في صباح يوم الجمعة، في 3 تموز/ يوليو، بدأت المحاكمة الغيابية في تركيا لعشرين متهماً سعودياً في قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018.
وبعد ساعات من الاستماع إلى شهادات المُشتكين، وأبرزهم خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز، وشهادات أتراك بينهم موظفو الأمن في القنصلية ومستشار حزب "العدالة والتنمية" ياسين أقطاي، أنهت محكمة العقوبات المشددة الجلسة الأولى، مُرجئة الثانية إلى الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
بموازاة ذلك، أبقت المحكمة على مذكرات الجلب الدولية وإحضار المتهمين الغائبين للمحاكمة بالقوة، وفي طليعتهم المستشار السابق لولي العهد السعودي سعود القحطاني والنائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية أحمد عسيري.
لم يحضر أيٌ من المتهمين العشرين المحاكمة، بسبب رفض الرياض تسليمهم للقضاء التركي رغم مذكرة التوقيف الدولية، فحسب الرواية السعودية لا اتهامات مثلاً للقحطاني بسبب "قلة الأدلة"، والحال نفسه بالنسبة للعسيري الذي أُفرج عنه سريعاً بعد اعتقاله، وكذلك بالنسبة للقنصل محمد العتيبي الذي برأه القضاء.
وبخصوص المتهمين الخمسة الذين حكم عليهم القضاء السعودي بالإعدام، من دون أن يذكر أسماءهم، فرجّح المتابعون أن الأحكام لن تُنفذ بحقهم، لا سيما بعد إعلان أسرة خاشقجي قبل مدة العفو عن قاتليه.
في مسارٍ موازٍ، تأخذ المحكمة التركية على عاتقها المضي في المحاكمة، رغم وصف أقطاي لها بأنها "ستكون صعبة جداً في ظل غياب المتهمين جميعهم".
وهو ما أشارت إليه بدورها المحققة الأممية الخاصة آنييس كالامار، حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمر قائلة: "على الرغم من السجل التركي الضعيف للمعايير القضائية - فقد أشار مسؤولو حقوق الإنسان إلى افتقار النظام القضائي للاستقلالية وإساءته استخدام حقوق المدعى عليهم من بين انتقادات أخرى كثيرة- قالت كالامار إنها تأمل أن تكشف الإجراءات المزيد من المتورطين في القتل، بما في ذلك أي دور قام به كبار المسؤولين السعوديين".
وعلّقت كالامار كذلك: "المحاكمة قد لا تصل إلى مبتغاها لكنها حتماً ستكون أكثر عدالة من التي تمت في السعودية".
بعد ساعات من الاستماع إلى الشهادات في قضية خاشقجي، أنهت المحكمة التركية جلستها الأولى، مُرجئة الثانية إلى 24 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل... وأبقت على مذكرات الجلب الدولية وإحضار المتهمين الـ20 الغائبين بالقوة، وفي طليعتهم القحطاني وعسيري
المحققة الأممية الخاصة التي أشارت في مناسبات عديدة إلى مسؤولية ولي العهد السعودي المباشرة عن الجريمة، قالت في محاكمة اليوم: "لم تتم الإشارة إلى محمد بن سلمان لكن سيتم ذلك في مرحلة ما من المحاكمة"، مضيفة "إذا تمت إدانة القحطاني وعسيري في قضية مقتل خاشقجي، فيجب معرفة ممن تلقوا الأمر ومحاكمتهم".
وتأتي المحاكمة أمام القضاء التركي بعد نحو ثلاثة أشهر من نشر المدعي العام التركي لائحة الاتهام الكاملة ضد 20 سعودياً شاركوا في التخطيط لعملية القتل وتنفيذها بشكل وحشي، وتقطيع جثة خاشقجي وإخفائها.
وذكرت النيابة التركية أنها أعدت لائحة الاتهام المؤلفة من 117 صفحة، بعد الاستماع لكافة الأطراف، والاطلاع على المكالمات الهاتفية وكاميرات المراقبة، وسير التحقيقات في المحاكم السعودية، وجمع كافة الأدلة حول الجريمة.
ومن ضمن ما ذكره أقطاي في شهادته استعادته لحديث له مع خاشقجي يشتكي فيه الأخير من أن "النظام يفرض على السعوديين طاعته بخصوص ما يحصل في اليمن… وهو ما دفعني لكتابة مقالات ناقدة للنظام السعودي"، وبأن "القحطاني كان قد هدّد أحد أبنائه وطلب منه أن يتوقف أبوه عن انتقاد النظام… القحطاني طرد نجل خاشقجي من عمله للضغط على والده".
وتورد لائحة الاتهام 54 شاهداً، من بينهم 26 من الأتراك في القنصلية ومقر القنصل، من بينهم سائقون وكتاب ومترجمون وطهاة ومنظفون ورجال كافيتيريا.
من جهته، أفاد موظف الأمن المرافق للقنصل السعودي للمحكمة بأن القنصل طلب منه في يوم مقتل خاشقجي أخذ إجازة، في حين أكد موظفون في القنصلية على أنه طُلب منهم عدم مغادرة مكاتبهم.
ونقل أحد السائقين أنه أُمر بوضع عدة حقائب سوداء كبيرة في السيارة وتسليمها إلى متعاون محلي في مكان غير محدد. قال السائق في ما بعد إنه علم أن الأكياس تحتوي على رفات خاشقجي، بينما وصف المتعاون بأنه تركي أو سوري، كان يرتدي قميصاً أبيض ونظارات، لكنه لم يتمكن من تحديد هويته أكثر.
"المحاكمة تستند بالأساس إلى أسس قانونية وعدلية وأخلاقية صرفة، ولا علاقة لها بالسياسة... لكنها ستؤدي لمزيد من التوتر بين الرياض وأنقرة، على المستويات كافة، وإلى مزيد من حملات الاستعداء لتركيا، واتهامها بالتدخل في شأن سعودي خالص"
ويطالب الادعاء العام التركي بعقوبة السجن المؤبد على المتهمين بتهم التخطيط والتحريض والقتل بطريقة وحشية.
وكان إيرول أوندير أوغلو، ممثل تركيا في منظمة "مراسلون بلا حدود"، قد دعا إلى إجراء المحاكمة بشفافية تامة وبمعايير دولية، معلقاً: "تمثل هذه المحاكمة في إسطنبول الآن أفضل أمل للعدالة لجمال خاشقجي بعد إجهاض صارخ للعدالة في المحاكم السعودية". وأضاف "سنراقب عن كثب".
في المقابل، يعتبر الطرف المعارض لتركيا بأن الأخيرة "تتاجر بدماء خاشقجي"، ويحذر من أنها تستفيد من المحاكمة في إحراج السعودية لأغراض سياسية، وفي تبييض صورة منظومتها القضائية المتهمة بانتهاكات عدة في حق معارضين أتراك.
ويعتبر المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو أن "المحاكمة تستند بالأساس إلى أسس قانونية وعدلية وأخلاقية صرفة، ولا علاقة لها بالسياسة"، لكنه يتوقع أن يؤدي الأمر إلى مزيد من التوتر بين الرياض وأنقرة، على المستويات كافة، وإلى مزيد من حملات الاستعداء لتركيا، و"اتهامها بالتدخل في شأن سعودي خالص؛ لكون القتيل سعودياً والقتلة سعوديين ومكان الجريمة مؤسسة سعودية، فضلاً عن تنازل أصحاب الدم عن حقهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع