بينما يشتد التوتر المصري مع إثيوبيا وتركيا على خلفية أزمة سد النهضة والوضع في ليبيا، بدأت أنقرة وأديس أبابا على ما يبدو فتح قنوات اتصال اعتبرها محللون رسالة تحدٍ للقاهرة.
في 16 تموز/يوليو، التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو بمولاتو تيشومي فيرتو المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في العاصمة التركية أنقرة.
وفي تغريدتين نشرهما على حسابه في تويتر باللغتين الانكليزية والتركية، قال تشاويش أوغلو إن "اللقاء مع فيرتو كان ناجحاً ومثمراً".
ولفت الوزير التركي إلى أن "البلدين سوف يعززان الزيارات المتبادلة بينهما، وكذلك الحوار، والتعاون في جميع المجالات خصوصاً في مجالي التجارة والاستثمار".
وزار مولاتو تشومي تركيا عام 2017، حينما كان رئيساً لإثيوبيا حيث أكد لوسائل الإعلام أنه "يعتبر تركيا وطناً له" إذ عمل فيها سفيراً لبلاده ثماني سنوات، في إشارة إلى أن آبي أحمد اختار شخصاً مقرباً من تركيا ليرسله للقاء المسؤولين في أنقرة.
في السياق نفسه دشن ما يعرف بـ"منتدى الصداقة التركي الإثيوبي" حملة دعائية على مواقع التواصل الاجتماعي لمساندة الموقف الإثيوبي في أزمة سد النهضة.
ويظهر في الفيديو مواطنون أتراك يعبرون عن دعمهم لإثيوبيا في بناء سد النهضة، داعين المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف مماثل.
تحالف تركي إثيوبي
في المقابل، رأت شخصيات مصرية بارزة أن تركيا التي تدخلت في ليبيا ضد المصالح المصرية، قد اتحدت مع إثيوبيا التي تريد حجب المياه عن القاهرة من خلال تشغيل سد النهضة.
كتب النائب في البرلمان المصري مصطفى بكري تغريدة على حسابه تويتر في 15 تموز/يوليو الجاري اتهم فيها أثيوبيا وتركيا بالتنسيق معاً ضد مصر.
وقال بكري المقرب من الدوائر السياسية والعسكرية في مصر: "هناك رابط بين تركيا وإثيوبيا، وتنسيق مشترك، ونيات عدوانية، مصر أكبر من مؤامراتكم، ماء النيل وأمننا القومي من أجلهما تهون كل التضحيات".
وقال الكاتب الصحافي المصري إسلام عفيفي على حسابه فيسبوك: "كلما ضاق الخناق على المرتزقة فى ليبيا صعّدت أثيوبيا الموقف وأشعلت الأزمة في سد النهضة بإجراءات أحادية".
وهاجمت برامج "توك شو" مصرية إثيوبيا وتركيا واتهمتهما بالعمل معاً والتآمر المشترك ضد القاهرة.
وتعليقاً على لقاء تشاويش أوغلو مع المسؤول الإثيوبي، كتب الصحافي التركي علي اوزكوك: "يجب أن تراقب مصر ما يلي: اتفق وزير الخارجية التركي والممثل الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي على زيادة التعاون بينهما في ظل تعمق الخلاف حول سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا".
"هناك رابط يربط بين تركيا وإثيوبيا، تنسيق مشترك، ونيات عدوانية، مصر أكبر من مؤامراتكم"... برلماني مصري مقرب من دوائر الحكم يتهم أنقرة وأديس أبابا بالعمل معاً ضد مصر بالتزامن مع زيارة مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي إلى تركيا
إثيوبيا وتركيا
في السنوات القليلة الماضية زاد التعاون التركي الإثيوبي بدرجة لافتة في كافة المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية والثقافية، وهذا ما كان مصدر قلق دائم للقاهرة.
تعد تركيا ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بـ 2.5 مليار دولار، إذ وصلت عدد الشركات التركية العاملة في أديس أبابا إلى أكثر من 150 شركة خلقت أكثر من 30 ألف وظيفة.
وعلى المستوى الإنساني، افتتحت منظمة التعاون والتنسيق التركية (TIKA) مكتباً في أديس أبابا في عام 2005 إذ طورت العديد من القرى الفقيرة ومحطات المياه والمستشفيات والمساجد.
وقد ركزت أنشطتها على مساعدة إثيوبيا في تحسين جودة التعليم وتعلم اللغة التركية من خلال منح الطلاب الإثيوبيين مئات الفرص للدراسة في الجامعات التركية.
وافتتحت وكالة الأناضول التركية مكتباً لها في أديس أبابا عام 2014 لتغطية شرق إفريقيا، كما بدأت الدراما التركية في الانتشار على نطاق واسع في أديس أبابا بعدما
ترجمتها المراكز الثقافية التي تم افتتاحها في العاصمة وعدة مدن آخرى.
تعد تركيا ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بـ 2.5 مليار دولار، إذ وصلت عدد الشركات التركية العاملة في أديس أبابا إلى أكثر من 150 شركة خلقت أكثر من 30 ألف وظيفة
التجربة التركية
في الأيام القليلة الماضية ركزت وسائل الإعلام المصرية في الإشارة إلى أن بناء إثيوبيا لسد النهضة يعد تكرار لتجارب تركية في بناء عدة سدود على نهري دجلة والفرات، وهذا ما يهدد العراق بالجفاف التام وفقدان مصادر المياه.
وأعلنت تركيا في التسعينات القرن الماضي عن مشروع تنموي في جنوب البلاد يتضمن بناء 22 سداً منها سد أتاتورك الذي يُعتبر ثالث أكبر سدود العالم، إذ قلل حجم المياه في نهر الفرات بنسبة 30 %.
وتشرع تركيا حالياً في بناء سد إليسو على ضفاف نهر دجلة ما يهدد بحرمان العراق من كميات كبيرة من المياه
والجدير بالذكر أن تركيا تعتبر نهري دجلة والفرات "من الأنهار الوطنية الداخلية" لا من الأنهار الدولية وهي ذات الحجة التي تستخدمها إثيوبيا مع مصر.
في 6 تموز/يوليو كتب الخبير الدولي في شؤون البيئة مجدي علام في صحيفة الوطن المصرية مقالاً قال فيه إن "إثيوبيا تريد تكرار التجربة التركية، والعراق يُهدّد باللجوء إلى مجلس الأمن، ومصر لجأت بالفعل لمجلس الأمن، وكل يوم تطالعنا الصحف والمواقع العالمية حول استحواذ تركيا على نهر الفرات، وحرق آلاف الأفدنة شمال العراق".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...