شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"ماذا لو أحب/ت شخصاً آخر؟"... كيف يؤثر القلق المزمن على العلاقات العاطفية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 6 أكتوبر 202006:15 م

ليس من المبالغة القول إن هذا "عصر القلق" بامتياز، بحيث تجعلنا ضغوطات الحياة اليومية نعيش بقلق وخوف وهاجس من الغد ومن المستقبل، غير أن الشعور بالقلق غير المبرر أحياناً قد يكون مزمناً لدرجة أنه يدمر حياة الفرد وعلاقته بالآخرين، وبالأخص المقربين منه، الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن التعامل معه وتبديد خوفه ونوبات قلقه.

يمكن أن تكون مواعدة شخص يعاني من اضطراب القلق أمراً مرهقاً للغاية، ففي بعض الأحيان قد يبدو القلق وكأنه الطرف الثالث في العلاقة بين الشريكين، فيثير باستمرار الشك والارتباك والظنون السيئة في عقل أحدهما، الأمر الذي يجعل من الصعب الاستمتاع بالعلاقة.

من خلال فهم القلق وكيف يؤثر على كل من الشريك/ة والعلاقة به/بها، يمكن أن يصبح الحب بين الطرفين أعمق والتواصل أفضل، بالإضافة لتقليل حدة التوتر.

حقائق عن القلق

لا شك أن تعلّم بعض الحقائق الأساسية عن القلق سيساعد المرء على فهم ودعم الشريك/ة بشكل أفضل.

من هنا نصح كل من عالم النفس الدكتور ديف كاربونيل، والمعالجة النفسية الدكتورة هيلين أوديسكي، وضع بعض المفاهيم في الحسبان.

فقد أكدا أن اضطراب القلق هو عبارة عن مشكلة حقيقية مرتبطة بالصحة العقلية، وبالرغم من أنه شعور طبيعي ويطال جميع الأشخاص في مرحلة ما من مراحل حياتهم، أو حتى في موقف معيّن حدث لهم، إلا أنه يصبح مشكلة أو اضطراباً حقيقياً في حال كان شديداً ومبالغاً به.

يمكن أن تكون مواعدة شخص يعاني من اضطراب القلق أمراً مرهقاً للغاية، ففي بعض الأحيان قد يبدو القلق وكأنه الطرف الثالث في العلاقة بين الشريكين، فيثير باستمرار الشك والارتباك والظنون السيئة في عقل أحدهما

واللافت أن القلق يمكن أن يكون مرضياً لدرجة أنه يمنع الناس من العمل ومواصلة العيش بشكل طبيعي، إذ يمكن للشخص المصاب بالقلق أن يتفاعل مع ضغوط العلاقة باستجابة القتال أو الهروب، كما لو كان التوتر هجوماً جسدياً، مع العلم بأن مصدر القلق قد يكون غير منطقي أو عقلاني أو حتى مبرراً، ويصبح العقل غارقاً في العديد من الأفكار السامة والسيناريوهات السيئة: ماذا لو لم يحبني الآخر بقدر ما أحبه؟ ماذا لو كان يكذب عليّ؟ ماذا لو كان يخونني؟ ماذا لو أحب شخصاً آخر أفضل مني؟ ماذا لو دمر القلق علاقتنا؟ ماذا لو قرر الانفصال عني؟ وغيرها من الأسئلة التي تجعل الشخص المصاب بالقلق يتصرف بطرق غير عقلانية.

غير أنه من المهم أن نعي جميعاً أن الشعور بالقلق ليس ضعفاً بل هو أمر قابل للعلاج، بحيث يمكن أن يخفف العلاج النفسي أعراض القلق ويعلم الناس كيفية التعامل معها بشكل أفضل.

القلق والعلاقات العاطفية

يميل الشخص المصاب باضطراب القلق إلى افتراض أن الطرف الآخر سيقرر وضع حدّ للعلاقة والخروج من حياته، الأمر الذي يدفعه لإنهاء العلاقة العاطفية بنفسه، والحقيقة أن هؤلاء الأشخاص يقاتلون شيئاً لا يمكنهم السيطرة عليه، بالإضافة إلى إحساسهم الداخلي بعدم الأمان عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الإنسانية، فهم يعلمون جيداً أن القلق الذي يرهقهم شخصياً، وهو أمر صعب عليهم وعلى الشريك/ة، وعليه فإنهم لا يريدون أن يثقلوا الآخر بأفكارهم ومخاوفهم غير المنطقية، فيدفعونه بعيداً قبل أن يضطر هذا الأخير إلى إخبارهم بأنه لم يعد يريد هذه العلاقة.

في حديثها مع موقع رصيف22، أوضحت الأخصائية في علم النفس لانا قصقص، أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق يختبرون أعراضاً فيزيولوجية معيّنة، بما في ذلك دقات قلب سريعة، ضيق في التنفس، نوبات ذعرPanic attacks، اضطرابات في المعدة...

 يقاتلون شيئاً لا يمكنهم السيطرة عليه، بالإضافة إلى إحساسهم الداخلي بعدم الأمان عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الإنسانية

وفي السياق نفسه، كشفت قصقص أن هؤلاء الأفراد يعانون في العادة من عصبية مفرطة وتسيطر على عقولهم الأفكار السلبية: "لديهم قلق وخوف من المجهول بحيث أنهم يشعرون باستمرار وكأن أمراً سيئاً سيحدث لهم"، مشددة على أن المرء الذي يعاني من اضطراب القلق يصبح غير قادر على التحكم بمخاوفه، الأمر الذي يجعله عاجزاً عن الانخراط في علاقة عاطفية طويلة الأمد ومستقرة، بسبب ظنونه وشكوكه المستمرة بالآخر.

من هنا نصحت لانا الاشخاص الذين يعانون من القلق المزمن باللجوء إلى أخصائي/ة نفسي أو متخصص/ة في العلاقات الزوجية، لمساعدتهم على تخفيف حدّة قلقهم وضمان نجاح علاقاتهم الاجتماعية والعاطفية.

خطوات عملية لإنجاح العلاقة

إذا كنتم من الأشخاص الذين وقعتم في حب شريك/ة يعاني من اضطراب القلق، فهناك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها من أجل الحفاظ على الطرف الآخر وعلى نجاح العلاقة بينكما.

تذكروا أن الآخر يستحق القتال من أجله: التعامل مع شخص يعاني من اضطراب القلق ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، فقد تكون هناك خلافات "تافهة" لسيناريوهات صنعها هؤلاء الأشخاص في رؤوسهم، لكن الحقيقة أن الحب يحتاج إلى تضحية وبذل بعض الجهد، وبالتالي إذا وقفتم إلى جانب هؤلاء الأفراد، فإن ذلك سينعكس عليكم بشكل إيجابي.

الاستمتاع فقط: في بعض الأحيان سوف يلعب الشريك/ة بعض السيناريوهات في ذهنه/ها ويقفز من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) من دون أن تعرفوا أحياناً حتى كيف وصل/ت إلى هناك. أفضل شيء يمكنكم القيام به هو السماح له/ها بالتعبير عن نفسه/ها بشكل حرّ وصريح، فالاستماع إلى هواجس الآخر سوف يعود بالفائدة على الطرفين.

يصبح المرء الذي يعاني من اضطراب القلق غير قادر على التحكم بمخاوفه، الأمر الذي يجعله عاجزاً عن الانخراط في علاقة عاطفية طويلة الأمد ومستقرة، بسبب ظنونه وشكوكه المستمرة بالآخر

عدم الحكم على الآخر: بالنسبة لكم قد تبدو نوبات القلق غير منطقية على الإطلاق ولكن بالنسبة للطرف الآخر فإن الوضع مختلف، إذ إن هذه الهواجس قد تجعله مستيقظاً طوال الليل، من هنا يجب مراعاة الشريك/ة والتحلي بالصبر في التعاطي معه/ها.

في الحقيقة، يدرك الأشخاص المصابون باضطراب القلق بأن أفكارهم يمكن أن تكون غير عقلانية، أن عقولهم تقفز إلى السيناريوهات الأسوأ وأن الذعر الذي يسيطر عليهم لا معنى له، ولكن عندما يميل الشريك/ة إلى التقليل من أهمية هذه الهواجس ونوبات القلق، وأن يقول لشريكه/ة بأنه يبالغ في ردود أفعاله، فإن ذلك لن يساعد على نجاح العلاقة بين الطرفين، بل سيجعل الشخص الذي يعاني من القلق يشعر بأنه سخيف وضعيف.

ليست مسألة غياب الثقة بل الخوف: إن قلق الشريك/ة ليس متعلقاً بغياب الثقة بكم بل تسيطر السيناريوهات السيئة على عقل الشخص المعني لدرجة أنه يكره نفسه بسببها، ويعجز في الوقت نفسه عن وضع حدّ لشكوكه ومخاوفه غير المبررة.

الرد على الرسائل في الوقت المناسب: إن الشخص الذي يعاني من اضطراب القلق يميل في الكثير من الأحيان إلى الرد على الرسائل النصية بسرعة كبيرة، وبالتالي في حال لم يكن بوسعكم الرد على اتصاله مثلاً، فمن الجيد أن ترسلوا رسالة مفادها "لا أستطيع التحدث الآن، سأرد في وقت لاحق". فالواقع، إن الصمت هو أمر "قاتل" بالنسبة للشخص الذي يعاني من القلق، إذ يخلق مشاكل في ذهنه وينتهي الأمر باعتذارات غير ضرورية.

اكتساب الثقة وتدفق الحب بشكل لا يصدق: يتمتع الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق بالقدرة على إظهار مدى حبهم وتقديرهم للطرف الآخر، صحيح أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لكي يتمكنوا من الوثوق بالشريك/ة، ولكن عندما يحصل ذلك فإنهم سيغرقون الآخر بالحب وبالمشاعر الجميلة الصادقة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image