في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، يعرض متحف ليو ماير للفن الإسلامي في القدس المحتلة 5% من مقتنياته خلال مزاد علني تعقده دار "سوثبيز" الشهيرة للمزادات في لندن، لمواجهة أزماته المالية والاعتراضات داخل إسرائيل.
من 5525 قطعة ثمينة في المتحف، تضم المجموعة المقرر بيعها 268 قطعة، بما في ذلك "أوراق القرآن المبكرة إلى المنسوجات العثمانية، والفخار من جميع أنحاء الأراضي الإسلامية، والأعمال المعدنية المرصعة بالفضة، فضلاً عن نماذج استثنائية من الأسلحة والدروع الإسلامية والسجاد الفاخر". وكذلك ساعات بريغيه النادرة وجملة من المجوهرات الفائقة الجمال والندرة.
تحف إسلامية نادرة
من المقتنيات المقرر بيعها 198 قطعة من الإرث الفني الإسلامي، علاوةً على 74 ساعة وعلبة موسيقية (آلة موسيقية)؛ 35 منها من المجموعة الفريدة للسير ديفيد سالومونز.
ويبلغ الحد الأقصى لسعر هذه العناصر على الموقع الإلكتروني لدار المزادات البريطانية نحو 8.9 مليون دولار أمريكي، لكن الخبراء يقولون إن سعرها قد يرتفع بشدة لدى عرضها لمن يدفع أكثر.
مقابل نحو 15 ألف دولار، يُعرض وعاء خزفي من سوريا إبان عهد دولة المماليك، في القرن 14، ارتفاعه 10 سم وقطره 19 سم. الصحن دائري الشكل وله قدم قصيرة ومزين باللونين الأزرق والأسود وزخرفة على شكل كوخ منمنمة.
"أوراق القرآن المبكرة ومنسوجات عثمانية، وفخاريات من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأعمال معدنية مرصعة بالفضة، فضلاً عن نماذج استثنائية من الأسلحة والدروع والسجاد"... متحف إسرائيلي يبيع مجموعة تراث إسلامي لمواجهة صعوبات مالية
هناك أيضاً شمعدان من النحاس المطلي بالفضة. وهو يعود إلى فترة المماليك في القرن 14، ويرجح أن يكون من مصر أو سوريا. الشمعدان المعروض للبيع مقابل نحو 65 ألف دولار، يصل ارتفاعه إلى 29 سم وقطره 26 سم.
كتبت على أجزاء الشمعدان - قاعدة مخروطية الشكل وعنق أسطواني يعلوه شمعدان عريض- بخط عربي مميز عبارات مثل: "المجد لربنا، السلطان، الملك الأشرف، المتعلم، المجتهد، المستعين (بالله)".
متاح للبيع أيضاً صحن مهم ونادر مصنوع من الزجاج والمينا يعود إلى القرن الـ13، عهد المماليك، يعتقد بأنه من مصر أو سوريا، بنحو 55 ألف دولار. يصل طول الوعاء إلى 17.2 سم وقطره نحو 18 سم، وهو منفوخ وعميق القالب مع ساق مقوسة وقاعدة مقلوبة، مع تفاصيل وحواف مذهبة ، والنصف السفلي مع سمكة باللون الأسود بين الأمواج الحمراء، والساق والقدم بخطوط حمر وأرابيسك وميداليات مُذهبة.
وبسعر يصل إلى 390 ألف دولار، تُعرض صفحة مصحف (34 * 24 سم) بالنص الكوفي يرجح أنها من بلاد فارس أو وسط آسيا بين عامي 1075 و1125 من الميلاد. تضم المخطوطة المهمة أربعة أسط على ورقة برتقالية وتبدأ من نهاية الآية 49 من سورة "المائدة" إلى بداية الآية 51.
معارضة للبيع
منذ أكثر من عامين، خطط المتحف للبيع لأول مرة. لكن، مع الآثار الثقيلة لجائحة الفيروس التاجي على الوضع المالي للمتاحف حول العالم، باتت عملية البيع ملحة أكثر من أي وقت مضى للحد من الصعوبات المالية التي يواجهها المتحف.
مع ذلك، واجهت عملية البيع معارضة شديدة ليس من الدول العربية والإسلامية التي تعود إليها أصول هذه المقتنيات التاريخية النادرة وإنما من مسؤولين وخبراء في إسرائيل إذ أعربوا عن غضبهم من القرار وارتباكهم من الأسباب المقدمة لبيع بعض العناصر.
في الأسبوع الماضي، سعت وزارة الثقافة والرياضة الإسرائيلية إلى وقف البيع، قائلةً إن بعض القطع المعروضة أصول غير قابلة للتصرف أي مملوكة للمتحف. وردت إدارة المتحف على ذلك بأن المجموعة المقرر بيعها مملوكة لمؤسسة هيرمان دي ستيرن الخاصة، الكيان الرئيسي الذي يمول عمليات المتحف.
زُعم لاحقاً أن المفاوضات بين المؤسسة الإسرائيلية ودار "سوثبيز" البريطانية أدت إلى تأجيل المزاد. لكن الحساب الرسمي للدار يُظهر أن المزاد سيجرى في الموعد المحدد له.
حفاظ على التراث الإسلامي؟
في استعراضها لتاريخ متحف ليو ماير الإسرائيلي، قالت "سوثبيز" إن مؤسسته فيرا برايس سالومونز، التي تنحدر من عائلة يهودية بريطانية ثرية هدفت من افتتاحه عام 1974 إلى تعزيز العلاقات بين اليهود والعرب وتخفيف العداء بين الشعبين عبر تقديم تراث الثقافات الإسلامية "لغياب الأماكن للجمهور لمشاهدة أعمال الفن الإسلامي".
كما تحدثت عن تعاونها مع البروفيسور ريتشارد إتغهاوزن لإنشاء المتحف الذي منحته اسم صديقها ومعلمها البروفيسور ليو أرييه ماير، عالم الآثار الشهير والباحث والمحاضر في الفن الإسلامي، مبرزةً إيمان ثلاثتهم بأهمية الثقافة الإسلامية وقدرتها على المساعدة في التعايش السلمي بين الشعوب اليهودية والعربية. وهو ما يتسق مع الرواية المذكورة عبر الحساب الرسمي للمتحف.
واجهت عملية البيع معارضة شديدة ليس من الدول العربية والإسلامية التي تعود إليها أصول هذه المقتنيات التاريخية النادرة وإنما من مسؤولين وخبراء في إسرائيل يرونها "ملكية عامة غير قابلة للتصرف"
لكن هذه الرواية تعد مضللة إلى حد ما لأن متحف الفن الإسلامي في القاهرة كان قد تأسس عام 1903، وهو أكبر متحف من نوعه ويضم أكثر من 100 ألف من المقتنيات التراثية التي تمثل الحضارة الإسلامية عبر جميع العصور من الهند وإيران والصين وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية والشام ومصر.
عام 1990، تأسس "بيت القرآن" وهو مجمع متعدد وشامل للقرآن الكريم والفنون الإسلامية في العاصمة البحرينية المنامة. ويعد مركزاً إسلامياً حضارياً يقصده الدارسون والباحثون.
وهناك أيضاً متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، في دولة الإمارات، الذي افتتح للمرة الأولى عام 1996 ثم أعيد تطويره وافتتاحه عام 2008. وقد شهد العام نفسه، 2008، افتتاح متحف الفن الإسلامي بالدوحة.
خارج العالم العربي، متاحف للفنون الإسلامية أيضاً. أشهرها متحف الفنون التركية والإسلامية في إسطنبول، وهو بُني عام 1524.
وبينما أشارت دار المزادات البريطانية إلى أن المتحف الموجود في القدس المحتلة يضم "ثروة من القطع من جميع أنحاء القوس الجغرافي الإسلامي، عبر ثلاث قارات، تم انتقاؤها يدوياً من المزادات الكبرى وتجار الفن"، فاتها أن تشير إلى الطريقة التي نُهبت وهُربت بها هذه الآثار الإسلامية في الماضي قبل إضفاء الشرعية عليها لاحقاً بوثائق بيع في مزادات علنية.
وإسرائيل واحدة من أكثر الدول حرصاً على جمع التراث الإسلامي، تارةً بالشراء وكثيراً بالسرقة أو التحايل -مثل "تيجات دمشق"- الذي تشرعنه محاكمها بالمخالفة للقوانين الدولية وخاصةً اتفاق اليونسكو لعام 1970 الذي يمنع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.
علاوةً على متحف القدس، تضم المكتبة الوطنية الإسرائيلية كتباً ومخطوطات نادرة من العالم الإسلامي، تغطي فترة زمنية تمتد نحو ألف عام.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...