لم يخمد الجدل الذي أثاره تقديم ثلاثة نوّاب في الكويت هُم محمد الدلال وعادل الدمخي وعبدالله الكندري اقتراحاً يهدف إلى التشديد على "التزام كل مواطن ومقيم الآداب العامة والسلوكيات واحترام حقوق الآخرين ومشاعرهم وقيمهم" في مناطق الشاليهات والجزر، منعاً للمايوهات.
ومما طالب فيه النوّاب في اقتراحهم وجوب تشدد وزارة الداخلية في الرقابة على المرافق العامة للدولة والشواطئ والجزر وتطبيق القانون على المخالفين وتوفير السكينة لأصحاب الشاليهات وأسرهم وإحالة كل مخالف للقانون الى القضاء.
وتطرّقوا في اقتراحهم إلى المادة 49 من الدستور الكويتي، التي تنصّ على "مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان الكويت".
واقترح النواب على وزارة الداخلية إنشاء خط ساخن وتأمين خدمة التواصل الإلكتروني لكي يتمكن "الأهالي وأصحاب الشاليهات" من التبليغ "في حالة وجود ممارسات أو سلوكيات مخالفة للقانون"، كما اقترحوا "تكليف إدارة الشرطة المجتمعية في الوزارة نشر أعضاء من الإدارة والعاملين فيها في الأماكن العامة والشواطئ لضمان الأمن، وتسجيل المخالفات ضد من يتجاوز القانون والنظام والآداب العامة".
واقترحوا أيضاً "إطلاق وزارة الداخلية حملة إعلامية بالتعاون مع الجهات المختصة في الدولة لتعزيز احترام الجميع للنظام العام والآداب العامة والتحذير من مخالفة القانون أو الإساءة للآخرين".
تأتي هذه المطالبة بعدما "استغل البعض من ضعاف النفوس فرصة تركيز وزارة الداخلية جهودها على مكافحة فيروس كورونا بالمناطق السكنية ومناطق العزل وذلك بارتكاب جرائم المخدرات والجرائم المتعلقة بالآداب العامة في الشواطئ والجزر ضاربين عرض الحائط بقوانين الدولة"، وفقاً لنصّ الاقتراح.
"كنتُ أتمنى أن تتفاعلوا مع قضايا انتحار البدون والفئات المهمشة في الكويت بمقدار ما أثارت حفيظتكم المايوهات. كنت أتمنى حدوث التفاعل نفسه مع تجار الإقامات وصفقات الفساد"... رسالة إلى ثلاثة نوّاب كويتيين تقدّموا باقتراح لـ"تقييد الحرّيات"
المايوهات ممنوعة أساساً؟
تسبب الاقتراح بجدلٍ بين روّاد التواصل الاجتماعي في الكويت. هناك من أيّده بشدة، وهناك من ارتفع صوته رفضاً له، خاصةً في الوقت الحالي.
يعتقد المؤيدون أن "المايو" أو ملابس السباحة ممنوعةً بالأصل في الكويت، إذ تنصّ المادة الثانية من الدستور على أن "دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، وهو ما دفع مغرّد إلى كتابة: "دعارة الغرب هاذي ما تمشي عندنا، مايوهات شنو، أجل عادي أخذ خمر وأتمشى فيه وأقول تبي تشرب عادي وإذا ما تبي كيفك (على كيفك)؟".
وقالت مديرة تربوية كويتية تدعى هيلاء بنت محمد: "المايوهات لا هي عاداتنا ولا تقاليدنا، وما تربينا من أهلنا إلا على الاحتشام واحترام ديننا وعاداتنا، وعمره ما كان المايوه سلك بنات الكويت المحترمات. ما تعلمنا إلا على العيب واخزياه أن البنات يتعرون".
رسالة للنوّاب الثلاثة
في المقابل، كتبت أروى الوقيان الصحافية الكويتية والناشطة في مجال العمل الإنساني في تغريدة على تويتر: "المشكلة موضوع المايوهات انطرح بأكثر وقت العالم فيه متأزم، كورونا لاعنة خيرنا، تجّار الإقامات ومهزلتهم البشرية صارت علنية، محاولات الانتحار من البدون والفئات المهمشة أصبحت شبه يومية، عمالة بالكويت تشتكي من الجوع لأنهم يعملون باليومية! وينكم عن هالهموم الحقيقية؟".
وقالت لرصيف22: "وجدت الموضوع سخيفاً ينمّ عن تدخل سافر في الحريات الشخصية، لا سيما أن البلد يشهد أزمات إنسانية حقيقية تستدعى الاهتمام والتصرف السريع حيالها".
ورأت الوقيان أن "طرح هذه المواضيع التي تدغدغ المشاعر تبيح للناس ممارسة دور الوصي على حريات الآخرين وفرض السلطة الأبوية على بقية الشعب المعروف بتنوعه"، مضيفة: "المجتمع الكويتي خليط من محافظ ومتحرر ومعتدل، ولكن يسعى المحافظون منهم إلى لى ترسيخ مفهوم يقول إننا جميعاً من بيئة واحدة تحرص على الآداب العامة، وكل هذه المواضيع السخيفة من شأنها تسطيح حدود الفرد وإبعاده عن قضايا الفساد الكبرى في البلاد".
ولفتت إلى أن الكويت ليست بلداً متشدّداً، إلا أن "محاولة النواب الإسلاميين منذ سنوات تقليص الحريات الشخصية نجحت في الماضي، ويبدو أن شهيتهم مفتوحة في ظل أزمة كورونا لأن يستمروا في مضايقة بقية الشعب"، وفق قولها، مشيرة إلى أن القادم قد يكون أسوأ إذا استمرت هذه المطالبات "التي من شأنها تقييد حرية الآخرين وخياراتهم في الحياة، والتي من المفترض أنها لا تعنى أحداً سواهم".
ووجّهت عبر رصيف22 رسالة إلى النوّاب الثلاثة: "كنتُ أتمنى أن تتفاعلوا مع قضايا انتحار البدون والفئات المهمشة في الكويت كما أثارت حفيظتكم المايوهات. كنت أتمنى أيضاً التفاعل مع تجار الإقامات، وصفقات الفساد. ارتداء المايوه خيار شخصي، وغض البصر خيار شخصي كذلك. ولكن ممارسة دور الوصي على الآخرين هو آخر ما يتمناه الشعب الكويتي منكم، وإن كانت غالبية هذه القضايا التي تطرحونها هي للتكسب الانتخابي".
"محاولة النواب الإسلاميين منذ سنوات تقليص الحريات الشخصية نجحت في الماضي، ويبدو أن شهيتهم مفتوحة في ظل أزمة كورونا لأن يستمروا في مضايقة بقية الشعب"... أروى الوقيان عن تقديم ثلاثة نوّاب كويتيين اقتراحاً لـ"تقييد الحرّيات"
"انتفاضة البكينيات"
في سياق متصل، كتب رئيس الحركة الليبرالية الكويتية عبدالعزيز الشعبان: "تركوا الفساد وقضايا الإسكان والصحة والبدون والاقتصاد وتعديل قانون الانتخاب ولهثوا وراء 'المايوهات'".
و قالت الناشطة الكويتية دلال المسلّم إنه بعكس كل دول العالم المتحضّر "من الممكن أن تُسجن في الكويت بتهمة خدش الحياء العام أو الفعل الفاضح أو الآداب العامة"، متسائلةً: "أليس من المفترض حبس من يفكر جنسياً أو شهوانياً لدى رؤيته المرأة في ملابس السباحة؟ #البكيني_ليس_جريمة".
وكتبت في تغريدة ساخرة: "انتفاضة البكينيات"، لافتةً إلى أن "الأشياء الدخيلة" على الكويت هي "القمع والمنع من الحريات بل التدخل في المساكن الخاصة وفرض الوصاية"، وتابعت: "لا يعجبك سلوكي أو أمر معين أسوّيه ليس مبرر لتمنعه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين