قضت آية الفيتوري (24 عاماً) على يد زوجها إثر احتدام النقاش بينهما، قيل إن سببه شكوك المغدورة في خيانة الزوج المتهم لها، بحسب ناشطات نسويات ليبيات. هذه الجريمة هي الثالثة المعلنة التي تذهب ضحيتها امرأة ليبية خلال أسبوع.
وذكر حساب "نسويات ليبيا" الذي يتابعه نحو 23 ألفاً على فيسبوك، في 2 نيسان/أبريل، أن "الضحية آية فوزي الفيتوري زقلوط، 24 عاماً، قتلت على يد زوجها المدعو حسين جمعة عطيوي (42 عاماً) بعد أقل من ستة أشهر من زواجهما بمنطقة السراج في طرابلس، حيث أطلق رصاصة استقرت في قلبها وتوفيت على إثرها في المستشفى".
وأضاف الحساب: "عقب القبض على الجاني على سبيل التحفظ، ادّعى أن الضحية انتحرت وأن لا علاقة له بالأمر"، محذراً من خطورة إفلات الجاني هذه المرة من العقاب بـ"التبريرات السخيفة" المعتادة.
وأشارت مواقع محلية إلى أن "تقرير الطبيب الشرعي كشف عن وجود علامات مُقاوَمة على جسد المغدورة. كما أثبت تقرير مأمور الضبط الذي زار مكان الجريمة القتل المتعمد". ونقلت عن شقيق المغدورة أن "الزوج كان يخرج أحياناً عن وعيه، وأن نقاشاً حاداً حدث بينه وبين زوجته قبل أيام".
جريمتان أخريتان خلال أسبوع
في 31 آذار/مارس، أقدم منصف موسى العبد في منطقة قندولة (شمالي شرقي ليبيا) على ذبح زوجته هدية عبد المالك الهاين، وهي نائمة، "عن سابق إصرار وترصد"، بحسب متابعين.
وقيل إنه جرى تبرير الجريمة من قبل أهل القاتل بأنه "مسحور وممسوس"، وهذا عُذرٌ متكرر يمنح بموجبه القانون المحلي الجاني "تخلية سبيل، هذا طبعاً إذا تم توقيفه".
وفي 30 آذار/مارس، كشفت داخلية حكومة الوفاق عن تفاصيل جريمة بشعة في مسلاته (شمالي غربي ليبيا)، حيث قتل أب بمساعدة زوجته طفلته ذات العشرة أعوام من زواج سابق بعد تعذيبها وإذلالها.
وأوضح حساب "نسويات ليبيا" أن "الطفلة براءة تعرضت للقتل الممنهج على يدي والدها طارق محمد عمران وزوجته حتى أصبح جسدها نحيلاً، ثم تُركت في العراء في الطقس البارد إلى أن توفيت".
ووفق بيان الداخلية، حاول الأب التنصل من جريمته بالادعاء أن الطفلة سقطت من ارتفاع عالٍ، إلا أن تقرير الطب الشرعي بيّن تعرضها للتعذيب، إذ ذاك حاول الجاني نفي التهمة عن زوجته بزعم أنه عذب وقتل ابنته بمفرده، لكن التحقيقات كشفت عن الحقيقة الكاملة.
منذ بداية العام الجاري، حصلت في ليبيا جرائم قتل بشعة لنساء على أيدي ذويهن. وكانت منطقة أجدابيا (شرقي ليبيا) قد شهدت في شباط/فبراير الماضي قتل أمصورة أحمد الصديق السعيطي (23 عاماً) بعدما عوملت معاملة سيئة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة إثر تعرضها للضرب المبرح.
زوج يذبح زوجته وهي نائمة، أب يقتل طفلته بعد أيام من التعذيب والتجويع، رجل يُردي زوجته قتيلة بالرصاص بعد أقل من ستة أشهر على زواجهما… حصيلة جرائم العنف الأسري المعلنة في ليبيا فقط خلال أسبوع
وبحسب ما أفاد به عددٌ من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نُقلت جثة المغدورة إلى المستشفى حيث زعمت الأسرة أنها وقعت عن سطح المنزل، غير أن إظهار الفحص المبدئي وجود آثار ضرب وتعذيب على جسدها أجبر شقيقها على الاعتراف بقتلها. لكن الأب زعم أنه هو الذي ضربها حتى توفيت بسبب إنفاقها 90 ديناراً ليبياً (نحو 64 دولاراً أمريكياً).
وخلال الشهر نفسه، قُتلت نور محمد جبر على يد شقيقها سالم، بعدما طعنها خمس مرات من دون معرفة الدافع الكامن خلف الجريمة.
"قضاء وقدر"
في 17 آب/أغسطس الماضي، أسّست خمس ناشطات معنيات بحقوق المرأة في ليبيا حساب "نسويات ليبيا"، هدفه "التوعية بحقوق المرأة وبأشكال الاضطهاد والإقصاء والعنف التي تتعرض لها" في ظل غياب جمعيات فاعلة في هذا المجال، حسب نسيبة مصطفى (إحدى المؤسسات) التي تحدثت لرصيف22.
وأشارت مصطفى إلى تواصل العديد من ذوي المغدورات والمعنفات معهن عبر الحساب لفضح مثل هذه الجرائم "اليومية" تقريباً، "لأن الأعراف المجتمعية تحكم البلاد، ولأن الأهل يخشون حديث الناس عن الضحية (السمعة) ويقولون هذا ‘قضاء وقدر‘، ومنهم من يعتبر الانتهاكات بحق النساء ‘أسرار بيوت‘ وليست جرائم".
وفي 4 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، أشار الحساب الرسمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في ليبيا ووسائل إعلام إلى إطلاق خط للدعم النفسي والاجتماعي لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي من قبل UNFPA Libya - صندوق الأمم المتحدة للسكان.
حاولت مصطفى التواصل عبر هذا الخط، لكن الرقم أصبح مغلقاً، على حدّ قولها.
وبينما بات من الصعب التغطية على أي جريمة قتل جراء العنف الأسري في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، لجأت مصطفى ورفيقاتها إلى فضح هذه الانتهاكات عبر حسابات "نسويات ليبيا" على مختلف المنصات الاجتماعية.
وترى الناشطات المسؤولات عن الحساب أنه في "مجتمع باتت جرائم قتل النساء فيه حدثاً يومياً، ولا تزال قضايا المرأة بعيدة عن سلم الأوليات، لا بد من الوقوف في وجه هذه الظاهرة. إذ تعكس هذه الجرائم تفشي شر النظام الأبوي القمعي في بلد أكبر حلم لنسائه هو العيش بسلام مع أطفالهن. فيما الحصول على حياة كريمة هو أعلى سقف لطموحهن"، كما تنقل مصطفى.
وفي حين تبدو الحركة النسوية الليبية كمن ينحت في الصخر داخل مجتمع لا يزال فيه التعليم والعمل والحماية من العنف والاضطهاد حقوقاً غير مكفولة لشرائح واسعة من نسائه، يستمر "تواطؤ الطب الشرعي والأنظمة القانونية العنصرية المتحيزة ضد النساء والعادات القبلية القمعية التي وجدت لتهميش النساء وتبرير جميع أشكال القمع ضدهن"، بحسب قول مصطفى.
وتضيف الناشطة النسوية الليبية: "في ظل الحرب الأهلية، تُعتبر قضايا قتل وتعنيف النساء هامشية وكثيراً ما يتم التحجج بأن القاتل ممسوس أو مُصاب بالسحر ويطلق سراحه"، لافتة إلى أنه "في الشهور الماضية مثلاً قتلت ثلاث فتيات تحت مسمى ‘الشرف‘ ولم نسمع عن أية محاسبة للمجرمين".
"قضاء وقدر"، هكذا تُبرَّر جرائم قتل النساء التي لا تشكل "أولوية" في ظل الانفلات الأمني الذي تعاني منه ليبيا منذ 2011، بينما يُفلت الجناة من العقاب غالباً بفعل التعتيم الإعلامي، والأعذار المجتمعية، وتواطؤ الطب الشرعي والقانون
وتـعتقد مصطفى أن "التستر الإعلامي عن مثل هذه الجرائم وفّر الغطاء والحماية للمجرمين للاستمرار في ارتكاب المزيد منها والإفلات من العدالة".
وبيّنت دراسة أجراها المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية وجامعة موناش، بالاشتراك مع المؤسسات الوطنية والجهات الفاعلة في ليبيا، استغرقت عامين ونشرت مطلع العام الجاري، أن "تأييد العنف ضد المرأة أو التغاضي عنه يعدان العامل الإحصائي الوحيد الذي يرتبط بدعم التطرف العنيف في ليبيا".
ورأت الدراسة أن المرأة الليبية واجهت منذ إطاحة القذافي "قيوداً متزايدة على حرية تنقلها والعنف اليومي والملاحقة في الأماكن العام. كما زادت أعمال العنف ضد ناشطي حقوق المرأة والقيادات النسائية مع انتشار الإيديولوجيات الرجعية في ما يتعلق بالنوع الاجتماعي في ليبيا".
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، أصدرت مؤسسة "ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان" تقريراً عن العنف ضد المرأة في ليبيا، أبرزت خلاله "العنف المتزايد ضد المرأة الليبية وما يتضمنه هذا العنف من أشكال عديدة مثل العنف الجنسي في السجون، وحالات الاختطاف والقتل خارج نطاق القانون، وترامي العنف في مخيمات النازحين"، منبهةً إلى "أثر التدخلات الخارجية في ليبيا على استمرار الممارسات العنيفة ضد المرأة وضعف دور المجتمع المدني في الضغط على أطراف النزاع السياسي لانتشال المرأة الليبية مما أصبحت فيه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 9 ساعاتالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت