"هذه صورة لتنظيم الدور على الخبز بدمشق. في الواقع هذه صورة سوريا الأسد الحقيقية، الوطن سجن والمواطن بالنسبة للنظام ليس إلا 'حيوان' يعيش بالقفص".
جاءت هذه الكلمات على لسان الناشطة السورية عالية منصور في 28 تشرين الأول/أكتوبر تعليقاً على صورة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لعشرات من المواطنين السوريين الذين يقفون في قفص حديدي أشبه بأقفاص السجون من أجل الحصول على الخبز أمام "أفران ابن العميد" في العاصمة دمشق، وهو ما أثار غضباً واسعاً في الفضاء الإلكتروني إذ اعتبره البعض "إذلالاً للسوريين"، خاصة في ظل أزمات الخبز والمحروقات الخانقة التي شكّلت ظاهرة "الطوابير"، وتفشي فيروس كورونا في البلاد.
لجأت مخابز حكومية إلى نصب الأقفاص لـ"تنظيم الوقوف في طابور الخبز"، إلا أن مدير فرع المؤسسة السورية للمخابز بدمشق نائل اسمندر قال لـصحيفة "الوطن" السورية إنه تقرر إزالة الأقفاص الموضوعة لتنظيم الدور أمام "أفران ابن العميد"، مع طرح حل بديل ومناسب.
وصرّح بأن "المعني بإزالة الأقفاص 'محافظة دمشق' وستتم إزالتها في القريب العاجل جداً"، مؤكداً أن المؤسسة مع أي قرار يصب في خدمة المواطن وأنه سيدرس وضع بقية الأقفاص أمام بعض المخابز في العاصمة واتخاذ حلول مرضية.
وكانت إذاعة "المدينة FM" الموالية قد نشرت الصورة قائلة إن هذه طريقة جديدة متبعة لتنظيم الدور أمام الفرن، طارحةً السؤال الآتي: "كيف تصف هذه الطريقة وهل جربتها؟".
وبعد تلقيها سيلاً من الانتقادات مثل "هل جربتها؟ وكيف تصف؟ الله الله على شغل الإعلام والإذاعات بهالبلد كتير كتير احترافية ونخوة وإحساس عالي ومهنية"، نقلت الإذاعة أن اسمندر يرفض إعطاء تصريح لـ"المدينة FM" ويكتفي بالقول إن "هذه الطريقة هي لتنظيم الدور والفصل بين الرجال والنساء وجنود الجيش، كما لفت إلى أن 'ثقافة الدور' غير موجودة في بلادنا".
وبعد ساعات، نقلت الإذاعة عن مراسلها أن "محافظة دمشق تزيل الأقفاص الموجودة لـ'تنظيم الدور' عند "أفران ابن العميد" وترسم علامات تفصل بين الأشخاص كحلٍ بديل"، مضيفةً أن "الازدحام ما زال مستمراً ويتطلب الحصول على ربطة الخبز ساعة ونصف الساعة تقريباً".
وقامت محافظة دمشق برسم دوائر على الأرض لترك مسافة أمان بين المواطنين للوقوف في المكان المخصص " حفاظاً على السلامة العامة".
"هذه صورة لتنظيم الدور على الخبز بدمشق، في الواقع هذه صورة سوريا الأسد الحقيقية، الوطن سجن والمواطن بالنسبة للنظام ليس إلا 'حيوان' يعيش بالقفص"
"ما وقفت عالقفص"
ومما كتب بسخرية، رداً على سؤال "المدينة FM":
- "كنت أعاني كثيراً في حياتي
حتى جربت طريقة القفص الرائعة
إنها فعلاً اختراع عظيم وجعلني أنا شخصياً أكثر سروراً وراحة بال
حتى شعري عاد للنمو واختفت أثار الصلعة وخسرت بعض الباوندات من وزني
شكرا لطريقة القفص...
وأتمنى أشخاص كثيرة في بالي أن أشاهدها داخل القفص لتريح الشعب المعتر منها".
- "مشان المواطن ما يتراجع عن قراره بشراء ربطة الخبز ويحاول الهرب...".
- "على ما يبدو هذه تجربة جديدة يتم تجريبها في أولى مراحل ترويض البشر على طريقة الحيوانات".
- "عادي جداً لأن بكل الحالات عم يعاملو المواطن كأنو حيوان ما وقفت عالقفص سيد راسي".
"في دمشق ينتظر السوريون في أقفاصٍ كهذه دورهم للحصول على رغيف الخبز! هذا المشهد القاسي على ضمائرنا لم يُحرّك مشاعر العالم العربي كما فعلت الرسوم الكاريكاتورية المُسيئة للرسول! أيّ عالمٍ هذا؟ أين نعيش؟ ومع مَنْ؟"
"أين نعيش؟ ومع من؟"
في سياق متصل، أعربت الناشطة الحقوقية ميساء الشريف عن أسفها لرؤية الصورة وتساءلت عن الأسباب التي تدفع العالم العربي للاحتجاج على رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول بينما لا تتحرك مشاعرها في حال كهذه. كتبت في تغريدة: "في دمشق ينتظر السوريون في أقفاصٍ كهذه دورهم للحصول على رغيف الخبز! هذا المشهد القاسي على ضمائرنا لم يُحرّك مشاعر العالم العربي كما فعلت الرسوم الكاريكاتورية المُسيئة للرسول! أيّ عالمٍ هذا؟ أين نعيش؟ ومع مَنْ؟".
فجاء الرد: "المشكلة فيهم بالمقام الأول فهم يهتفون لبشار"، وهو ما دفع الشريف لتعلّق: "ليش بيسترجوا غير هيك؟!".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...