شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"يحقّ لكل فنان اقتباسها على طريقته"... جدل بشأن لوحة "مسيئة" إلى المسيح

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 15 يونيو 202002:15 م

حرية تعبير أم استهزاء بالرموز الدينية؟

يُطرح هذا السؤال بين الفينة والأخرى عندما يتمرّد فنانون على ما هو سائد. آخر هؤلاء الرسّامة الكويتية سجى السعدون التي رسمت لوحة من وحي "العشاء الأخير" للرسّام الإيطالي ليوناردو دا فينشي، وهي واحدة من أكثر اللوحات شهرة في العالم. 

جاءت لوحتها بعنوان "الأغنية الأخيرة" وضمّت عدداً من المطربين العرب، هم أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، محمد عبده، نوال الكويتية، راشد الماجد، عبدالمجيد عبدالله، طلال مدّاح، عبد الله الرويشد، نبيل شعيل، أصالة، حسين الجسمي، عبادي الجوهر، رابح صقر. 

تُصوّر لوحة "العشاء الأخير" التي يُعتقد أنها رُسمت بين 1495 و1498 مشهداً درامياً موصوفاً في الأناجيل، وهو جمعُ السيّد المسيح تلاميذه، وإعلانه خلال العشاء الأخيرة أن أحد الرسل سوف يخونه، في إشارة إلى يهوذا الإسخريوطي، الذي تسببت خيانته بصلب المسيح في النهاية. وتُبيّن اللوحة مدى حزن الرسل من هذا النبأ. 



وصوّر دا فينشي ملامح السيّد المسيح بعد رؤيته مئات الأشخاص، بحثاً عن شاب يتسم بالبراءة والجمال ولا تعرف ملامح وجهه الخطيئة. ووقع خياره في الأخير على شاب يبلغ من العمر 19 عاماً. 

وفي لوحة الرسّامة الكويتية، حلّت نوال الكويتية مكان المسيح، في وسط اللوحة، وحلّ حسين الجسمي مكان يهوذا.

"كل فنان له الحق بأن يقتبس لوحة 'العشاء الأخير' على طريقته، بغض النظر عن الفكرة الأساسية"... الرسّامة الكويتية سجى السعدون تتحدث لرصيف22 عقب الجدل الذي أثارته لوحتها التي عرّضتها لحملة تتهمها بـالاستهزاء بأحد رموز الديانة المسيحية 

لماذا استُبدل يسوع؟

من هذا المنطلق، تعرضّت الرسّامة الكويتية لحملة على تويتر تتهمها بالاستهزاء بأحد رموز الديانة المسيحية. وكان من أوائل الذين شنّوا هذه الحملة ضدّها حساب "عديلة" الساخر على مواقع التواصل، إذ استهجن إعادة نوال الكويتية تغريد اللوحة. 

لاحقاً تراجعت نوال الكويتية عن إعادة التغريد. وقالت عديلة في تغريدة أخرى (حذفتها لاحقاً): "لو حدا مسّ برمز الديانة الإسلامية، شو كنتوا عملتوا فيه؟ ولا 'حرية' الفنّ على ناس وناس؟ كل سنة بيوم الجمعة العظيمة عم نشوف شو بصير لمّا فنانة تنزّل منشور بالمناسبة. وجايين هلق تحكونا بالانفتاح والحرّية". هنا علّقت إليسا: "100%"، مثيرة المزيد من الجدل بين روّاد التواصل.

ولم يعرف العديد أين "الإساءة" في لوحة "الأغنية الأخيرة"، وهو ما دفع مغردة مسيحية تدعى كارِن للردّ على تغريدات كثيرة لتوضيح ماذا تعنيه اللوحة من وجهة نظرها.

تقول كارِن لرصيف22 إن "جانباً من الانزعاج يكمن في استبدال يسوع المسيح، محور اللوحة، بنوال الكويتية، واستبدال القدّيسين بأشخاص عاديين". ولفتت إلى أن "نية الاستهزاء" موجودة في هذا الاستبدال. 

وتابعت: "‏البعض يتذرع بأن اللوحة متخيلة وليست حقيقية، وأنها مرسومة بعد مجيء يسوع المسيح بقرون عدة، لكن دا فينشي استعان بأشخاص حقيقيين لرسمهم. فكل محاولة لتبسيط الموضوع تصبّ بقالب تبرير الإساءة".



وأعطى مغردون أمثلة لفنانين عالميين استبدلوا شخصيات اللوحة بشخصيات أخرى، وهو ما دفع كارن إلى القول: "هذه المقارنة أعطت صورة مشوهة لعموم المغردين بأنه ما دامت هناك محاكاة من طرف الأجانب، يجوز لنا اعتماد المحاكاة نفسها".

من جهة أخرى، تحدثت كارن عن جدارية Dublin Last Supper في العاصمة الايرلندية التي "تمّ الحفاظ فيها على شخص يسوع مع استبدال شخوص القديسين بشخوص معاصرة وحتى الاستعانة بشخص فتاة محجبة". قالت: "‏مع تحفظي على هوية الأشخاص، بس الإبقاء على شخص يسوع المسيح زائد الإبقاء على اسم اللوحة زائد الاستعانة بفتاة محجبة واللي كلنا منعرف إنو الحجاب هو رمز الطهارة، زائد الاستعانة بشخص رجل بنك فاسد محل شخص يهوذا. كل هالأسباب خلتني أخلص في حديث مع أحد المغردين إنه ما فيها إساءة وإنها محاكاة للمجتمع المعاصر في دبلن دون إساءة للقدسية الأساسية للوحة".

وبرغم هذه الحملة، هناك من اعتبر أن الموضوع لا يستحقّ كل هذه "البلبلة".

استُبدل المسيح بنوال الكويتية، واستُبدل يهوذا بحسين الجسمي… لوحة لرسامة كويتية تُعّرضها لحملة تتهمها بـالاستهزاء بأحد رموز الديانة المسيحية

"كل فنان له الحق بأن يقتبس اللوحة على طريقته"

تقول لرصيف22 الرسّامة الكويتية سجى السعدون: "لوحة العشاء الأخير عظيمة. كانت مصدراً لإلهام عدد من الفنانين الذين اقتبسوها. اقتباس اللوحة يكون باحتوائها على الترتيب نفسه للشخصيات والمائدة والخلفية". 

ولا ترى السعدون أنها أساءت للديانة المسيحية بلوحتها قائلةً: "إنما الأعمال بالنيات، وأنا إنسانة محبة للفن بجميع أنواعه، لذلك اقتبست الرسمة. عدا ذلك، الرسمة ليست من قدسية الديانة المسيحية إذ رُسمت عام 1498 وهي رمز وليست محل للعبادة".

وأشارت إلى أن "الإنسان حر في ما يفعل ما دام محترماً حرّيات الآخرين. ولو كانت هناك أمور وشروط تحدّ الفنان من رسم عمل معيّن، لما رأينا رسمة The Last Supper (العشاء الأخير) في المقام الأول. ‏أعتقد بأن ليس في الرسمة انتهاك لحرية المسيحيين لأنها رمز تم اقتباسه".

وختمت السعدون: "أعتذر إذا أذيت أحداً، ولكنني بذلت جهداً كبيراً في رسمها كما هو واضح في التغريدة التي تحتوي عى خطوات الرسمة. دافنشي فنان فيلسوف وليس من المعروف عنه أنه مسيحي متدين. ‏اللوحة مشهورة وتركت أثراً شديداً في العالم أجمع. لكل فنان الحق في أن يقتبسها على طريقته بغض النظر عن الفكرة الأساسية. أنا قلّدت رسم أماكن الشخصيات وليس مضمونها. ولم أقصد الاستهزاء".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard