"خلف الأبواب، تمّ الإعلان عن قيام دولة جديدة في الشرق الأوسط، ليس هذا فحسب، إنما ستكون الصديق السري الجديد لإسرائيل".
هذا ما ورد في تقرير نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، في 23 حزيران/يونيو، تحدث عن "قيام دولة جديدة في جنوب اليمن، ستكون مدينة عدن عاصمتها"، بينما أشار إلى أن "قيادتها تغازل الدولة العبرية بمشاعر ودية وموقف إيجابي".
وبحسب الصحيفة، ردَّ العديد من الإسرائيليين بشكل إيجابي على هذا الودّ وأرسلوا تحياتهم إلى "الدولة المستقلة الجديدة في اليمن"، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم إماراتياً- الذي يسيطر على مساحات في جنوب اليمن، وخاصة جزيرة سُقطرى.
وقالت مصادر مختلفة، في حديثها لـ"إسرائيل اليوم" التي تُعد من وسائل الإعلام المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب تُجري اجتماعات سرية مع حكومة جنوب اليمن، بقيادة عيدروس الذبيدي.
"مشاعر إيجابية"
من جانبه، علّق نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك على حديث الصحيفة الإسرائيلية عن تواصل سري بين المجلس وإسرائيل، قائلاً: "اليهود جزء من العالم والبشرية ونحن مع السلام، ولو كان لنا علاقة مع أبناء عمومتنا اليهود ودولة إسرائيل سنعلن عنها".
وأضاف بن بريك في مقطع فيديو نشره على حسابه على موقع تويتر: "نحن لا نُعادي أي دولة في العالم ولا ديانة إلا من يتعرض للجنوب... هذه مسلماتنا"، وتابع قائلاً: "السلام مطمع لنا ومطمح لنا مع إسرائيل وغير إسرائيل، وأي دولة حتى لو كانت في المريخ ستعين الشعب الجنوبي بعودة دولته، فإننا سنمد يدنا لها دون أن يقع ظلم على أي شعب من شعوب العالم".
وهذه ليست المرة الأولى التي يُبدي فيها بن بريك مشاعر ودية نحو إسرائيل، وهو ما اعتبرته الصحيفة موقفاً إيجابياً يدل على العلاقات السرية بين تل أبيب والمجلس الانتقالي.
وقال بن بريك في تغريدة أخرى: "لا مانع والسابقة لقطر في هذا الباب في فتح العلاقة مع إسرائيل لضمان حق الفلسطينيين في قيام دولتهم بسلام وأمان مع دولة إسرائيل".
في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، قال بن بريك في تغريدة تعليقاً على زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان في ذلك الوقت: "الالتقاء بالإسرائيليين وعقد الصلح معهم بما يخدم البشرية والسلام العالمي ليس حراماً وهناك مبادرة عربية قدمتها السعودية هي خارطة طريق… نقدر جلالة السلطان قابوس".
"خلف الأبواب تم الإعلان عن قيام دولة جديدة في الشرق الأوسط، ليس هذا فحسب، إنما ستكون الصديق السري الجديد لإسرائيل"... صحيفة مقربة من نتنياهو تتحدث عن اتصالات بين تل أبيب والمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، فكيف أتت الردود؟
من جانبه، عبّر مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الخضر السليماني، في لقاء مع قناة "الجزيرة"، عن استعداد المجلس "لإقامة علاقة مع إسرائيل إذا لم يتعارض ذلك مع مصالحه الوطنية".
وفي عام 2016، تمكنت اسرائيل من نقل 19 يهودياً من اليمن في "عملية سرية"، وهي الحادثة التي فتحت جدلاً عارماً حول وجود علاقات لتل أبيب مع أطراف نافذة داخل اليمن.
"دور إماراتي"
من جانبه، استبعد المحلل السياسي اليمني محمد الطاهر وجود اتصالات أو علاقات بين المجلس الانتقالي وإسرائيل، معتبراً التقارير الإسرائيلية "دعاية مزيفة".
وقال الطاهر في حديثه لرصيف22: "هناك لوبي تدعمه قطر وتركيا وإيران يهدف لتشويه مناوئي الميليشيا الحوثية الموالية لإيران، أو ربما قد يكون محاولة إسرائيلية إرسال رسالة خبيثة للعالم أنها متقاربة مع الإمارات والسعودية، نتيجة للتقارير الإعلامية الإخوانية التي تتحدث عن دعم إماراتي لتمزيق اليمن".
وأضاف: "في كل الأحوال، من المستحيل أن تكون هناك علاقة من بعيد أو قريب مع الاحتلال".
في المقابل، اعتبر الكاتب الصحافي اليمني ياسين التميمي هذه الاتصالات "في إطار التسويق" الذي تقوم به الإمارات للمجلس الانتقالي، من أجل منحه الشرعية الدولية والغربية من بوابة إسرائيل، ليعلن إقامة دولة جديدة في جنوب اليمن.
في مقابل من استبعد وجود اتصالات بين إسرائيل و"الانتقالي" ومن رأى أن الحديث عنها مجرّد "دعاية مزيّفة"، ثمة من رأى أن تل أبيب تسعى لإيجاد موطئ قدم في اليمن عبر الإمارات في مقابل سعي المجلس للحصول على شرعية دولية من بوابة إسرائيل
ولفت التميمي، في تصريحات لرصيف22، إلى أن المؤسسات الدولية والغربية تضع العلاقات مع إسرائيل ضمن منح الشرعية للكيانات الجديدة، على حساب الحكومة الشرعية.
وقال التميمي: "الانتقالي يسيطر الآن على الجنوب وخصوصاً جزيرة سُقطرى التي تُعد موقعاً استراتيجياً بالنسبة لإسرائيل، ستكون هناك ضمانات لهم بحرية الملاحة في مضيق باب المندب في مقابل الحصول على الشرعية".
بدوره، اعتبر وزير الإعلام في حكومة الحوثيين في صنعاء ضيف الله الشامي أن "العدو الإسرائيلي يرى اليمن خطراً عليه بموقعه الاستراتيجي، ويعمل على إيجاد موطئ قدم له في اليمن عبر دور إماراتي".
وأضاف: "هناك تواصل يجري مع الكيان الصهيوني وما ظهر منه حتى الآن هو لقاء وزير الخارجية السابق في الحكومة الشرعية خالد اليماني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وتصريحات ما يسمى المجلس الانتقالي تجاه اسرائيل".
وفي شباط/فبراير 2019، ظهر اليماني جالساً إلى جانب نتنياهو في مؤتمر وارسو الدولي، وهو ما اعتبره الخصوم "تطبيعاً ناعماً"، لكن الخارجية اليمنية أوضحت وقتها أن ما حصل كان خطأً بروتوكولياً من المنظمين، ولا علاقات أو اعتراف بإسرائيل.
وأعلن المجلس الانتقالي، في نيسان/ أبريل الماضي، استقلال جنوب اليمن ذاتياً، رغماً عن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي اعتبرت هذه الخطوة في سياق تقسيم اليمن.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلن المجلس انسحابه مما يسمى "باتفاق الرياض" الذي تم توقيعه مع الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، لتقاسم السلطة بغية إنهاء صراع السيطرة على المدن الجنوبية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...