عُرف عبد الرحمن سالم الميلاد الملقب بـ"البيدجا"، خلال الفترة الماضية، بأنه أحد أخطر مهربي البشر في شمال إفريقيا، ولذلك حظي خبر إلقاء قوة أمنية تابعة لوزارة الداخلية في "حكومة الوفاق" القبض عليه، في 14 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، بمتابعة واسعة.
في مناسبات عدة، وُصف البيدجا بأنه شخص قاس ومتعطش للدماء والمال الذي بسببه رمى الآلاف من المهاجرين في قوارب متهالكة للسفر إلى أوروبا، فغرق كثير منهم في مياه البحر المتوسط.
ووفقاً لشهادات طالبي لجوء في إيطاليا، كان البيدجا يستعبد ويعذب ويغتصب المهاجرين في المعسكرات التي كان يديرها في مدينة الزاوية، قبل أن يرسلهم في قوارب الموت إلى أوروبا.
وأشار مراقبون ليبيون وإيطاليون إلى ضرورة أن يكون قرار اعتقال البيدجا مصحوباً باعتقال آخرين، وذلك في إطار مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والحد من التعذيب والانتهاكات التي تشهدها معسكرات الاحتجاز في كل أنحاء ليبيا.
من هو البيدجا؟
عمل البيدجا الذي وُلد عام 1990 في مدينة الزاوية، غربي ليبيا، كرجل أمن برتبة ملازم أول في خفر السواحل التابع لحكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة طرابلس والمعترف بها دولياً كممثل للشعب الليبي.
ويعد البيدجا أحد المطلوبين لدى الشرطة الدولية "الإنتربول" التي أخطرت شرطة الوفاق بضرورة القبض عليه بعدما تعرض لعقوبات من مجلس الأمن في حزيران/ يونيو عام 2018، مع ستة أشخاص آخرين متهمين بالاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا.
ونصّت العقوبات على تجميد الحسابات المصرفية الخاصة بالبيدجا الذي قالت وسائل إعلام ليبية إنه الذراع الأيمن لشخصية أخطر وهو محمد كشلاف الشهير بـ"القصب" والذي يُعتبر من أكبر مهربي الوقود والمخدرات والبشر، وكان قد وُضع بدوره على لائحة العقوبات.
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فقد تمكن البيدجا خلال السنوات الماضية من تقرير مصير آلاف المهاجرين في معسكرات الاحتجاز، وخاصة في منطقة الزاوية، الموصوفة بأنها أحد "الموانئ" الليبية الرئيسية التي ينطلق منها المهاجرون.
يدعي فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة أن البيدجا وأعضاء آخرين في خفر السواحل متورطين بشكل مباشر في غرق قوارب المهاجرين باستخدام الأسلحة النارية.
وقالت صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية إن البيدجا مطلوب من المحكمة الدولية في لاهاي لدوره في استعباد المهاجرين في ليبيا ثم حشدهم في قوارب متهالكة في البحر المتوسط للسفر إلى أوروبا أو إغراقهم أثناء العبور، ولهذا السبب فهو متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
في مناسبات عدة، وُصف عبد الرحمن الميلاد الملقب بـ"البيدجا" بأنه شخص قاس ومتعطش للدماء والمال الذي بسببه أهلك آلاف المهاجرين، ووفقاً لشهادات طالبي لجوء في إيطاليا، كان البيدجا يستعبد ويُعذب ويغتصب المهاجرين في المعسكرات التي كان يديرها في مدينة الزاوية
وأضافت الصحيفة أن البيدجا كان يعيش حتى الآن دون أي إزعاج، وواصل القيام بنشاطه المربح بلا ضمير، مشيرة إلى أن بداية هذا النشاط كان خلال فترة عمله كضابط في أحد الأقسام المحلية لما يسمى بخفر السواحل.
وظهر البيدجا، في نيسان/ أبريل عام 2019، على إحدى جبهات القتال في طرابلس، ضمن قوات الوفاق لصد الهجوم الذي شنه الجنرال خليفة حفتر للسيطرة على غرب ليبيا.
ظهور في إيطاليا
شارك البيدجا في اجتماع مع مسؤولين إيطاليين ووفد من خفر السواحل الليبي في مدينة كاتانيا التي تعد أحد أكبر مراكز استقبال المهاجرين في أوروبا، في 11 أيار/مايو عام 2017 .
وبحسب صحيفة "أفينيري" الإيطالية، التي نشرت صور مشاركته في الاجتماع، فإن البيدجا حصل على تصريح لدخول إيطاليا من السفارة في طرابلس، وتم تقديمه على أنه "قائد في خفر السواحل الليبي".
وقالت مصادر الصحيفة الإيطالية إن البيدجا طلب في ذلك اليوم من السلطات الإيطالية أموالاً لإدارة استقبال المهاجرين في ليبيا.
وفي أيلول/ سبتمبر عام 2019، اعتقل محققون إيطاليون في جزيرة صقلية ثلاثة رجال قالوا إنهم اغتصبوا وعذبوا عشرات المهاجرين في مركز احتجاز، شمالي غربي ليبيا.
المعتقلون الثلاثة (غيني يبلغ من العمر 27 عاماً ومصريان يبلغان من العمر 24 و 26 عاماً) المتهمون بالتعذيب والخطف والاتجار بالبشر تعرّف عليهم مهاجرون قالوا إنهم كانوا يعملون في مركز احتجاز الزاوية، وهو المركز نفسه الذي يديره البيدجا.
بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن شهادات المهاجرين التي جمعها المحققون الإيطاليون تحدثت كذلك عن رجل أطلق على نفسه اسم "عبد الرحمن"، كان مسؤولاً عن نقل المهاجرين إلى الشاطئ، وهو من يقرر في النهاية من يمكنه الصعود على القوارب أم لا، وأكدوا أنه كان رجلاً عنيفاً ومسلحاً والكل كان يخاف منه.
صراع داخلي
بعد إعلان خبر الاعتقال، احتشد مئات المسلحين في طرابلس وأطلقوا الأعيرة النارية في السماء، احتجاجاً على اعتقال البيدجا الذي يُقال إنه يحظى بدعم من مسلحين في مدينة الزاوية، مسقط رأسه.
وتحدث الباحث في معهد "كلينغندايل" في هولندا جليل حرشاوي عن حشد للمركبات على الجناح الغربي لطرابلس من قبل أبناء الزاوية بعد اعتقال البيدجا، كرسالة تحذيرية إلى الوفاق.
وأضاف الباحث المتخصص في شؤون منطقة شمال إفريقيا في تغريدة له على تويتر: "تم اعتقال العديد من أبناء الزاوية مؤخراً، وهذا يثير إحساساً بالتماسك على نطاق أوسع بين قبيلة أولاد أبو حميرة، وهي قبيلة البيدجا".
"وزير الداخلية يحظى بدعم داخلي في الغرب الليبي ودعم خارجي منذ قدوم السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند وهناك اتفاقيات شراكة أمنية ليبية أمريكية تم توقيعها ستساعد على محاربة هذه الظواهر"... اعتقال أحد أخطر مهربي البشر في ليبيا، وحشد مسلح من مسقط رأسه وقبيلته يخرج احتجاجاً
بدوره، أشار المحلل والباحث السياسي الليبي فرج فركاش إلى وجود غضب بين منتمين إلى كتائب الزاوية من عملية اعتقال البيدجا، ويرون أن هناك استنسابية في تنفيذ مثل هذه القرارات.
وأضاف فركاش لرصيف22: "هدأت الأمور مع تدخل الأعيان ووزير دفاع حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش المحسوب على الزاوية ورأينا تراجعاً بعد الحشد المؤقت الذي حصل".
وبرأيه، ثمة تسليم بأن الأمر سيُترك للقضاء، خاصة وأن هناك مذكرة من النائب العام صدرت بحق المتهم، بالإضافة إلى مذكرة توقيف دولية، لذلك لا يُتوقع حدوث أي صدامات وسيأخذ القانون مجراه.
تغيير أوضاع المهاجرين
في تعليق لها، قالت "لاستامبا" إنه من الصعب القول ما إذا كان اعتقال البيدجا سوف يغير حالة الاتجار بالبشر في ليبيا، لكن رأت أنه يمكن اعتبار اعتقاله نقطة تحول وسوف تظهر مع مرور الوقت النتائج المترتبة على ذلك.
من جانبه، توقع فركاش رؤية خطوات مماثلة مستقبلاً ضد كل من هو متهم بزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة الغربية أو في قضايا التهريب أو الهجرة غير الشرعية رغم كل العوائق التي تشهدها ليبيا.
ولفت فركاش إلى أن وزير الداخلية فتحي باشاغا يحظى بدعم داخلي في الغرب الليبي ودعم خارجي منذ قدوم السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند وهناك اتفاقيات شراكة أمنية ليبية أمريكية تم توقيعها سوف تساعد على محاربة هذه الظواهر.
وبرأيه، فإن "هناك رسالة وراء اعتقال البيدجا وهي أن باشاغا ماضٍ في الإصلاحات الأمنية، وأن لديه القدرة على تنفيذ وعوده، ما يعزّز موقعه كوزير للداخلية أو كرئيس حكومة مستقبلي"، متمنياً "رؤية خطوات مماثلة في المناطق التي هي خارج سيطرة حكومة الوفاق وتحت سيطرة الحكومة المؤقتة او بالأحرى تحت سيطرة حفتر".
ووفقاً لـ"المنظمة الدولية للهجرة"، فقد تم اعتراض حوالي عشرة آلاف مهاجر في البحر وإعادتهم إلى ليبيا من قبل خفر السواحل الليبي فقط عام 2020.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع