شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"نتعرّى لنتحرّر"... حكايات وتجارب الـNudes الرجالي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 13 يونيو 202006:16 م

"في أول مرة، كنت خايف، الناس هتقول إيه عن شكلي وجسمي، هل أنا سكسي كفاية، قالولي إني قليل الأدب ومنحل".. فنّ أن تتعرّى علناً أو Male Nude Art هل سمعتم به من قبل؟

لا نقصد جارك المجنون الذي خرج إلى البلكون نصف عارٍ ليضايق الجارات، ولا هؤلاء الذين يرسلون صوراً لأعضائهم الذكرية عبر فيسبوك، بل عندما يتعرى الشخص من الداخل والخارج، ليصبح حقيقياً ويرى الجمال في تفاصيله، تماماً كما عبّر عنه المطرب المغربي الإنجليزي، زاك أبيل، "عندما نصبح عراة، كما خُلقنا، لا أريد أن أتظاهر".

تحدث رصيف22 مع رجال مروا بتجربة التعرّي علناً، ليس لغرض الإعلان عن منتج ما، ولا التباهي الجنسي أو لاستعراض عضلاتهم، تحدثوا عن مخاوفهم، وكسرهم لمحرمات مجتمعية عديدة.

"العري غير مناسب لمصر"

لا يغلق عينه خجلاً هذه المرة، وإنما يفتحها عن آخرها، "تقبلي لجسمي وهو عاري بيساعدني أتقبل جسمي في كل أحواله"، يقول (ش.ع)، بعدما كان أحد هؤلاء الذين كانوا يتحرّجون من التعري.

"ماكنش عندي تقبل لجسمي في كل مراحل حياتي، تعرضت لتنمّر ومضايقات وأنا صغير"، هكذا عبر (ش.ع) عن علاقته بجسده، رغم أنه أصبح فيما بعد راقصاً معاصراً، وهو أحد الفنون التي تعتمد على الجسد في إيصال رسالة ما.

"الـ nude art في مصر أصبح إلى حد كبير حكراً على البنات، وده خلاني أخوض فيه، وأتصور عريان"، يقول (ش)، والمولود لعائلة منفتحة، فوالده مصور ووالدته فنانة تشكيلية، عن استخدامه العري في عمله كراقص، والتصوير العاري وnude performing.

أول مرة يشاهد (ش) تعرياً كاملاً كان في أوروبا، تجربة اعتبرها "صدمة حضارية"، لكنها ساعدته في تغيير مفهومه عن جسمه وذاته، يقول لرصيف22: "ماحسيتش باستغراب، أول مرة أشوف حد عريان تماماً على المسرح، بس حسيت باختلاف وقت الشاور لأنه unigender الناس بتستحمي وتغير هدومها قدام بعض في سياق غير جنسي".

كما أن الرقص بالنسبة له يحرر من قيود خارجية عديدة، فالتعري يحرر من الداخل كذلك، لكن أن ترقص عارياً هو حلم لم يجربه في مصر، فهو لا يستطيع حتى نشر صوره عارياً إلا في نطاق ضيق ولعدد محدود من الأصدقاء

في السينما والتلفزيون وحتى انستغرام، يظهر الرجال الشجعان والأقوياء والسوبر هيرو من أصحاب الأجساد المنحوتة، وهذا أحد المخاوف الكبيرة للرجال التي جعلت نسبة كبيرة منهم، بحسب إحدى الدراسات، غير راضين عن أجسامهم.

في هذا السياق، يقول (ش): "في أول مرة كان عندي مخاوف: أنا شكلي إيه، وجسمي عامل إزاي، والمفروض أبقي ايه وسكسي ولا لأ، والناس دي رأيها عني إيه"، لم يستمر خوفه كثيراً، "تنوع الأشكال والأجسام خلق نوعاً من التسامح مع فكرة إننا مختلفين".

وكما أن الرقص بالنسبة لـ(ش) يحرر من قيود خارجية عديدة، فالتعري يحرر من الداخل كذلك، لكن أن ترقص عارياً هو حلم لم يجربه في مصر، ولا يستطيع نشر صوره عارياً إلا في نطاق ضيق ولعدد محدود من الأصدقاء، ورغم ذلك تأتيه بعض التعليقات تصف ذلك بالانحلال أو "قلة الأدب"، وينهره البعض بأن ما يفعله غير مناسب لمصر.

"جمال الجسد للرجال أيضاً"

وكما أن تعرّي الرجال علناً ليس أمراً مستحباً، كذلك تصويرهم. محمد الكاشف، مصور مصري، نشر مؤخراً جلسة تصوير Nude لإحدى الفتيات، قال لرصيف22: "من النادر أن يغامر مصور بتصوير رجل عارٍ، لأنه سيوصم بعدد من الشتائم تطعن ما يتصورونه عن الرجولة".

شهد الـNude Photography تطوراً كثيراً للنساء، بحسب الكاشف، فأصبح يحتمل أن يكون لغرض محاربة العنف أو دعم محاربات سرطان الثدي أو المتعافيات من الحروق وغيرها، أما الـMale Nude Photography لم يتعد حتى الآن كونه توثيقاً للمهن، أو جلسات خاصة حسب الطلب.

غامرت المصورة (أ.ن)، فضلت أن تخفي هويتها حتى لا تتعرض لمضايقات، والتقطت أولى جلساتها الـNude ليست لفتاة ولا لنفسها، وإنما لرجل، إذ التقطت جلسة تصوير (ش.ع)، وعن تلك الجلسة والتي كانت مليئة بالتفاصيل الإنسانية، قالت: "أنا كنت مكسوفة، وخجولة جداً، وكان عندي مخاوف كتيرة خاصة إننا عايشين في مجتمع عربي إسلامي متزمت أخلاقياً، لكن أنا طول عمري بحب فن النود وبحب الصور دي".

"كنت مكسوفة ولدي مخاوف" مصورة عن تصوير جسد الرجل العاري.

واتفقت المصورة الشابة مع طرح الدكتورة نوال سعداوي، في كتابها "الرجل والجنس"، حيث أشارت إلى أن الفن اليوناني القديم لم يفرق بين رجل وامرأة، واعتبر الجمال صفة منفصلة عن الذكورة والأنوثة، وأن العقل الباطن للإنسان يحتفظ بصفات الإنسان الأصلية المزدوجة التي تجمع الذكر والأنثى معاً، والتي وصفها يونغ، وسمى الجزء الأنثوي في الرجل "Anima" والجزء الذكري في الأنثى "Animus".

عن وجهة نظر مشابهة، تقول (أ.ن): "بدأت تصوير النود برجل عن قصد، لأن تفاصيل الراجل هي نفس تفاصيل الست، وما اهتمتش أصور "المناطق الحساسة"، وإنما كنت عاوزة أركز أكتر على إظهار المشاعر والضعف عند الرجال لأنهم مضغوطين لعدم إبرازها، كنت عاوزة أبين ده في حركات جسمه، ونظرة عينيه، وأبرز الجانب الأنثوي عنده".

ورغم أنها أولى جلساتها في تصوير جسد الرجل العاري، إلا أنها غيرت فيها كثيراً، تقول (أ.ن): "النود يعزز النظرة للذات، ويكشف الجوانب الداخلية في أنفسنا التي لا نتسامح معها"، مضيفة: "حاجات جوايا اختلفت بعد الجلسة دي، بقيت أحترم الجسد بشكل أكتر وشايفه إنه كل الأجسام جميلة".

وتشدد (أ.ن)على أن فن التعري يجد عوائق كثيرة في مصر، فهي مثلاً لا تستطيع نشر هذه الصور علناً، حتى لا تتعرض لمضايقات من أهلها، لأنهم، بحسب وصفها، "مثل باقي المجتمع، شرقيين وملتزمين دينياً فلن يعوا ما تفكر به ابنتهم".

مضايقات وإحساس بالعزلة

أما نور ياسين، مصري مقيم بألمانيا، فله علاقته الخاصة بجسده، يقول لرصيف22: "كان عندي إحساس دايماً بالعزلة وإني غير منتمي في المجتمع".

يصف نفسه بـ"المختلف"، ولم يشعر أن جسده نموذجي، يقول: "كان شكلي مختلفاً، شاب متوسط لكن عنده كرش، كان عندي جزء من عدم الرضا بسبب جسمي، مبقتش راضي عنه غير لما جيت ألمانيا، لما بقيت بكنترول أكلي ونوعه وشكله".

كان دافع نور، الشاب الثلاثيني، والذي يعمل مهندساً، لـ"تحسين" شكل جسده هو قبول الناس أكثر، يقول: "الدافع الرئيسي لتحسين شكل جسمي إنه الناس هتتقبلني أكتر لما يكون جسمي وشكلي حلو".

كان في البداية، يستخدم حسابه عبر انستغرام لنشر صور للطبيعة أو بصحبة أصدقائه، لكن فيما، بعد وعلى مدار سنوات، أصبح ينشر صوره عارياً، بدأها على الشاطئ، ثم تطورت لتكون أسلوب حياة في أماكن مختلفة بالجيم، وفي منزله أيضاً.

تتنوع التعليقات التي وصلت إلى نور، يقول: "في بداية نشر الصور، كانت التعليقات مشجعة وإيجابية ومتسائلة عن النظام الغذائي والرياضي الذي اتبعه، ثم فيما بعد متعجبة، حتى أن بعض الأصدقاء ألغوا متابعته".

"جسمي جميل"

لم يكن نور ليملك الجرأة على نشر هذه الصور، خاصة بالمايوه عبر حسابه بانستغرام، لولا أن جسده أصبح "على الفرازة" كما يصف، لكن بمرور الوقت أكسبه نشرها والتعليقات الإيجابية التي وصلته منها، تقبلاً لجسده، فبدلاً من أنه كان يبالي بتعليقاتهم على جسده، أصبح الآن لا يهتم بتعليقاتهم لا على جسده ولا تصرفاته، مؤكداً أنه سينشر صوره إذا تغير جسده، وفي الأيام التي يظهر فيها "كرشه".

"كان من 15 سنة تقريباً، وكانت تجربة غريبة إنك تمشي وسط الناس رجالة أو ستات عريان، والأغرب إنه كل واحد في حاله، ولو في كابل بيعملوا جنس وسط الناس كان الموضوع طبيعي جداً ومحدش بيبص على حد"

مبادرات "رجالية" قليلة تظهر لتدعم الرجال لتقبل أجسادهم، وأحدها هي The Speedo Movement والتي تهدف إلى دعم الرجال لنشر صورهم بالمايوه، ليتقبلوا أجسامهم غير المثالية، سواء ممتلئة أو نحيلة، وهي ضد النظرة السائدة عن هذا الأمر.

كما أن المعارض الفنية التي تركز على الجمال الذكري ليست عديدة مقارنة بالمرأة، وأغلبها في أوروبا وليس في العالم العربي، ومنهم معرض "ذكر، ذكر" الذي أقيم عام 2013 في متحف أورساي بباريس، وخُصص للوحات ومنحوتات تقدم ذكوراً عراة، وعرض تطور التعري الذكري.

"لا يوجد عيب"

أما عمرو سولو، والذي يمارس الـNude Art على نطاق الأصدقاء فقط، لم تكن لديه مشكلة في تقبل جسده، فهو رياضي حاصل على بطولات عديدة في السباحة وتسلق الجبال.

"حينما لا تكون غريباً وسط الغرباء"، هذا كان الحال الذي وصف به عمرو اكتشافه الـNude Art في جزيرة "ميكونوس" اليونانية، في شاطئ خاص بالعراة، وغير مسموح استخدامه إلا حينما يكون الشخص متعرياً تماماً، عن هذه التجربة، يحكي عمرو لرصيف22: "كان من 15 سنة تقريباً، وكانت تجربة غريبة إنك تمشي وسط الناس رجالة أو ستات عريان، والأغرب إنه كل واحد في حاله، ولو في كابل بيعملوا جنس وسط الناس كان الموضوع طبيعي جداً ومحدش بيبص على حد".

وفي تجربة أخرى يصفها بالمثيرة، كانت قبل 13 عاماً في مدينة "بوكيت"، وكانت هناك مسابقة مع الأصدقاء أن الخاسر سينزع ملابسه قطعة قطعة، وكان هو الخاسر، ويصف سولو مدينة "بوكيت" أنها خارج حدود الزمن، ولها قوانينها الروحانية الخاصة، فلا يوجد ما يسمى هناك "عيب"، لكنه لم يشعر بالخجل من الأمر لكونه "مغامراً"، كما يحب أن يصف نفسه.

"العري روحاني وشخصي".

يرى عمرو في حديث لرصيف22 أن الحديث عن العري بشكل عام وممارسته هو أمر روحاني وشخصي، يخص كل فرد بمفرده، "لكن هذا الحديث ليس في عالمنا العربي، لأنه يتطلب أن يكون المجتمع متحرراً نفسياً قبل أن يتحرر دينياً، كما أن البلاد التي وصلت إلى هذا الأمر وصلوا إلى مستوى من الحريات لم نصل إليها بعد".

ولدى عمرو، المنتمي لعائلة ثرية منفتحة دينياً، تجارب نفسية وجسدية إيجابية، لكن جميعها كانت في أوروبا بسبب تنقلاته الدائمة، ويرى كشخص علماني ليبرالي، أن حرية جسده من حريته، لكن لا يستطيع أن يقوم بذلك في أماكن عامة، وإنما مخصصة مثل التي بأوروبا، ويؤمن أن جسم الرجل يمكن أن يكون له جاذبية أكثر من المرأة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image