"عندنا خدامة كل يوم تعمل موال، مرّة مو حابة تشتغل، ومرّة جيبولي جوّال.
مرّة تهرب من الحوش، ومرّة نجيبها من الحارة، بابا يعمل معها هواش، والماما معها محتارة".
هذا مقطع من أغنية "الخدامة" التي أطلقتها قناة "كراميش" الفضائية، وهي قناة موجهة للأطفال تُعرّف نفسها بأنها "متخصصة بالفن الهادف لتعليم الطفل والترفيه عنه"، وهي متوافرة على يوتيوب أيضاً (لديها تسعة ملايين مشترك).
يبدأ الكليب الذي أثار غضباً واسعاً على ساحات التواصل الاجتماعي لما يحمله من إساءة للعاملات المنزليات بإظهارهن بصورة الضعيفات اللواتي لا يردن العمل وكثيرات الشكوى والتذمّر، يبدأ بقول لعاملة منزلية: "أنا ياخد تيكيت عشان يروح خليج بس أنا ما يبي يشتغل. أنا يبي هروب، أبي هروب. بابا أنا يبي فلوس بنتي مريضة متعوس. يستغل (أشتغل) ليل نهار لازم يحول دولار، حول دولار، يا بابا، حول دولار، يا بابا".
ومما تقول الطفلة المؤدية للعمل في الكليب: "بابا يوديها المكتب نقول تعدل الحال، تاني يوم تبكي شغل عيال".
ولأسباب غير معلومة، يظهر في الكليب عدد من الأقزام، وهم يصفقون للطفلة المؤدية، ويقرع أحدهم الطبل.
تأتي هذه الأغنية وسط مطالب في عدد من الدول العربية بإلغاء نظام الكفالة الذي يتعارض مع حقوق الإنسان، ووسط تقارير من مختلف الدول عن إهانات تتعرض لها عاملات منزليات، وسلب أدنى حقوقهنّ مثل التواصل مع العائلة أو تسلّم الراتب في الوقت المحدد أو تعيين دوام عمل، والنوم في مكان آمن.
وبعدما احتج روّاد التواصل الاجتماعي على محتوى الكليب، خاصةً أنه موجه لجيل المستقبل، أعلنت قناة "كراميش" في 15 تشرين الثاني/نوفمبر سحب الكليب من قناتها بدون تقديم أي اعتذار، قائلةً في بيان:
"تنويه: نزولاً عند رغبة المشاهدين الكرام تم إيقاف كليب (الخدامة) من شاشة كراميش وإيقافه من اليوتيوب أيضاً وبسبب الهجمة الكبيرة التي تمت خلال الـ24 ساعة الماضية، آملين أن نقدم أعمالاً جديدة، ولكم كل الشكر والتقدير".
"عندنا خدامة كل يوم تعمل موال، مرّة مو حابة تشتغل، ومرّة جيبولي جوّال. مرّة تهرب من الحوش، ومرّة نجيبها من الحارة، بابا يعمل معها هواش، والماما معها محتارة"... هذا مقطع من أغنية اسمها "الخدامة"، وموجهة للأطفال!
"يعتقد أن عنصريته ستروقنا"
وتداول روّاد التواصل أن هذه القناة أردنية، وأن الأغنية من "كلمات وألحان مدير القناة الأردني وسيم عواد وأداء ابنته زينة". وتتضمن الأغنية سخرية من أهل الخليج على اعتبار أن اللهجة المتبعة في الأغنية خليجية، كما ذُكر الخليج فيها.
على ذلك علّق معارضون: "كون القناة تبث من الأردن فهذه إساءة للنشامى، وكون صاحبها يعتقد أن عنصريته هذه ستروقنا في الخليج فهذه إساءة لشعوب ست دول. فحبذا لو تتضافر جهودنا لاتخاذ اجراءات قانونية/شعبية تجاه القناة".
وطالب آخرون بمحاسبة القناة التي تشوه وعي الأطفال بنشرها "القيم الفاسدة التي تزرعها في عقولهم"، معتبرين أنها "مليئة بقلة الاحترام والعنصرية والتحريض ضد العاملات المنزليات".
ومما قيل تعليقاً على الكليب: "لديّ الكثير من الأسئلة…".
"كون القناة تبث من الأردن فهذه إساءة للنشامى، وكون صاحبها يعتقد أن عنصريته هذه ستروقنا في الخليج فهذه إساءة لشعوب ست دول. حبذا لو تتضافر جهودنا لاتخاذ اجراءات قانونية/شعبية تجاه القناة"
"لازم فضحهم بالأسامي"
كذلك شاركت شخصيات عامة في الاحتجاج على محتوى كهذا. قالت الإعلامية إميلي حصروتي: "مش معقول الهبوط إلى هذا المستوى، مين رخّص هذه القناة؟ ومين أنتج هيك عمل، لازم فضحهم بالأسامي".
واعتبرت الصحافية ليال حداد أن هذا الفيديو قد يوضح بعض أسباب انتشار "العنصرية ضد العاملات المنزليات الأجنبيات بالعالم العربي، ولماذا يوجد تطبيع شبه تام من المجتمعات مع تعنيف العاملات المنزليات الأجنبيات وتهميشهن والتعامل معهن كعبيد".
وقالت الإعلامية ليليان داود: "أنا متضايقة من الفيديو لدرجة مش قادرة علق... وإذا علقت أكيد هيكون شتايم".
واعتبر الصحافي محمود غزيّل أن سحب الأغنية "انتصارات صغيرة جميلة لمجتمع عربي واع يتصدى للأفكار البالية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...