شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"فوز ترامب يعزز فرص الراديكاليين"... كيف ستؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية على إيران؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 16 أكتوبر 202002:06 م

"فوز (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب سيعزز فرص صقور التيار الراديكالي بإيران في الوصول الى الرئاسة في انتخابات عام 2021 والسيطرة على مؤسسات الدولة".

هكذا رجحت فاطمة الصمادي، الباحثة الأولى في معهد الجزيرة للدراسات، خلال ندوة إلكترونية لمركز الخليج الدولي، مساء 15 تشرين الأول/ أكتوبر.

يمكن القول إن ما من شعب -أو دولة- في العالم ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقررة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، مثل الإيرانيين. حتى أكثر من الأمريكيين أنفسهم.

تأتي الانتخابات الرئاسية الأمريكية بينما تزايدت الانتقادات لسياسات الرئيس الإيراني، حسن روحاني، التي لم تتحقق أياً من وعوده الاقتصادية أو السياسية، وفق الصمادي. وعدت حكومة روحاني بـ"معجزة اقتصادية" وتعهدت "انتعاش اقتصادي"، لكنها الآن غير قادرة حتى على تأمين النفقات الحكومية الأساسية. 

تخطيط اقتصادي غائب

منذ بداية العام، أشارت الأنباء الواردة من إيران إلى تنظيم نحو 350 احتجاجاً من قبل موظفي الشركات والمؤسسات الحكومية طالبوا فيها برفع رواتبهم لمراعاة التضخم المتفشي وارتفاع أسعار السلع والخدمات.

"يعولون على فوز بايدن"... ربما لا توجد دولة في العالم تنتظر نتائج الانتخابات الأمريكية أكثر من إيران، ربما حتى أكثر من الأمريكيين أنفسهم. ما هي النتائج المتوقعة لفوز بايدن/ ترامب على الانتخابات الرئاسية القريبة في إيران؟

على سبيل المثال، مع بداية العام الدراسي الجديد، وفي ظل القيود الصارمة لاحتواء فيروس كورونا، يهدد المعلمون الحكوميون بالدخول في إضراب طويل ما لم تُعدّل رواتبهم.

عوضاً عن التفاوض معهم وحل مشكلتهم، تلجأ الحكومة إلى استبدال المعلمين المخضرمين بالطلاب في المدارس الدينية العليا والجامعات برواتب أقل. وهو ما يؤثر سلباً على جودة التعليم في النهاية ولا يعالج أزمة حقوق المعلمين.

لكن المعلمين، الذين بدأت احتجاجاتهم على تدني الأجور في العام الماضي، ليسوا الفئة الوحيدة التي تعاني وتهدد بالإضراب والتصعيد. فالعمال في كثير من القطاعات الحكومية يشكون تأخر رواتبهم أو تخفيضها وكذلك تسريحهم من العمل بذريعة تأثير جائحة فيروس كورونا على عمليات الإنتاج والبيع. وحتى لدى تسريحهم تعسفياً، لا يحصلون على مستحقاتهم المادية أو مكافآت نهاية الخدمة.

بحسب مجيد رضا حريري، رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية، فإن عائدات إيران النفطية هذا العام لن تتجاوز خمسة مليارات دولار أمريكي في أفضل حالاتها. كانت هذه الصادرات تصل إلى 120 مليار دولار أمريكي سابقاً.

توقع حريري أيضاً تدنياً كبيراً في الصادرات غير النفطية يصل إلى 30 مليار دولار هذا العام بانخفاض 10 مليارات دولار عن العام السابق. وأضاف: "فيما يبلغ إجمالي صادرات إيران النفطية وغير النفطية 35 مليار دولار، فإن نفقات النقد الأجنبي"للبلاد تتجاوز 50 مليار دولار في أفضل وضع اقتصادي".

وتجدر الإشارة إلى أن الصين أكبر مستورد من إيران إذ تشتري منها قرابة 27% من صادراتها.

بشكل عام، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الإيراني هذا العام بنسبة 6% على الأقلّ.

عادةً عند الحديث عن تدهور الاقتصاد الإيراني يُلقى اللوم على العقوبات الأمريكية الثقيلة. لكن الكثيرين من منتقدي روحاني يعزون هذا التدهور إلى غياب التخطيط والإدارة الاقتصاديين وتفشي الفساد.

ويعتقد إلى حد بعيد أن وباء كورونا لعب دوراً كبيراً في إبقاء المتظاهرين في منازلهم بدلاً من الخروج في احتجاجات جماهيرية واسعة. يدلل على ذلك تحذير صحيفة "آرمان ملي" الحكومية اليومية من أن الضغط الاقتصادي الهائل على الشرائح الضعيفة في المجتمع، ودعوتها المسؤولين إلى التركيز على رفع معدلات الرضا الاجتماعي والشعور بالأمان الفعلي والاقتصادي لدى المواطنين وإلا حدثت تداعيات اجتماعية وأمنية خطيرة.

لا يعني هذا أن العقوبات الأمريكية براء من هذا التدهور الاقتصادي الرهيب في إيران. وكانت واشنطن قد فرضت، الأسبوع الماضي، حزمة إضافية من العقوبات على 18 مصرفاً إيرانياً منعت من التعامل مع البنوك والشركات الدولية.

إثر ذلك، ندد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بسياسة "الإرهاب الاقتصادي الأمريكية" ضد إيران، بينما وعد روحاني بأن إيران سيواجه العقوبات الجديدة بشجاعة.

اللافت أن إيران كثيراً ما تحاول ملء خزائنها عبر إصدار سندات، لكنها غالباً ما تُستخدم لسداد السندات القديمة المستحقة في المستقبل القريب.

"الإيرانيون لديهم الآن بعض التعقل لأنهم يأملون ألا يفوز ترامب. أما إذا فاز ترامب، فلن يكون لدى الإيرانيين العديد من الخيارات؛ لن ينتهجوا سياسة انتظار عقارب الساعة لتنتهي… السنوات الأربع طويلة"

آمال على الانتخابات الأمريكية

فيما يبدو أن الاقتصاد الإيراني يدور في دائرة لا مخرج منها، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية - مقررة في حزيران/ يونيو عام 2021- تتعلق آمال الإيرانيين بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

يعول الإيرانيون على انتصار المرشح الديمقراطي جو بايدن. لكن حتى إذا فاز بايدن واتخذ خطوات لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الدولي الموقع مع إيران عام 2015، فستكون أمام إيران صعوبة التغلب على وضعها الاقتصادي المتأزم من دون إجراء تقييم قوي لهيكلها الاقتصادي وسلوك النظام الحاكم.

إلى ذلك، تشرح الصمادي: "التيار الإصلاحي تكاد تكون فرصه معدومة. تيار الاعتدال الذي يمثله روحاني استنفد فرصه بالفشل الذريع"، مستنتجةً "المنافسة ستكون داخل التيار الأصولي نفسه لكن بين الجناح الراديكالي والجناح المعتدل منه. مثلاً، في حال فوز بايدن أتوقع أن يعطي ذلك فرصة أكبر للأصوليين المعتدلين. إذا ترشح علي لاريجاني على سبيل المثال فهذا يرفع حظوظه أمام شخصيات أصولية راديكالية".

أما في حال فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، فتعتقد الصمادي أن هذا يعني "اتجاه مجمل البنية السياسية في إيران نحو التصعيد مع الولايات المتحدة وتثبيت مخطط توحيد المؤسسات في إيران من حيث التوجه الأيديولوجي". تقول الباحثة إن "هناك محاولة لتوحيد المؤسسات الحاكمية في إيران بما ينسجم مع الخطاب الذي يتبناه (المرشد الأعلى) علي الخامنئي تجاه الولايات المتحدة، والذي ينسجم فيه عدم الثقة والشك والعداء".

قصدت الصمادي بكلامها هذا صعود "شخصية ذات خلفية أمنية عسكرية"، أي من قلب الحرس الثوري أو لها تاريخ فيه، مبرزةً أن ذلك الاحتمال "مطروح" على الساحة الإيرانية، وكان قد ظهر بوضوح في الانتخابات الماضية.

من جهته، أكد عباس كاظم، مدير برنامج العراق في المجلس الأطلسي، في ندوة مركز الخليج الدولي أيضاً، أن فوز ترامب يعني "أربع سنوات طويلة على إيران" وأنه "سيكون هناك المزيد من التوتر"، لافتاً إلى أن "الإيرانيين الآن لديهم بعض التعقل لأنهم يأملون ألا يفوز ترامب بل بايدن، إذ ذاك يعودون إلى زمن علاقاتهم بالولايات المتحدة في عهد (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما".

وختم : "بعد الانتخابات، إذا فاز ترامب، لن يكون لدى الإيرانيين العديد من الخيارات. لن ينتهجوا سياسة انتظار عقارب الساعة لتنتهي".

وصرح محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، بأن الوضع المالي لإيران سيواجه تحديات صعبة خلال الأسابيع الثلاثة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image