شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"الحراك يُزعج فرنسا"... غضبٌ جزائري من وثائقي فرنسي ربط "المعضلة السياسية" بـ"الكبت الجنسي"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 28 مايو 202006:59 م

أثار بثّ قناتي "فرانس 5" و"البرلمانية الفرنسية" فيلماً وثائقياً محوره الحراك الشعبي الجزائري استياءً شعبياً واحتجاجاً دبلوماسياً، بعدما رأى الجزائريون في الفيلم "تحريفاً لأهداف الثورة التي استهدفت محاربة الفساد وإسقاط نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".

تحت عنوان "الجزائر حبيبتي"، عرض الفيلم مشاهد لشباب من الحراك يشربون الكحول، ويتعاطون موادَّ مخدرة، ويتطلعون إلى الثورة من أجل الحريات الجنسية والتخلص من الكبت الجنسي، كما تضمن لقطات لفتيات يرتدين ملابس متحررة ويدخنّ السجائر.

مدة الفيلم الذي يسلط الضوء على الباحثين عن الحريات والتحذير من التطرف الاسلامي، 72 دقيقة، وهو من إعداد الصحافي الجزائري مصطفى كسوس الذي يحمل الجنسية الفرنسية وإخراجه.
وكتب الصحافي والناشط البارز في الحراك جعفر خلوفي: "في الوثائقي علل كثيرة. أولاها من حق الصحافي أن يستجوب من يشاء، لكن من واجبه تقديم صورة شاملة عن الجزائر من خلال تنويع الآراء والمتدخلين وعدم استنساخهم".
وأضاف عبر حسابه على فيسبوك: "كل القصص يجب أن تُحكى، لكن من غير المقبول أن يعرض صحافي وثائقياً عن الحراك من دون صوت شباب الملاعب، ومن دون ذكر المعتقلين".
وزاد: "النظرة الفرنسية للتابوهات (المحرمات الاجتماعية) في الجزائر طغت على قرابة 20 دقيقة من العمل. ثم إن المشكل ليس في تناول الكبت الجنسي بل هو في تحويل مُعضلة سياسية بالدرجة الأولى إلى شهادات مكرّرة، وفي بعض الأحيان مُقحمة عن الواقع الجنسي للشباب".

وكان الحراك الشعبي الذي شارك فيه الآلاف من الجزائريين قد انطلق في نيسان/أبريل 2019، وتمكن من إسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 سنة من الحكم.

ومع توقف الاحتجاجات بسبب كورونا، شهد الشهر الجاري حملة اعتقالات واسعة لناشطين في الحراك بسبب آراء نشروها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع بمتابعين كثر إلى التحذير من "تصفية حسابات" مع الحراك في ظل توقف الاحتجاجات نتيجة الجائحة المستجدة.

وشجعت الاعتقالات عدداً كبيراً من المتظاهرين على العودة إلى الشارع بغية التنديد بملاحقة السلطة الحاكمة للناشطين وسجنهم.

احتجاج دبلوماسي

عقب بث الفيلم الوثائقي عبر قناتين رسميتين في فرنسا، في 26 أيار/مايو 2020، استدعت وزارة الخارجية الجزائرية سفيرها لدى باريس للتشاور.

وقالت الوزارة في بيان: "ثمة برامج تبثها القنوات العمومية الفرنسية تبدو في الظاهر تلقائية تحت مسمى حرية التعبير، لكنها في الحقيقة تتضمّن تهجماً على الشعب الجزائري ومؤسساته، بما في ذلك الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني".

"الجزائر حبيبتي"... وثائقي فرنسي عن المشاركين في الحراك من الحالمين بالانفتاح والحريات وزوال القيود الشعبية يثير موجة استياء عارمة، والخارجية الجزائرية تستدعي سفيرها لدى باريس

وتابعت: "يكشف هذا التحامل وهذه العدائية عن النية المبيتة والمستدامة لبعض الأوساط التي لا يروقها أن تسود السكينةُ العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد 58 سنة من الاستقلال في كنف الاحترام المتبادل وتوازن المصالح التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال موضوعاً للتنازلات أو للابتزاز".

يأتي الغضب الرسمي بعد أيام قليلة من استدعاء الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي للاحتجاج على صورة نشرتها قيادة الجيش الفرنسي على حسابها عبر تويتر، تظهر الجزائر وجهتين وبعَلميْن هما العلم الوطني الرسمي والراية الأمازيغية. هذه الخطوة أثارت مخاوف من وجود مخطط فرنسي لتقسيم الجزائر.

وفي آذار/مارس الماضي، استدعت وزارة الخارجية السفير الفرنسي لدى الجزائر للاحتجاج على استضافة قناة "فرانس 24" محللاً زعم أن الجيش استولى على مساعدات صينية للجزائر من أجل مواجهة كورونا.

استياء شعبي

تفاعل فريق كبير من الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي عبر وسم "روبورتاج قناة France 5 لا يمثل حراكنا"، منددين بسياسات فرنسا ومضمون الفيلم. غرّد حساب "حراك تويت": "قناة France 5 تُصور تعطش الشباب الجزائري للديمقراطية والحرية على أنه تعطش للغريزة الحيوانية والملاهي الليلية وتعاطي الكحول والمخدرات. الحراك الشعبي الجزائري هو حركة شعبية محضة ذات وعي جماعي بمطالب سياسية تسعى لتحقيق دولة العدل والقانون".

وكتبت الإعلامية آمال عراب على حسابها في فيسبوك: "شبه الوثائقي الركيك تقنياً وصحافياً والموجه سياسياً بعنوان ‘الجزائر حبيبتي‘، الذي عرضته القناة الخامسة فرانس 5، لا يعكس إلا عداوة فرنسا للجزائر والحراك الشعبي الذي فجر بركاناً من الوعي السياسي والأخلاقي بسلمية تجاوزت اختلافات المجتمع بل وحدتها".

الناقدون لوثائقي "الجزائر حبيبتي" الذي بثّته قناتان رسميتان في فرنسا يرون أن المشكلة ليست في تناول الفيلم للكبت الجنسي، بل لأنه "تجاهل أهداف الحراك الحقيقية وهي إسقاط الفساد والاستبداد" وكونه "ثورة حقيقية ضد بقايا فرنسا"  

وكتب المعلق الرياضي حفيظ دراجي: "الحراك يزعج فرنسا... روبورتاج فرانس 5 التافه سيوحد الجزائريين أكثر فأكثر ويزيدهم إصراراً على التمسك بحراكهم وثوابتهم وقيمهم، وسيقوي الحراك ويجعله أكثر تماسكاً ليثبت أنه ثورة حقيقية ضد بقايا فرنسا".

في موازاة ذلك، رأت حسابات أخرى تحمل شعارات الحراك الجزائري أنه ينبغي الرد على هذا الوثائقي بفيلم يجسد الثورة وأهدافها.

وختم خلوفي: "حان الوقت لكي يتحرك الصحافيون الجزائريون الذين اشتغلوا على الحراك منذ بدايته ووثّقوه على أمل أن تتركهم السلطة يفعلون، لأن غيرهم يقدم أعمالاً رديئة وتحمل نظرة ذاتية إلى حدث عام".

وغرّدت الجزائرية تاليا: "أنا هذا اللي محيرني، علاش (لماذا) مستغربين وخايفين من إنه يشوه الحراك؟ هذا مثله مثل أي عمل أجنبي وخاصة فرنسا. الرد المفروض عمل روبورتاج مفصل يكون بمثابة توثيق للحراك الحقيقي. وثائقي بطريقة محترفة ويتم نشره بقوة في حسابات فرنسية وأجنبية وحملة واسعة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image