شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"أقدم وجود إنساني في جزيرة العرب"... البشر عاشوا في السعودية قبل 120 ألف عام

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 19 سبتمبر 202001:14 م

في ما اعتبر "أقدم دليل على الوجود الإنساني في شبه الجزيرة العربية" حتى الآن، عثر فريق سعودي دولي مشترك على آثار أقدام بشرية لسبعة أشخاص، وآثار لحوافر جمال وفيلة، وقوائم حيوانات من فصيلتي الوعول والبقريات، علاوةً على نحو 233 أحفورة من بقايا عظمية للفيلة والمها في صحراء النفود بالمملكة العربية السعودية.

تعود آثار الأقدام والحوافر إلى زمن بعيد يراوح بين 112 و121 ألف عام، بحسب تصريح فريق الباحثين إلى مجلة "ساينس أدفانسز" المتخصصة التي لفتت إلى أن تلك الآثار تمثل "دليلاً نادراً على متى وأين سكن البشر الأوائل في شبه الجزيرة العربية".

"يعكس عمق تاريخ الجزيرة العربية"

أكد الرئيس التنفيذي لهيئة التراث السعودية، جاسر الحربش، العثور على آثار الأقدام البشرية والحيوانية حول بحيرة قديمة جافة على أطراف منطقة تبوك، لافتاً إلى أنها تمثل "الدليل العلمي الأول على أقدم وجود للإنسان على أرض الجزيرة العربية" و"تقدم لمحة نادرة إلى بيئة الأحياء أثناء انتقال الإنسان لهذه البقعة من العالم".

وشدد على أن هذا الكشف "يعكس عمق تاريخ الجزيرة العربية ومدى إسهاماتها الحضارية في التاريخ".

"دليل نادر على متى وأين سكن البشر الأوائل شبه في الجزيرة العربية"... العثور على آثار أقدام لسبعة أشخاص تجولوا في صحراء النفود السعودية عمرها نحو 120 ألف عام

وقال عالم الآثار وقائد الفريق مايكل بيتراجلا، من معهد ماكس بلانك لعلوم تاريخ البشرية، للمجلة: "هذه هي الآثار الأولى لأقدام بشرية حقيقية في شبه الجزيرة العربية".

وذكرت المجلة العلمية: "ذات يوم منذ نحو 120 ألف عام، تجول عدد قليل من البشر على طول شاطئ بحيرة قديمة تعرف الآن بصحراء النفود في السعودية. قد يكونون توقفوا مؤقتاً لتناول المياه العذبة أو لتتبع قطعان الأفيال والحمير البرية والإبل التي كانت تدوس السهول الطينية. في غضون ساعات من مرورهم، جفت آثار أقدام البشر والحيوانات وأصبحت في النهاية متحجرة".

عُرفت شبه الجزيرة العربية طويلاً بأنها الطريق الأوضح الذي سلكه الأفراد الأوائل من جنسنا البشري أثناء سفرهم من أفريقيا إلى الشرق الأوسط وأوراسيا. وتشير الآثار الحجرية إلى أن البشر القدماء اكتشفوا شبه الجزيرة العربية في أوقات مختلفة في عصور ما قبل التاريخ إذ كان المناخ أكثر رطوبة وكانت صحاريها القاسية أراضي عشبية خضراء تتخللها بحيرات المياه العذبة.

الإنسان العاقل مرّ من هنا

قبل الكشف الأخير، كان أقدم دليل وجده الباحثون على أن البشر وليس أشباه البشر وغيرهم من الرئيسيات عاشوا هناك، هو عظم إصبع بشرية واحدة ترجع تاريخها إلى 88 ألف عام.

اليوم، بعد عقد من البحث في المنطقة باستخدام صور الأقمار الصناعية وفحص الأرض، حدد بيتراجلا وزملاؤه عشرات الآلاف من أحواض المياه العذبة القديمة، بما في ذلك واحد في النفود يطلق عليه "الأثر"، ويقصد به "التتبع".

"يعكس عمق تاريخ الجزيرة العربية ومدى إسهاماتها الحضارية في التاريخ"... بعد اكتشاف آثار أقدام بشرية وآثار حوافر وقوائم 400 حيوان، تعرّفوا على الدور الذي لعبه شبه الجزيرة العربية في الهجرة بين أفريقيا وأراسيا قديماً

في هذا المكان، رُصدت مئات من آثار الأقدام على سطح قاع بحيرات مدوس بشدة، كُشفت أخيراً عندما تآكلت الرواسب الموجودة فوقها. تركت الحيوانات حوالى 400 أثر قدم، منها أقدام الحمار البري والجاموس العملاق والفيلة والجمال، فيما جرى تحديد سبعة آثار لأقدام بشرية.

وبعد مقارنة حجم هذه المسارات وشكلها بتلك التي صنعها الإنسان الحديث ونياندرتال (الإنسان البدائي)، خلص الباحثون إلى أن المسارات كانت على الأرجح من صنع أشخاص بأقدام أطول وقامة أطول وكتلة أصغر: أي الإنسان العاقل وليس نياندرتال. يرجح هذا أيضاً عمر الرواسب المتوقع والذي قدّره الباحثون بين 112 ألف و121 ألف عام.

قال المؤلف المشارك في الدراسة، ماثيو ستيوارت، من معهد ماكس بلانك: "في ذلك التاريخ، لم يكن نياندرتال موجوداً في بلاد الشام (الشرق الأوسط). لذلك، نعتقد أن الإنسان العاقل كان مسؤولاً على الأرجح عن آثار الأقدام".

يأتي هذا الكشف في إطار سعي المملكة إلى تنويع اقتصادها الذي ظل معتمداً على النفط طوال عدة عقود. وتتصدر السياحة واجهة القطاعات التي تعكف الرياض على تنميتها لجذب النقد الأجنبي واستيلاد فرص عمل لمواطنيها.

خلال مؤتمر صحافي، أكد الحربش أن هيئة التراث السعودية ماضية في اهتمامها بمجال الآثار، تحديداً في تطوير أنشطة القطاع وتوسعة مشاريعه العلمية والبحثية والتعريفية، مضيفاً أنها تستهدف "تأهيل المواقع الأثرية وفتحها للزوار، بالإضافة إلى تنظيم معارض متخصصة بالآثار داخل المملكة وخارجها، وإعداد بحوث ودراسات متخصصة في الآثار تشمل الأنشطة التعريفية والتوعوية في سياق جهود الهيئة لإبراز التراث الوطني والاحتفاء به محلياً ودولياً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image