شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
فيما اللبنانيون يدفعون ثمن الانهيار… المصارف

فيما اللبنانيون يدفعون ثمن الانهيار… المصارف "هرّبت" ستة مليارات دولار إلى الخارج

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الاثنين 13 يوليو 202003:38 م

"بيانات القطاع المصرفي تظهر أن ما بين 5.5 و 6 مليارات دولار أمريكي هُرّبت خارج البلاد من قبل المصرفيين الذين ‘لا يسمحون‘ لأي مودع بصرف 100 دولار…".

هذا ما صرح به آلان بيفاني، المدير العام السابق لوزارة المال اللبنانية، لـ"فايننشال تايمز"، في 13 تموز/ يوليو، متهماً ما وصفها بـ"النخبة المالية القذرة" بحماية مصالحها المكتسبة فيما يتداعى اقتصاد البلاد بشكل متسارع.

وأوضح بيفاني أن تقديره هذا مبنيّ على تفسيره للأرقام والمشاورات مع سلطة الرقابة المصرفية اللبنانية. ويعدّ التصريح المتعلق بالفترة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اتّهاماً واضحاً لكبار المصرفيين في لبنان بانتهاك الضوابط التي وُضعت لوقف تهريب رؤوس المال في ظل أسوأ أزمة مالية تشهدها بيروت منذ 30 عاماً.

وخرج اللبنانيون إلى الشوارع في أواخر العام الماضي، محتجين على الأوضاع المعيشية، ومتهمين السلطة الحاكمة سياسياً ومصرفياً بالفساد. وعقب الحراك الشعبي، فرضت المصارف قيوداً صارمة على صرف الدولار وتحويله عقب الشح الشديد فيه والذي رافقه ارتفاع هائل في الأسعار.

وكثيراً ما انتُقدت بل هوجمت المصارف لتجميدها مدخرات المودعين بعد استخدام ودائعهم لتمويل الدولة المثقلة بالديون.

وبرغم القيود على العملات الأجنبية، انخفضت ودائع العملاء المقيمين من 82 مليار دولار أمريكي في الخريف الماضي إلى 71 ملياراً في أيار/ مايو وفقاً لمعطيات المصرف المركزي.

وبرر رياض سلامة، حاكم المصرف المركزي، ذلك بالزعم أن معظم هذه الأموال أُنفقت لتسديد القروض المحلية.

متهماً "النخبة المالية القذرة" بحماية مصالحها الخاصة فقط وسط تسارع الانهيار الاقتصادي… مسؤول مالي كبير سابق في لبنان يفضح تهريب مصرفيين وسياسيين نحو ستة مليارات دولار أمريكي فيما يُحرم المواطنون من سحب 100 دولار

"نخبة مالية فاسدة"

واعتبر بيفاني، الذي استقال قبل نحو أسبوعين اعتراضاً على طريقة تعامل الدولة مع الأزمة الاقتصادية، أن النخبة السياسية والمصرفية تحاول "مواصلة الاستفادة من النظام (سلطتها) من دون تكبد أي خسارة"، فيما اللبنانيون العاديون "قد يدفعون اليوم ثمناً باهظاً".

ومتهماً "نخبة المال القذرة" من السياسيين والمصرفيين بالسماح بأن يتحمل اللبنانيون وطأة الأزمة الاقتصادي، قال بيفاني إن "ما يحصل الآن هو أن الخسائر تحولت بشكل أساسي إلى السكان عبر سقوط الليرة اللبنانية".

ولفت إلى تفشي الكسب غير المشروع في الخدمة المدنية بالبلاد، قائلاً: "كل موظف مدني في لبنان لديه الفرصة لكسب الكثير من المال"، مُصراً في الوقت نفسه على أن الإدارة التي كان يديرها لم تكن فاسدة بشكل كبير.

ويُعدّ بيفاني، الذي شغل منصبه البارز في وزارة المال 20 عاماً، أبرز مسؤول حكومي يحذر مما وصفه بـ"التفكيك السريع للدولة".

وقد لفت إلى أنه رأى "شياطين لبنان القديمة تعود. وخمسة ملايين شخص (من سكان لبنان) عالقون في وضع خطير وسيىء جداً"، مقارنةً بالظروف التي عاصرتها البلاد عام 1975، عندما اندلعت حرب أهلية استمرت 15 عاماً.

انتقادات واتهامات مضادة

فيما شبّه منتقدو بيفاني استقالته في توقيت حرج، بمن يترك السفينة وسط العاصفة، مدّعين أنه يفعل ذلك لأجل الفوز بمنصب "حاكم مصرف لبنان"، نفى هو هذه الادعاءات واصفاً تولي المنصب بـ"المهمة الفظيعة". ويصرّ معلقون على أن  بيفاني لا يحقّ له انتقاد نظام ظل جزءاً منه على مدى عقدين من الزمان.

بعد مقارنة الظروف الحالية بالظروف التي عاصرتها البلاد عام 1975 عندما اندلعت حرب أهلية استمرت 15 عاماً، آلان بيفاني: "رأيت شياطين لبنان القديمة تعود. وخمسة ملايين شخص عالقون في وضع خطير وسيىء جداً"

رداً على هذا، قال بيفاني: "عندما تكون مهتماً بما يجري في بلدك، تختار أن تقاتل أو لا"، موضحاً أنه اختار التنحي في هذا التوقيت حتى لا يكون متواطئاً مع مسببي انهيار من شأنه أن يفاقم "عدم المساواة". 

وفي حين لم يوجه بيفاني اتهاماته إلى قيادات مصرفية معيّنة، أوضح الخبير المالي مصطفى حموي: "استرداد (تطهير) المؤسسة نفسها لا يمكن تحقيقه إلا إذا توقف بيفاني عن إلقاء اللوم على فئة من الناس وبدأ بذكر أسماء…".

وكان بيفاني قد خلّف صدمة قوية في لبنان عندما أصبح ثاني مسؤول يستقيل من الفريق الحكومي الذي يتفاوض مع صندوق النقد الدولي على خطة ترمي إلى معالجة الوضع المالي المتدهور في البلاد.

وكانت "كلنا إرادة"، وهي جماعة ضغط سياسية إصلاحية لبنانية، قد اعتبرت أن استقالة بيفاني "إشارة واضحة إلى تنامي الأزمة داخل السلطة الحاكمة ومؤسسات صنع القرار"، ودليل على أن "النظام الحالي غير قادر على إصلاح نفسه لأنه رهينة مصالح خاصة". 

وتعثرت المحادثات اللبنانية مع صندوق النقد بسبب الخلاف بين الحكومة والمصرف المركزي على تقدير حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.

وتأتي تصريحات بيفاني الخطيرة بعدما بلغت الديون على لبنان 90 مليار دولار أمريكي، إذ تخلّف عنها للمرة الأولى في آذار/ مارس الماضي.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.8 % هذا العام في ظل توقف تدفقات العملة الصعبة، وفقدان العملة المحلية نحو 80 % من قيمتها في السوق السوداء، وارتفاع معدل التضخم إلى نحو 56 %.

وأظهرت حوادث انتحار ومشاهد من المتاجر اللبنانية والشوارع والمصارف أخيراً تفشي الجوع والعجز عن الإيفاء بالالتزامات المعيشية وسط أُسَر كثيرة في مناطق شتى.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image