شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"لن يؤدي رقصة السيف في الرياض"... هل يمثل بايدن "كابوساً" فعلياً لبن سلمان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 9 نوفمبر 202005:57 م

"الشيء الوحيد الأسوأ من Covid- 19 هو Biden-20"... بهذه الكلمات علّق سعوديون على إعلان وسائل إعلام أمريكية انتصار المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، في رد فعل يعكس حالة القلق لدى الرياض من خسارة الرئيس دونالد ترامب.

يرجع القلق إلى وجود مخاوف سعودية من تعهد بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع المملكة، ومساءلة الرياض عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي وإنهاء أي دعم أمريكي للحرب في اليمن.

ومع ذلك، يشير مسؤولون سعوديون إلى أن المملكة ستتعايش مع إدارة بايدن المقبلة، على اعتبار أنها "تتعامل مع مؤسسات الدولة"، فيما أشار عدد من المحللين إلى أن ترامب كان قد أدلى بتصريحات أكثر حدة قبل انتخابات عام 2016.

بايدن والسعودية

على مدار اليومين الماضيين، انتظرت السعودية نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية بقدر من القلق، إذ يتخوف ولي العهد محمد بن سلمان من صدام محتمل مع الحزب الديمقراطي.

بحسب تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" للكاتب الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، فإن فوز جو بايدن يعني نهاية "الحصانة" التي منحتها إدارة ترامب للسعودية في العديد من القضايا مثل سجل حقوق الإنسان والحرب في اليمن.

يضيف الكاتب الأمريكي: "لدى ولي العهد كل الأسباب للقلق. لقد تلاعب بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر جيداً، وأقنعهما بأن السعودية مستعدة لشراء أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات، وسوف تعارض إيران وتتواصل مع إسرائيل، في مقابل الحصول على تفويض لفعل أي شيء تريده في المنطقة".

في 2018، أفادت تقارير صحافية أن بن سلمان تفاخر أمام ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بأن كوشنر "في جيبه".

"القيادة السعودية قلقة من قيام إدارة بايدن والكونغرس المعادي لها بإجراء مراجعة كاملة للعلاقات، بما في ذلك إعادة تقييم العلاقات الدفاعية"... مخاوف سعودية من تعهد بايدن بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع المملكة ومساءلة الرياض عن مقتل خاشقجي وحرب اليمن

وكمثال على الاطمئنان السعودي لوجود ترامب في البيت الأبيض، ففي قضية مقتل خاشقجي الوحشي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول عام 2018، قال ترامب بعد أسبوعين من الجريمة إنه ربما قُتل على يد "مأجور مارق"، وهي رواية كانت تتماشى مع الطرح السعودي في ذلك الوقت.

في المقابل قال ميلر: "من غير المرجح أن يتماشى الرئيس جو بايدن مع السعودية، فقد وصف البلاد بأنها منبوذة، ودعا إلى إنهاء ‘الحرب الكارثية‘ في اليمن، وحث على إعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة بالرياض".

وكان بايدن قد أعلن في كلمة له في مجلس العلاقات الخارجية العام الماضي أنه "يجب تحديد أولويات أمريكا في الشرق الأوسط في واشنطن وليس في الرياض".

في ظل حكم الرئيس الجديد، يبدو أن أولوياته ستكون تهدئة التوترات مع إيران من خلال العودة إلى الاتفاق النووي الذي وُقّع في عهد أوباما عندما كان يشغل بايدن نفسه منصب نائب الرئيس، مع تجنب الصدام مع إسرائيل.

وقال ميلر إن "ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد الذي يظهر أنه أقل تهوراً من محمد بن سلمان، سيكون شريكاً موثوقاً به من الولايات المتحدة أكثر من نظيره السعودي".

"ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد الذي يظهر أنه أقل تهوراً من محمد بن سلمان، سيكون شريكاً موثوقاً به من الولايات المتحدة أكثر من نظيره السعودي".

وأضاف: " قد تدفع سياسة بايدن السعودية إلى توسيع العلاقات مع الصين، خاصة في ما يتعلق بالملف النووي، أو ربما تستعير صفحة من الإمارات وتُسرّع التطبيع مع إسرائيل في محاولة لكسب ود واشنطن، لكن مهما فعلت، لن تكون السعودية محبوبة واشنطن بعد الآن".

في هذا السياق، رجّج نيل كويليام، الزميل المشارك في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية البريطانية، لوكالة "رويترز" أن تسعى إدارة بايدن إلى التعبير في وقت مبكر عن استيائها من السياسات الداخلية والخارجية السعودية.

وقال: "القيادة السعودية قلقة من قيام إدارة بايدن والكونغرس المعادي لها بإجراء مراجعة كاملة للعلاقات، بما في ذلك إعادة تقييم العلاقات الدفاعية، وبالتالي من المرجح أن تصدر أصواتاً وتحركات إيجابية نحو إنهاء الصراع في اليمن".

وتظهر تعليقات المعارضين السعوديين أنهم يأملون أن تضغط إدارة بايدن على المملكة للإفراج عن المعتقلين في الرياض وتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

وقال عبد الله العودة، ابن الداعية الإسلامي سلمان العودة المعتقل منذ أيلول/ سبتمبر 2017، لمجلة "التايم" الأمريكية: "آمل أن تتمكن الإدارة الجديدة من المطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين"، مضيفاً "ما أنا متأكد منه هو أن إدارة بايدن لن تكون متوافقة ومحبوبة مع المملكة العربية السعودية كما كان ترامب".

من جانبها، قالت لينا الهذلول، شقيقة الناشطة السعودية المعتقلة لجين الهذلول، للمجلة إن "لا شك لديها" أن السلطات السعودية كانت ستعامل شقيقتها بشكل مختلف لو أثارت إدارة ترامب أي اعتراض حول قضيتها.

وأضافت: "الشيء الوحيد الذي يسمح لهم بتجاهل كل الضغوط الدولية هو أن البيت الأبيض لم يتحدث عنها، ولم يعط رسالة واضحة للسعوديين تخبرهم بأنهم لا يوافقون على ذلك".

"توتر سطحي"

في المقابل، يستبعد عدد من المحللين أن تفشل العلاقات السعودية الأمريكية أو تتراجع بقدر كبير في ظل إدارة بايدن، ويدللون على ذلك بأن حرب اليمن بدأت في عهد أوباما.

في تقرير نشرته "التايم"، في 30 تشرين الأول/أكتوبر ، قال الكاتب جوزف هينكس: "من الناحية العملية... كان بايدن نائباً للرئيس، حين دعمت إدارة أوباما حرب المملكة في اليمن وباعت أسلحة للمملكة أكثر من أي من أسلافه الجمهوريين أو الديمقراطيين".

ويقول المدير التنفيذي في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (بوميد) ستيفن ماكينيرني: "أعتقد أنه سيكون هناك بعض الجدل الدولي بين أولئك الذين يريدون تغييراً حازماً للغاية في العلاقة الأمريكية السعودية وأولئك الذين سيكونون أكثر حذراً، النهج الأكثر حذراً سيكون متماشياً مع التوترات التاريخية التي شهدتها علاقات البلدين". 

في المقابلات الأخيرة، قالت عدة مصادر دبلوماسية واستخباراتية لـ"رويترز" إنه من غير المرجح أن يقلب بايدن العلاقات الأمريكية مع السعودية، لكنه قد يضع شروطاً أقوى على الدعم الأمريكي، منها المطالبة بتنازلات عامة مثل إطلاق سراح المدافعات عن حقوق المرأة.

وقلّل مصدر سياسي سعودي، في حديثه لـ"رويترز"، من خطورة حدوث خلاف بين المملكة والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن علاقات الرياض مع واشنطن تاريخية، فيما لدى المملكة "القدرة على التعامل مع أي رئيس لأن الولايات المتحدة بلد مؤسسات وهناك الكثير من العمل المؤسسي بين السعودية والولايات المتحدة".

واعتبر أن العلاقات السعودية الأمريكية عميقة ومستدامة واستراتيجية، وليست عرضة للتغيير بسبب تغير الرئيس.

في هذا السياق، وصف المحلل السعودي على الشهابي، في تغريدة له على تويتر، الحديث حول توتر سعودي مع إدارة بايدن بـ"السطحي"، مشيراً إلى أن ترامب أدلى بـ"تصريحات فظيعة" ضد الرياض في حملته الرئاسية لعام 2016، لكن عندما أصبح رئيساً كان حليفاً للمملكة.

"أعتقد أنه سيكون هناك بعض الجدل الدولي بين أولئك الذين يريدون تغييراً حازماً للغاية في العلاقة الأمريكية السعودية وأولئك الذين سيكونون أكثر حذراً، النهج الأكثر حذراً سيكون متماشياً مع التوترات التاريخية التي شهدتها علاقات البلدين"

وأضاف: "عندما تكون رئيساً يتعين عليك الالتزام بالمصالح الإستراتيجية لبلدك على الرغم من ضجيج النقاد".

وتابع المحلل السعودي: "لا يتوقع أحد أن يسافر بايدن أولاً إلى الرياض ويؤدي رقصة السيف، لكنه يحتاج إلى السعودية كي يسوق لصفقة إيرانية جديدة، ودعم مكافحة الإرهاب، واستقرار سوق النفط، حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وبرأيه، فإن السعودية سوف تتعايش مع إدارة بايدن التي ستقودها المصالح الأمريكية، وليست تصريحاته في مناظرة انتخابية أمام 6 مرشحين جميعهم على يساره، وقد قال ترامب أسوأ منها كثيراً في 2016.

تأخر التهنئة

كانت السعودية آخر دولة خليجية تقدم تهنئتها للرئيس الأمريكي المنتخب، فبعد مرور 24 ساعة على إعلان وسائل الإعلام الأمريكية بايدن فائزاً في الانتخابات الرئاسية، هنأت السعودية الرئيس الجديد عبر برقيات بعث بها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان.

وقالت وكالة الأنباء الحكومية إن الملك السعودي وولي عهده بعثا ببرقيات تهنئة لبايدن ونائبته كامالا هاريس، أشادا فيها بـ"العلاقات التاريخية التي يسعى الجميع لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة".

أثار تأخر السعودية عن باقي دول الخليج في التهنئة تكهنات عديدة بأن المملكة تعمل على دراسة الموقف أولاً.

وكتب الباحث المختص في الشأن الخليجي بدر السيف، تغريدة على تويتر، عن تأخر التهنئة قال فيها: "معظم دول المنطقة هنأت بايدن… ولا تعليق من السعودية حتى الآن".

وأضاف السيف: "يشير البعض لعدم استعجال المملكة في هذه الأمور خاصة وأن تهنئتها لتنزانيا البارحة أتت بعد أيام من الانتخابات، لكن العلاقة مع أمريكا ليست بحجم تنزانيا".

وأرجع السيف تأخر التهنئة إلى أن "ترامب كان شريكاً قوياً للسعودية"، مضيفاً أن "المملكة ستستطيع التعامل مع الديمقراطيين كما فعلت مراراً في الماضي، وإيران والحرب في اليمن أولى بالونات اختبار الرياض مع الإدارة الجديدة". وبرأيه، فإن مواقف الطرفين معروفة ومدى قدرة استيعاب الأطراف لبعضها البعض سيؤطر لما هو قادم.

من جانبها، رأت الباحثة الإيطالية سينزيا بيانكو، في تغريدة لها على تويتر، أن الخلفيات السياسة هي التي أخّرت التهنئة وليس البروتوكول.

وأشارت إلى أن الرياض أجرت حساباتها وتفضيلاتها بسرعة، ومن المتوقع أن يكون هناك المزيد من أعمال الموازنة بين بايدن وترامب حتى كانون الثاني/ يناير المقبل.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard