في أول إعلان عن تدخل أجنبي بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 كشف مسؤولون أمريكيون أن إيران حاولت التأثير في الناخبين الديمقراطيين من خلال رسائل البريد إلكتروني تحمل تهديدات وتحذيرات تم إرسالها من خوادم سعودية وإمارتية ودول أخرى.
وزعم محللون أمريكيون أن هدف إيران لم يكن دفع الناخبين إلى التصويت للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن تخويفهم من أجل هدف أوسع وأهم هو تشكيك الأمريكيين في الانتخابات وفي العملية الديمقراطية برمتها.
وسرعان ما نفت إيران الاتهامات الأمريكية ووصفتها بالمزاعم السخيفة التي لا تدعمها أي أدلة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تاريخها حافل بتدخلاتها في انتخابات الدول الأخرى.
الاختراق
اتهم مسؤولون أمريكيون إيران باستهداف الناخبين الأمريكيين برسائل بريد إلكتروني مزيفة، وحذروا من حصول إيران وروسيا على بيانات المقترعين التي يمكن استخدامها لتعريض الانتخابات المقبلة للخطر.
وكشف مدير أجهزة المخابرات الوطنية الأمريكية جون راتكليف أن الهدف من هذه العملية هو محاولة تقويض الديمقراطية بعد أربع سنوات من التدخل الروسي في انتخابات عام 2016.
في 20 تشرين الأول/أكتوبر، أفاد ناخبون ديمقراطيون في عدة ولايات أمريكية عن تلقيهم رسائل بريد إلكتروني تطالبهم بالتصويت للرئيس دونالد ترامب في الانتخابات. زعمت هذا الرسائل أنها من مجموعة موالية لترامب تدعى Proud Boys، لكن التحقيقات تشير إلى أنها من جهة أخرى مخفية.
وقال مسؤولون أميركيون إن هذه الجهة هي إيران، الدولة التي اصطدمت مع ترامب في السنوات الأخيرة، مؤكدين في الوقت نفسه أن نزاهة الانتخابات لم تُمس.
وقال كريستوفر وراي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية: "لن نتسامح مع التدخل الأجنبي في انتخاباتنا أو أي نشاط إجرامي يهدد قدسية تصويتك أو يقوض ثقة الجمهور في نتيجة الانتخابات".
وقال راتكليف إن بيانات الناخبين، التي يكون بعضها مُعلناً ومُتاحاً تجارياً، "يمكن أن يستخدمها الفاعلون الأجانب في محاولة توصيل معلومات كاذبة للناخبين المسجلين على أمل أنهم يتسببون في حدوث ارتباك وزرع الفوضى وتقويض ثقة المواطنين في أمريكا والديمقراطية".
واتهم إيران باستخدام البيانات لإرسال "رسائل بريد إلكتروني مخادعة تهدف إلى تخويف الناخبين والتحريض على الاضطرابات الاجتماعية والإضرار بالرئيس ترامب".
لكن بعض المسؤولين كانوا متشككين في إعلان راتكليف أن الإيرانيين كانوا يحاولون الإضرار بالرئيس الأمريكي.
البيانات التي جُمعت من عشرات رسائل البريد الإلكتروني أشارت إلى أن الجهة التي أرسلتها للناخبين الأمريكيين استخدمت خوادم في السعودية والإمارات وإستونيا وسنغافورة وبلدان أخرى، لكن المسؤولين الأمريكيين يحملون إيران المسؤولية
وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر، الذي يتلقى إحاطات سرية حول تهديدات الأجنبية للانتخابات، لمحطة "إن بي سي": "لم تستهدف محاولة الاختراق شخصية معينة".
وأظهرت التحقيقات أن شخصاً يعمل بأمر من الحكومة الإيرانية هو من أدار عملية إرسال البريد الإلكتروني إلى الناخبين، مستخدماً ثغرة أمنية في شبكة الإنترنت الخاصة بـ Proud Boys.
طالب البريد المُرسل إلى الديمقراطيين بأن "Proud Boys" تمتلك كل معلوماتهم، وأصدرت تعليمات للناخبين بتغيير تسجيل حزبيهم والإدلاء بأصواتهم لصالح ترامب.
وصلت رسائل البريد الإلكتروني إلى الناخبين في أربع ولايات، ثلاث منها ولايات متأرجحة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأفاد الناخبون أن البريد احتوى على عبارات تهديد، منها: "ستصوت لترامب في يوم الانتخابات أو سنلاحقك".
ورأى مسؤولون أمريكيون أن العملية لم تكن معقدة وتم الكشف عنها قبل أن يكون لها أي تأثير كبير على الناخبين، لكن الباحثين في الأمن السيبراني رأوا أن العملية تكشف عن قدرة الأطراف الخارجية على الخداع.
وأكد راتكليف أن إيران تنشر أيضاً مقطع فيديو "يشير إلى أن الناخبين يمكن أن يدلوا بأصوات مزورة، حتى من الخارج".
يُظهر الفيديو ترامب، وهو يدلي بتعليقات سلبية عن التصويت عبر البريد ثم يظهر عملية اختراق مزعومة لبيانات المصوتين في محاولة لإنتاج ورقة اقتراع مزورة.
لكن الأهم أنه كان يحمل شعار "Proud Boys".
في بيان حصلت عليه شبكة "CBS News"، قال متحدث باسم شركة " غوغل" إنها كانت من بين عدد غير محدد من شركات التكنولوجيا التي "شاهدت أدلة على أن عملية مرتبطة بإيران أرسلت رسائل بريد إلكتروني غير أصلية إلى أشخاص في الولايات المتحدة خلال الـ24 ساعة الماضية".
وقال البيان: "بالنسبة لمستخدمي Gmail، أوقفت وسائل تصفية البريد العشوائي الآلية 90٪ من حوالى 25 ألف رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها"، مضيفاً أن الشركة "أزالت صباح الأربعاء ملف فيديو واحدًا" من خوادمها وآخر تم تحميله على يوتيوب ولم يحقق سوى 30 مشاهدة.
وبحسب "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن البيانات التي تم جمعها من عشرات رسائل البريد الإلكتروني أشارت إلى أن الجهة التي أرسلتها استخدمت خوادم في السعودية والإمارات وإستونيا وسنغافورة وبلدان أخرى.
مزاعم سخيفة
استدعت إيران المبعوث السويسري في طهران، وهو المسؤول عن الشؤون الأمريكية في الجمهورية الإسلامية، لإدانة "الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة بالتدخل في الانتخابات الأمريكية".
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن راتكليف اتهم إيران وروسيا بالتأثير في الانتخابات في الولايات المتحدة عبر "مزاعم من دون أساس".
وقال خطيب زاده للسفير السويسري إن إيران رفضت هذه المزاعم، إذ إنها تستند إلى "إدعاءات وتقارير كاذبة أمريكية الصنع"، مُضيفًا أن لدى الاستخبارات الأمريكية "سجلاً طويلاً" في التدخل في انتخابات الدول الأخرى وفي "إحداث اضطرابات".
ووصف المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة علي رضا ميريوسفي هذه المزاعم بأنها "سخيفة". وكتب في تغريدة على تويتر: "لا مصلحة لإيران في التدخل في الانتخابات الأمريكية ولا تفضل النتيجة".
أصبحت العلاقات بين طهران وواشنطن أكثر توتراً في ظل إدارة ترامب، التي انسحبت من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
مارست الولايات المتحدة ضغوطاً متزايدة على إيران من خلال العقوبات وغيرها من الإجراءات، بما في ذلك قتل قائد فيلق قدس قاسم سليماني.
مسؤولون أمريكيون يرون أن هدف إيران من اختراق الانتخابات هو تقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية، لأن تشويه سمعة الديمقراطية يسمح لطهران بأن تظهر لسكانها المحليين أن طموحاتهم الديمقراطية لا تستحق أن يتابعوها أو يطبقوها
ما أهداف الاختراق؟
قالت زميلة الشرق الأوسط في التحالف من أجل تأمين الديمقراطية، أريان طباطبائي، أنه من الواضح أن لإيران مصلحة في هذه الانتخابات بسبب حملة الضغط التي تمارسها إدارة ترامب على طهران.
وقالت طباطبائي إن لإيران هدفاً أوسع، على غرار هدف روسيا، "وهو تقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية والانتخابات الأمريكية، لأن تشويه سمعة الديمقراطية يسمح لإيران بأن تظهر لسكانها المحليين أن طموحاتهم الديمقراطية لا تستحق أن يتابعوها أو يطبقوها".
في آب/أغسطس، أصدر كبير المسؤولين في الاستخبارات الأمريكية لمكافحة التجسس، وليام إيفانينا، تقييماً مفاده أن "إيران تسعى إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية الأمريكية، والرئيس ترامب، وتقسيم البلاد قبل انتخابات 2020". وكتب أن جهود إيران "ستركز على الأرجح على التأثير في الناخبين من خلال الإنترنت، مثل نشر معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي وإعادة نشر محتويات مناهضة للولايات المتحدة".
وقال خبراء الأمن السيبراني إن مثل هذه الخطوة قد تعمل على تقويض الثقة في نزاهة العملية الديمقراطية من دون أن تشكل خطراً حقيقياً على الانتخابات.
من جانبه، رأى كلينت واتس العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي وخبير المعلومات المضللة في معهد أبحاث السياسة الخارجية خلال لقاء مع شبكة "أخبار سي بي إس" أن روسيا أو إيران وراء رسائل البريد الإلكتروني. وقال: "حالما قرأت الرسائل اعتقدت أنها إيران، لأنهم استخدموا الخادم السعودي والإماراتي وأماكن أخرى". وأضاف: "إنهم لا يحاولون إقناع الناس بالتصويت لترامب، إنهم يحاولون إخافة الناس".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون