ الانتقادات بشأن ما قالته آمانبور. رأى غلين غرينوالد، الكاتب والصحافي الحائز جائزة "بوليتزر"، عبر تويتر، أن أحداث الهولوكوست "أصبحت ألعاباً للصحافيين، الذين يلقون التفاصيل أحياناً، ويستخدمونها ويستغلونها ليجعلوا أنفسهم يشعرون بأنهم أكثر أهمية مما هم عليه، ولزيادة الخوف"، مؤكداً أن ذلك "بغيض ومهين". 

وغرد مجلس الشؤون العامة اليهودي (OJPAC): "حقير. آمانبور تقارن بين رئيس الولايات المتحدة ومذبحة نازية قتل فيها عشرات اليهود".

ولم ترد آمانبور أو "سي أن أن" التي لديها تاريخ من الانحياز ومحاولات الإرضاء للإسرائيليين وفي الوقت نفسه حوادث متكررة من التضييق على موظفيها العرب، على الانتقادات حتى نشر هذه السطور.