منذ الإعلان عن اتفاقية تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، خرجت تقارير عدة تناولت الدور الذي لعبه القيادي الفلسطيني المقيم في أبو ظبي محمد دحلان في هذا الإطار.
وذكرت التقارير أن دحلان المقيم في دولة الإمارات منذ فراره من الضفة الغربية بسبب الملاحقة الأمنية له من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يشعر بالإحباط إلا أنه لا يزال يعمل على الانتقام من عباس.
آخر هذه التقارير ما نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، في 30 تشرين الأول/ أكتوبر، للكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جوناثان فيرزيغر، والذي كشف عن حجم انخراط دحلان في صياغة اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وعن العلاقة الشخصية الذي تربطه بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
بحسب تقرير المجلة الأمريكية، فإن دحلان وجد في الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي فرصة للانتقام من خصمه محمود عباس الذي داهم منزله في 2011، ودفعه للعيش في المنفى في الإمارات.
وعلى مدى السنوات التسع الماضية، أقام دحلان علاقة وثيقة بشكل غير عادي مع بن زايد الذي منح القيادي الفلسطيني ملاذاً عندما فر من عباس. ووفق الكاتب الأمريكي، جعلت هذه الصداقة يد دحلان مؤثرة - وإن لم تكن مرئية - في صياغة اتفاقيات التطبيع.
وقال فيرزيغر: "يعتبر دحلان مهندساً وراء الكواليس للموقف الإماراتي الذي يضغط على عباس البالغ من العمر 84 عاماً ويجعله في مواقف محرجة"، ومنها على سبيل المثال، حين وجد الرئيس الفلسطيني نفسه مضطراً لرفض طائرتين إماراتيتين تحملان مساعدات للفلسطينيين في أزمة كورونا، لأن الإمارات سلمتها عبر مطار بن غوريون في تل أبيب.
في المقابل، سخر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب من الحديث عن دور دحلان في اتفاقيات التطبيع، قائلاً: "القائد دحلان يُعتبر أكبر عدو لتنظيم الاخوان المسلمين، لذلك سخّر هذا التنظيم كل إمكانياته المالية والإعلامية لمواجهته، حتى أصبحنا نشعر أن دحلان أقوى رجل في العالم ويتحكم في كل أجهزة الكون".
وقال الرقب الذي ينتمي لتيار "الإصلاح الديمقراطي" في حركة فتح إن "عملية شيطنة دحلان عملية كبيرة وطويلة لأنهم يعتقدون أنه أفشل كل مخططاتهم، لذلك كانت ماكينات الإخوان الاعلامية ومن ضمنها قطر وجزيرتها وبعض الكتاب المأجورين يستغلون أي حدث في العالم ليعزوه لدحلان حتى أصبح شماعة فشلهم".
على مدى السنوات التسع الماضية، أقام دحلان علاقة وثيقة بشكل غير عادي مع بن زايد الذي منح القيادي الفلسطيني ملاذاً عندما فر من عباس. ووفق تقرير نشرته "فورين بوليسي"، جعلت هذه الصداقة يد دحلان مؤثرة - وإن لم تكن مرئية - في صياغة اتفاقيات التطبيع
ولفت الرقب إلى أن دحلان انقلب عليه حليفه محمود عباس وكاد أن يغتاله عام 2011، فوجد مكاناً له في الإمارات وأصبح صديقاً لولي عهدها، وبذلك أصبح معرضاً للاستهداف بشكل أكبر، مشيراً إلى أنه تم التحريض عليه بأنه خلف التطبيع العربي الإسرائيلي خاصة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل رغم أنه أعلن عن موقفه ضد عملية التطبيع قبل قيام الدولة الفلسطينية.
بالعودة إلى تقرير "فورين بوليسي"، فإن دحلان الذي لعب دوراً مؤثراً في تقديم المشورة للإمارات حول كيفية التعامل مع القيادة الفلسطينية، يبدو نجمه السياسي باهتاً حالياً.
واستند التقرير إلى أن فصيل دحلان داخل فتح، وهو تيار "الإصلاح الديمقراطي"، أصدر بياناً رفض فيه اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، ومع ذلك أُحرقت صورة دحلان وصديقه بن زايد في احتجاجات شهدتها الشوارع الفلسطينية ضد صفقة التطبيع الإماراتية مع إسرائيل، وتعرض العديد من شركائه في الضفة الغربية إلى الاعتقال.
يتواصل دحلان الذي تقول "فورين بوليسي" إنه يشعر بالإحباط بشكل ضئيل مع الرأي العام الفلسطيني على تويتر، لكن لديه عدة قنوات تلفزيونية تتحدث باسمه منها فضائية الغد الإخبارية.
ولم يُشاهد دحلان منذ عام 2011 داخل حدود الضفة الغربية وغزة، لكن زوجته جليلة تحاول بناء قاعدة شعبية له من خلال زيارات خيرية دورية إلى غزة، تتضمن تنظيم حفلات زفاف جماعية.
ومع ذلك قال فيرزيغر إن دحلان لا يزال "حصاناً أسود"، ومن المرشحين الذين يظهرون باستمرار في المشهد لخلافة عباس، لافتاً إلى أن دحلان تودد في السابق إلى واشنطن كخليفة محتمل للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مشيراً إلى أن الإدارات الأمريكية المتتالية تقع في حبه، بدءاً من رؤسائها بيل كلينتون، ثم جورج دبليو بوش والآن دونالد ترامب.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، قال السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريديمان إن الإدارة الأمريكية تفكر في القيادي الفلسطيني كزعيم للفلسطينيين.
وفي عام 2018، كشف تقرير لـ"مركز القدس للشؤون العامة" الإسرائيلي أن دحلان تمكن من إقامة معسكرات مسلحة في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ولبنان، وذلك في إطار جهوده ليصبح الرئيس "بأي ثمن".
من هو دحلان؟
ولد دحلان البالغ من العمر 59 عاماً في مخيم خان يونس للاجئين، ونشأ كواحد من القادة الشباب للانتفاضة الفلسطينية عام 1987 ضد إسرائيل.
سُجن دحلان خمس سنوات في إسرائيل حيث تعلم اللغة العبرية خلالها، ثم قامت إسرائيل بترحيله إلى الخارج، فتعرف على عرفات واكتسب ثقته عندما كان مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس.
"دحلان يُعتبر أكبر عدو لتنظيم الإخوان المسلمين لذلك سخّر هذا التنظيم كل إمكانياته المالية والإعلامية لمواجهته، حتى أصبحنا نشعر أن دحلان أقوى رجل في العالم"... يرد مدافعون عن دحلان بالتقليل من حجم دوره الذي تناولته تقارير عدة حول اتفاقية التطبيع مع الإمارات
بعد عودته إلى الأراضي الفلسطينية عام 1993، قاد دحلان حركة فتح في غزة، حيث ترأس الجهاز الأمني في القطاع، وكان ذراع عرفات ضد المعارضة في حركة حماس.
توترت علاقته مع عرفات قبل رحيله، وكان الأخير يريد الإطاحة به، لكن محمود عباس أصر على تعيينه في حكومته وزيراً لشؤون الأمن خلافاً لرغبة الرئيس الفلسطيني في ذلك الوقت.
وبعد وفاة عرفات عام 2004، اشتبك دحلان مع عباس الذي رآه منافساً سياسياً يحتاج لأن يبقى مقيداً في الظل. وحمّل عباس دحلان مسؤولية فشله عام 2007 في إخماد التمرد العنيف الذي قادته حماس ضد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة للسيطرة على قطاع غزة.
في عام 2014، دانت محكمة فلسطينية دحلان غيابياً بتهمة "التشهير بعباس" وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين. وبعد عام، حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات أخرى بتهمة الاختلاس.
في الآونة الأخيرة، عُرف دحلان بدوره في ترتيب صفقات تجارية وسياسية من شمال إفريقيا حتى أوروبا الشرقية، ومن أهم الصفقات التي كان له دور فيها هي إنقاذ الإماراتيين الخطوط الجوية الصربية عام 2013، ثم ضخ استثمارات في التطوير العقاري بقيمة 3 مليارات دولار على الواجهة البحرية في بلغراد، وهو ما منحه مع عائلته الجنسية الصربية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...