"هذا الوفد لا يتعلق بالسياسة أو الأعمال. يتعلق الأمر بتشجيع حكومتنا على ‘تسريع‘ التطبيع مع إسرائيل. نريد مساعدة حكومتنا على اتخاذ خطوات أكثر جدية نحو التطبيع".
هكذا صرّح النائب السابق في البرلمان السوداني، أبو القاسم برطم، في مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" حول "المبادرة" التي أعلنها قبل أيام وأثارت جدلاً واسعاً.
تأتي المقابلة في خضم نقاش محتدم حول موقف السلطة الحالية في السودان من الحراك التطبيعي الرسمي الذي افتتحته الإمارات في آب/ أغسطس الماضي، ولحقت بها حليفتها البحرين. وترددت أنباء عديدة عن وجود عرض أمريكي للسودان بإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل تطبيع كامل لعلاقاته مع تل أبيب.
وذكر موقع "آي 24" الإسرائيلي، في ساعة متقدمة من مساء 14 تشرين الأول/ أكتوبر، نقلاً عما أسماه "مصدراً مطلعاً"، أن "مجلس السيادة السوداني قرر في اجتماع عقد مساء الأربعاء (اليوم نفسه) الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل"، زاعماً أن "نقاشاً صعباً دار في الجلسة لكن في النهاية اتخذ المجلس القرار".
يُذكر أن وكالة "الأناضول" التركية نفت، على لسان من وصفته "مصدراً مطلعاً في مجلس السيادة الانتقالي" -لم تسمه- أن يكون المجلس ناقش قرار التطبيع في جلسة الأربعاء أو بصدد مناقشته الخميس. ولم يتسن لرصيف22 التحقق من هذه الأنباء بشكل منفصل.
"القرآن يدعو إلى التطبيع مع إسرائيل ومع اليهود"... برلماني سوداني سابق يتحدث إلى صحيفة إسرائيلية عن مبادرته تشكيل وفد شعبي لزيارة تل أبيب بغية "كسر الحاجز النفسي" بين الشعبين السوداني والإسرائيلي
"القرآن يدعو إلى التطبيع"
في الأثناء، يحاول برطم، على حد قوله، تنظيم وفد مدني من المواطنين السودانيين لزيارة إسرائيل في محاولة لـ"تسريع عملية التطبيع" بين البلدين.
وقد بيّن لـ"تايمز أوف إسرائيل" أن هدفه من الزيارة المحتملة محاولة "كسر الحاجز النفسي" بين البلدين عبر التركيز على بناء روابط "ثقافية إنسانية" بين المواطنين العاديين، خلافاً للعلاقات السياسية أو الاقتصادية، حسب زعمه.
كان برطم نائباً معارضاً ومستقلاً في البرلمان السوداني لمدة أربع سنوات في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير قبل أن يترك السياسة عام 2019 بعدما أطاح المتظاهرون السودانيون نظام البشير القمعي.
في مقابلته مع الصحيفة الإسرائيلية، شدد برطم على أن "القضية بين البلدين لا علاقة لها بالدين أو الأيديولوجية"، وأنه "مقتنع تماماً بأن القضية مع إسرائيل سياسية".
وتابع: "أقول دائماً للناس، أعتقد أن القرآن يدعو إلى التطبيع مع إسرائيل ومع اليهود"، مستدركاً "يمكننا أن نأكل من طعامهم ونتزوج من شعبهم. ديننا لا يدعو إلى عداوة إسرائيل أو اليهود".
"دعم شعبي للتطبيع"؟
ذهب برطم أبعد من هذا وأضاف في المقابلة أن "هناك دعماً شعبياً للتطبيع" في السودان، موضحاً أن "المواطن السوداني العادي ليس لديه مشكلة في إقامة علاقات مفتوحة مع إسرائيل. هذا ليس رأيي، بل رأي العديد من السودانيين".
وادّعى أن أكثر من 1000 سوداني اتصلوا به، طالبين الانضمام إلى وفده، معتبراً أن هذا "العدد الكبير" من المواطنين المهتمين بالانضمام إلى الوفد دليل على أن فكرة التطبيع مع دولة الاحتلال تحظى بتأييد عامة الشعب السوداني.
وأشار برطم إلى أنه تواصل مع عدد من المنظمات غير الحكومية في إسرائيل لترتيب استقبال الوفد المزعوم، مؤكداً "رحبت جميعاً بهذه الزيارة (المقترحة)". غير أنه في الوقت نفسه نفى أن يكون قد تواصل معه أي مسؤول -إسرائيلي أو سوداني- في هذا الشأن.
وعن ذلك قال: "لقد قدمنا مناشداتنا وننتظر أن نسمع من الجانب الآخر… إذا كانوا سيرحبون بنا، أقصد".
وسط الأنباء المتضاربة حول موافقة مجلس السيادة على التطبيع… برلماني سوداني سابق يقول إن "المواطن السوداني العادي ليست لديه مشكلة في إقامة علاقات مفتوحة مع إسرائيل" ويتهم حكومة حمدوك بالسير على نهج البشير في العداء مع دولة الاحتلال
انقسام رسمي حول التطبيع
في تقارير متتالية، أفادت وسائل إعلام سودانية بأن هناك انقساماً داخل النظام السوداني الحاكم حالياً بشأن التطبيع مع إسرائيل. ففي حين يؤيد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وعدد من أعضاء المجلس وأعضاء في الحكومة مساعي التطبيع، يرفضها أعضاء الأحزاب السياسية والوزراء والمواطنون، وفي مقدّمهم رئيس الحكومة عبد الله حمدوك. وهذا ما يعني أن تأييد التطبيع شبه متفق عليه بين العسكر الذين يقتسمون السلطة لفترة انتقالية مع الحكومة المدنية. بدا ذلك جلياً في لقاء البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عنتيبي الأوغندية، في شباط/ فبراير الماضي، وقد تنصل منه حمدوك وحكومته ووصفاه بأنه تصرف فردي.
في مقابلته، ألقى برطم باللوم على حمدوك وأطراف مدنية أخرى في إحجام البلاد عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. قال: "قبل الثورة، كان البشير ضد إسرائيل. الآن، إنه حمدوك والحزب الشيوعي". وأضاف: "العداء نفسه بأشكال مختلفة. لا تزال النخبة السياسية السودانية تتبع المسار نفسه".
وكانت تقارير محلية وعربية قد زعمت أن الولايات المتحدة منحت السودان، في 14 تشرين الأول/ أكتوبر، مهلةً مدتها 24 ساعة، للرد على عرضها بشأن حذف اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي أدرجته واشنطن عليها منذ عام 1993، عقب استضافة البلد الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
ويجادل أنصار التطبيع في السودان بأن رفع اسم بلدهم من القائمة قد يكون له أثر كبير على الاقتصاد السوداني الذي عانى طويلاً بسبب العقوبات الخانقة، علاوةً على إمكان الحصول على مساعدات دولية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين