دعا تجمّع المهنيين السودانيين القوات المسلحة في البلاد إلى التخلي عن الاستثمار في ما أسماه "الاقتصاد الموازي الممثل في الشركات التابعة للجيش والقوات النظامية الأخرى خارج ولاية وزارة المالية"، معتبراً أن في ذلك "تقويضاً لأسس المنافسة وتخريباً للاقتصاد وإضماراً لقطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي".
وفي 23 آب/ أغسطس، تحدث القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، عن "جهات تعمل على إحداث قطيعة بين القوات المسلحة ومكونات الشعب السوداني وتعليق إخفاقاتها الاقتصادية على ‘شماعة‘ شركات واستثمارات القوات المسلحة من خلال ترويجها لبعض الأكاذيب حول هذه الشركات واستحواذها على مفاصل الاقتصاد".
وعبّر البرهان عن تمسكه بهذه الشركات التي قال إنها "ليست للمزايدة أو للتكسب السياسي".
"نشاط شبه احتكاري يُضعف الإدارة المدنية ويدفعها إلى الانهيار"... تجمّع المهنيين السودانيين يدعو القوات المسلحة إلى تسليم شركاتها إلى وزارة المالية والالتزام بحماية أمن البلاد، والبرهان يرفض "تعليق الإخفاقات الاقتصادية على ‘شماعة‘ شركات الجيش واستثماراته"
مزاعم مردود عليها
تفاعلاً مع إعلان البرهان، أفاد التجمع، الذي قاد الثورة الشعبية التي أسقطت نظام الرئيس السابق عمر البشير، في بيان، بأن رئيس مجلس السيادة "أزاح بتصريحاته ورقة التوت التي تستر دعاوى تناغم الشراكة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير"، لافتاً إلى "ما أبداه من حرص على الاحتفاظ بالاقتصاد الموازي" الممثل في هذه الشركات.
وذكّر التجمّع بأن نظام البشير كان يستخدم هذه الشركات والمؤسسات الاستثمارية "كوسائل لتوليد إيرادات هائلة لا تخضع لرقابة الحكومة ولا تدخل خزينتها، لتغطية تكاليف عسكرة الدولة وأمن النظام من خارج بنود الموازنة المعلومة وبعيداً عن رقابة المراجع العام، وكذلك لشراء ولاء طبقة أثرياء من كبار الجنرالات ترتبط مصالحها بحماية النظام".
ورأى أن "الزعم بأن هذه المؤسسات تهدف لتمويل حاجات الجيش والقوات النظامية الأخرى هو افتراء مردود"، مشيراً إلى "ما حاق بالجيش السوداني من إهمال وتردٍ خلال عهد المخلوع (البشير)، برغم كثرة الاستثمارات باسمه".
وكان ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، قد صرح بأن "جميع شركات المؤسسة العسكرية هي في الأصل صندوق للضمان الاجتماعي للفرد العسكري وتستقطع أموالها من راتبه شهرياً منذ تأسيس الصندوق عام 1972"، مبرزاً أن "جميع شركات المؤسسة العسكرية تخضع للمراجعة العامة ولقانون الضرائب والجمارك".
"تعمل وتنمو عكس الشفافية والتنمية وضد مصالح الشعوب"... خبراء حقوق الإنسان يحذرون من "اقتصاديات العسكر" في المنطقة العربية، وثمة اعتقاد بأن "عسكر السودان" يتبع الخطوات نفسها التي اتبعها المجلس العسكري عقب ثورة يناير
"تخريب الاقتصاد والتحول الديمقراطي"
لكن التجمّع أشار إلى أن "الأنشطة الاستثمارية للقوات النظامية تمددت في كل مفاصل الاقتصاد، من التعدين للإنشاءات إلى جمع السيارات والإلكترونيات، ومن اللحوم إلى النفط والمجال المالي والصناعات الغذائية والاتصالات، وهذا ما ينسف دعاوى ارتباط هذه الأنشطة بحاجات القوات النظامية".
كذلك اعتبر أنها "تجاوزت إلى الدخول كمنافس غير متكافئ في كل المجالات الحيوية، بما يقوّض أسس المنافسة ويؤدي إلى تخريب الاقتصاد". وأضاف: "إصرار الفريق البرهان، وأركان حربه، على الإبقاء على هذا الاقتصاد الموازي خارج سيطرة الدولة لا يخلو من إضمار لقطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي الذي ناضل لأجله ثوار ديسمبر، ومن نيّة بائنة للارتداد عن المسار".
وتابع التجمّع: "مواصلة النشاط شبه الاحتكاري لهذه الشركات يحرم الخزينة العامة من إيرادات ضخمة للإنفاق على الضرورات من صحة وتعليم وبُنى تحتية، ويعني إضعاف السلطة المدنية ودفعها إلى حافة الانهيار".
وناشد "السلطة التنفيذية ممثلة بوزير المالية ورئيس الوزراء الدعوة إلى الكشف عن تفاصيل هذا الملف وعن المعوقات وإظهار الحقائق للرأي العام وجماهير الثوار، على نحو يضع الشعب أمام الحجم الحقيقي للأزمة ومدى إضرار هذا الوضع بمصالحهم وحقوقهم المشروعة".
يُذكر أن البرهان لفت في تصريحه إلى أن "القوات المسلحة بسطت يدها بلا أذى لوزارة المالية من أجل وضع يدها على مجموعة مقدرة من تلك الشركات للاستفادة منها في تخفيف حدة الضائقة المعيشية، لكنها لم تستجب".
وتعليقاً على تمسك قيادة الجيش السوداني بهذه الاستثمارات، قال الخبير الحقوقي في الشرق الأوسط فادي القاضي: "اقتصاديات الظل العسكرية (تلك التي تديرها الجيوش) في المنطقة العربية تعملُ وتنمو عكس الشفافية والتنمية وضد مصالح الشعوب".
في حين رأى الحقوقي المصري البارز بهي الدين حسن "نذير شؤم" في "اقتباس رئيس المجلس العسكري في السودان خطاب المجلس العسكري في مصر بعد ٢٥ يناير" عبر "مهاجمة الحكومة المدنية ورفض إخضاع شركات الجيش للرقابة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...