شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
البازارات الأسبوعية في إسطنبول... مزارات سياحية ومقصد للأتراك والجاليات العربية

البازارات الأسبوعية في إسطنبول... مزارات سياحية ومقصد للأتراك والجاليات العربية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 26 فبراير 202005:54 م

من منّا لا يستمتع بالتسوق وزيارة الأسواق؟ إذ أكدت بعض الدراسات أهميتها لخلق الإيجابية والرفاهية والراحة للنفس البشرية. وبعيداً عن المراكز التجارية الضخمة والمحال العصرية، تجتمع متعة التسوق المميزة والشعبية في مدينة إسطنبول، مع مختلف الطبقات الاجتماعية في البازارات الأسبوعية التي تخصصها سلطات البلدية الحكومية في أيام محددة، وعلى امتداد أيام الأسبوع، وفي معظم الأحيان تكون أيام الإجازة الرسمية، السبت والأحد، يبدأ نشاطها من التاسعة صباحاً وحتى آذان المغرب، ويطلق الأتراك على كل بازار اسم يوم من أيام الأسبوع والتي تكون متاحة خلالها.

بين أزقة الأحياء السكنية، أو في بعض المناطق المغلقة والساحات الواسعة، يتم تخصيص خيام وبسطات للباعة من قبل البلدية مقابل مبلغ مالي، لعرض منتجاتهم، لتصبح تلك الأماكن مكتظة بالمواطنين الذي يجدون فيها فرصة للتسوق بأسعار أقل، وفي الوقت ذاته شراء كل احتياجاتهم لباقي أيام الأسبوع، بالإضافة لأصوات الباعة، وأغانيهم وأهازيجهم التي تُلفت انتباه المارة في البازار.

ومع تنامي شهرة الأسواق الشعبية التركية على مدار السنوات، باتت جزءاً لا يتجزأ من عادات الأتراك، بل وأصبحت مزاراً سياحياً ومقصداً للزائرين والمقيمين من الجاليات العربية.

تتميز تلك البازارات المنتشرة في كل المدن التركية وليس في إسطنبول فحسب، بالإضافة لأسعارها الرخيصة، باحتوائها على كافة ما يحتاجه المتسوق، من فواكه وخضروات بمختلف أنواعها ومواسمها، أسماك طازجة، إلى جانب المكسرات والفواكه المجففة، الحبوب، التوابل، الأجبان، أنواع من الخبز التركي، البيض البلدي، المخللات والكثير من الأشياء التي لا تتواجد في العادة بمكان واحد.

بالإضافة لتلك الأشياء، يُخصص البازار قسماً كبيراً لبيع الملبوسات والإكسسورات، مساحيق التجميل، الأقمشة، الستائر، السجاد، الأدوات المنزلية والكهربائية، الألعاب، الاحتياجات المدرسية، الحقائب النسائية والأزهار والنباتات الطبيعية، كما توفر بعضها الأثاث المنزلي، ويرافق هذه البازارات سيدات كبيرات في السن يخبزن عجينة "البيدا" التركية، المحشوة باللحم أو الجبن، ويقمن ببيعها في البازار. كما يجاور كل بازار بعض المقاهي لاحتساء الشاي والقهوة، بالإضافة للمطاعم والبقاليات الصغيرة والمخابز المنتشرة في الأحياء السكنية.

ووفقاً لإحصائيات بلدية مدينة إسطنبول، هناك أكثر من 350 بازاراً شعبياً فيها، ويفتح كل واحد منها أبوابه ليوم واحد أو يومين أسبوعياً، وهناك أكثر من 240 بازاراً في مناطق وأحياء الجانب الأوروبي، وقرابة 115 بازاراً في الجانب الآسيوي من مدينة إسطنبول.

المارون في هذا البازار أغلبهم من السيدات والأطفال، أما الباعة فهم من كبار السن، أو من الشباب الذين بدؤوا في هذا المجال على خُطى من سبقهم من أفراد عائلتهم، فبحسب ما ذكره البائع علي جان، بأنه ورث هذه المهنة من جده ووالده الجالس بجانبه أمام بسطة الخضروات المليئة بكل الأنواع المختلفة من الخضار الورقية، بالإضافة للباذنجان، الكوسا، الفجل، السفرجل والشمندر، وأضاف: "نقوم بترتيب البضاعة أنا وأخوتي مع والدي، وأقف معه لمساعدته في البيع خلال أيام البازار، هي مهنتنا ومصدر رزقنا".

البازارات الأسبوعية المتنقلة من حي إلى آخر في المدن التركية... من أجمل مظاهر الاقتصاد الاجتماعي التركي، هنا إطلالة على  

ومع صوت دحرجة عجلات عربة نهلة، السيدة التونسية المقيمة في إسطنبول، والمتجولة في البازار والمحمّلة بكل ما تحتاجه، ذكرت بأنها زارت البازار أول مرة برفقة صديقة تركية، وما أن استقرت في المدينة حتى أصبح يوم الأحد بالنسبة لها "يوماً مخصصاً للتبضع من البازار، فأسعاره مناسبة جداً، بدءاً من الخضروات والفواكه، وصولاً للهدايا الرمزية التي أحملها معي لأقربائي في تونس"، لافتة إلى أن "هذه البازارات الشعبية لا تحتوي على المنتجات عالية القيمة أو الماركات العالمية، لكن بضاعتها مناسبة جداً للاستخدام اليومي والاستعمال الشخصي".

وللتعرف على بعض أسواق إسطنبول الشعبية؛ هناك بازار الجمعة في منطقة "فندق زاده" ويكاد يكون الأشهر في إسطنبول، وتتوفر فيه الكثير من المنسوجات التركية، والمنتجات المقلدّة، وبسبب توافد الكثير من السياح والزائرين لهذا البازار فإنه لا يُعدّ من البازارات الرخيصة.

أما بازار الأربعاء في منطقة "الفاتح"، فيعدّ من الوجهات الأسبوعية الرئيسية لسكان هذه المنطقة، وليس فقط السياح، ويضم هذا البازار عدة شوارع رئيسية وفرعية في تلك المنطقة، تكثر فيه المنتجات الغذائية، الأدوات المنزلية، الملبوسات، الإكسسوارات وغيرها.


وبالحديث عن بازار السبت في منطقة "بكركوي" الذي يُعتبر من أكبر البازارات في إسطنبول، وهو بازار شعبي متنوع، يضم كافة الاحتياجات المنزلية، بدءاً من أدوات


المطبخ، الأدوات الكهربائية، الملابس لكافة الأعمار والسجاد بأنواعه، ووصولاً للمواد الغذائية، الخضروات، الفواكه، الأجبان والألبان، بالإضافة لمستحضرات التجميل، العطور المقلدّة، الساعات والإكسسوارات، ويرافق هذا البازار بعض شركات الدعاية التركية لمنتجات فلاتر المياه وغيرها، وبجانب هذا البازار تقع بعض المقاهي والمطاعم، وأيضاً مدينة ملاهي للأطفال.

أما عن بازار الأحد في منطقة "بيليك دوزو"، فهذا البازار يعدّ وجهة سكان منطقتي بيليك دوزو واسنيورت، حيث أنه بازار مسقوف ويتميز بالإضافة للبضائع المشابهة الموجودة في جميع البازارات، بوجود غرف لقياس الملابس وتجربتها.

باتت جزءاً لا يتجزأ من عادات الأتراك، بل وأصبحت مزاراً سياحياً ومقصداً للزائرين والمقيمين من الجاليات العربية... الأسواق الشعبية التركية

ومن أهم بازارات الجانب الآسيوي في مدينة إسطنبول هو بازار الثلاثاء في منطقة "كاديكوي"، وهو بازار ضخم يقع ضمن مساحات واسعة وساحات ضخمة، يغطي هذا البازار كافة احتياجات الأسرة من ملابس وكماليات ومواد غذائية وخضروات وفواكه.

وتعد هذه البازارات الأسبوعية المتنقلة من حي إلى آخر في المدن التركية، من أجمل مظاهر الاقتصاد الاجتماعي التركي، وذلك بحسب ما يراه الباحثون في الاقتصاد التركي، إذ إنها تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، والذي يعود بالفائدة على انتعاش التجارة الداخلية، ومساعدة الفلاحين والمزارعين في عرض وبيع منتجاتهم، كما أنها تعد فرصة لعرض المهنيين والحرفيين لمصنوعاتهم، وهي بالدرجة الأولى تكسر احتكار بعض التجار للأسعار، وتخلق فرص عمل للكثير من الشباب التركي وربات البيوت والمتقاعدين، الذين يعملون من أجل قوت يومهم ويشعرهم بأنهم فئات منتجة، الأمر الذي يسهل مسألة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بين الفرد واقتصاد بلاده.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard