انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية توفير دولة الإمارات "ملاذاً آمناً" للملك الإسباني السابق خوان كارلوس الأول الذي يواجه اتهامات وتحقيقات رسمية بشأن تورطه في فساد ورشوة، إحداها من جارتها وحليفتها: السعودية.
بعد أسبوعين من الصمت الرسمي في ظل التكهنات الإعلامية المتكررة، تأكد وصول خوان كارلوس، الذي غادر إسبانيا إلى الإمارات بعدما أعلن سابقاً مغادرة بلاده إلى منفى اختياري. وفي بيان، أكد متحدث باسم العائلة الملكية في إسبانيا أن الملك السابق موجود في الإمارات منذ الثالث من آب/ أغسطس الجاري.
ليس واضحاً إذا كان الملك الإسباني السابق سيقيم فيها بشكل دائم أو مؤقت، لكن ثمة تقارير تشير إلى إقامته في أبو ظبي في طابق كامل بفندق "قصر الإمارات"، أحد أبرز فنادق العاصمة والمملوك للحكومة الإماراتية، على حساب الأخيرة.
في أفخم فنادقها وعلى حسابها… تستضيف الإمارات الملك الإسباني السابق والمتهم بالفساد وتلقي الرشى من دول عربية، لكنها توصد الأبواب في وجه الحقوقيين. هكذا تكون الدولة "المتسامحة"؟
عدا الاتهامات بتلقيه رشوة تقدر بـ100 مليون دولار أمريكي من العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، فإن خوان كارلوس متهم بقبول هدايا من عُمان، والكويت، والبحرين. وهناك تحقيقات داخل إسبانيا وفي سويسرا بشأن ثروته المشبوهة.
انتهاكات حقوقية "خطيرة ومنهجية"
لكن المنظمة الحقوقية ترى أن "موطن خوان كارلوس الجديد أيضاً مطالب بأجوبة عديدة"، لافتةً إلى توثيقها على مدى السنوات الـ15 الماضية، "مراراً وتكراراً، انتهاكات خطيرة ومنهجية لحقوق الإنسان في الإمارات".
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن السلطات الإماراتية تمارس اعتداءً مستمراً على حرية التعبير وتكوين الجمعيات في البلاد منذ عام 2011، إذ "اعتقلت منتقديها وأخفتهم قسراً"، ومن أبرزهم الحقوقي الإماراتي البارز أحمد منصور، المحتجز انفرادياً منذ آذار/ مارس عام 2017.
وشددت على أن "النظام القمعي في الإمارات لا يؤثر على المنتقدين وأولئك الذين ترى السلطات أنهم يضرون بصورة الدولة المرسومة بعناية فحسب" إذ كشفت التحقيقات كيف سمح استخدام الحكومة الإماراتية برامج التجسس المتطورة باستهداف الصحافيين الأجانب وقادة دول أخرى ومراقبتهم.
قبل خوان كارلوس… عرضت الإمارات نفسها "ملاذاً آمناً" لحكام ومسؤولين عرب وأجانب يواجهون اتهامات بالفساد وارتكاب جرائم ضد الإنسانية حتى في بلدانهم. إليكم أبرزهم
كما أن القوانين الإماراتية مستمرة في التمييز ضد النساء، وفئات أخرى مهمشة بينها مجتمع الميم، والمهاجرين الذين يمثلون أكثر من 80% من سكان الإمارات.
وبينما أمكن خوان كارلوس دخول البلاد بسهولة، يعاني العمال المهاجرون مساوئ نظام الكفالة، وأخطرها أنه يربط تأشيراتهم، وإقامتهم في البلاد، بأصحاب العمل. ويعني هذا أنه حال تركهم أصحاب العمل من دون إذن، فقد يواجهون عقوبات عدة، منها الغرامة والسجن والترحيل، وصولاً إلى حظر عودتهم إلى البلاد بشكل مؤقت أو دائم.
يضاف ذلك إلى انخفاض أجور العديد منهم وتعرضهم للانتهاكات الحقوقية الشديدة، وهذا ما زاد من خطر إصابتهم بفيروس كورونا.
وفي الوقت نفسه الذي فتحت فيه الإمارات أبوابها للملك السابق المتهم بالفساد، لا تزال تغلقها في وجه المنظمات الدولية الحقوقية والمراقبين المستقلين، وهذا ما يترك لها هامشاً من الحرية لـ"تزوير صورتها كدولة متسامحة، ومنفتحة، وتقدمية".
آخرون سبقوا كارلوس إلى الإمارات
قبل خوان كارلوس، اختار قادة سابقون آخرون الإمارات مهرباً لهم. من هؤلاء الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف الذي غادر العاصمة إسلام أباد إليها، عقب استقالته عام 2008، بعد سبع سنوات في الحكم تفادياً لعزله.
لـ"تزوير صورتها كدولة متسامحة، ومنفتحة، وتقدمية"... الإمارات ترفض دخول ممثلي المنظمات الدولية الحقوقية والمراقبين المستقلين تفادياً لمزيد من توثيق انتهاكاتها "الخطيرة والمنهجية" لحقوق الإنسان
اتخذ مشرف، الذي أدين بـ"خيانة" بلاده وحُكم عليه بالإعدام في العام الماضي قبل إلغاء الحكم في وقت لاحق، من دبي مكاناً لإقامته زاعماً أنه يتلقى العلاج في أحد مستشفياتها.
مواطنته، رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو، سلكت المسار نفسه عام 1998، واختارت الإمارات منفى اختيارياً لها، مستندةً إلى علاقة الصداقة بين أسرتها ورئيس الإمارات الراحل زايد بن سلطان آل نهيان. أقامت في قصر بالإمارات ثمانية أعوام مجاناً قبل أن تعود إلى بلدها حيث اغتيلت عام 2007.
تاكسين شيناواترا، رجل الأعمال والسياسي الذي شغل منصب رئيس وزراء تايلاند بين عامي 2001 و2006، اتجه إلى الإمارات عقب طرده من السلطة. وبرغم أنه أُدين بالفساد عام 2008، عاش بسلام في دبي بفضل استثماراته في تعدين الذهب والماس وتراخيص اليانصيب التي يحملها في مختلف البلدان.
عرضت نفسها دائماً "ملاذاً آمناً" و"منفىً ذهبياً" لحكام ومسؤولين مشبوهين، حتى أنها تكفلت بتكاليف إقامة بعضهم، بشرط التزام الصمت وعدم الإدلاء بتصريحات عامة من شأنها أن تعرض علاقاتها الدولية لضغوط، فهي دولة "لا تتسامح مطلقاً مع المعارضة السياسية"
على الصعيد العربي، احتمى أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد محمد حسني مبارك الذي أجبرته ثورة 25 كانون الثاني/ يناير عام 2011 على التنحي، وحوكم بعد ذلك وبعض رموز نظامه بتهم فساد وقتل متظاهرين سلميين.
اتجه شفيق إلى الإمارات عام 2012، عقب خسارته، بفرق ضئيل، في الانتخابات الرئاسية التي أتت بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي إلى السلطة. عاش شفيق في أبو ظبي حتى أعلن في كانون الأول/ ديسمبر عام 2017 نيته منافسة الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، حليف الإمارات، على رئاسة البلاد. آنذاك تسربت أنباء عن احتجاز شفيق في الإمارات ثم ترحيله إلى مصر حيث أجبر على التخلي عن تطلعاته السياسية وابتعد عن المشهد السياسي.
بشرى الأسد، شقيقة الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، قررت هي أيضاً الاستقرار في الإمارات منذ عام 2012، رفقة أطفالها الخمسة، بعدما قتل زوجها (آصف شوكت). وكانت والدتها، أنيسة مخلوف، قد انتقلت إلى دبي عام 2013.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين