شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"حالتنا صعبة يا جماعة الخير"... عالقون عرب في عدن اليمنية يناشدون بلدانهم إعادتهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 14 مايو 202006:08 م

شلّت أزمة تفشي فيروس كورونا حركة الطيران الجوي على المستوى الدولي. وهذا ما ولّد مشكلة "العالقين" التي رافقتها قصص إنسانية مؤلمة ارتبطت بالعزلة بعيداً عن الأهل ومخاوف الوفاة في الغربة وما إلى ذلك.

لكن هذه المشكلة تكتسب أبعاداً أكثر مأسوية، خصوصاً إذا كانت البلد التي علق فيها المرء تعاني ويلات الحرب وانهيار الاقتصاد وتفشي الأوبئة، تماماً مثل اليمن.

"البلد هنا وضعها صعب، مفيش لا شغل ولا فلوس أساساً وكلها أمراض وأوبئة". هذا هو حال مجموعة من العالقين العرب (22 مصرياً و12 سوريّاً وستة سودانيين) في مدينة عدن اليمنية الذين تواصلوا مع رصيف22 لتوصيل صوتهم إلى حكومات بلدانهم لإعادتهم من المدينة التي صُنّفت منطقة موبوءة.

تخوّف من موت أحدهم

ربما يكون وضع المصري حازم بهجت (اسم مستعار بناءً على طلبه، 57 عاماً) الأكثر خطورة لأنه مصاب بجلطة في المخ ولم يستكمل علاجها لضيق ذات اليد.

عمل بهجت 30 عاماً في السعودية حيث أصيب، قبل بضعة أشهر، بجلطة في المخ. وبسبب انخفاض قيمة التأمين الصحي المقررة له لم يتمكن من استكمال علاجه في أي من المستشفيات الخاصة أو الحكومية، بعد أربعة أيام قضاها في العناية المركزة في بدء الإصابة.

رفض كفيل بهجت رفع قيمة تأمينه الصحي لاستكمال علاجه (لم يوضح سبب ذلك)، أو منحه موافقة للسفر إلى مصر من أجل العلاج والعودة لاحقاً إلى عمله بعد التعافي، بل طلب منه 20 ألف ريال سعودي (نحو 5300 دولار أمريكي) للسماح له بالسفر، حسبما قال لرصيف22.

"لم يترك لي خياراً، لدي أربعة أولاد يستكملون دراستهم الجامعية، أنفقت عليهم ‘شقا غربتي‘ وكنت بحاجة إلى علاج بأسرع وقت لأن حالتي تتدهور بشكل ملحوظ ولا أملك تكلفة العلاج في المملكة"، أضاف بهجت الذي أوضح أنه فر إلى اليمن تمهيداً للعودة إلى مصر قبل نحو 70 يوماً.

وتابع: "لولا سوء حظي وكورونا لكنت في مصر الآن وسط أبنائي الذين يخشون أن أموت بعيداً عنهم. لم أرهم منذ سنوات".

يشعر بهجت بالقلق من تدهور حالته واحتمال وفاته في اليمن. ومثله يشعر رفاقه العالقون. قال شاب مصري (تحفّظ عن ذكر اسمه) لرصيف22، عبر الواتساب: "حالته وحشة جداً. خايفين يموت وإحنا هنا، مش عارفين هنعمل إيه ساعتها".

"حالتنا صعبة جداً يا جماعة الخير. وصلوا رسالتنا لسفاراتنا ودولنا"... عالقون عرب (من مصر وسوريا والسودان) يستغيثون لإعادتهم إلى بلدانهم من مدينة عدن اليمنية "الموبوءة"

اعتماد على التبرعات

عدا بهجت، هناك أربعة يعانون أمراضاً مزمنة (السكري والضغط وأمراض القلب) ولا يمتلكون سعر العلاج ولا يعرفون حتى إذا كان متوفراً في اليمن.

وهناك أيضاً امرأة وبناتها الثلاث يعانين ما يعانيه أفراد المجموعة عقب نحو ثلاثة أشهر من الحجر الصحي المفروض عليهم والمنع من مغادرة الفندق. 

يعيش الجميع على تبرعات المسؤولين والجمعيات الخيرية في عدن. قال أحدهم: "هناك جمعية ترسل إلينا وجبات الإفطار (خلال شهر رمضان) كل يوم. أحد الخيرين اليمنيين دفع جزءاً من بدل إيجار الفندق تعاطفاً مع حالنا. لم تقصر الحكومة اليمنية معنا لكن ‘مفيش في أيديهم حاجة‘".

وناشد العالقون عبر مقطعي فيديو أرسلوهما لرصيف22، نرفقهما بالتقرير، حكومات بلدانهم الالتفات إليهم باعتبارهم مواطنين لديهم حقوق واجبة على الدولة وإعادتهم قبل تفشي فيروس كورونا في البلد التي تعاني فشلاً تاماً في قطاعها الصحي. 

"حكوماتنا لا تعلم بأمرنا"

ظهر في المقطع الأول شاب سوداني، وهو يقول: "إحنا موجودين في فندج ‘نجوم اليمن‘ (...) لا في سفارة ولا في شي، والدول حجتنا مش عارفة إن لها ناس هنا. السفارات مجفولة (مغلقة). شوفولنا حل. إحنا نبغى حد يتواصل مع دولنا. جولولهم لكم ناس هنا (في اليمن) يرسلوا لنا طيارات".

وأضاف: "تأشيراتنا جاهزة، ولينا شهر تجريباً هالحين جالسين. وضعنا سيىء جداً، لا في عمل ولا في مصدر دخل ولا أي شي. الحكومة (في عدن) ما جصرت (قصرت) معنا، جم دعمونا بأشياء. بس نبغى نروح لبلادنا، لأهالينا. ولا حد يدري أننا أصلاً جاعدين هنا في البلد"، موضحاً: "في ناس من سوريا ومن مصر ومن الهند وإثيوبيا، حوالي 42 شخص. حالتنا صعبة جداً يا جماعة الخير. وصلوا رسالتنا لسفاراتنا ودولنا".

وفي المقطع الثاني، الذي اقتصر على طلب العالقين المصريين من المسؤولين في بلدهم إنقاذهم، قال أحدهم: "السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، السيدة وزيرة الهجرة (نبيلة مكرم)، سفير مصر باليمن: إحنا جماعة عالقين في اليمن ومحدش سأل فينا بقالنا (منذ) 3 شهور. ومعانا أطفال وعوائل وناس مرضى محتاجين علاج".

أزمة العالقين بسبب تفشي كورونا تكتسي جوانب مأسوية في اليمن حيث استمرار الحرب وعدم توفر عمل أو رعاية صحية، خصوصاً في مدينة "موبوءة بكوكتيل أمراض" مثل عدن. في عداد العالقين، رجل مصري مسنّ مصاب بجلطة في المخ وامرأة وبناتها الثلاث

وتابع: "سمعنا أن طيران بيلف العالم عشان يجيب المصريين، من حقنا يشملنا هذا العطف. إحنا في اليمن وأنت (مخاطباً السيسي) أدرى بالوضع في اليمن. مفيش هنا كورونا بس لو جت هتبقى مشكلة كبيرة. نحن أولادك، ومصريين، اسألوا (اهتموا) فينا".

وقاطعه مواطن آخر محاولاً استعطاف الرئيس المصري بالقول: "إحنا عارفين إن الأمور (في مصر حالياً) صعبة على الحكومة وعلى البلد، بس إحنا بنوصل لحضرتك إن إحنا موجودين هنا. الناس (المسؤولون اليمنيون) مش متأخرة معانا (لم تقصر). لكن ظروفها لا تسمح أن تعمل أكثر".

وأضاف ثالث: "لا سفارة ولا قنصلية ولا أي مسؤول من الخارجية المصرية هنا. البلد في حرب وظروفنا تحت الصفر (أكثر من سيئة). بنطلب من حضراتكم إننا نروح (نرجع) لبلدنا ولأهالينا. ابعتوا لنا طيارة تاخدنا من هنا".

وقال مسؤولون مصريون مراراً إنهم ملتزمون إعادة جميع المصريين العالقين في الخارج، إلا أن انتقادات واسعة صدرت عن عالقين في عدة دول خليجية وغربية لا سيما عقب اشتراط الحكومة المصرية على العائدين دفع بدل باهظ مقابل فترة الحجر الصحي. لكن الحكومة اضطرت لاحقاً إلى التخلي عن هذا الشرط عقب شكاوى.

وذكر العالقون المصريون أنهم تواصلوا "عبر فيسبوك مع حسابات وزارة الخارجية المصرية والوزيرة نبيلة مكرم وعبر هاتفها الشخصي أيضاً. وسجلنا أسماءنا عبر روابط خصصتها وزارتا الخارجية والهجرة المصريتان للعالقين في الخارج من دون أن نتلقى أي رد".

ولفتوا إلى محاولتهم نقل صوتهم عبر مختلف وسائل الإعلام المحلية إلى الجهات المعنية، ولم يستجب سوى الإعلامي خالد أبو بكر مقدم برنامج "كل يوم" عبر قناة "إكسترا نيوز".

يُذكر أن اللجنة العليا لمواجهة وباء كورونا في اليمن أعلنت في 11 أيار/ مايو عدن مدينةً موبوءة بكورونا بعد ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس إلى 31، وحدوث أربع وفيات. وأشارت إلى أن المدينة حافلة بمجموعة من الأمراض، كالكوليرا والملاريا والطاعون الرئوي والضنك، التي انتشرت بفعل الأمطار والسيول التي شهدتها المدينة في الفترة الأخيرة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image