شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
الحريات الدينية في المغرب… 15% لا دينيون والسلطة تمنع الحجاب

الحريات الدينية في المغرب… 15% لا دينيون والسلطة تمنع الحجاب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 5 أغسطس 202001:54 م

كشف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في المغرب لعام 2019 عن أن نسبة اللا دينيين في البلاد بلغت 15%. ومن المرجح ازدياد هذه الأعداد التي كثيراً ما تخفي اقتناعاتها الدينية خشية "النبذ من العائلات، والتنمر المجتمعي، والتمييز في الوظائف، والعنف المحتمل من متطرفين" في بلد لا يعترف دستوره إلا بالإسلام السني واليهودية دياناتين رسميتين.

في الدستور المغربي، الإسلام "دين الدولة"، وهو يكفل حرية الفكر والتعبير والتجمع إذ تضمن الدولة للجميع حرية "ممارسة شؤونهم الدينية".

ولفت التقرير الأمريكي إلى أن "الأديان غير الإسلام واليهودية لا يعترف بها الدستور أو القوانين"، معدداً السياسات التمييزية لمصلحتهما ولمصلحة الذين يدينون بهما في البلاد.

وأشار في الوقت عينه إلى استمرار الحظر المفروض على شراء النقاب وإنتاجه وبيعه منذ عام 2017 في بلد يحمل ملكه لقباً إسلامياً، هو "أمير المؤمنين"، وينص دستوره على أن الملك هو حامي الإسلام وضامن حرية ممارسة الشؤون الدينية على أرضه.

وتقدّر الحكومة الأمريكية إجمالي سكان المغرب بـ34.6 مليون نسمة، 99 % منهم مسلمون سُنّة، و0.1 % مسلمون شيعة. أما البقية فتشمل المسيحيين واليهود والبهائيين.

يقول قادة الجالية اليهودية إن هناك نحو 3500 مواطن يهودي، فيما يقدّر بعض قادة المجتمع المسيحي المغربي وجود بين 2000 و 6000 مسيحي. لكن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تشير إلى وجود 25 ألف مواطن مسيحي.

"يخفون إلحادهم خشية النبذ والعنف"… تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في المغرب لعام 2019 يشير إلى أن 15% من المواطنين باتوا "لا دينيين"

اللا دينية والتحول عن الإسلام

ووجد استطلاع رأي أجراه الباروميتر العربي لـ"بي بي سي عربية"، ونُشر في حزيران/ يونيو من العام الماضي، أن 15% من السكان يعتبرون أنفسهم غير دينيين، في زيادة نحو 5 % عن عام 2013. لكن الغالبية العظمى منهم تخفي ذلك.

وفي نيسان/ أبريل من العام نفسه، صرح وزير الدولة لحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، بأن بلاده لا تجرّم التحول عن الإسلام، مميزاً ذلك عن "جريمة زعزعة ديانات الآخرين أو محاولة تحويل المسلمين إلى دين آخر".

وأوضح الرميد أن القانون الجنائي المغربي يركز على التبشير الذي يستغل "هشاشة" و"حاجات" المتحولين المحتملين. لكن المتحولين إلى المسيحية يعاقبون بطرق غير مباشرة، منها فقدان حقوق الميراث وحضانة أطفالهم.

وبيّنت تقارير أن مسلمين تحولوا إلى المسيحية واجهوا ضغوطاً اجتماعية للعودة إلى الإسلام، وأن مواطنين مسيحيين آخرين تعرضوا لضغوط للتخلي عن دينهم. في المقابل، آثر الشباب المسيحيون الذين ما زالوا يعيشون مع أسرهم المسلمة إخفاء دينهم اعتقاداً منهم بأنهم قد يطردون من منازلهم إذا لم يتخلوا عن المسيحية.

ولا يحق لغير المسلمين في المغرب الوصاية على الأطفال المهجرين أو الأيتام ويشترط لذلك اعتناقهم الإسلام رسمياً أولاً.

"اعتناق الإسلام شرط للتبني وحضانة الأبناء"... تقرير يُفصّل انحياز السلطات المغربية إلى الإسلام السني واليهودية حصراً على حساب المذهب الشيعي والمسيحية ومذاهب دينية أخرى

تمييز ضد الأقليات الدينية 

ونقل تقرير الخارجية الأمريكي عن ممثلي الأقليات الدينية أن الخوف من "المضايقات المجتمعية، بما في ذلك النبذ من قبل العائلات، والسخرية الاجتماعية، والتمييز في التوظيف، والعنف المحتمل من ‘المتطرفين،"، كانت في عداد الأسباب الرئيسية التي دفعت المتحولين عن الإسلام أو اللا دينيين إلى ممارسة معتقداتهم سرّاً.

وخلال شهر رمضان، تعرضت مراهقة لهجوم من سائق حافلة كانت تستقلها لتناولها الطعام علانيةً. كما اعتقل عدة شبان شوهدوا يدخنون السجائر في الأماكن العامة أثناء النهار.

على النقيض تماماً، يستمر حظر الحجاب في البلاد بذريعة "المخاوف الأمنية" في وقت تُمنع مذيعات التلفزيون الوطني والمنتسبات إلى الشرطة والجيش من ارتداء الحجاب أو البرقع. وأفادت تقارير عدة عن صعوبة عثور محجبات على عمل في شركات خاصة بسبب غطاء الرأس. واُضطرت اللواتي بدأن العمل إلى خلع الحجاب أثناء الدوام.

وكان تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لعام 2019 قد رصد استمرار المضايقات المجتمعية للشيعة. ولم تؤسس أية مساجد شيعية العام الماضي، ويؤدي رفض الحكومة السماح بإنشاء جمعيات دينية شيعية إلى حرمان أفراد هذه الطائفة من حرية ممارسة شعائرهم علناً.

علماً أن السلطات المغربية لم تزل تحرم جماعات المسيحيين المغربيين من حرية العبادة في الكنائس، والحق في الزواج المسيحي أو المدني، وخدمات الجنازة. كذلك لا تسمح لهم بإنشاء الكنائس. وقال مواطنون مسيحيون إن السلطات واصلت إجراء مكالمات هاتفية لإشعارهم بأنها تراقب أنشطتهم.

وخوفاً من قانون العقوبات، الذي يجرم "زعزعة إيمان" المسلم، يحاذر المسيحيون من التحدث إلى الآخرين عن دينهم.

وفيما سمحت الحكومة بعرض الأناجيل وبيعها بالفرنسية والإنكليزية والإسبانية، لا يتوافر سوى عدد محدود من الترجمات العربية للكتاب المقدس في مكتبات قليلة لاستخدامها في دورات التعليم العالي.

وعلى الرغم من أن القانون المغربي يسمح بتسجيل الجماعات الدينية كجمعيات، ذكر أفراد من الأقليات الدينية أن الحكومة رفضت طلبات التسجيل الخاصة بهم والمقدمة قبل أشهر أو سنوات. وبموجب قانون الجمعيات، يحق للحكومة حظر أنشطة منظمات تعتبرها "غير قانونية، أو تتعارض مع الأخلاق الحميدة، أو تهدف إلى تقويض الدين الإسلامي، أو سلامة الأراضي الوطنية أو النظام الملكي، أو تدعو إلى التمييز".

في بلد يحكمه "أمير المؤمنين"... الحجاب والبرقع محظوران على مذيعات التلفزيون الوطني، والمحجبات يواجهن صعوبة في الحصول على وظائف، وبعض أرباب العمل يشترط عليهن خلع الحجاب أثناء الدوام

حرية الممارسة للإسلام السُنّي واليهودية

السنّة واليهود هما الجماعتان الدينيتان الوحيدتان المعترف بهما في الدستور دياناتين أصليتين. وبينما تسري أحكام الشريعة الإسلامية على المواطنين، تحكم مجموعة منفصلة من القوانين والمحاكم الخاصة مسائل الأحوال الشخصية لليهود، بما في ذلك الزواج والميراث، وتدير السلطات الحاخامية محاكم الأسرة اليهودية.

واستمرت الحكومة في نشر معلومات عن الإسلام واليهودية عبر قنوات تلفزيونية وإذاعية مخصصة تمولها الدولة. وظلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية (MEIA) المؤسسة الحكومية الرئيسية المسؤولة عن "تشكيل الحياة الدينية" في البلاد، وقد ركزت على تعزيز تفسيرها للإسلام السني عن طريق المرشدين الروحيين الذين وظفتهم في المساجد وألزمتهم دليلها للخطيب والإمام والواعظ.

وواصلت الحكومة تقييد توزيع المواد الدينية غير الإسلامية، وكذلك بعض المواد الإسلامية التي اعتبرتها غير متسقة مع المذهب المالكي السنّي. كما راقبت الوزارة المدارس القرآنية لمنع ما اعتبرته "الخطاب التحريضي" أو المتطرف ولضمان التدريس وفق العقيدة المعتمدة.

في الوقت نفسه، تطالب الهيئة العليا للاتصالات السمعية والبصرية الحكومية جميع محطات التلفزيون العامة بتخصيص 5% من وقت بثها للمحتوى الديني الإسلامي، وبث الأذان خمس مرات يومياً. ويفرض القانون على جميع المؤسسات التعليمية الممولة من الحكومة تعليم الإسلام السنّي. أما المدارس اليهودية الخاصة فتعلم طقوس الديانة اليهودية.

وفي نيسان/ أبريل من العام الماضي، أعلن الملك بناء متحف ثقافي يهودي جديد قرب الحي اليهودي التاريخي والمقبرة في فاس، فيما استمرت السلطات في دعم ترميم المعابد اليهودية والمقابر اليهودية في جميع أنحاء البلاد.

وواصلت الحكومة تمويل دراسة الثقافة والتراث اليهودي في الجامعات التي تديرها الدولة. وقال المواطنون اليهود إنهم يمارسون طقوسهم الدينية في المعابد بأمان، وزيارة المواقع الدينية وإقامة الاحتفالات السنوية بانتظام.

وتعتبر الحكومة المغربية جهودها لحماية التراث اليهودي "ضرورية للحفاظ على التراث الديني والثقافي للبلاد".

وتوفر الأحكام القانونية الموضحة في قانون الضرائب العام مزايا ضريبية ومنح الأراضي والبناء والإعانات والإعفاءات الجمركية على الواردات اللازمة للأنشطة الدينية للجماعات الدينية المعترف بها (المسلمون السنّة واليهود) والجماعات الدينية المسجلة في قائمة الجمعيات المدنية.

واصلت الحكومة المغربية تقييد توزيع المواد الدينية غير الإسلامية، وكذلك بعض المواد الإسلامية التي اعتبرتها غير متسقة مع المذهب المالكي السنّي.

ومعلوم أن انتقاد الإسلام علناً يعدّ جريمة يعاقب عليها بالسجن عامين وغرامة قدرها 200 ألف درهم (20800 دولار أمريكي). ويعاقب القانون كل شخص "يستخدم الإغراءات لتقويض العقيدة" أو تحويل المسلم إلى دين آخر عن طريق استغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة، أو من خلال استخدام المؤسسات التعليمية أو الصحية أو غيرها من المؤسسات، وينص على عقوبة بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة تراوح بين 200 و 500 درهم (ببن 21 و 52 دولاراً أمريكياً).

نقاط إيجابية

لكن التقرير لم يخلُ من بواعث الأمل، إذ بيّن أنه لم ترد تقارير من مواطنين شيعة تفيد بأن قوات الأمن اعتقلت أو استجوبت أحداً من الشيعة بشأن معتقداته خلال عام 2019.

وأفاد القادة المسيحيون بعدم وجود تقارير عن قيام السلطات بالضغط على المتحولين للتخلي عن دينهم.

وخلافاً لما جرى في السنوات الماضية، قال قادة البهائيين إنهم لم يتعرضوا للمضايقة بسبب عقيدتهم خلال العام المنصرم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard