مع شروق الشمس، تمد النحلة قرني استشعارها من باب القفير، و بعد بضع خطوات متسارعة ترفرف الأجنحة وتقلع، ثم تحوم قليلاً لتنطلق في رحلة الحب الأزلي بين النحلة و الزهرة... حب لا يقطع الحبل السري بينها و بين الخلية، مهما استطال. هذه الصورة الرائعة تتجسد أمامنا بكل تفاصيلها في أغنية "طريق النحل" للسيدة فيروز.
نسمع نقرات البيانو الأولى، فتوحي لنا بأن لا أصوات أخرى في هذا العالم سواها، ترتفع وتحوم بلطف لتحط على مستقر زهرة مقام المينور.
مونولوج داخلي لفيروز
لم يكن دور التمهيد، برسم مشهد انطلاق النحلة في الصباح الباكر، هو الدور الوحيد الذي قامت به نقرات البيانو البسيطة، بل هيأت أيضاً لمنولوج داخلي وشيك، وأوحت بحالة الوحدة التي تعبر عنها صاحبة الأغنية. "أنت وأنا يا ما نبقى"، نوتة طويلة ترسم خط الأفق في هذه اللوحة، "نوقف على حدود السهل"، النوتة ذاتها، "وعلى خط السما الزرقا مرسومة طريق النحل".
بعد ذلك يرفع البيانو انتباه المستمع إلى الدرجة القصوى بثلاث نقرات بسيطة تصل إلى الدرجة الأخيرة من المقام "لا مينور"، ليبدأ بعدها الحديث، حيث تنطلق الحركة في الأغنية عن طريق إيقاع شرقي "مقسوم"، ولكن بأدوات وتقنيات غربية بحتة، حيث تستخدم أكورات البيانو يرافقها التامبورين، بدون استخدام أي آلة إيقاعية شرقية "طبلة أو رق"، ولا أعرف لماذا لم يلجأ الأخوان رحباني كعادتهما في أغانٍ كثيرة شبيهة بأجواء هذه الأغنية، لإدخال إيقاع شرقي بآلات شرقية، بشكل ينسجم مع جو الأغنية.
يبدأ المنولوج بوصف الحالة الزمانية و المكانية لمشهد مرور النحلة وانتقالها بين زهور الغابة، "أنا و متكية عبابي مرقت نحلة بكير". تلي ذلك جملة مكونة من ثلاث علامات، توحي لك بأن الموسيقا طرف آخر في المنولوج الداخلي، تقوم بدور من يحث المتكلم على المتابعة، وكأنها تهز رأسها قائلة: وبعد؟
تبدأ أغنية طريق النحل للسيدة فيروز بمونولوج داخلي يصف الحالة المكانية والزمانية لمشهد انتقال النحلة بين زهور الغابة، وتقوم فيها موسيقا الرحابنة بمحاورة صوت فيروز وكأنها طرف ثانٍ يسمعها ويحثها على المتابعة
"غلت بزهور الغابة وصارت تعمل مشاوير"، هنا نسمع جملة موسيقية تتقافز من أول المقام إلى وسطه، ثم إلى آخره، مخلفةً في آذاننا طنين النحلة التي تطير من الزهرة صعوداً، للبحث عن زهرة أخرى، والجملة الموسيقية هنا تقلد الصوت والصورة معاً.
تعاد اللوحة السابقة لترسيخ الصورة، ولكن بتوزيع موسيقي في الخلفية مختلف عن المرافقة العادية في المرة الأولى ثم: "بتعن العنين، حزين ومش حزين، وبسكوت الضهرية تكسر الحنين..."، انبثقت الجملة اللحنية هنا من منتصف سلم المقام، وبطريقة يتغير فيها المزاج العام للحن، مع استخدام كلمة "عنين" بدل "طنين"، وهذا ما يظهر إسقاطاً للعواطف الإنسانية على عناصر الطبيعة (النحلة)، نظراً لما تختزنه مفردة "عنين" من حزن وتعب.
وعند حر "الضهرية"، "يتكسّر" حنين النحلة إلى الزهر، فالنحل كما هو معروف، لا يعمل تحت حرّ أو قرّ، وفي هذا إسقاط فني على حالة الشعب في مسرحية ناطورة المفاتيح، الذي توقف عن العمل وقرر الهجرة تحت ضغط جور الملك غيبون.
إذا أمعنا السمع في جملة: "وبسكوت الضهرية تكسر الحنين"، سنلاحظ أولاً، أنها متصاعدة بشكل يمهد لذروة صورة شعرية معينة. ثانياً، نلاحظ أن كلمة "تكسّر"، تناوب عليها الضغط اللفظي القوي مرتين، "تكسَّ – رلح..."، وقد ترجم اللحن ذلك بتكرار نفس النبرة اللحنية للمرتين في ذات الكلمة "سي لا –سي لا "، ما أوحى بوجود ضربتين قويتين وجههما حرّ الظهيرة لحنين النحل.
ثالثاً، كلمة "حنين" لوحدها كان من الممكن أو المتوقع أو المألوف، أن تلحن بطريقة أكثر طراوة وحناناً وعاطفية، شأنها شأن الكلمات العاطفية اللطيفة الأثر على النفس، ولكنها هنا لحنت بشكل مستقيم تماماً، لا انحناءات فيه، وانتهت بشكل حاد وواضح، ما يوضح مدى الدقة في التعبير الموسيقي والغنائي عن الصورة الشعرية عند الأخوين رحباني، فحواف كلمة "حنين" حادة وواضحة ومقطوعة لأنها ببساطة "مكسَّرة".
ما العلاقة بين طريق النحل والحب؟
يأتينا صوت الرجاء المكابر، وتتوقف الموسيقى عن المرافقة بشكل كامل، ويبقى صوت فيروز فقط في أداء عبارة "إذا رح تهجرني"، وتوقف المرافقة والإيقاع هنا، مع أسلوب الغناء المعبِّر عن الحزن واللوعة، ينسجم درامياً مع دلالة كلمة "تهجرني"، لتعود الموسيقا والإيقاع إلى النشاط في خلفية الغناء مع كلمة "حبيبي".
وبعد "إذا رح تهجرني حبيبي، ورح تنساني حبيبي" تطلب منه: "ضل تذكرني وتذكر طريق النحل"، نسمع بعد عبارة طريق النحل، تصويراً إضافياً لطنين النحل بواسطة الموسيقى، يتكرر التصوير مرتين من طبقتين مختلفتين تصاعدياً، للتمهيد للصورة الأخيرة التي تمثل الذروة التعبيرية في المشهد برمته، والتي تختصرها عبارة "طريق النحل"! تلك العبارة الموغلة في الشاعرية والدقة والجمال والارتباط بين مكونات العالم برابط الحب.
طريق النحل هو ذلك الحبل السري الخفي الذي يربط النحلة بحبها الأول، وهو الخلية/الوطن، لذلك نجدها دائماً تستطيع الرجوع إليها بدون أن تضيع، مهما ابتعدت في رحلة الحب الثاني. و هذا شيء مرتبط بنواميس الطبيعة، ويربطه الأخوان رحباني دائماً بمفهوم الحب بما هو قانون كوني لا يشمل فقط العلاقات الإنسانية، بل يمتد إلى عناصر الكون برمته، ويسيِّره، ويسعى بكل علاقات الحب الجزئية للوصول إلى هذا الجوهر.
فحب الأرض والوطن والناس، وهو أحد المظاهر المهمة للحب التي يروج لها الرحابنة بقوة في أعمالهم، سيدفع الناس للعودة بعد انحسار "الضهرية" إلى العودة للحياة، كما يدفع الحب النحل للعودة إلى خليته، فالشعب (النحل) الذي عانى من فساد الملك وظلمه، أصبح نحلاً بلا خلية، وترك ملكة الخلية متوجة بالفراغ، والدعوة هنا إلى تذكر طريق العودة بعد عودة المعادلة بين الملكة والنحل إلى الشكل الطبيعي.
طريق النحل هو ذلك الحبل السري الخفي الذي يربط النحلة بحبها السرمدي الأول، وهو قفيرها أو الوطن، الذي دائماً ما ترجع إليه دون أن تضل طريقها مهما ابتعدت
هذا الحب الأساسي السرمدي بين النحلة وقفيرها، الذي يحمل على كفيه حب النحلة للزهر، عبرت عنه فيروز بصوتها في أداء جملة "طريق النحل"، حيث أدت لحن الجملة بلحنها الدوراني المعبر بدائريته عن السرمدية والتكرار، كما أنها أوحت أيضاً بصورة تحويم النحلة في نفس الوقت.
المقطع الموسيقي الذي يأتي بعد ذلك، يشكل الصورة الأساسية لفكرة الأغنية، حيث يربط موسيقياً بين عنصري التشبيه، الأول هو رحلة هجرة شعب المملكة وعودته، ممثلة بنقرات الوتريات التي جسدت خطوات واضحة وثابتة من جهة، والثاني هو النحل المتمثل بصوت الأورغن الذي يصدر طنيناً كطنين النحل، من خلال جملة تشبه بتكوينها "التحويمي" طريقة طيران النحل. ونلاحظ هنا الكم الكبير للطرق التي تم فيها تصوير النحل وسعيه وطيرانه وحركته على مدى الأغنية.
"الكلمة أخت النغمة"
يتكرر بعد ذلك نفس اللحن بكل تفاصيله، على كلام مختلف للمقطع الثاني، وهنا نجد تجلياً لنمط معروف في الغناء العربي، وهو تكرار اللحن الواحد لكلام مختلف، الذي تفرضه ضرورات القوالب الغنائية أحياناً، أو تفرضه وحدة الفكرة، فالكثير الكثير من الأغاني العربية، ومنها أغاني الأخوين رحباني، تحتوي على عدة مقاطع متشابهة اللحن، ولكنها مختلفة بالكلمات، وهذا الشيء يحدث في قوالب غنائية وموسيقية معروفة في الغناء والتأليف الموسيقي العربي، مثل الطقطوقة القديمة والمطورة والموشح، فهل تسقط هنا لدى الأخوين رحباني سمة التجانس والتآلف والأخوة بين اللحن و الكلمة؟
إذاً كيف لملحن يتبنى مقولة "الكلمة تقود إلى اللحن"، أن يضع نفس اللحن لمقاطع مختلفة الكلام؟ خصوصاً وأن عاصي الرحباني كان قد صاغ هذا المبدأ بوضوح في إحدى المناسبات الموثقة بالقول: "الكلمة أخت النغمة".
قبل الخوض بهذه المسألة لابد أن نلاحظ أن العمل الموسيقي ليس شعراً أو نثراً في نهاية الأمر، بل هو فن مختلف، له طرائقه وأدواته الخاصة التي يبتكرها الموسيقيون للتعبير عن مضمون الفكرة، وإن اشترك مع بقية الفنون في كثير من الأمور. والعمل الموسيقي له متطلبات موسيقية كثيرة، قد تقود الموسيقي إلى تكرار هنا، حشو هناك أو لازمة موسيقية معينة، ليصبح العمل متطابقاً مع معايير وقواعد معينة، كعدد الميزورات أو الالتزام بالإيقاع، المقام أو الانتقالات المقامية السلسة والمستساغة إلخ...
ولكن هذا لم يحدث مع الأخوين رحباني، بالرغم من كونه مبرراً لأي موسيقي أحياناً، لأن المبدع دائماً يتحدى نفسه في قدرته على استخدام وتجيير تلك التقنيات في خدمة القوة التعبيرية والجمالية للعمل الموسيقي، وقدرته على استيلاد المعاني والصور من بطون النصوص، تطويرها والإضافة عليها، مع وضع البصمة الخاصة به بأدواته الموسيقية البحتة، بالرغم من التزامه بالقواعد والمبادئ العامة. وهذا شبيه إلى حد بعيد بقدرة لاعب كرة القدم على الانفراد بالمرمى بدون أن يقع في مصيدة التسلل، أو قدرة لاعب الشطرنج على حصار ملك الخصم بدون أن ينقل أحد الفيلين من المربعات السوداء إلى المربعات البيضاء، أو يجعل القلعة تتحرك مثل الوزير.
وهنا ندخل بوضوح في إشكالية التجديد والتقليد ضمن حدود المعايير العامة للجمال، إذ لا يمكن أن ينزل مستوى التحدي الإبداعي، بذريعة التجديد والتغيير، إلى مستويات يستطيع الوصول لها أي مدّع للموهبة، فهذا يشبه أن يتجاهل لاعب كرة قدم قانون التسلل، ويتلطى خلف دفاع الخصم، بتواطؤ مع حكم التماس لكي يسجل الهدف.
لقد تم تصوير النحلة بعدة طرق في أغنية "طريق النحل"، فهي حاضرة في تشكيل الجملة الموسيقية واختيار تقنيات للعزف والغناء تشبه طنين النحل وسلوكه، وبهذا أوجد الرحابنة قالباً موسيقياً خاصاً يحاكي الصورة البصرية للموضوع
بالعودة لأغنيتنا هنا، يدهشنا التكرار والتطابق بين الكوبليه الأول والثاني: أنا ومتكية عبابي - طريق النحل الطاير، وهذا التطابق يتناول اللحن والتوزيع والأداء الغنائي، لدرجة نظن فيها أن التسجيل الموسيقي للأغنية تم بطريقة نسخ لصق، ثم وضع الغناء فوقه، كما يحدث الآن في التسجيلات الحديثة. المدهش أكثر هو التنويع والتجديد في أداء وتوزيع الإعادات داخل كل مقطع من المقطعين، وبالتالي ما المبرر لكي يتكرر أو يتطابق المقطعان الرئيسيان اللذان يشكلان العمود الفقري للأغنية؟
هو سؤال مهم وجدير بالنقاش، ولكن قبل ذلك دعونا نرى التنويع الذي قام به الملحن في الإعادات، داخل كل من المقطعين، وسأكتفي بتحليل المقطع الأول، لأنه ينطبق تماماً على المقطع الثاني، تتكرر في المقطع الأول جملة: "أنا ومتكية عبابي/ مرقت نحلة بكير/ غلت بزهور الغابة/ وصارت تعمل مشاوير، وهناك فروق بين الإعادتين تتناول التوزيع الموسيقي واللوازم الموسيقية بين الجمل.
في المرة الأولى لغناء مقطع "أنا ومتكية عبابي"، نجد التوزيع الخلفي للموسيقا حيادياً نوعاً ما، لا مرافقة لحنية للمغني، وهناك جمل طويلة تركيبتها هارمونية في المنطقة المنخفضة من المقام، بينما نجد في نفس المقطع بالإعادة، أن تلك الجمل نفسها قد ارتفعت إلى طبقة الجواب، بحيث أصبحت ملاحظتها أسهل، وأصبح تفاعلها مع موضوع المونولوج أكثر وضوحاً بالمقدار والنوعية.
أما من حيث اللوازم الموسيقية التي تفصل بين عبارتي "مرقت نحلة بكير" و"عبارة غلت بزهور الغابة"، فهي في المرة الأولى ترد بثلاث علامات استطرادية تحث المتكلم على المتابعة كما ذكرت أعلاه، أما في المرة الثانية فهي جملة مكونة من علامتين فقط (صول مي). وسبب هذا هو أنه من الطبيعي أن يكون الطرف الآخر في هذا المونولوج قد خفّف من محاولات الحث لديه، لأن المتحدث يستطرد في الحديث، أما التكرار الثاني في هذا المقطع فهو إعادة غناء مقطع "إذا رح تهجرني حبيبي ورح تنساني يا حبيبي"، فقد تنوع أيضاً من حيث التوزيع في الخلفية وفي الأداء الغنائي كما نلاحظ هنا.
بعد هذا الشرح المفصل عن التطابق الذي يبدو غريباً عن نهج الأخوين رحباني، للحن وتوزيع الكوبليهين في أغنية مهمة كهذه، إذا رسمنا مخططاً عاماً لشكل هذه الأغنية وأقسامها، نجد أنها تتألف ببساطة من مقدمة بسيطة جداً، ومن مقطعين متناظرين تماماً شكلاً، يفصل بينهما المقطع الموسيقي الوحيد الذي ينتصف الأغنية تماماً، وتؤديه آلة الأورغن، بمرافقة الوتريات التي تعزف بتقنية بازيكاتو (النقر بالإصبع على الوتر).
بماذا يوحي لنا الشكل العام لـ"طريق النحل"؟
بكل بساطة، نرى نحلة موسيقية بجسمها وجناحيها وقرني استشعارها!
نحلة قد تم تصويرها بعدة طرق في أغنية واحدة، منها ما يمكن توقعه أو استنتاجه، مثل تشكيل الجملة الموسيقية، بنيتها اللحنية واختيار تقنيات للعزف الموسيقي والغنائي تشبه أصوات وطيران النحل وسلوكه، ومنها مالا يمكن توقعه ويسجل خطوة رائدة في عالم الإبداع، وهو صياغة قالب خاص للأغنية يحاكي الصورة البصرية للموضوع.
لا شك أن العمل الفني الذي يعطينا عدة مستويات من المتعة العقلية والحسية، يتناسب مع جهدنا بالبحث والتنقيب والإحساس المرهف، هو نتاج شخص مبدع قد سبقنا كثيراً في طريق الجمال، وترك لنا إشارات تقودنا إلى الطريق الصحيح، للوصول إلى الغاية الكبرى: الجمال الكلي!
فألف ألف شكر وامتنان لنجماتنا الثلاث التي تدلنا على مكان ميلاد الجمال الكلي: فيروز، عاصي ومنصور.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...