لطالما كان الضابط سعد الجبري أحد كبار مسؤولي المخابرات السعودية بعدما لعب أدواراً رئيسية في معركة المملكة ضد القاعدة وفي تنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة، لكنه منذ عام 2017 توارى في كندا، خوفاً على حياته بسبب مطالبة ولي العهد محمد بن سلمان له بالعودة إلى الرياض.
وقال نجله خالد الجبري، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن قوات الأمن السعودية اعتقلت منذ آذار/مارس الماضي اثنين من أبنائه، هما عُمَر (21 عاماً) وسارة (20 عاماً) وأحد أشقائه، في محاولة لإجباره على العودة إلى البلاد.
وأضاف الجبري الابن الذي يعمل طبيباً في كندا: "لقد مرت أسابيع ولا نعرف مكانهم، ولا أعرف هل هم أحياء أم موتى".
من هو سعد الجبري؟
أكد نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن جيرالد فيرستين الذي تعامل مع سعد الجبري أثناء عمله سفيراً للولايات المتحدة في اليمن أنه كان ضابطاً منغمساً في العديد من القضايا الحساسة خلال عمله الطويل في المخابرات السعودية، حتى أنه يعرف "مكان دفن الجثث" في المملكة.
عمل الجبري، الحائز شهادة دكتوراه في الذكاء الاصطناعي من جامعة أدنبرة باسكتلندا، في وزارة الداخلية نحو أربعة عقود حتى حصل على رتبة لواء، وكان الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف، بمرتبة وزير.
وهو يتحدث الإنكليزية وأكثر انفتاحاً من رئيسه محمد بن نايف، وحافظ على علاقات جيدة مع مسؤولي المخابرات في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الجبري لعب دوراً رئيسياً في العديد من الأمور الأمنية المهمة في المملكة، بما في ذلك محاربة تنظيم القاعدة وحماية المنشآت النفطية، لكن البرقيات الدبلوماسية التي نشرتها ويكيليكس كشفت عن أنه اضطلع أيضاً بدور بارز في مواضيع خارجية تشمل العراق واليمن وأفغانستان وتمويل الإرهاب وطموحات إيران الإقليمية.
وقال فيرستين: "كان سعد الجبري رجلاً طيباً، وذكياً، وجاداً، وكان يميل كثيراً للولايات المتحدة، لقد كان شريكاً جيداً لنا".
بحسب "نيويورك تايمز"، تمكّن الجبري من تطوير علاقات وثيقة مع المسؤولين في الولايات المتحدة حيث حضر بعضهم حفلات زفاف أبنائه.
ضابط مخابرات سابق في السعودية كان الذراع الأيمن لولي العهد السابق محمد بن نايف، له علاقات قوية بالاستخبارات الأمريكية والبريطانية، يوصف بـ"كنز أسرار الأمراء، يعرف جرائمهم وفسادهم"... ويخشى محمد بن سلمان أن يكشف معلومات سرية عنه
وانتهى عمل الجبري في مجال المخابرات ضحيةً للصراع بين الأمير المعتقل محمد بن نايف ومحمد بن سلمان على من سيحكم السعودية، وفقاً للصحيفة.
وكان قد فوجئ هو ومحمد بن نايف، عام 2015، بإذاعة قرار ملكي على شاشات التلفاز من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بعزله من منصبه.
لماذا يريد بن سلمان عودته؟
قال نجل الجبري ومسؤولون سابقون في الولايات المتحدة عملوا معه إن بن سلمان يريد إجبار الضابط السابق على العودة إلى المملكة لأنه يخشى ترك شخص مثله لديه الكثير من المعلومات السرية في الخارج.
وذكرت الصحيفة أن الجبري لم يكن منتقداً علنياً لبن سلمان، لكنه كان حليفاً قوياً لمنافسه محمد بن نايف، لذلك اعتبره ولي العهد تهديداً محتملاً ينبغي القضاء عليه.
ونقلت الصحيفة عن المحلل السابق في الاستخبارات الأمريكية بروس ريدل قوله إن جهاز المراقبة الضخم الذي كان في وزارة الداخلية منح الجبري كنزاً من أسرار المملكة، بما في ذلك أنشطة أفراد العائلة المالكة، ومخططات الفساد والجريمة.
وقال ريدل: "ستكون ملفاتهم كتالوجاً مع أي حادث غير مرغوب فيه، وهو أمر غير قانوني ومحرج".
ويفترض المسؤولون الغربيون، وفقاً للصحيفة، أن معرفة الجبري بهذه الأسرار وراء رغبة ولي العهد في إعادته إلى السعودية.
ونقلت الصحيفة عن شخصين اطلعا على قضيته، أحدهما أمريكي وآخر سعودي، أن السلطات السعودية بررت جهودها المتصلة بإجبار الجبري على العودة باتهامه بقضايا فساد.
وقال الشخصان، اللذان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتيهما لأنهما غير مصرح لهما بالكلام، إن الجبري متهم باستخدام منصبه لجمع ثروة شخصية، وإن الأمير أراد استعادة الأموال.
ولم تعلن السلطات السعودية أي ادعاءات فساد ضد الجبري بشكل رسمي.
ملاحقة الأسرة
كان الجبري في الخارج عام 2017 عندما عُزل محمد بن نايف ووُضع قيد الإقامة الجبرية وجُمّدت أصوله، حينذاك شعر بالقلق وقرر عدم العودة إلى السعودية.
سعد الجبري... لعب دوراً رئيسياً في الأمور الحساسة في المملكة، بما في ذلك محاربة تنظيم القاعدة وحماية المنشآت النفطية، كذلك في الملفات الخارجية مثل العراق واليمن وأفغانستان، ويتوارى اليوم في كندا بسبب خشيته من بن سلمان
وقال أحد المطلعين على قضية الجبري إنه لم يستقر في الولايات المتحدة على الرغم من علاقاته العميقة في واشنطن لأنه كان يشعر بالقلق من أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستعيده إلى السعودية إذا طلب بن سلمان ذلك.
وكشف نجل الجبري إن اثنين من أبناء الضابط السابق الثمانية بقيا في المملكة، هما سارة وعمر اللذان كانا يخططان للدراسة في الولايات المتحدة، ولكن بعد صعود الأمير بن سلمان إلى منصب ولي العهد مُنعا من مغادرة السعودية.
وذكر نجل الجبري أن حسابات أخيه المصرفية وحسابات شقيقته جُمّدت، وأنهما خضعا لاستجواب وطٰلب منهما تشجيع والدهما على العودة إلى المملكة، ثم جاءت قوات الأمن في 16 آذار/مارس الماضي إلى منزل الجبري في الرياض عند الفجر واعتقلتهما.
وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت قوات الأمن شقيق الضابط السابق عبد الرحمن الجبري، أستاذ الهندسة الكهربائية الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وهو في الستين من العمر.
وفقاً للصحيفة، فإن أفراد عائلة الجبري في كندا قلقون. وبمرور الأسابيع يزداد قلقهم من عدم وجود أخبار من أهلهم، لذلك قرروا كسر الصمت في مقابلة مع نيويورك تايمز، واستأجروا شركة ضغط في واشنطن للعمل من أجل إطلاق سراح أقاربهم.
وختم نجل الجبري: "إنهم رهائن، والفدية هي عودة والدي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...