شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"الكثير من التمييز والكراهية"... قصص عن اعتناق نساء سويديات للإسلام

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 13 يوليو 202004:37 م

في مجتمع رأسمالي ليبرالي، لا تتبنى الدولة فيه أي دين، كالسويد، أي لا يوجد دين معين يمثّل مصدر التأسيس والتشريع، ولا يشغل الدين مكاناً في الفضاء العام، بل مُقيد داخل الكنيسة، المسجد أو المعبد، أو حتى القبو، يلعب الخيار الشخصي دوراً مهماً في الاختيار.

من خلال هذا التقرير، التقيت بنساء من أصول سويدية-إسكندنافية، للحديث عن تجربة الانتقال من المسيحية أو الإلحاد إلى الإسلام.

إن إجراء مقابلات والتحدث إلى هؤلاء الأشخاص هي محاولة فهم اختياراتهم وحياتهم كمسلمين جُدد، وهذا يعني الحصول على الفرصة لفهم لماذا يقوم البعض بهذا الاختيار؟ كيف يمكن تفسير جاذبية الإسلام؟ أو لماذا الإسلام؟ هل هي ردة فعل؟ ماذا عن المجتمع المحيط وردة فعله؟ عن صعوبات الدين الجديد.

كانت رحلة ممتعة، ومن يعرف طبيعة الشعب السويدي المتحفظة، وخصوصاً في المواضيع الشخصية، يُدرك صعوبة الحصول على قصة صحفية، قمت بإنجاز هذه التقرير باللغة السويدية أولاً، وبعد ذلك ترجمته إلى العربية.

"كنت مسلمة في داخلي"

هيلينا بنت يعقوب، سويدية من أصول فنلندية، تُجيب على سؤال لماذا الإسلام؟ وتقول: "لأن الإسلام هو الدين الذي دعا إليه جميع الأنبياء. كشخص من خلفية مسيحية، لطالما تساءلت، عن يسوع ودوره، لماذا يحتاج الله إلى ابن، وإذا كان الله لديه ابن، فلماذا ليس لديه أقارب وأصدقاء آخرين؟".

وتضيف: "إذا كان الله يعرف كل شيء وكان قوياً ورحيماً، فلماذا سمح أن يتم تعذيب ابنه الوحيد وموته، ليغفر خطيئة الناس؟! كذلك لم أستطع أن أفهم كيف أن كلاً من الله ويسوع والروح القدس آلهة، ومع ذلك مندمجين في إله واحد".

وترى هيلينا بأنه "لا يمكن فهم المسيحية على الإطلاق، ولا عقيدة الخطيئة التي تعني بشكل مبسط أنه إذا ارتكبت أنا جريمة، يعاقب طفلي عليها، كذلك من المنطقي أن يتم إنشاء العالم وليس خلقه بالصدفة، لذلك كنت متأكدة تقريباً من وجود إله، لكن ليس تماماً كما يوصف في الأديان غير المفهومة بالنسبة لي".

وتتابع: "ولكن عندما قرأت عن الإسلام وقعت به دفعة واحدة، أستطيع أن أقول إنني كنت مسلمة في داخلي قبل أن أصبح مسلمة".

توضّح ذلك: "قرأت الكثير عن الإسلام، في الواقع لأنني اعتقدت أن العديد من المسلمين يتصرفون بشكل غير أخلاقي وزائف، لذلك أردت أن أعرف ما إذا كانوا يسيئون التصرف لأن القرآن سمح لهم بذلك، لكنني وجدت عكس ذلك تماماً: إن القرآن يهتم كثيراً بالإخلاص والاهتمام بالآخرين والإنصاف".

"الإسلام بالنسبة لي هو ذروة الحركة النسائية. وهذا هو السبب في أنني أنزعج عندما يريد شخص ما أن يضع اضطهاد المرأة على الدين. بالنسبة لي، الدين ليس شيئاً معقداً، أنه شيء بسيط، وهو لجميع الناس في جميع الأوقات"

لكن لماذا تتحول المرأة السويدية إلى الإسلام؟

تُجيب هيلين: "لا يمكن للمرء أن يعمم تفسيراً واحداً، ولكن هناك العديد من التفسيرات: بالأساس اليوم هناك الكثير من المعلومات حول الإسلام، وأصبحنا نلتقي بالمسلمين أكثر من أي وقت مضى. وعندما تقرأ عن الإسلام أو تلتقي بمسلمين، يمكن أن تكون هناك طريقتان أو ثلاث: أن تصبح مسلماً بسبب ما تقرأه أو من تقابله، أن تكره الإسلام أكثر، أو ألا تتأثر".

وتضيف: "على الرغم من أننا يجب ألا ننسى: نحن لا نختار أن نصبح مسلمين بأنفسنا. الله يختار لنا الإسلام الذي لا أجد صعوبة في تطبيقه، لكن من ناحية أخرى، هناك الكثير من المسلمين المتشددين الذين يطبقون أو يأخذون من الإسلام ما يحقق راحتهم فقط".

وترى هيلينا الأمر مختلفاً من شخص لآخر. يعتقد الكثير من الناس غير المسلمين أن النساء يتحولن إلى الإسلام لأنهن يتزوجن من رجل مسلم، الأمر ليس كذلك، حسب تعبيرها.

وتضيف: "يجب ألا يكون لإيمانك أي علاقة بالزواج، فهو اختيار شخصي، ولكن من الجميل أن نتفق بكيفية نظرتنا إلى الحياة، وإلّا سيكون هناك الكثير من الصراعات ولن يكون الوضع جيداً، لا سيما للأطفال"، وتذكر أنه في الإسلام، "المرأة التي تتزوج رجلاً مسلماً تمتلك الحرية الدينية، ولا يستطيع زوجها أن يطالبها بالتحول إلى الإسلام. لكن الرجل الذي يتزوج امرأة مسلمة يجب أن تحصل المرأة المسلمة على جميع حقوقها، ولا يمكن القيام بذلك إلا إذا اختار الرجل أن يصبح مسلماً بنفسه".

وتتابع: "عائلتي المباشرة، أقاربي، مُتسامحون ومنفتحون، وعلاقتنا أكثر أهمية بالنسبة لنا مما يعتقده أي شخص. لكن من ناحية أخرى، هناك الكثير من التمييز والكراهية من بقية المجتمع، من جميع الاتجاهات: أصحاب العمل، وسائل الإعلام، الناس في المدينة، السياسيون والسلطات، كل شخص تقريباً".

حسناً لماذا؟

تجيب: "لأنهم لم يفكروا بعمق وحذر، لم يدخلوا في السؤال ولم ينظروا أعمق مما يرونه على السطح، أو ربما يخشون أن يُنظر إليهم على أنهم أصدقاء المسلمين، وبالتالي يتعرضون للكراهية التي يواجهها المسلمون، ربما يخافون من فقدان الوظيفة أو النبذ من المجتمع المحيط".

وبالتالي، لم تدخل إلى الإسلام بمشاعرها، حسب تعبيرها، "فالعواطف قابلة للتبديل"، تقول، وتضيف: "لكن إيماني غير قابل للتبدل. نعم... كنت أعلم أنني سأعاني من شر الناس، ولكن الاقتناع بأنك على الطريق الصحيح أعطاني القوة والهدوء".

ولكن هل تلقيت أي مساعدة من الجالية المسلمة؟

تجيب هيليا: "أوه، لا على الإطلاق، لا أريد ذلك، أنا أقرر ما يجب عليّ فعله كمسلمة. لكن كل ما أردته هو شراء أو الحصول على كتب لم تكن متوفرة في أي مكان آخر".

"لماذا لا يحبني الله؟"

مادلين بَنّور، على كنية زوجها، سيدة ثلاثينية، من مدينة سندسفال في وسط السويد، تعمل في صالون تجميل، في حديث لرصيف22 قالت: "لم يكن حبي لله بسيطاً دائماً. كانت طفولتي ثقيلة، توفيت والدتي وأنا بعمر الثلاث سنوات بسبب السرطان، سألت نفسي عدة مرات لماذا لا يحبني الله؟ تساءلت مرات عديدة عما إذا كان الله موجوداً حقاً".

في إجابة عن سؤالي: "لماذا الإسلام؟"، قالت: "الحكاية مع الإسلام بدأت عندما تزوجت رجلاً مسلماً، كُنا بانتظار طفلتنا الأولى، قبل ذلك كنت لا أعرف الكثير عن الإسلام، أكثر مما هو معروف بشكل عام: النساء يضعن الحجاب، ولا يأكلون لحم الخنزير".

تضيف: "لذلك أردت أن أتعلم عن دين زوجي لأتمكن من شرحه لطفلتنا عندما يحين الوقت. سمعت عن حلقة دراسية عن الإسلام باللغة السويدية في المسجد المحلي، وذهبت هناك للتعلم. كنت واضحة جداً أنني لم أكن مهتمة بالإسلام لأجلي. تخللت الدروس العديد من 'الأحاديث من القلب إلى القلب'. كان الأمر بمثابة إعادة اكتشاف ذاتي، معرفة نفسي والحصول على أجوبة لأسئلتي الخاصة عن الله والحياة نفسها".

تُكمل حديثها: "بعد ذلك لم أشعر أبداً بالوحدة مرة أخرى. أدركت أن الله قريب وهو يرانا ويسمعنا، وأنني لست مضطرة لتحمل أكثر مما يمكنني تحمله بنفسي، هذا الدين أعطاني قيمة بدأت أشعر بها، أعطاني الأمان، بدأت أفهم أن لدي اتصالاً مباشراً مع الله، ولست بحاجة إلى مسجد أو أي شخص آخر للوصول إلى الله. أحصل على المساعدة عندما أطلبها".

وتتابع: "أرى الإسلام ليس مجرد اعتقاد، إنه أسلوب حياة وطريقة لاكتساب نوع من القيمة، لفهم ما أعنيه ربما تحتاج إلى فهم أعمق لما أنا عليه ومن أي خلفية أتيت".

وتضيف: "الإسلام بالنسبة لي هو ذروة الحركة النسائية. وهذا هو السبب في أنني أنزعج عندما يريد شخص ما أن يضع اضطهاد المرأة على الدين. بالنسبة لي، الدين ليس شيئاً معقداً، أنه شيء بسيط، وهو لجميع الناس في جميع الأوقات".

لكن كيف كان رد فعل المجتمع على اعتناقك الإسلام؟

تُجيب: "لم يفعل المجتمع الكثير بالنسبة لي في وقت سابق من الحياة. عندما كنت طفلة، تعرضت للخيانة والخيبة من قبل عالم الكبار بأكمله، لذلك اخترت دائماً طريقي الخاص، ولم أركز كثيراً على آراء الآخرين، فأنا لم أكن مسيحية بل مُلحدة".

تضيف: "بالطبع، يمكن أن تشعر بالألم عندما لا يقبلك أحد كما أنت. خاصة عندما اخترت أخيراً ارتداء الحجاب، من بين أمور أخرى. قيل لي إنه إذا رآني أبي في الحجاب فسوف يبصق على وجهي، ولكن كانت علاقتنا مقطوعة بالأساس، لذلك لم أكن مهتمة به".

في موضوع الحجاب، تضيف: "هناك الكثير مما يمكن قوله عن المجتمع وعن العنصرية وكره الإسلام والقمع، عن الأشخاص الذين يأخذون الحق في الحكم على الآخرين، لذلك بعد 12 عاماً من اعتناق الإسلام، اخترت عدم ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، على الرغم من أن هذا القرار اعتبره هزيمة كبيرة بالنسبة لي".

وتختم حديثها: "في النهاية الإسلام أكسبني العديد من الأصدقاء والعائلات المسلمة، التي تتواجد دائماً عند الحاجة. لكن في كثير من الأحيان أشعر أنه لا يوجد مكان واضح لي بينهم".

"هناك الكثير مما يمكن قوله عن المجتمع وعن العنصرية وكره الإسلام والقمع، عن الأشخاص الذين يأخذون الحق في الحكم على الآخرين، لذلك بعد 12 عاماً من اعتناق الإسلام، اخترت عدم ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، على الرغم من أن هذا القرار اعتبره هزيمة كبيرة بالنسبة لي"

"الإسلام دين شامل"

أما سارة جوهانسون، فهي تعمل في الإذاعة السويدية، وتنتج قصصاً وأخباراً لها علاقة بالمهاجرين وقضايا التنوع الثقافي.

في حديثها عن اختيارها للإسلام، تقول سارة: "قد لاحظت أن هناك الكثير مما لا أعرفه عن القادمين الجدد إلى السويد. إذا كنت تريد حقاً فهم الآخرين، فإن محاولة فهم ما شَكّلهم هو بداية جيدة. غالباً ما تكون الصورة التي قدمها الإسلام والمسلمون في السويد مبسطة إلى حد كبير، أو حتى غير صحيحة في بعض الأحيان".

لذلك قررت سارة أن تتعلم أكثر عن الإسلام، وذلك من أجل تكوين رأي شخصي، حسب تعبيرها، ومعالجة التحيزات الخاصة بها والآراء المسبقة، حيث كانت تأمل في نهاية المطاف أن تكون قادرة على القيام بشيء حيالهم.

حول هذا، تضيف سارة: "بدأت بدراسة مبادئ الإسلام في جامعة أوميو في شمال السويد، المساق يحتوي على المعرفة الأساسية مثل الأركان الخمسة والإيمان بالله والملائكة... إلخ. لقد تعلمنا أيضاً الآذان والفاتحة حتى الآن. ندرس مقاصد القرآن والتفسير وجزء من السنة النبوية".

وتُشير بأن "رسالة القرآن سهلة الفهم وسهلة القراءة أكثر مما ظننت! لكن أقرأ كل هذا باللغة السويدية، هو أمر صعب لأنني أفتقد بعض الإدراك للمعاني والسياق، ولكن لغتي العربية ليست جيدة بما يكفي حتى أنجز المساق باللغة العربية".

وتضيف: "أشعر بالفضول حول كيف يمكن للدين الإسلامي جذب كل هذا العدد من المتابعين. أنا حقاً أريد أن أفهم لماذا يعتبر الإسلام آدم وإبراهيم ويسوع أنبياء، على سبيل المثال، اعتقد أن قلة من السويديين يعرفون ذلك، شيء لا يصدق!".

وتؤكد بأنها لم تكن تعرف ذلك قبل هذه الدورة، وتتابع: "بالنسبة لي، يعطيني هذا شعوراً بأن الإسلام دين شامل. هذا المساق مثير للاهتمام بشكل لا يصدق بالنسبة للسويديين الأصليين الذي يشكلون حوالي سبعين بالمئة من الحضور".

وتختم: "بمساعدة المعرفة التي سأحصل عليها، يمكنني أن أكون أكثر دقة في عملي كصحفية أو ببساطة كإنسان، أعتقد أنه يمكنني أن أحدث فرقاً، من خلال ما أقوم به الآن، وإن كان قليلاً، يمكن أن يساهم في زيادة التفاهم بين الناس، وهذا يعطيني السعادة".

هذه القصص، هي جزء بسيط من حركة التبشير بالإسلام في السويد، الذي يشهد معارضة واسعة في أوساط الأحزاب اليمينة والمحافظة، وصلت إلى حد اتهام الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم بإنه متعاطف مع المسلمين، من خلال السماح للجمعيات الإسلامية بشراء عقارات وتحويلها إلى مساجد وجوامع.

وكذلك يواجه معارضة من المسلمين الليبراليين الذي يرون في الأمر خطأ قد يدفع ثمنه المسلمون العاديون، الذين يشكلون نسبة عالية من إجمالي عدد المهاجرين في السويد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard