شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بعدما سارعت إلى نفي أي دور لها… كيف تناولت التحليلات الإسرائيلية انفجار مرفأ بيروت؟

بعدما سارعت إلى نفي أي دور لها… كيف تناولت التحليلات الإسرائيلية انفجار مرفأ بيروت؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 5 أغسطس 202007:28 م

بينما سارعت إسرائيل إلى إبعاد الشبهة عنها ونفي أي دور لها في انفجار مرفأ بيروت، سعت عدة تحليلات إسرائيلية إلى الربط بين حزب الله والحادث وسط تكهنات واسعة، منها أن آثاره على الجماعة الشيعية الشديدة النفوذ في لبنان ستكون "هائلة"، وقد تؤدي إلى "تغيير سياسي قريب في بيروت" بل إلى "انفجار الشعب اللبناني".

وعقب دقائق من الانفجار الذي دمر 80% من مرفأ بيروت وخلّف أكثر من 100 قتيل وآلاف المصابين وعشرات المفقودين، في 4 آب/ أغسطس، بادرت الحكومة الإسرائيلية إلى نفي أي علاقة لها بالحادث، مرجحةً أن يكون ناتجاً من حريق وليس قصفاً.

كذلك أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن بلاده عرضت على لبنان، عبر قنوات أمنية ودبلوماسية دولية، "مساعدة طبية وإنسانية". وكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: "بعد الأهرامات في مصر وبرج خليفة في دبي، سيكتسي مبنى بلدية تل أبيب في إسرائيل مساء اليوم بألوان علم لبنان تضامناً مع شعبه بعد انفجار المرفأ".

وجاءت المقالات التحليلية متماشيةً مع موقف الحكومة الإسرائيلية من حيث التركيز على نفي تورط إسرائيل في الحادث، وهو ما لم يُثَرْ بدرجة ملحوظة هذه المرة، ومحاولة إلقاء اللوم على حزب الله الذي شهدت الأسابيع الماضية تصاعد التوتر بينه وبين إسرائيل على خلفية اغتيال القيادي غي الحزب علي كامل محسن بغارة إسرائيلية على العاصمة السورية دمشق في 20 تموز/ يوليو الماضي.

"الشعب اللبناني سينفجر حتماً"، "قد نرى تغييراً سياسياً قريباً في بيروت"، "فرصة ذهبية لقلب الواقع"... التحليلات الإسرائيلية تتكهن بتداعيات "هائلة" لحادث انفجار مرفأ بيروت، وتحديداً على نفوذ حزب الله وشعبيته في البلاد

"الشارع اللبناني سينفجر حتماً"

ديفيد داود، الباحث المتخصص في شؤون لبنان وحزب الله بمنظمة "متحدون ضد إيران النووية"، كتب في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "الانفجار قد يؤدي إلى تفاقم انزلاق لبنان نحو الانهيار الاقتصادي، ويذكي المزيد من التوترات الاجتماعية والاضطرابات المدنية في باريس الشرق الأوسط (بيروت) التي نالت ما يكفيها من العنف".

ونبّه داود إلى توقيت الحادث "الحساس سياسياً بشكل خاص، والذي أثار نظريات المؤامرة بأن حزب الله تسبب بالانفجار لترهيب خصومه السياسيين"، مذكّراً بأن المحكمة الخاصة بلبنان، المكلفة محاكمة أربعة من أعضاء الجماعة المدعومة إيرانياً بتهمة قتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ستصدر حكمها في القضية في 7 آب/ أغسطس الجاري.

وقلّل الباحث الإسرائيلي من احتمالات تورط حزب الله في الانفجار، موضحاً "على الرغم من تاريخ حزب الله من العنف السياسي، بما في ذلك اغتيال الحريري، من غير المحتمل أن يكون الجاني هذه المرة. لا يمكن أن يتوقع تجنب المسؤولية عن مثل هذا الإجراء في ظل التركيز الكبير على رد فعله على حكم المحكمة الخاصة بلبنان". 

وتوقع داود أن "الشارع اللبناني سينفجر حتماً"، لافتاً إلى أن "الجمهور اللبناني غير راضٍ عن الطبقة السياسية في بلادهم، واقتران ذلك بغضبه الحتمي من التقصير الجسيم في أداء المهمات من قبل السلطات اللبنانية، والذي تسبب بانفجار المرفأ".

"يقلب الواقع ويغيّر كل شيء"

وجاء في مقال تحليلي للمتخصص في الشؤون العسكرية، يوآف ليمور، بصحيفة "يسرائيل هيوم"، تحت عنوان: "انفجار بيروت يغيّر كل شيظ"، أن الحادث الذي تزامن مع مواجهة البلاد أزمة اقتصادية غير مسبوقة "قد يقلب كل شيء بالنسبة إلى حزب الله"، مشيراً إلى "إلقاء اللوم على الجماعة في إحباط الإصلاحات الاقتصادية التي كانت شرطاً للمساعدة من البنك الدولي" وتخوف الجمهور اللبناني من تبعات أي تصعيد للتوترات الأمنية بين الجماعة وإسرائيل.

وأضاف ليمور: "لأن الأشياء في الشرق الأوسط لا تميل إلى التفجير من تلقاء نفسها، فإن غريزة المرء الأولى هي البحث عن الطرف المسؤول عن الانفجار. هرعت مجموعات واتساب وتغريدات إلى اتهام إسرائيل".

ولفت إلى أنه برغم المخاوف من إسراع حزب الله إلى إلقاء اللوم على إسرائيل، نفى الحزب، عبر وسائل إعلام محلية، أي دور لإسرائيل. وهو ما اعتبره الكاتب الإسرائيلي إشارة إلى عدم تورط حزب الله في الانفجار، أو محاولة لإبعاد الأدلة ضده.

ومضى المحلل العسكري الإسرائيلي في إبعاد أي شبهة تورط لإسرائيل في التفجير، قائلاً: "تُظهر لنا التجارب السابقة أن إسرائيل حريصة جداً على اختيار أهدافها، بل أكثر حرصاً في محاولة التأكد أن أفعالها لن تؤدي إلى ‘أضرار جانبية‘". ورأى أن "حادثة مثل هذه يمكن أن تطلق دورة من سفك الدماء والانتقام الذي يمكن أن يصبح حرباً".

وأضاف: "يمكن أن تحدث أخطاء، لكن خطأ بهذا الحجم -مع الآلاف من الجرحى والأضرار الجسيمة- ليس إجراءً تتخذه إسرائيل، في العلن أو في السر".

وفيما توقع ليمور أن "تصبح الأمور أكثر وضوحاً لدى تحديد ما تم تفجيره بالضبط في بيروت، وما إذا كان حادثاً عسكرياً (يتعلق بمخزن أسلحة) أو مدنياً (مخزونات بعض المواد التي تسببت بالانفجارات الضخمة)".

وأوضح ليمور إن الجيش الإسرائيلي يتابع جميع التقارير الواردة من بيروت عن كثب من دون أن يخفض مستوى التأهب على الحدود الشمالية، مذكّراً بأن "إسرائيل وحزب الله لم يسوّيا بعد حساباتهما".

في ختام تقريره، أشار المحلل الإسرائيلي إلى أن الحكومة الإسرائيلية بادرت إلى إرسال "مساعدات إنسانية" إلى لبنان، عقب ما وصفه بأنه "قد يكون أسوأ حادث في تاريخ لبنان"، مبرزاً أنه برغم احتمال رفض لبنان المساعدات، فإن "هذه البادرة لم تتم لإظهار أن إسرائيل غير ضالعة في الهجوم، ولكن أيضاً لتوضح للبنان من هم الأشخاص الطيبون الذين يقدمون المساعدة (إسرائيل)، ومن هم الأشرار الذين يريدون جر الأمة إلى حرب (حزب الله)".

برغم توقعها الرفض، عرضت إسرائيل إرسال "مساعدات طبية وإنسانية" إلى لبنان، لكن "هذه البادرة لم تتم فقط لإظهار أن إسرائيل غير ضالعة في الهجوم، ولكن أيضاً لتوضح للبنان من هم الأشخاص الطيبون الذين يقدمون المساعدة (إسرائيل)، ومن هم الأشرار الذين يريدون جر الأمة إلى حرب (حزب الله)"

"رسالة تحذير إلى إيران أيضاً"

اتفق المحلل المختص بالشؤون العربية في "هآرتس" الإسرائيلية، تسفي برئيل، مع هذا الرأي، ملمحاً إلى أن الأضرار التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت قد تكون ذات "آثار كبيرة، ليس فقط على الطريقة التي يعمل بها حزب الله في لبنان ، بل أيضاً على المعركة السياسية المستعرة الآن في البلاد بسبب الأزمات الاقتصادية والصحية".

وتابع: "حتى بعدما تبين أن الانفجار نجم عن حادث وليس عن هجوم متعمد، فإن النطاق الهائل للضرر والعدد الكبير من القتلى والجرحى سيثيران أسئلة واضحة بشأن تخزين الذخيرة والصواريخ والبنادق والمتفجرات في مناطق مأهولة بالسكان".

وأردف: "قد يؤدي انفجار ميناء بيروت، على الأقل، إلى بعض التغييرات في الخطاب العام، وربما في صفوف بعض القادة السياسيين، وهذا ما تنجم عنه المطالبة بإزالة مستودعات الأسلحة والذخيرة التابعة لحزب الله من المراكز السكانية".

وعدّ برئيل انفجاراً بهذا الحجم في ميناء لبنان الرئيسي "رسالة تحذير إلى إيران التي قالت قبل شهر إنها ستنشر سفناً وناقلات نفط في لبنان" وسط محادثات بشأن إرسالها سفينة تستضيف محطة كهرباء تغذي بيروت.

وتكهن برئيل بأن تحاول الحكومة اللبنانية وحزب الله، في الأيام المقبلة، إثبات أي من المواد المشتعلة التي سببت الانفجار أكثر قوة من سواها، مرجحاً أن تفحص الحكومة كل مستودع خطير محتمل "من دون أن تتعهد إزالته لتجنب المواجهة مع حزب الله".

إذا ما استغلت قوى ودول مثل السعودية وتركيا الوضع الراهن في لبنان ووجدت فيه وقتاً مناسباً "لطرد إيران وحزب الله، فقد نرى تغييراً سياسياً قريباً في بيروت".

وختم برئيل بالإشارة إلى الأهمية الاقتصادية الكبرى لمرفأ بيروت في إنعاش الخزينة اللبنانية وفي نقل البضائع من أوروبا إلى سوريا والأردن والعراق والخليج".

"تغيير سياسي قريب"

ورأى أمير بوحبوط، المحلل المتخصص في الشؤون العسكرية بموقع "واللا" العبري، في الحادث "فرصة ذهبية لإعادة تشكيل الواقع"، متكهناً بحدوث "تغيير سياسي قريب في بيروت" إذا ما استغلت قوى ودول مثل السعودية وتركيا الوضع الراهن في لبنان ووجدت فيه وقتاً مناسباً "لطرد إيران وحزب الله".

لكنه لم يخفِ أن الفرص ضئيلة لحدوث ذلك في ضوء الأزمات الداخلية الجسام التي يرزح تحتها لبنان، مضيفاً: "برغم الانتقادات الحادة التي يتعرض لها، يمكن حزب الله أن يوظف هذه الكارثة الوطنية لتوحيد الصفوف".

وأشار بوحبوط إلى "القدرات التنظيمية والمساعدة الهائلة التي يقدمها حزب الله في كل أمر يتعلق بالسكان"، خاتماً: "إذا خطت الجماعة الشيعية خطوة إلى الأمام وموّلت الرعاية الطبية للجرحى وجنازات القتلى ورممت الأنقاض ووزعت الطعام فقد يتم تصويرها على أنها بطل الحدث".

في أثناء ذلك، سلط المحلل العسكري الضوء أيضاً على مراقبة الجيش الإسرائيلي الكارثة في لبنان عن كثب، والتزامه "حالة تأهب قصوى" عند الحدود خشية "استغلال سوريا الحدث وإرسال قوافل مساعدة، تقوم بتهريب الأسلحة" و"خوفاً من هجوم حزب الله" على الحدود السورية اللبنانية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image