أظهر استطلاع رأي واسع النطاق معارضة الغالبية العظمى (70%) من الإيرانيين تطبيق عقوبة الإعدام بشكل مطلق أو يوافقون عليها في حالات استثنائية فقط، بينها القصاص في جرائم القتل.
يأتي الاستطلاع الذي أجراه مركز "كمان" الإيراني، وهو مؤسسة بحثية غير ربحية ومستقلة، مقرها هولندا، بتكليف من منظمة حقوق الإنسان الإيرانية (IHR) غير الحكومية، ومقرها النرويج، والتحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام (WCADP)، ومقره روما، في سياق الجدل والغضب اللذين لم يتوقفا منذ إعدام المصارع الإيراني الشاب نويد أفكاري قبل بضعة أسابيع.
بين 3 أيلول/ سبتمبر الماضي و11 منه، وتحت عنوان "مواقف الإيرانيين من عقوبة الإعدام"، استطلعت آراء أكثر من 24 ألف إيراني، يعيش نحو 86% منهم داخل البلاد.
"الإعدام لا يردع المجرمين"
وجد الاستطلاع أن 44% من الإيرانيين يعارضون عقوبة الإعدام بشكل قاطع، بينما يؤيدها 26% في حالات استثنائية فقط، أبرزها القتل المتسلسل والمذابح التي حصلت على أعلى نسبة تأييد لتطبيق الإعدام (50%).
"الغالبية العظمى ترغب في وضع حد لهذا"... استطلاع رأي واسع يُبيّن أن 70% من الإيرانيين يعارضون عقوبة الإعدام، ويفضّلون العقوبات البديلة بل إن 60% يعتقدون أن هذه العقوبة "تُعزز العنف في المجتمع وتسهم في تطبيعه"
ويؤيد 32% الإعدام عقوبةً على جرائم الاغتصاب، والنسبة نفسها لـ"القتل العمد". مقابل 29% يوافقون على الإعدام عقوبة لـ"الاختلاس والفساد"، و18% لـ"الخيانة والتجسس"، و17% لـ"الاتجار بالمخدرات"، و11% لـ"الخطف"، و9% لـ"السطو المسلح"، و8% لـ"العمليات المسلحة ضد الحكومة".
وقال 14% من المستطلعة آراؤهم إنهم يوافقون على عقوبة الإعدام لأن الشريعة الإسلامية تفرضها.
برغم ذلك، لا يعتقد 68% من الإيرانيين على القول إن "عقوبة الإعدام تمنع الجريمة وتجعل المجتمع أكثر أماناً"، فيما لا يعتقد 67% أن "عقوبة الإعدام تحقق العدالة". علاوة على ذلك، يرى 60% أن عقوبة الإعدام تُعزز العنف في المجتمع وتسهم في تطبيعه.
وقال 46% إن الحق في الحياة لا ينبغي أن يُنتهك حتى لو كان الشخص قد ارتكب جريمة. وعارض 85% عقوبة الإعدام للجناة الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً عند ارتكاب جريمة القتل. واعتقد 84% أن العقوبة والدية لا ينبغي أن تعتمدا على جنس الضحية (ذكر أو أنثى).
وعبّر 57% عن اعتقادهم بأن عقوبة الإعدام لا تؤدي إلى تعويض أسرة الضحية، ولفت 62% إلى أن القضاء هو الذي ينبغي أن يحدد نوع عقوبة القتل ومدتها وليس عائلة الضحية.
وقال 17% إنهم شاهدوا "إعدامات علنية"، عارض 86% من العينة تنفيذ الإعدام علناً.
اللافت أنه حتى مع فرضية تعرض أحد أفراد الأسرة للقتل، اختار 48% من المبحوثين "السجن المؤبد أو الطويل الأمد" عقوبة للقاتل، ورجّح 5% القبول بـ"الدية" والعفو عن الجاني مقابل اختيار 22% عقوبة الإعدام أو القصاص.
أما عن العقوبة التي يعتقدون بوجوب تطبيقها على مسؤولين سابقين، وافق نحو 32% على "عقوبات أخرى غير عقوبة الإعدام" لمرتكبي المجازر، في حين اتفق نحو 5% على العفو العام وتشكيل لجنة تحقيق لإظهار الحقيقة.
إلى ذلك، وافق 31% على عقوبة الإعدام لهؤلاء المسؤولين ما داموا حُكموا بالإعدام في محاكمات عادلة، مقابل تأييد 7% لـ"الإعدام الثوري" لهم.
بوجه عام، يؤمن 69% بأن الشعب الإيراني ينبغي أن يكون صاحب القرار بأن الإبقاء على عقوبة الإعدام أو إلغاءها، وذلك عبر استفتاء شعبي.
ما أهمية هذه النتائج؟
تعكس هذه النتائج، وفق مركز "كمان"، آراء المقيمين الإيرانيين المتعلمين الذين تزيد أعمارهم على 19 عاماً، والذين يشكلون 85% من السكان البالغين في إيران. كما أنه يمكن تعميمها على السكان المستهدفين بمستوى صدقية 95%.
وتتمثل أهمية الاستطلاع في أن مثل هذه الآراء "لا يمكن مناقشتها علانية في إيران بسبب القيود الحالية" التي يفرضها النظام الحاكم.
وإيران صاحبة المركز الثاني عالمياً من حيث أكبر عدد من الإعدامات بعد الصين. ويقر قانون العقوبات الإيراني هذه العقوبة لمجموعة واسعة من الجرائم، بينها: القتل والاغتصاب والسطو المسلح وحيازة المخدرات والاتجار بها والتجسس والفساد الاقتصادي والانتماء لجماعات معارضة مسلحة وسب الرسول والكفر والعلاقة الجنسية بين المثليين جنسياً والزنا والحكم على شرب الخمر للمرة الرابعة.
إيران ثانية أكثر دول العالم تنفيذاً للإعدامات بعد الصين وهي الدولة الوحيدة التي لم تزل تطبق إعدامات علنية وتوقّع هذه العقوبة غير الإنسانية على الأطفال. منذ بداية العام، أعدمت إيران 190 شخصاً
وإيران أيضاً هي الدولة الوحيدة التي لم تزل تُجري عمليات إعدام علنية وتطبق العقوبة على المذنبين الأحداث (أقل من 18 عاماً).
ويعتقد الناشط الحقوقي الإيراني محمود أميري مقدم أن "هذا الاستطلاع يشير إلى أنه، على عكس التأكيدات الرسمية، لا تحظى سياسة عقوبة الإعدام التي تنتهجها السلطات الإيرانية بدعم الشعب، وأن الغالبية العظمى من الشعب الإيراني ترغب في وضع حد لعمليات الإعدام العلنية وعقوبة الإعدام للمذنبين الأطفال، وتفضّل العقوبات البديلة حتى على الجرائم الخطيرة مثل القتل".
وحث المجتمع الدولي على أن "يردد صدى صوت الشعب الإيراني ويدعو السلطات الإيرانية إلى تنفيذ إصلاحات أساسية من أجل القيام بخطوة مهمة نحو إلغاء عقوبة الإعدام".
ولدى إعلان النتائج، دعا كل من WCADP وIHR إلى "وقف فوري" لعقوبة الإعدام في إيران، علاوةً على تنفيذ إصلاحات جنائية جادة تحد من استخدام هذه العقوبة كخطوة نحو إلغائها تماماً.
ولمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يوافق 10 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، أطلقت العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية وناشطو حقوق الإنسان نداءات إلى السلطات الإيرانية لوقف تطبيق هذه العقوبة.
وقالت شيرين عبادي، رئيسة مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، والحائزة جائزة نوبل للسلام، إن "أكثر من 30 شخصاً في السجون الإيرانية ينتظرون حالياً عقوبة الإعدام، وهم في طريق الموت". ولفت كريستوف دولفار، السكرتير الأول لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، إلى إعدام "آلاف الرجال والنساء، وأكثر من 20 صحافياً في إيران منذ عام 1979، من قبل محاكم غير عادلة"، واصفاً "إعدام سجناء الرأي، بمن فيهم الصحافيون، بأنه أكثر أشكال القمع تطرفاً لحرية التعبير".
وأعدمت إيران نحو 251 شخصاً عام 2019 و190 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، بينهم نساء وأطفال.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...