قبل نحو ثلاثة أيام، كشفت مصادر إسرائيلية عن "أول مقالة أكاديمية بالعبرية لباحث سعودي"، وذلك بعد أيام قليلة من مداخلة وُصفت بـ"المستفزة" لناشطة سعودية مع وسيلة إعلامية عبرية، وإعلان ناشط سعودي رغبته في زيارة تل أبيب.
هذا الزخم في حوادث "التطبيع العلني" بين شخصيات سعودية معروفة، بعضها مقرب من السلطات، يدفع إلى التساؤل عن وجود أشكال من التطبيع الرسمي بين البلدين من عدمه، أو على الأقل، وجود موافقة رسمية على هذه الحوادث. وهذا ما أجابت عنه ورقة بحثية إسرائيلية نشرها موقع "ناتسيف" الإسرائيلي للدراسات الإستراتيجية.
"إسرائيل ليست عدوتنا"
في 13 تموز/ يوليو، أشار حساب إسرائيل بالعربية التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية على تويتر إلى أنه "لأول مرة نشر باحث سعودي مقالة أكاديمية في مجلة إسرائيلية.
ورقة بحثية إسرائيلية تسلط الضوء على أوجه "التقارب" السعودي الإسرائيلي "أمنياً واقتصادياً" وتعتبر أنها تأتي في إطار "الدور السعودي النشط في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وضمن جهودها لإيجاد حل للمشكلة الفلسطينية"
البروفيسور محمد الغبين من جامعة الملك سعود نشر مقالة بالعبرية في مجلة كيشير (جامعة تل أبيب) بعنوان: ‘المساهمة في تحسين صورة النبي محمد في عيون الجمهور الإسرائيلي: عهود محمد ومراسلاته مع يهود شبه الجزيرة العربية‘".
وفي 12 تموز/ يوليو، غرد الكاتب السعودي المعروف سعود الفوزان: "أتمنى أن أزور تل أبيب ولو وجهت لي دعوة سوف أقبلها دون تردد"، مخلفاً ردود فعل واسعة متباينة.
قبل ذلك، في 7 تموز/ يوليو، ندد حساب "سعوديون ضد التطبيع"، الذي يتابعه أكثر من 70 ألف شخص عبر تويتر، بمقابلة للناشطة السعودية سعاد الشمري مع صحافي إسرائيلي.
قالت الشمري في المقابلة: "أتمنى أن التعاون الاقتصادي والثقافي والتجاري نبدأ فيه اليوم قبل بكره. إسرائيل مش عدوتنا، إيران مثلاً عدوتنا. لو التفجيرات (في المنشآت النووية الإيرانية) خلفها ناس ‘حلوين‘ زيكم بليز Go ahead (استمروا)... لا تتوقفوا بليز".
وتجدر الإشارة إلى أن الشمري سبق أن ظهرت في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية، في آب/ أغسطس عام 2019، عبّرت خلالها عن رغبتها في زيارة إسرائيل.
وبعد تعاقب هذه الحوادث وعلانيتها، يرجح متابعون أنها "تتم بعلم السلطات السعودية".
في محاولة لـ"تحسين صورة النبي محمد في عيون الجمهور الإسرائيلي"... أكاديمي سعودي من جامعة الملك سعود نشر مقالة بالعبرية في مجلة كيشير (جامعة تل أبيب). مراقبون يرجحون أن هذا التطبيع يتم بتنسيق وموافقة رسميين
"لحل المشكلة الفلسطينية"
من جهتها، سلطت الورقة البحثية عبر "ناتسيف" على أوجه التقارب هذه بين البلدين، لافتةً إلى أنها تأتي في إطار "الدور السعودي النشط في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وضمن جهودها لإيجاد حل للقضية الفلسطينية".
ولفتت الورقة إلى أن "العلاقات السعودية الإسرائيلية سارت على عدة مستويات مرئية وخفية، منذ سنوات عديدة"، وأن الجهود السعودية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدأت باكراً عام 1981 مع صوغ ولي العهد آنذاك، والعاهل الراحل، فهد بن عبد العزيز ما عرف بـ"مبادرة السلام العربية".
