في 6 تشرين الأول/ أكتوبر، نشر رئيس الوزراء الإماراتي وحاكم دبي محمد بن راشد تغريدة يُعبّر فيها عن "ألمه" من إظهار استطلاع للرأي أن نصف الشباب العربي تقريباً يفكر في الهجرة.
وكتب بن راشد على حسابه عبر تويتر: "أظهرت أحدث وأكبر دراسة للشباب العربي في 17 دولة عربية لصالح أصداء بي سي دبليو أن نصف الشباب العربي تقريباً يفكر بالهجرة من بلده"، معلقاً "مؤلم أن ترغب نصف ثرواتنا العربية بالهجرة... مؤلم حين لا يجد الشاب العربي وطناً وأمناً وعيشاً في وطنه".
ما إن نشر بن راشد تغريدته حتى سارع عدد من مواطني الدول العربية لانتقادها، مؤكدين بالفعل رغبتهم في الرحيل لكن جراء سياسات الإمارات وتداخلاتها ودعمها للصراع والحروب في بلدانهم وفساد الدول العربية.
الاستطلاع
أظهر الاستطلاع أن ما يقرب من نصف الشباب العرب الذي يبلغ عددهم حوالي المئتي مليون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فكروا في مغادرة بلدانهم، لأن أزمة كورونا عطلت الاقتصادات وباتت تغذي الاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة.
وبحسب أرقام الاستطلاع، فإن 42٪ من الشباب العربي فكروا في الهجرة إلى بلد آخر ، وهو اتجاه وصفته الدراسة بالـ"مقلق" في منطقة 60٪ من سكانها دون سن الثلاثين.
وتظهر رغبة الشباب في السفر للخارج أكثر انتشاراً بنسبة 63% في دول شرق المتوسط وهي لبنان والعراق وفلسطين والأردن وسوريا واليمن، أما الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي فأقل ميلاً بنسبة 13% إلى التفكير في المغادرة.
وكشف الاستطلاع أن 82% من الشباب في لبنان يدعمون الاحتجاجات، مشيراً إلى أن تفجير مرفأ بيروت في أغسطس/آب تسبب في تفاقم الأزمة السياسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
وتتمثل الدوافع الرئيسية لهذه الرغبة في الأسباب الاقتصادية بنسبة 24%، والفساد بـ16%، كما تُعتبر فرص التعليم والتجارب الجديدة والأمن والأمان من الأسباب المهمة لذلك أيضاً.
استطلاع للرأي أعدته شركة مقرها الإمارات يشير إلى رغبة نصف الشباب العربي بالهجرة، وحاكم دبي يعبّر عن "ألمه" من هذا الواقع في وقت تقدّم أرقام الاستطلاع صورة إيجابية عن الإمارات ودول الخليج وعن موقفها من الفساد والتطبيع، وهو ما أثار ردود فعل منتقدة للاستطلاع وتغريدة بن راشد
وأجمع 36% من المشاركين في الاستطلاع على أن مكافحة الفساد الحكومي يجب أن تكون الأولوية القصوى لضمان تقدم العالم العربي، بينما أعرب 9 من كل 10 شباب عن شعورهم بالقلق إزاء البطالة، وأعرب قرابة 49% من الشباب عن ثقتهم بقدرة حكوماتهم على معالجة هذه المشكلة.
وقال 20% من الشباب المشاركين في الاستطلاع أن شخصاً في أسرتهم فقد وظيفته بسبب فيروس كورونا، وأشار 30% إلى ارتفاع ديونهم الأسرية، فيما أبلغ 72% أن أزمة الفيروس زادت من صعوبة إيجاد الوظائف.
وتعد منطقة الشرق الأوسط الأعلى عالمياً في معدلات بطالة الشباب بنسبة أكثر من 26%، وفقاً لمنظمة العمل الدولية.
ويعاني عدد من الشباب العرب من ارتفاع الديون الشخصية، إذ يقول 35% من المشاركين إن لديهم ديوناً شخصية، وهو ما يمثل ارتفاعاً كبيراً مقارنةً بـ21% عام 2019.
وفي سياق آخر، يرى 40% من الشباب المشارك في الاستطلاع أن الدين يمثل عاملاً أكثر جوهرية لهويتهم الشخصية من الانتماء العائلي أو الوطني، أو النوع الاجتماعي، أو بقية العوامل الأخرى. كما أظهر الاستطلاع ارتفاعاً كبيراً في الصورة الرقمية، إذ يحصل 79% من الشباب العرب على الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي، مقارنة بـ25% عام 2015.
من جهة ثانية، شهد استخدام منصات التجارة الإلكترونية نمواً كبيراً بين الشباب العربي منذ عام 2018، وبات غالبيتهم (80%) الآن يتسوقون عبر الإنترنت.
علامات استفهام
على الرغم أن الأرقام السابقة قد تبدو منطقية لكثيرين، إلا أن هناك علامات استفهام حول الأرقام الإيجابية التي تتعلق بالإمارات والدول الحليفة لها، وكذلك حول تجاهل الشركة عوامل أخرى مثل حرية التعبير وحقوق الإنسان.
ومؤسسة "أصداء بي سي دبليو" هي شركة علاقات عامة تدعي أنها الأكبر في المنطقة في جمع البيانات، وتتخذ من دبي مقراً لها، ويوجد لها فرع في أبو ظبي وآخر في جدة وثالث في الأردن.
أظهر الاستطلاع أرقاماً كلها إيجابية بالنسبة للإمارات، إذ يوافق 100% من الشباب الإماراتي على إجراءات الحكومة في مواجهة فيروس كورونا كما أن 1% فحسب يرون أن هناك فساداً في الحكومة، فيما يوافق 91% و76% من المشاركين في السعودية ومصر- الحليفتان للإمارات - على إجراءات دولهم في مواجهة ذات الأزمة.
بحسب الاستطلاع، فإن الشباب العربي ينظر إلى السعودية والإمارات باعتبارهما الأكثر تأثيراً على البيئة الجيوسياسية في المنطقة (39% و34% على التوالي).
ويرى الشباب العربي أن الولايات المتحدة زادت نفوذها في المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية، فينظرون إلى واشنطن بشكل أكثر إيجابي بنسبة 56% مقارنةً بـ41% عام 2019 أو بأي وقت آخر منذ عام 2016.
"اليمن بدها كلها تهاجر علشان نفسح لكم المجال تحاربوا وتدمروا اقتصادها وتنعموا بثروتها لأن شبابها لم يجدوا ما يسد رمق العيش فيها"... استطلاع لمؤسسة "أصداء بي سي دبليو" عن الشباب العربي والتعليق الإماراتي عليها يثيران الجدل
وبالنسبة للشباب المشاركين، فإن الإمارات تظل البلد المفضل للعيش فيه بنسبة 46%، ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به بنسبة 52%.
وتعد الولايات المتحدة ثاني أفضل بلد يريد الشباب العربي العيش فيه بنسبة 33%، ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به بنسبة 30%، تليها كندا والمملكة المتحدة وألمانيا.
ردود فعل
أثارت تغريدة بن راشد ردود أفعال واسعة بين المدونين العرب الذين سارعوا باتهام الإمارات بأنها أحد الأسباب التي تدفع الشباب إلى التفكير في الهجرة.
وغرّد مروان الشربي قائلاً: "اليمن بدها كلها تهاجر علشان نفسح لكم المجال تحاربوا وتدمروا اقتصادها وتنعموا بثروتها لأن شبابها لم يجدوا ما يسد رمق العيش فيها ولو دولار واحد لكل فرد باليوم".
وردّت حنين حاجي على بن راشد، قائلة: "ويا ترى بناتك و طليقتك إيش هربهم من الامارات، أعتقد أنه بدلاً من النفاق يجب عليكم الاعتراف بأنكم سبب رئيسي في كل ما يحصل في البلدان العربية فالأمر أصبح واضحاً بما فيه الكفاية".
وكتب مواطن عربي مهاجر يدعى كمال توفيق قائلاً: "لم أصدق ما قرأته في تغريدتك عن الشباب العربي، وأنا كنت منهم بل عشت في دبي قبل وبعد قيام الاتحاد وبسبب عنصريتك إنت بالذات غادرت الولايات المتحدة وأصبحت مواطن فيها وأنا أفتخر بها. وحصلت هنا على أعلى الدرجات العلمية والأكاديمية، شكراً لعنصريتك التي جعلت منا مواطنين في بلاد عظيمة".
وفي ظل موجة التطبيع مع إسرائيل، زعم الاستطلاع أن هناك تراجعاً في نظر الشباب العربي إلى القضية الفلسطينية كأولوية لهم، إذ يرى 25% من المشاركين أن حل هذه الأزمة يجب أن تكون الأولوية وهي بذلك تكون في المرتبة الرابعة على التوالي بعد مكافحة الفساد وخلق وظائف جديدة ومحاربة الإرهاب.
وعلى الرغم من التقارير الدولية التي تُظهر تدهور حقوق المرأة في المجتمعات العربية، خصوصاً في الخليج، قال الاستطلاع إن 75% من الشابات العربيات يؤكدن أنهن يتمتعن بنفس حقوق الذكور – وربما أكثر - في بلدانهن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...