شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
كذّبت

كذّبت "مزاعم" مكتب الاتصال الحكومي… "الجزيرة" تتحدث عن انتهاكات حقوق العمالة في قطر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 28 أغسطس 202005:09 م

في خطوة مثيرة، سلط موقع قناة "الجزيرة" القطرية الضوء على معاناة العمال الأجانب في البلاد، مؤكداً صحة التقارير الحقوقية التي طالما ادعى مكتب الاتصال الحكومي في الدوحة أنها "مبالغة ومبنية على معلومات مضللة".

تناول تقرير "الجزيرة الإنجليزية" كيف أن عمالاً مهاجرين في البلاد "يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة بسبب تأخر الرواتب وعدم دفع المستحقات وقيود شهادة عدم الممانعة" التي تصدر عن صاحب العمل كشرط أساسي للانتقال إلى ربّ عمل آخر.

وبيّن التقرير إلى أي مدى تضر الانتهاكات الخاصة بأجور العمال المهاجرين في قطر.

"الإنكار ليس من الحكمة"... رداً على مزاعم مكتب الاتصال الحكومي القطري بأن "حالات فردية فقط" تتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان والأجور، "الجزيرة": "تحدثنا إلى مئات العمال في وضع ‘لا عمل لا أجر‘ ويكافحون من أجل البقاء"

"أحلم بمغادرة قطر"

كشف التقرير عن معاناة أنجيلين، التي ذهبت إلى قطر عام 2018 بهدف إعالة أطفالها الثلاثة وشقيقيها وأمها في الفلبين، وشراء منزل لأسرتها في أول رحلة عمل خارجية. وبيّن كيف آل الحال بها، الآن، إلى شخص "يكافح من أجل البقاء" وتنتظر نهاية عقدها حتى تتمكن من العودة إلى المنزل.

نقلت القناة عن أنجيلين قولها: "لم نتقاضَ رواتبنا منذ بداية نيسان/ أبريل الماضي لأننا لم نعمل منذ ذلك الحين (بسبب كورونا)"، مبرزةً أن أصحاب العمل منحوا الموظفين بدلاً مرة واحدة (55 دولاراً أمريكياً) ذاك الشهر على أن يقتطع من رواتبهم عند صرفها.

وقالت العاملة الفلبينية التي تخشى تقديم شكوى: "عائلتي (في الفلبين) تكافح من أجل البقاء. لقد اضطرت إلى بيع أشياء من المنزل لشراء الطعام. حتى هنا (في قطر)، الوضع صعب جداً بالنسبة إلي وإلى زملائي، لكننا خائفون جداً من صاحب العمل لأننا سمعنا قصصاً عن الوضع على القائمة السوداء والترحيل في الماضي".

وختمت: "الأمر الوحيد الذي يدور في خاطري هو المغادرة".

"الأمر الوحيد الذي أتمناه هو مغادرة قطر"... "الجزيرة" تنشر شهادات عمال أجانب يكافحون لأجل البقاء ويعيشون على التبرعات، وتوثق انتهاكات عديدة طالما اعتبرتها الحكومة "مبالغة ومضللة"، بينها مصادرة جوازات السفر وبطاقات الصراف الآلي وحجب الرواتب 

دعم حكومي لا يصل العمال

تضررت شركة التنظيف التي تعمل فيها أنجيلين، كما آلاف الشركات الأخرى العاملة في قطر، بسبب القيود التي فرضتها الحكومة للحد من تفشي الجائحة. لكن الحكومة القطرية قالت في حزيران/ يونيو الماضي إنها قدمت نحو 20.6 مليار دولار أمريكي لمساعدة الشركات على مواصلة العمليات والاحتفاظ بالوظائف، ومساعدة أولئك الذين يعانون "صعوبات مالية لدفع الرواتب والإيجارات".

في المقابل، تؤكد أنجيلين أن أصحاب عملها رفضوا دعم الموظفين مالياً، بل صادروا جوازات السفر وبطاقات الصراف الآلي. علماً أن هذا الإجراء الأخير غير قانوني بموجب القانون القطري.

قال عامل في شركة تنظيف أخرى للقناة: "تلقيت راتبي الأخير في آذار/ مارس الماضي. ومنذ ذلك الحين، لم تعطنا الشركة أي شيء، ولا حتى ريالاً واحداً. لا يمكننا أن نعيش إلا من خلال التبرعات الخاصة بالأرز والمواد الغذائية".

هل التقارير الحقوقية مبالغ فيها؟

أشارت القناة القطرية أيضاً إلى تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخير "كيف نعمل بدون أجر؟"، وخاصةً تأكيد المنظمة أن "جهود قطر لحماية حق العمال المهاجرين في الحصول على أجور دقيقة وفي الوقت المناسب قد ثبت فشلها إلى حد كبير".

كذلك أضاء التقرير الحقوقي على "الرواتب المحتجزة وغير المسددة، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى للأجور، على نطاق واسع لدى حوالى 60 صاحب عمل وشركة في قطر".

ونبهت القناة في المقابل إلى بيان مكتب الاتصال الحكومي القطري الذي اعتبر أن تقرير "هيومن رايتس" "تعمد تضليل الرأي العام"، زاعماً أن "الغالبية العظمى من الأفراد الذين قدموا إلى دولة قطر للعمل لا يتعرضون لأي شكل من أشكال الانتهاكات في ما يتعلق بالأجور، باستثناء عدد قليل من الحالات الفردية".

"برغم رفع الكثير من قيود مكافحة كورونا، لا يزال عدد من أصحاب العمل لا يدفعون رواتب الموظفين الذين انتظموا في عملهم"... تقرير لـ"الجزيرة" القطرية يؤكد انتهاكات حقوق العمالة المهاجرة في البلاد 

وأكد تصريح المكتب الحكومي للقناة نفسها أن "قطر أحرزت تقدماً كبيراً في إصلاحات العمل، وتواصل العمل مع المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك منظمة العمل الدولية، لضمان فاعلية الإصلاحات البعيدة المدى".

وردت "الجزيرة" على تصريحَي المكتب مذكرةً بتقرير لها في حزيران/ يونيو الماضي، تحدثت فيه إلى "مئات العمال الذين توظفهم شركات خاصة في البلاد، ووجدت أن معظمهم كانوا في وضع ‘لا عمل ولا أجر‘، ويكافحون من أجل البقاء على الرغم من حزمة التحفيز الحكومية".

ولفتت إلى أن العمال المهاجرين المتضررين توزعوا على تخصصات مختلفة، بينها التدريب على القيادة، والتجميل، وصناعة القهوة، والطهو، والضيافة، مؤكدةً أن "معظمهم لم يتلقَّ أي مساعدة من أصحاب العمل ويخشَ تقديم شكوى".

وأضافت: "على الرغم من رفع الكثير من قيود مكافحة كورونا، لا يزال عدد من أصحاب العمل لا يدفعون رواتب الموظفين الذين انتظموا في عملهم".

وأوضحت أن "بعض العمال قالوا إنهم لم يتلقوا أجورهم منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، في حين تقاضى آخرون جزءاً يسيراً من رواتبهم".

وأخبر عدة عمال القناة أن أصحاب عملهم يحولون الرواتب إلى حسابات بعض المشتغلين فعلاً، لكن يجبرون الموظفين على تسليم بطاقات الصراف الآلي قبل سحب المبلغ.

واعتبرت "الجزيرة" أن "‘ادعاء‘ مكتب الاتصال الحكومي القطري بأن انتهاكات الأجور تقع في حالات معزولة فاجأ المنظمات الحقوقية".

ونقلت عن فاني ساراسواتي، مديرة المشاريع في منظمة حقوق المهاجرين، قولها إن استجابة المكتب القطري "لم تكن غير دقيقة فحسب، بل كانت مهينة حقاً وغير مبالية بما يمر به العمال"، وإن "إنكار ذلك (وجود الانتهاكات)، لا سيما في هذه الفترة التي تكون فيها تخفيضات الوظائف وخفض الأجور هي القاعدة، لم يكن من الحكمة".

وأضافت ساراسواتي: "كان على المكتب فقط النظر في الشكاوى المقدمة في مختلف السفارات ووزارة العمل الإدارية والشؤون الاجتماعية (وزارة العمل) لإدراك أن هذه ليست حالات معزولة بل تتجاوز عشرات الآلاف. إذا لم يتعرفوا على المشكلة، فكيف سيحلونها؟".

وشددت على أن العمال الأجانب يفقدون ثقتهم بالنظام القطري بسبب العوائق التي تحول دون الوصول إلى العدالة في البلاد. وقالت "الجزيرة" إنها حجبت الأسماء الحقيقية للعمال الذين تحدثوا إليها خشية "تعرضهم للانتقام".

وخُتم التقرير بتصريح هبة زيادين، الباحثة المساعدة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس"، مما قالت فيه: "إذا كانت قطر تريد حقاً أن يتردد صدى إصلاحاتها هذه، وأن تحدث فرقاً في حياة العمال الأجانب، فعليها إلغاء نظام الكفالة، والسماح للعمال بالانضمام إلى النقابات، وإدخال إصلاحات تعالج الممارسات الضارة في بيئة العمل".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard