عقب شهر من اختفائه قسرياً والمناشدات لإجلاء مصيره، أكد مسؤول تركي أن وكالة المخابرات في بلاده اعتقلت الصحافي الفلسطيني الأردني أحمد الأسطل للاشتباه في تجسسه لمصلحة الإمارات، المنافسة الإقليمية لتركيا، في خطوة تسلط الضوء على التنافس بين الحكومتين الذي اتسم بالمكائد واشتداد حدة التوتر العام.
قبل نحو شهر، أبلغت عائلة الأسطل (45 عاماً)، الذي كان يعمل في الإمارات قبل أن ينتقل للعمل في وكالة الأناضول التركية الرسمية، عن "خطفه بطريقة جبانة"، مشددةً على أنه "صحافي حر، ومثال للاستقامة والنزاهة، واختطافه جريمة خسيسة لن تمر دون عقاب". كما طالبت السلطات التركية بالعمل الجاد والسريع للكشف عن مكانه، ووزارة الخارجية الفلسطينية لبذل جهودها بغية العثور عليه بالسرعة الممكنة.
وتعددت مناشدات العائلة التي تستقر في خان يونس (جنوب قطاع غزة)، ونقابة الصحافيين الفلسطينيين، والوقفات التضامنية المنددة بخطف الصحافي وإخفائه وعجز السلطات التركية عن كشف من قام بذلك.
"خطوة تبرز تنافس الحكومتين واتسامه بالمكائد واشتداد حدة التوتر العام"... مسؤول تركي يعترف بتوقيف المخابرات العامة في بلاده الصحافي الفلسطيني الأردني أحمد الأسطل متهمةً إياه بالتجسس لمصلحة الإمارات
"اعترف بالعمل للإمارات"؟
في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، قال مسؤول تركي، لـ"واشنطن بوست" الأمريكية، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن الأسطل في قبضة المخابرات التركية التي تتهمه بالتجسس لمصلحة الإمارات، وإنه "اعترف بالعمل في الإمارات". كما أشار إلى أن محاكمته من المتوقع أن تبدأ هذا الأسبوع.
وأضاف أن عمل الأسطل، الذي يشرف عليه موظفون إماراتيون قال إنه يعرفهم بأسماء مستعارة، تضمن الإبلاغ عن "التطورات السياسية التركية، ومراقبة المعارضين العرب الذين يعيشون في المنفى".
تركيا والإمارات تتنافسان على النفوذ الإقليمي على مدار عقد من الزمن، ورؤيتاهما الأيديولوجيتان متعارضتان إلى قضايا المنطقة. برز النزاع بينهما بشأن دعم تركيا حركات الإسلام السياسي، التي تراها الإمارات تهديداً إقليمياً. كما تدخلت البلدان في ليبيا، وقدمت كل منهما الدعم العسكري لأحد طرفي الصراع في الحرب الأهلية.
والأسطل ليس أول شخص يعتقل في تركيا بتهمة التجسس لمصلحة الإمارات، وإنما الثالث خلال عامين. في نيسان/ أبريل عام 2019، اعتُقل رجلان بتهمة جمع معلومات عن الفصائل الفلسطينية في تركيا. لاحقاً، أعلنت النيابة العامة في إسطنبول العثور على أحدهما، وهو الفلسطيني زكي مبارك، مشنوقاً أمام باب الحمام في زنزانته الانفرادية، قائلةً إن الوفاة تبدو "انتحاراً"، فيما اتهمت أسرته السلطات التركية بتعذيبه وقتله، قائلةً إن جثته كانت "منزوعة اللسان" وأثار ضربات في أنحاء الجسم.
وجاء الإعلان عن اعتقال الأسطل بعد أيام من ورود تقارير صحافية حول مراقبة تركيا أنشطة عدوانية خاصة بها لمصلحة أعداء محتملين في الخارج.
وكانت وكالة "رويترز" أول من أعلن القبض عليه، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن من دون تسميته. ونقلت عن مسؤول تركي كبير أن "المخابرات التركية اعتقلت رجلاً آخر يشتبه في تجسسه على رعايا عرب لمصلحة الإمارات"، موضحةً أنه "اعترف وحصلت السلطات التركية منه على ‘مجموعة من الوثائق‘ تظهر الانتماء الإماراتي".
ولفتت أيضاً إلى أن المعتقل "سافر إلى تركيا بجواز سفر غير إماراتي، وتسلل إلى شبكات المعارضين والصحافيين العرب لسنوات".
"أُجبر على التجسس وهُدد بقطع مصدر رزقه"... المخابرات التركية تزعم أن الصحافي الفلسطيني الذي أبلغت عائلته عن خطفه واختفائه قبل شهر في تركيا "اعترف بالتجسس لمصلحة الإمارات" مقابل 400 ألف دولار أمريكي
"أُجبر على التجسس"
كان الأسطل يعيش على ساحل البحر الأسود في تركيا حتى اختفائه، في أيلول/ سبتمبر الماضي. قال شقيقه حسام في مقابلة إنه لم يكن على علم باعتقال شقيقه، مبرزاً أنه لا يعتقد أن أحمد، الذي عاش في الإمارات حتى انتقاله إلى تركيا عام 2013، كان جاسوساً أو له أي علاقة مع الحكومة الإماراتية.
ونبّه إلى أن الإمارات تعتبر شقيقه معارضاً بسبب دعمه حركة الإخوان المسلمين، متسائلاً: "كيف يمكن اتهامه في هذا الأمر؟" أي التجسس لحساب الإمارات.
لكن النتائج التي توصلت إليها المخابرات التركية - والتي شاركها المسؤول التركي مع "واشنطن بوست"- تشير إلى أن الأسطل، الذي قيل إنه معروف لدى الإماراتيين باسم "أبو ليلى"، أُجبر على التجسس منذ أكثر من عقد.
"نقل معلومات إلى الإمارات عن الصحافيين والمعارضين العرب المقيمين في تركيا، والذين قد يكونون عرضة لجهود التجنيد من قبل المخابرات الإماراتية"، بما في ذلك تسجيلات لقاءات مع معارضين مرتبطين بالإخوان المسلمين.
وقيل أيضاً إنه رفض في البداية عرضاً للعمل لدى المخابرات الإماراتية عام 2008، لكنه تراجع بعد فشل عمليات الفحص الأمني الخلفية عندما تقدم لوظيفة.
وبعد انتقاله إلى تركيا، وفق معلومات المخابرات التركية، "ركز على علاقات تركيا مع العالم الإسلامي، ومبادرات السياسة الخارجية والسياسة الداخلية"، فيما جرى تكليفه كذلك بتحديد ما إذا كانت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي نجت من محاولة انقلاب عام 2016، عرضة لمحاولة أخرى.
وورد أيضاً أنه "نقل معلومات إلى الإمارات عن الصحافيين والمعارضين العرب المقيمين في تركيا، والذين قد يكونون عرضة لجهود التجنيد من قبل المخابرات الإماراتية"، بما في ذلك تسجيلات لقاءات مع معارضين مرتبطين بالإخوان المسلمين.
ووثقت المخابرات التركية، في مناسبة واحدة على الأقل، في ربيع عام 2016، قيام مسؤول استخبارات إماراتي بزيارة الأسطل في تركيا، بينما استمر في التواصل مع "رؤسائه" عن بُعد، عبر برامج الدردشة وبرامج الرسائل المخصصة التي ثبتت على كمبيوتر الأسطل، بحسب المسؤول التركي. مع الإشارة إلى اضطرار الأسطل لـ"التجسس" خوفاً على مصدر رزقه في البداية، وقد دفع الإماراتيون له لاحقاً نحو 400 ألف دولار خلال فترة عمله معهم.
وبينما لم يوضح ملخص ما توصلت إليه المخابرات التركية كيف انتبهت إلى نشاطه المزعوم، قال المسؤول التركي إن الصحافي الفلسطيني الذي يحمل جواز سفر أردنياً مؤقتاً "كان هارباً طوال بضعة أسابيع قبل القبض عليه".
وقد ظهر التهديد الذي يواجهه المعارضون العرب في تركيا بشكل كبير عقب مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول على يد عملاء سعوديين عام 2018.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 8 ساعاتHi
Apple User -
منذ 8 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا