شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
“تفوق الطباخون الرجال في الجزائر لأن المرأة مُقيدة في المطبخ”

“تفوق الطباخون الرجال في الجزائر لأن المرأة مُقيدة في المطبخ”

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 9 يونيو 202004:45 م

"عالم الطبخ ينبغي ألا يقتصر على الإناث"، هكذا تحدث رجال جزائريون تميّزوا في إعداد الطعام، باتوا ناجحين، ومعروفين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتخطَّت شهرتهم بلادهم.

"مطبخي عالمي الصغير"

زكي بوقارة، شيف جزائري مختص في الطبخ (33 عاماً)، وجد ضالته بين جدران المطبخ، يرتدي مئزر الطبخ، ويحمل الشوكة والسكين بيديه، لم يتوقع أن يكون طباخاً معروفاً، فالمطبخ كان بالنسبة له شيئاً خاصاً بالنساء، لا يجوز بتاتاً الاقتراب منه، والعمل داخله لا يليق بالرجال، ولكن بمرور الوقت، اكتشف وجود رجال آخرين، كسروا "التابو"، وامتهنوا الطبخ.

يقول بوقارة عن الظروف التي نشأ فيها: "الكثيرون في زمن جدي وستي كانوا يخجلون من الولوج إلى المطبخ، الطهي، وغسل الأواني، فبالنسبة لهم هذا المشهد يقلّلُ من قيمة الرجل".

ويضيف بوقارة عن بدايات طريقه مع امتهان الطبخ: "بعد انقطاعي عن الدراسة، قررت الحصول على دورة في مجال التبريد، غير أنني لم أجد مبتغاي فيه، ثم تلقيت دورة في مجال صناعة الحلويات، ولظروف خاصة لم أكمل مشواري في هذا المجال، وبعد مدة التقيت بصديق لي، وأبلغني أنه افتتح مطعم واقترح عليَّ العمل معه، حينها قررت أن آخذ دورة في الطبخ العالمي، وبالفعل كانت بدايتي في هذا المجال، ومن ذلك المطعم الصغير انتقلت للعمل في أكبر الفنادق في الجزائر".

"الكثيرون في زمن جدي وستي كانوا يخجلون من الولوج إلى المطبخ، الطهي، وغسل الأواني، فبالنسبة لهم هذا المشهد يقلّلُ من قيمة الرجل"

"القنوات المتخصصة في الطبخ/ ومطالعتي للكتب مكنتني من تطوير هوايتي في إعداد الأطعمة الغربية، خاصة الإسبانية والإيطالية والفرنسية، والأطباق التقليدية الجزائرية ".

يقول بوقارة إن الطبخ بات جزءاً من حياته اليومية، "مطبخي هو عالمي الصغير، حيث لا أكلّ ولا أملّ ولا أتعب، فالطبخ بالنسبة لي متعة من متع الحياة ".

جنون وابتكار

في ظروف مشابهة لبوقارة، اختبر خير الدين أحمد، المعروف محلياً باسم "ميدو ميدو"، شيف جزائري متخصص في الحلويات العالمية، مواليد عام 1982، يحكي بداية تجربته مع الطبخ قائلاً: "بعد انقطاعي عن الدراسة وعدم حُصولي على شهادة البكالوريا، خضت أول مرة الدراسة في مجال الحلويات في سنة 2001 في مدينة القليعة"، وهي مدينة تقع إلى الغرب من الجزائر العاصمة بـ 26 كلم، تعدُّ من المُدن الموريسكية، أسست سنة 1550 من طرف الأندلسيين.

يضيف "ميدو" بشغف: "اختياري لهذا المجال كان بهدف تطوير هواية كانت تسكن ذاتي منذ الصغر، فلم أُعر تقاليد مجتمعنا العربي أي اهتمام، فالطبخ والمطبخ في الجزائر للنساء تقليدياً، ومضيت قدماً إلى أن أصبح لدي محل خاص بي في مدينة القليعة، ألتحق به كل صباح، أقضي هناك ساعات طويلة دون أن أملّ، أجسّد خيالي ولا أقتبس".

ويتابع: "أذهب إلى نفس المكان كل يوم، لكن لا أقوم بنفس الأعمال، لأن عالم الحلويات عالم واسع واختياراته كثيرة، فالمطبخ بالنسبة لي قائم على بعض الجنون، والكثير من الابتكار، الذي يضفي على وصفاتنا التقليدية شكلاً جديداً يتوافق مع المتغيرات الحالية".

ساعد "ميدو" في طريقه لاحتراف طبخ الحلويات زواجه من شابة مختصة في إعداد الحلويات التقليدية، وسفره داخل الجزائر وخارجها، كل ذلك مكّنه من تطوير هوايته وإعداد مختلف الحلويات العالمية، وكان يشارك زوجته أحياناً في تحضير بعض الأكلات المنزلية.

ويعكف" ميدو " برفقة بعض أصدقائه الطهاة الجزائريين، على تطوير مشروع إنجاز مدرسة دولية لتعليم الطبخ عن بعد، ويؤكد أن هذا المشروع الذي في طور الإنجاز، يضم كبار الطهاة في الجزائر، والهدف منه هو تكوين شباب وشابات من مختلف الدول العربية والغربية في مختلف المجالات.

يقول "ميدو": "هذه التجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي والمغربي، خاصة وأن المجموعة الافتراضية التي تم إنشاؤها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تضم أجانب من مختلف الدول، على غرار ليبيا، تونس، مصر، المغربن كندا، إسبانيا، أمريكا وبلجيكا".

"الطبخ فن للجنسين"

أما الشيف راشدي حميدة، من مدينة دلس التابعة لمحافظة بومرداس، الواقعة على بعد 100 كلم شرق مدينة الجزائر العاصمة، فيقول لرصيف22: "متعة الطهي يخوضها الرجال الذي يرون أن فن الطبخ يجب ألا يقتصر على النساء فقط، ويرونه متعة من متع الحياة".

ويروي راشدي، شيف متخصص في المملحات والمعجنات، تجربته في هذا المجال، قائلاً: "إنها هواية ولدت معي وقررت تطويرها، وخضت أول ورشة لي في بداية التسعينيات، غير آبه ببعض القيود الإلزامية وعقلية الرجل الجزائري آنذاك".

ويشعر الشيف راشدي بالفخر بنفسه، لأنه "تحدى الصعاب، ووصل لدرب النجاح، وهو اليوم بصدد نشر تجاربه في الطهي وإعداد شباب وشابات في هذا المجال".

ومن بين العوامل التي ساهمت كثيراً في بروز الرجال في عالم الطبخ وتفوقهم مقارنة بالنساء، تذكر الشيف مريم زواني، المتخصصة في الطبخ العالمي والتقليدي، ولدت عام 1994، في محافظة شرشال، إحدى المُدن الجزائرية الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، عامل "الحرية".

"إن المرأة في المجتمع الجزائري لازالت مكبلة، فالرجل بإمكانه العمل لساعة متأخرة من الليل، عكس المرأة" الشيف مريم زواني لرصيف22

تقول مريم زواني لرصيف22: "إن المرأة في المجتمع الجزائري لازالت مكبلة، فالرجل بإمكانه العمل لساعة متأخرة من الليل، عكس المرأة".

وأشارت زواني إلى الدور النشط الذي يقوم به الطباخون في الجزائر قائلة: "عدد من الطهاة في مختلف المجالات، أسسوا مؤخراً مجموعة افتراضية تضم أكثر من 20 ألف عضو من مختلف الدول العربية والغربية، الهدف منها تعليم الرجال فنون الطهي، نشر تجارب إعدادهم الطعام وتحفيز محبي هذه المهنة وعشاقها على المضيّ قدماً".

وتنهي زواني حديثها لرصيف22، رافضة حصر الطبخ كمهنة في النساء أو الرجال فقط، تقول: "الطبخ بالنسبة لي هو فن، وكلمة فن يجب ألا تقتصر على جنس واحد فقط، سواء ذكر أو أنثى، فالفن للجنسين، وقد أثبتت التجربة في العالم أن الرجال تفوقوا كثيراً في هذا المجال".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image