شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"إيران ذريعة والضمّ مزحة"... تكنولوجيا التجسس الإسرائيلية سرّعت "رِتم التطبيع"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 17 سبتمبر 202003:17 م

تزامناً مع الكشف عن لجوء الحكومة السعودية إلى خدمات شركة استخبارات رقمية إسرائيلية لاختراق أحد الهواتف، رجّح الخبير والاستشاري الاقتصادي الشهير ديفيد روزنبرغ أن يكون السبب خلف هرولة الخليج إلى التطبيع مع إسرائيل رغبة هذه الدول العربية في الاستفادة من قدرات إسرائيل التكنولوجية المتطورة، وخاصةً في مجال القرصنة الإلكترونية، معتبراً أن إيران لم تكن سوى ذريعة.

في مقال تحليلي عبر "هآرتس" الإسرائيلية، لفت روزنبرغ إلى أن ثلاثة ضيوف شرف رئيسيين كان يجب دعوتهم إلى احتفال توقيع "اتفاقي السلام" بين البحرين والإمارات وإسرائيل الذي احتضنه البيت الأبيض قبل يومين. وهم، بحسب روزنبرغ "الزعيم الأعلى للثورة الإيرانية علي الخامنئي الذي دفعت طموحاته إلى الهيمنة دول الخليج إلى الانضمام لإسرائيل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تركت قيادته البائسة القضية الفلسطينية تسقط، وشاليف هوليو الوجه العام لمجموعة NSO الإسرائيلية التي جعلتها برامج التجسس المتطورة من الأنظمة المفضلة في الخليج".

"مكانة إسرائيل كقوة تكنولوجية تتخطى وزنها بكثير"... خبير اقتصادي يؤكد أن هرولة الإمارات والبحرين إلى التطبيع مع إسرائيل كان هدفها "تكنولوجيا التجسس الإسرائيلية"، وأن إيران لم تكن سوى "ذريعة" و"القضية الفلسطينية والضم مزحة"

"الابتكار الإسرائيلي" 

"الابتكار الإسرائيلي، بما في ذلك، ويا للأسف، القدرة العالية في مجال القرصنة الإلكترونية، هو ما يجعلها شريكاً مرغوباً للإمارات والبحرين"، أضاف روزنبرغ متوقعاً أن تخطو السعودية الخطوة نفسها للسبب ذاته، وخاصةً مع وجود ولي العهد الطموح محمد بن سلمان في السلطة.

عزز الخبير الاقتصادي مزاعمه بالتنبيه إلى أن "الحقيقة التي لا يمكن إنكارها عام 2020 هي أن التكنولوجيا الفائقة ليست أمراً حتمياً لاقتصاد مزدهر وتنافسي عالمياً فحسب، بل أصبحت كذلك رصيداً دبلوماسياً وعسكرياً قوياً"، لافتاً إلى أن "مكانة إسرائيل كقوة تكنولوجية تتخطى وزنها بكثير من حيث التدابير الاقتصادية العادية مثل الناتج المحلي الإجمالي والسكان"، وأن هذا ما "مكنها من تعزيز العلاقات مع القوى الناشئة مثل الصين والهند والقوى الاقتصادية الأقدم مثل اليابان وكوريا الجنوبية" حتى "بدأت تلعب دوراً في الشرق الأوسط الآن".

مع ذلك، بيّن روزنبرغ الفرق الكبير بين الاعتماد على التكنولوجيا الإسرائيلية في الدول الآسيوية وفي دول الخليج، قائلاً: "في حالة القوى الآسيوية، فإن التكنولوجيا نفسها هي التي تعمل كمحفز رئيسي. إنهم يرون الابتكار الإسرائيلي وسيلة لدفع صناعاتهم إلى أعلى سلسلة القيمة والبقاء في المنافسة وحل مشكلات عدة مثل نقص المياه والإمدادات الغذائية".

وتابع: "قدرات إسرائيل في الذكاء الاصطناعي، وما شابه، تغدو أكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط. يُنظر إلى إسرائيل على أنها شريك مهم في مواجهة إيران، ليس لأن الإمارات والبحرين تتوقعان إرسال قوات إسرائيلية إلى الخليج، ولكن بسبب قدراتنا في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية والحرب الإلكترونية"، مستشهداً بحادث القرصنة في أيار/ مايو الماضي حين أغلقت إسرائيل ميناء شهيد رجائي الإيراني عدة أيام.

"الابتكار الإسرائيلي، بما في ذلك، ويا للأسف، قدرات إسرائيل في القرصنة الإلكترونية، هو ما يجعلها شريكاً مرغوباً للإمارات والبحرين"

واعتبر روزنبرغ أن كل هذه الملابسات تجعل من غير المثير للدهشة معرفة أن أحد المكونات الحاسمة لعلاقات إسرائيل النامية بهدوء مع الخليج كان بيع أدوات القرصنة إليه. وهو الأمر الذي وصفه بـ"العمل السيىء، نظراً إلى سجل هذه الدول في مجال حقوق الإنسان"، وإن أقر في الوقت نفسه أنه "بالغ الأهمية لأنه كان الورقة التي على إسرائيل أن تلعبها لكسب صداقتهما (الإمارات والبحرين)". وأردف: "في هذا الصدد، لم تكن القضية الفلسطينية والوعود المتصلة بالضم أكثر من مزحة".

وبشأن افتتاح البحرين والإمارات التطبيع مع إسرائيل، قال: "التطلعات التكنولوجية للإمارات والبحرين تجعلهما ‘استثنائيتين‘ في الشرق الأوسط"، مبيناً "ليس من قبيل المصادفة أن الإمارات والبحرين دولتان شاءتا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كلتاهما تطمح إلى إعادة تشكيل نفسها اقتصادياً، بعيداً عن الاعتماد على النفط والغاز، وإلى اقتصاد أكثر تنوعاً يعتمد على السياحة والتجارة. والأهم من ذلك كله هو التكنولوجيا". 

وأضاف: "مثل الهند والصين، إنهما (في البحرين والإمارات) لا تريدان صفقات مع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية. إنهما تريدان بعضاً من سحر Startup Nation (المعجزة الاقتصادية الإسرائيلية) من أجل تعزيز قطاعات التكنولوجيا الخاصة فيهما".

واستخلص روزنبرغ من كل هذا أن الاتفاقين الموقعين مع البلدين الخليجيين "سوف يعمقان العلاقات كثيراً لتشمل العلاقات التجارية الحقيقية والسياحة، وربما التبادلات الثقافية، خلافاً للاتفاقات التي أبرمتها إسرائيل مع مصر والأردن".

السعودية والقرصنة الإسرائيلية

في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، طلبت الحكومة السعودية من شركة "Cellebrite" الإسرائيلية للاستخبارات الرقمية أن ترسل إليها خبيراً لاختراق هاتف سامسونغ بحوزة وزارة العدل السعودية ونسخ البيانات الموجودة عليه. 

قبل أشهر، طلبت الحكومة السعودية من شركة "Cellebrite" الإسرائيلية للاستخبارات الرقمية أن ترسل إليها خبيراً لاختراق هاتف سامسونغ كان بحوزة وزارة العدل ونسخ البيانات الموجودة عليه. لكن تطبيع المملكة قد يتأخر بسبب الملك

اشترطت الشركة أن يدخل موظفها الرياض من دون ختم جواز سفره أو فحص أجهزته، وأن يُنقل على الفور إلى غرفة فندق منعزلة خالية من كاميرات المراقبة لأداء المهمة. التزمت السلطات السعودية الشروط وتمت المهمة، وعاد الموظف إلى لندن، وفق ما كشفته "هآرتس" في 16 أيلول/ سبتمبر.

أكدت الصحيفة الإسرائيلية أن "Cellebrite ليست الشركة الإسرائيلية الوحيدة التي تقدم القرصنة أو خدمات الأمن السيبراني الأخرى إلى المملكة السعودية، لكنها، على ما يبدو، الشركة الوحيدة التي تفعل ذلك من دون أي إشراف من وزارة الدفاع الإسرائيلية".

بالعودة إلى روزنبرغ، فقد أشار في مقاله إلى أن المملكة قد تكون إحدى الدول التي تطبّع العلاقات مع إسرائيل، وهذا ما قال إنه "سيكون إنجازاً كبيراً" لأن السعودية "دولة أكبر من الإمارات ذات الحجم الصغير، وأكثر تعقيداً منها".

بالإضافة إلى وجود "علاقات سرية (بين الرياض وتل أبيب)، تُعدّ التكنولوجيا الإلكترونية جزءاً مهماً منها"، لفت روزنبرغ إلى محاولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المتمثلة في دفع المملكة إلى عهد جديد يلعب فيه النفط الدور الثاني عقب قطاع التكنولوجيا وقطاعات أخرى.

ورأى أن هذا كان "الدافع الأساسي إلى ‘الإصلاحات‘ التي أدخلها، ومنها السماح للمرأة بقيادة السيارة وتضييق الخناق على الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، لجلب السعوديين العاديين إلى القرن الحادي والعشرين وتحويلهم إلى مادة لاقتصاد قائم على المعرفة". 

لكن روزنبرغ أبقى بضعة احتمالات تتصل بعدم تحقق التطبيع لا سيما في ظل استمرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في السلطة، لأنه "غير مستعد للتضحية بالفلسطينيين من أجل المساعدة في تحقيق أحلام ابنه التقنية الطموحة". وختم: "إسرائيل قد تضطر إلى الانتظار فترة أطول قليلاً قبل الحصول على تلك الجائزة الكبيرة"، أي التطبيع مع المملكة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard