في سابقة، ناضلت الكثير من السعوديات لأجلها طويلاً، قضت محكمة سعودية، في 14 تموز/ يوليو، برفض إحدى دعاوى التغيّب من أب ضد ابنته لتكرارها التنقل بين المحافظات السعودية والسكن في منزل منفصل من دون إذنه.
ويعتقد ناشطون/ات في حقوق المرأة بالمملكة أن الحكم يؤسس لإنهاء قضايا التغيب التي اعتبرت، على نطاق واسع، "ذريعة" لتقييد حرية النساء والتحكم بهن وإذلالهن بعض أحيان. لكن الأمر لم يخلُ من بعض المعارضين الذين أعربوا عن تخوفهم من تسبب القرار بتفكيك الروابط الأسرية ودفع الفتيات إلى الخروج على أوليائهن.
وعبر حسابه في تويتر، أعلن المحامي والناشط السعودي البارز عبد الرحمن اللاحم: "اليوم (14 تموز/ يوليو) صدر حكم ‘تاريخي‘ بشأن قضية تغيب كان لنا الشرف في إدارتها، وهو يؤكد أن استقلال المرأة العاقلة البالغة في منزل مستقل ليست جريمة تستحق التعزير".
"يطوي صفحة مريرة من تاريخ المملكة"... حكم قضائي غير مسبوق يؤسس لتمكين السعوديات "البالغات العاقلات" من الاستقلال في المسكن وحرية التنقل من دون تعقب أوليائهن لهن
"مرحلة تحول تاريخية"
وأردف: "أنا في منتهى السعادة لهذا الحكم الذي ينهي قصصاً مأسوية للنساء. تحية للسيدة التي دافعت عن حقها بالقانون"، مرفقاً منشوره بصورة من قرار المحكمة بعدما ظلل اسم المدعى عليها.
#تفاعلكم :
— العربية - #تفاعلكم (@tafa3olcom) July 14, 2020
المحامي السعودي عبدالرحمن اللاحم @allahim :
النائب العام في #السعودية أصدر تعميما سابقا بعدم تلقي أي بلاغ متعلق بـ تغيّب" المرأة. pic.twitter.com/Jz9EiVLxk2
وأضاف اللاحم: "بعد هذا الحكم بهذا التسبيب التاريخي، نتمنى من مقام النيابة العامة الإيعاز لجهات الضبط بعدم تلقي بلاغات التغيب إلا في حالات الطوارئ بفقدان التواصل مع الولد أو البنت، وأن تُطوى بذلك صفحة مريرة من تاريخنا".
وذكّر المحامي بأن "النائب العام (السعودي) أصدر تعميماً قبل فترة قضى بعدم تلقي أي بلاغ متعلق بالتغيب أو بلاغ يقيد حرية المرأة أو ينتهك خصوصيتها"، معتبراً أن المملكة تعيش "مرحلة تحول تاريخية"، وعازياً ذلك إلى رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
لم يكشف اللاحم عن اسم موكلته التي حكم لمصلحتها، لكن الناشطة السعودية مريم العتيبي، التي يتابعها أكثر من 104 آلاف شخص عبر تويتر، قررت أن تعلن عن نفسها. فأعادت مشاركة تغريدة اللاحم معلقةً عليها: "بعد معاناة طويلة استمرت منذ عام 2017، استطعت اليوم برفقة بطل المحاكم كما يحلو لي أن أسميه، الأستاذ عبد الرحمن اللاحم، أن أنتزع حقي في حرية التنقل، التي كفلها لي الدستور السعودي، الذي ينص على أن لكل مواطن حرية التنقل والاستقرار".
واستدركت: "لم يكن الأمر سهلاً لكنه يستحق كل هذا العناء".
وعلى مدار السنوات الأخيرة، أثيرت عدة قضايا تتعلق بتضرر فتيات ونساء سعوديات جراء ترصد ذويهن لهن بذريعة قضايا التغيب التي قد تؤدي إلى سجن المدعى عليها في دار رعاية أو في سجن نسائي طوال العمر أو حتى يصفح عنها رافع الدعوى. وأوضحت سعوديات كثر أن هذه القضايا كانت وسيلة لابتزازهن من أجل تنفيذ أوامر ذويهن، ومنها الاستيلاء على رواتبهن أو حرمانهن الزواج من شخص يرغبن فيه.
وبسبب مثل هذه الحوادث، كثيراً ما انتقد مدافعون عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان قضايا التغيب، واعتبروا أنها تدحض مزاعم السلطات السعودية بالسعي إلى "تمكين المرأة" و"تعزيز مشاركتها المجتمعية والاقتصادية".
"بعد معاناة طويلة استمرت منذ عام 2017، استطعت انتزاع حقي في حرية التنقل… لم يكن الأمر سهلاً لكنه يستحق كل هذا العناء"... الناشطة السعودية مريم العتيبي ترد على إسقاط دعوى تغيّب رفعها والدها ضدها
تعزيز الثقة أو "الانحلال"؟
وعبر وسوم: #القضاء_يسقط_التغيب و#عبدالرحمن_اللاحم و#شكرا_يا_محمد_علي_اسقاط_
وزعم معلقون معارضون للقرار بأن تعميم مثل هذه الأحكام قد يكون من شأنه زعزعة الروابط الأسرية وتدمير العلاقة بين الآباء وبناتهن أو بين الأشقاء وشقيقاتهن، مثيرين في الوقت نفسه مخاوف من أن يشجع على "الانحلال" و"خروج الفتيات على الأعراف".
"حكم لمصلحة فرد ‘امرأة واحدة‘ لا يعني قراراً تاريخياً بل انتصاراً لهذه المرأة ولمحاميها… نفرح لهما، لكن الحكم لا يعني العامة لأن #معضولة_عنيزة سبق أن انتصرت ولم يصدر أمر بتزويج المرأة نفسها. اليوم التاريخي حين يكون الحق لكل السعوديات بلا قضايا ومحاكم"
وفيما احتفلت ناشطات نسويات، بينهن أروى عمر، بالقرار الذي اعتبرن أنه "يعزز ثقة" المرأة السعودية بنفسها و"ينهي جحيم تقييد حريتها"، نبّه معارضون للقرار إلى أنه "مجرد حكم خاص لا ينطبق على جميع النساء" و"قد يكون لاعتبارات معينة".
وهذا ما تخوفت منه عدة ناشطات. كتبت إحداهن: "حكم لمصلحة فرد ‘امرأة واحدة‘ لا يعني قراراً تاريخياً بل انتصاراً لهذه المرأة ولمحاميها… نفرح لهما، لكنه لا يعني العامة لأن قبلها انتصرت #معضولة_عنيزة (بالحصول على حكم بتزويج نفسها) ولم يصدر أمر بتزويج المرأة نفسها. اليوم التاريخي حين يكون الحق لكل السعوديات بلا قضايا ومحاكم".
واتفقت أخريات مع الرأي نفسه، معبّرات عن دهشتهن لاضطرار المرأة إلى اللجوء إلى القضاء ومتابعة تحقيقات تدوم عدة سنوات حتى تحصل على "حق طبيعي لأي إنسان في الكون".
وأعربن عن أملهن أن تكون هناك محاسبة مستقبلاً لمن يرفع مثل هذه الدعاوى "الكيدية التي تهدر موارد الدولة".
في المقابل، لفت فريق كبير من الفتيات إلى أن سقوط التغيب من عدمه لا يشغلهن لأنهن يفتخرن بالبقاء في كنف ذويهن ويشعرن بالأمان معهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...