جدل محتدم فجّره الداعية الكويتي محمد العوضي قبل يومين عندما دعا إلى التوقف عن "ظلم المثليين" ومحاسبة كل من "يتنمر عليهم ويستغلهم"، على الرغم من أنه دان "الممارسة الجنسية المثلية".
واعترف العوضي أنه يطرح "موضوعاً شائكاً"، مبرزاً أنه "رمز معيّن في عالم الفكر والثقافة والتعليم الأكاديمي وخطيب جمعة سابق ومدرس وأب وجزء من المجتمع فلابد من يكون لي رأي".
وفي 10 حزيران/ يونيو، وتحت عنوان "لا تظلموا المثليين"، قال العوضي إن "العدالة هي القيمة العليا فوق الانتماءات وفوق كل ما ينبغي أن نطرحه على ساحة حركة الإنسان في الحياة"، وحث على الامتناع عن ظلم أي شخص أكان "سارقاً أو قاتلاً أو مثلياً"، مستدركاً أن عدم الظلم لا يعني عدم الإدانة أو الموافقة على الفعل أو عدم توقيع العقوبة على فاعله إن كان يستحق.
لا تظلموا المثليين https://t.co/IgwmipCXdV
— محمد العوضي (@mh_awadi) June 10, 2020
وركّز العوضي محاضرته على "لماذا يجب علينا الوقوف ضد الظلم، أي ظلم، وأينما كان؟ وما هي أشكال الظلم الواقعة على من أطلق عليهم اصطلاحاً معاصراً ‘المثليين‘؟ هم شكل واحد، ونوع واحد؟ لأ، مستويات".
الشريعة لا تحاسب على الميل المثلي
وأضاف أن "قضية المثليين هي قضية إنسانية، أي قضية مركبة معقدة وأسبابها متعددة".
وروى قصتين في هذا الإطار. الأولى لشخص قال إنه كان مثلياً مدة من الزمن، والثانية لعابر جنسياً يرفض هوية الأنثى التي ولد بها، متابعاً "هذا واقع موجود شلون نتعامل معاه؟ شلون نكسر الحواجز إذا أردنا التأثير الإيجابي؟". وأردف: "كل واحد من أبناء المجتمع يجب أن نتعامل معه تعاملاً فيه نصح وحوار وترحم وتفهم (...) لازم نتعاطى مع هذه الأمور (المثليين) تعاطياً طبيعياً. الرسول تعامل مع الحركة الإنسانية، وعالج كل حالة على نحو منفرد".
"الشريعة لا تحاسب على الحب المثلي والمشاعر المثلية القسرية"... داعية كويتي يثير جدلاً بدعوته إلى وقف "الظلم المجتمعي للمثليين" و"محاسبة كل من يستغلهم أو يتنمر عليهم"
وعقب شرح مطول، استناداً إلى مؤلفات ودراسات علمية مزعومة عن مجتمع الميم، دعا العوضي إلى التفرقة الضرورية بين أمرين "الميل المثلي الداخلي الشعوري، وبين الممارسة السلوكية المثلية".
وأوضح: "أنت يا مثلي يا اللي حاسس إنك زعلان وعليك ضغط وتحس إنك من الداخل أنثى، وعندك ميول تجاه الجنس المماثل الذكري مثلاً: هل الشريعة تحاسبك على هالشي؟ باختصار هذا الحب - الميل الداخلي القسري - أية مشاعر قهرية قسرية تجي على بالك الشريعة ما تحاكمك عليها. الشريعة حكمها (حرام/ حلال/ واجب/ مباح) تتعلق بالفعل أو السلوك ‘الاختياري‘ مش الجبري".
وزاد: "الشريعة لا تواخذك إذا كان شي غصباً عليك لكن تواخذك إنك تتصرف غلط".
لكنه رفض فكرة وجود "معادلة جبرية" تتعلق بـ"جينات تولد الميل المثلي داخل المثليين وتدفعهم بالتبعية إلى السلوك المثلي الجبري". وقال: "لا يوجد إثبات علمي على أن المسؤول عن الميل المثلي هو الجينات". واستشهد بـ"البيدوفيلية وداء السرقة" للقول إن الشخص المثلي لديه حرية اختيار الامتناع عن الممارسة المثلية الجنسية.
ما الظلم المجتمعي للمثليين؟
وتوضيحاً لقصده بالظلم المجتمعي الواقع على المثليين في المجتمعات العربية، قال العوضي: "هناك ممارسات: اضطهاد وتنمر وأحياناً استغلال بشكل بشع بانتهاز الموقع السياسي أو غيره، وقد يحصل استغلال جسدي. ويجب ألا يقع هذا، وأن يدان ويحاسب من يفتري عليهم وفق القانون فقط".
ودعا إلى رفض: "فضح مستوري الحال منهم، والزعم بعدم الفائدة من نصحهم، وعدم تبصيرهم بالنتائج الصحية النفسية والعضوية جراء سلوكهم المثلي، وخداعهم بالمعاني الفضفاضة كالحرية وحقوق الإنسان من دون الوقوف عند معانيها المحددة، وإيهامهم بأنهم ميؤوس منهم ولا يمكن علاجهم".
وحذّر من "التعميم والالتباس وإطلاق ألفاظ غير علمية" في التعامل مع أي شخص مغاير للطبيعة
لكنه عاد ليناقض نفسه بدحض ظلم المجتمع للمثليين، قائلاً إن هناك "لوبيات مثلية" تحارب كل محاولات "علاج المثلية الجنسية أو تصنيفها مرضاً عبر تجنيد المؤسسات العلمية والطبية والحقوقية والإعلامية".
برغم تأكيده أن قضيتهم "قضية إنسانية"، ناقض الداعية العوضي نفسه ورفض ما أسماه "دغدغة المشاعر من منطلق الحريات والحقوق"، داعياً إلى محاسبة من يقومون بـ"الممارسة المثلية الجنسية" لنتائجها الخطيرة على المجتمع
ولفت إلى "خطورة" ترك الممارسة الجنسية المثلية تمر وتنتشر في المجتمع من دون رادع. قال: "المسألة لا تؤخذ بدغدغة مشاعر عبر حقوق الإنسان، من يدفع كلفة ذلك على المجتمع؟".
ورأى أن هنالك "نتائج وثمرات مرة على المثليين (بسبب ميولهم الجنسية)… يجب أن نشفق عليهم". وادّعى أن "أعلى نسبة للأمراض المنقولة جنسياً هي بين المثليين، وأشهرها الإيدز".
انتقاد من الجميع
وأثار المقطع جدلاً واسعاً إذ استغرب الكثيرون أن يتناول الداعية القضية من منظور غير شرعي، مستنداً إلى الدراسات والمؤلفات العلمية لا إلى النصوص الدينية. واتهمه مغردون بأنه يتعمد "الإثارة" عبر مقاطعه ودروسه بـ"عناوين لا تمت للمضمون بصلة".
ولفت آخرون إلى أن ما قاله يُعدّ "تدليساً وافتراءً على الله بأنه ظلم قوم لوطٍ حين أهلكهم بذنبهم". واتهمه فريق من المتابعين بالنفاق، ناشراً مقطعاً سابقاً له وصف فيه العبور الجنسي بأنه "تطرف جنسي ينبغي أن يحارب".
وأشار معلقون إلى أن الداعية استند إلى مؤلفات قديمة واستخدم مفاهيم ومصطلحات تغيرت تماماً. وطالبوه بالبحث جدياً والإطلاع الكافي قبل الحديث في أي موضوع.
وفي محاضرته، زعم العوضي أن أحد تلامذته كان مثلياً لتأثره بمجموعة من الرفقاء الذين "يتأنثون على صعيد الشكل والبنية الجسدية" حتى "انتبه" و"توخر (ابتعد) عن الجماعة" و"تعافى". ثم عاد وادعى أن هذا الطالب استعاد "الاستقامة والطبيعة الذكورية الرجولية التي كان عليها" بعد الابتعاد عن هؤلاء.
واستعرض متابعون آراءً سابقة للعوضي اعتبروها مثيرة للجدل منها قوله: "ليس جميع الكفار سيدخلون النار… الله له تدبيره وهو أرحم الراحمين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...