وبيّنت الورقة البحثية أن إسرائيل لم تقبل بمبادرة فهد لأنها لا تجيز الاعتراف بإسرائيل تطبيع العلاقات بينها وبين الدول العربية.
ثم أشارت إلى مبادرة سلام سعودية مقترحة أخرى، عام 2002، لكن هذه المرة من قبل ولي العهد آنذاك عبد الله بن عبد العزيز. هدفت المبادرة إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، ودعت إلى تطبيع العلاقات بين العرب وإسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان، وإنشاء دولة فلسطينية و"حل عادل" لمشكلة اللاجئين.
وبعيداً عن مبادرات السلام، أفادت الورقة البحثية إلى أن التهديد الإيراني لدول الخليج وتل أبيب على السواء، أدى إلى نشوء تعاون في مختلف المجالات المتعلقة بالصراع الإقليمي ضد التوسع الإيراني.
وأضافت أن هناك شائعات حول "تمرير المعلومات الاستخباراتية بين الرياض وتل أبيب"، علاوةً على وجود "اتفاق ضمني" بشأن تحليق الرحلات الجوية الإسرائيلية في سماء المملكة. وقالت إن السعودية سمحت أخيراً لطائرات تجارية في طريقها من إسرائيل وإليها بالتحليق عبر مجالها الجوي، وإن طائرات الخطوط الجوية الهندية هي الأولى التي حصلت على هذه الموافقة.
وألمحت في الوقت نفسه إلى انعقاد "اجتماعات سرية للمسؤولين في البلدين"، على هامش المؤتمرات الدولية.
سعوديون يرفضون حديث الناشطة سعاد الشمري مع صحافي إسرائيلي، بعدما قالت: "إسرائيل مش عدوتنا، إيران مثلاً عدوتنا. لو التفجيرات (في المنشآت النووية الإيرانية) خلفها ناس ‘حلوين‘ زيكم بليز Go ahead (استمروا)... لا تتوقفوا بليز"
"تقارب أمني واقتصادي"
واستمرت الورقة البحثية في تعداد ما اعتبرته "مظاهر للتقارب الاقتصادي والأمني"، لافتةً إلى رؤية "بوادر التغيير والعلاقات المفتوحة" بين مسؤولين وشخصيات غير رسمية في المملكة، ومنهم قادة الرأي في المؤسسات الدينية، مثل الرابطة الإسلامية العالمية، وزيارات المدونين والصحافيين السعوديين إلى إسرائيل.
ونبّهت إلى أن "تعبير رجال دين سعوديين عن مواقفهم تجاه إسرائيل بإيجابية وحتى مخاطبتهم إياها بشكل علني في منشورات، كتهنئة رابطة العالم الإسلامي بعيد الفصح، هما الأكثر إثارة للاهتمام".
وزعمت أن الإسرائيليين بجوازات سفر أجنبية أو إسرائيلية يمكنهم دخول المملكة "من دون مشاكل" حتى مع اصطحابهم رموزاً دينية كانت تسبب لهم مضايقات في المطار قبل ذلك.
وأشارت في الوقت نفسه إلى "عدد غير قليل من الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال الإسرائيليين" الذين لديهم علاقات تجارية مع السعودية، في بضعة مجالات أبرزها: البنية التحتية والمياه والاتصالات والحوسبة والبرمجيات والتقنيات وصولاً إلى صناعة النفط.
وشددت على أن من هذه العلاقات التجارية صفقات أبرمتها شركات لبيع تقنيات المدن الذكية لمشاريع في المملكة، بما في ذلك مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، لافتةً إلى أن "بعض المبيعات تتم مباشرة من خلال الحيازات أو الشراكات الخارجية، وبعضها الآخر عبر وسيط".
وختمت بالإشارة إلى وجود اتصالات بين المسؤولين الحكوميين في البلدين هدفها تمكين الحجاج المسلمين من السفر من إسرائيل مباشرة إلى السعودية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...