على خلفية رسم كاريكاتوري ساخر أغضب الإماراتيين، أحال مدعي عام عمان، في 27 آب/ أغسطس، رسام الكاريكاتور الشهير عماد حجاج إلى محكمة أمن الدولة بتهمتي "نشر كاريكاتور مسيء لدولة شقيقة" و"تعكير صفو العلاقات مع دولة".
وكانت الأجهزة الأمنية الأردنية قد أوقفت حجاج في 26 آب/ أغسطس. وأوضح شقيقه حمزة أن "سبب الاعتقال هو كاريكاتور منشور في موقع صحيفة ‘العربي الجديد‘ محوره التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بريشة حجاج" وأن "العائلة لا تعرف من هو الطرف المشتكي".
وكان الرسم الكاريكاتوري عبارة عن صورة لولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد وهو غاضب يحمل حمامة عليها العلم الإسرائيلي وقد بصقت على وجهه بقعةً كتب عليها "تف 35"، مع تعليق: "إسرائيل تطلب من أمريكا عدم بيع الإمارات طائرات إف 35". وزاد نشر الكاريكاتور في صحيفة "قطرية" غضب الإماراتيين الذين طالبوا الأردن بـ"تأديب" حجاج و"محاسبته".
بتهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة"… مدعي عام عمّان يحيل رسام الكاريكاتور #عماد_حجاج إلى محكمة أمن الدولة. وتضامن واسع ومطالبات بالإفراج الفوري عنه. فما دخل الأمير علي ابن الحسين؟
تضامن واسع
وقال نضال منصور الرئيس التنفيذي لمركز حرية وحماية الصحافيين الأردنيين إن حجاج أوقف على خلفية "قضية نشر بموجب قانون الجرائم الإلكترونية"، مطالباً بالإفراج الفوري عنه، ومشيراً إلى أن الاحتجاز والتوقيف انتهاكان بحقه وعقوبة مسبقة.
في الأثناء، نظم عدد من الصحافيين وزملاء حجاج وقفةً تضامنيةً معه أمام دائرة الادعاء العام في قصر العدل. وطالبوا بالإفراج الفوري عنه، مشددين على أن توقيفه يتعارض مع حرية الإعلام التي تنادي بها الحكومة في الأردن.
وفيما ندد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بـ"صفعة أخرى توجهها المملكة الأردنية لحريات التعبير وانتكاسة جديدة للمساحة الضيقة من الحريات المدنية التي تمنحها للمواطنين"، ذهب التضامن مع حجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي أبعد كثيراً من الأردن وشمل معلقين من عدة دول عربية.
ودشن مغردون وسم #الحرية_لعماد_حجاج الذي تصدر أكثر القوائم تداولاً في الأردن، مؤكدين أن توقيف حجاج يسيء إلى الأردن ويساهم في رفع الصوت معارضةً لاتفاق التطبيع.
ودعا معلقون إلى "نشر الكاريكاتور (سبب الأزمة) في كل مكان"، رداً على محاولة قمع صاحبه، وأوضحوا أنهم لم يعرفوا شيئاً عن حجاج قبل هذه الحادثة، متداولين عدداً من رسومه الأخرى التي تعارض التطبيع وتدين المطبعين.
ربما كان رسم عماد حجاج ليمرّ حتى مع نشره في صحيفة قطرية، لكن مشاركة الأمير علي ابن الحسين مقالاً يدين التطبيع الإماراتي الإسرائيلي أشعلت الموقف. هل كان توقيف حجاج "ترضية" للإماراتيين؟
الأمير علي يشعل غضب الإماراتيين
وكان مغردون إماراتيون قد حرضوا على حجاج وطالبوا بمقاضاته وسجنه عقب تداول الكاريكاتور. وناشد أحدهم سفارة بلاده في الأردن رفع دعوى قضائية رسمية عليه. عقب توقيفه، احتفى هؤلاء بموقف المملكة الأردنية، محملين حجاج المسؤولية عما جرى له قائلين: "رب كلمة ألقت بصاحبها سبعين خريفاً".
ربما كان رسم حجاج ليمر لو تجاوزت السلطات الأردنية الغضب الإماراتي بشأنه، لكن حادثةً أخرى أججت الموقف وهزّت العلاقات بين البلدين.
شارك الأمير علي بن الحسين، الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مقالاً من موقع "ميدل إيست آي" يدين التطبيع الإماراتي الإسرائيلي وقد رُسمت على الصورة الرئيسية لبن زايد علامة خطأ باللون الأحمر وكُتبت في أسفلها كلمة "خائن".
يُذكر أن الأمير علي كان أول الداعمين لشقيقته الأميرة هيا بنت الحسين لدى هروبها من الإمارات إلى بريطانيا مع طفليه من زوجها السابق حاكم دبي الأمير محمد بن راشد. ويبدو موقفه من التطبيع الإماراتي ليس بعيداً عن ذاك.
لم يعد للتغريدة أثر على حساب الأمير الموثق عبر تويتر. لكن الإماراتيين يرون أن ذلك ليس كافياً، وأنه ينبغي معاقبة الأمير الأردني بمنأى عن بلده وعلاقتها بأبو ظبي. ودعم أردنيون كثر موقف أميرهم وهاجموا الحسابات الإماراتية التي تعدت عليه بالشتائم والإهانات.
في النهاية، ليس مستبعداً أن يكون توقيف حجاج على سبيل "الترضية" للغضب الإماراتي، خاصةً أنها ليست المرة الأولى التي يواجه حجاج محاكمة بسبب مواقفه المعارضة للتطبيع. لكنها الأولى التي يُحتجز فيها.
عام 2017، استدعاه البحث الجنائي عقب شكوى تقدم بها مواطن أردني ضده يتهمه فيها بـ"مس معتقداته الدينية وإثارة النعرات الطائفية".
جاء ذلك بعد كاريكاتور لحجاج يهاجم فيه البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر فلسطين وسوريا والأردن، على خلفية ما عرف ببيع أراضي الكنيسة في القدس للاحتلال. وأفرج عن حجاج حينذاك مقابل كفالة وأحيل إلى المدعي العام.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...